الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المثقف المغربي,رهانات و واقع

حميد المصباحي

2014 / 7 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


الثقافة بما هي معارف و خبرات,تشكل صلب الحضارة الإنسانية,و لأن الناس لا يتشابهون حد التطابق فقد وجدت ثقافات متنوعة و مختلفة باختلاف تاريخ الحضارات,فخلقت لنفسها أنساقا,و نظما للحفاظ على مكوناتها و التحكم في الجديد الذي يفرضه تاريخها الخاص,أو حتى التاريخ الكوني للفكر و العلوم أحيانا,بذلك,فقد احتاجت الثقافة لمعبرين عنها,للتميز اجتماعيا,و لأن وسائل التعبير تغيرت و كثرت,فكان لزاما الإنصات للمثقف و رؤيته و التفاعل معه,غير أن العالم العربي,في تعرفه على مثقفيه كان محكوما بهواجس,و إكراهات غير بعيد عن طبيعةالسلطة السياسية,التي فرضت في كل مرحلة من مراحل صراعها ضد الثقافة,تصورها للمثقف,الرافض أحيانا لهذه الصورة أو القابل بها أو الناقد لها .
1المثقف المقلد
هو أقدم نموذج عرفه لمثقف بالمغرب,في صيغته السلفية,إذ كان عليه استحضار فكر القدامى,لأنهم عكس كل الأمم,يشكلون حراسا للقداسة فكرا,لأنه امتزج بالديني,فلم يكن التقليد عيبا,بل رهانا,و غاية تثبت مدى جدارة المثقف بأن يكون فقيها أو شبه فقيه,عليه البحث عما يجعل السلطة مقبولة سلوكاتها شعبيا,لكن في الجهة الأخرى,أي من اصطفوا ضد السلطة,كانوا أيضا مقلدين للمعارضة القديمة فقهيا في صراعاتها ضد الخلافة,و بذلك,فقد كان المثقف مقلدا,و إن أضاف بمقدار و تحفظ.
2المثقف المترجم
بحكم موقع المغرب الجغرافي,لم يكن بالإمكان الحفاظ على الثقافة التقليدية,فكان لابد من الإنفتاح على الفكر الأروبي,في المعرفة ليحصل التفاعل سياسيا,فبدأت عملية الترجمة ليس كمهارة مهنية,لنقل ما أبدعه الفكر الغربي,بل صار المثقف يتكلم لغة العصر,فانقسمت تركيبته هو الآخر,بين ليبرالي,داعم للحكم,محاولا القبول بتلك التركيبة الغريبة التي أبدعتها السلطة,أي أن تحافظ على الثابت الديني,مع العصري بنفي التناقض,و تركيب القيم وفق الحاجات السياسية و ليس الثقافية كما اعتقد الجميع,ليظهر في الجهة الأخرى,فكر و ثقافة معارضة متحت من الفكر الإشتراكي,في صيغته العربية القومية أو الأممية الماركسية,وهنا حدث إلى حد ما التداخل بين معنى المثقف و السياسي,تمرينا على مقولة المثقف العضوي.
3المثقف المبدع
و هي مرحلة,تعيش مخاضات كثيرة,و حتى صراعات,لكن يمكن القول,أن المثقف فيها بدأ ينحت مفاهيمه الخاصة,بحثا عن تميزه,فظهرت توصيفات جديدة للمجتمع المغربي بعيدة عن تلك الأحكام التي خلفتها السوسيولوجية الكزلونيالية على سبيل المثال,و بدأت بعض النزوعات الفكرية الداعية للجرأة في التفكير,و محاولات إبداع ما يؤهل المثقف المغربي لاستثمار معارفه في خلق مناهج جديدة,و رؤى تتخلص من التبعية للتقليدي أو الحداثي مهما كانت النتائج.
خلاصات
المثقف المغربي,يؤسس لرهنات صعبة,كيف ينتصر على التقليدي و المجتمع يجد فيه ضالته,و كيف يرسم مسافات نقدية مع الحداثة,و هو نفسه لا يستطيع مواكبة سرعتها العلمية و مستجداتها أمام ضعف إمكاناته الأكاديمية و حتى الخاصة.
حميد المصباحي كاتب روائي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يؤكد إن إسرائيل ستقف بمفردها إذا اضطرت إلى ذلك | الأ


.. جائزة شارلمان لـ-حاخام الحوار الديني-




.. نارين بيوتي وسيدرا بيوتي في مواجهة جلال عمارة.. من سيفوز؟ ??


.. فرق الطوارئ تسابق الزمن لإنقاذ الركاب.. حافلة تسقط في النهر




.. التطبيع السعودي الإسرائيلي.. ورقة بايدن الرابحة | #ملف_اليوم