الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرب الإعلام وإعلام الحرب!

شاكر الناصري

2014 / 7 / 24
الصحافة والاعلام


يشتكي قسم كبير من العراقيين من تغطية وسائل الاعلام العربية والغربية – صحف وقنوات فضائية ومواقع انترنيت... الخ، ويتهمونها بالتظليل والتعتيم وتضخيم الحقائق والمعطيات التي تفرزها احداث العراق، وأن تغطيتها لما يحدث بعيدة عن الحياد والمهنية التي تتطلبها مهمة الصحافة والاعلام عموماً، وانها تقف مع الارهابيين ومعظم الجماعات المسلحة التي تهدد وحدة العراق وتمكنت خلال الأيام الماضية من اجتياح مساحات واسعة من الاراضي العراقية، وتروج لمزاعمهم حول "الثورة" التي اطلقوها بعد اجتياح الموصل! وإنَّ هذه القنوات تعمل بنفس طائفي صريح ولا تتوقف عن اتهام الجيش العراقي بأنه جيش المالكي! والحكومة بأنها حكومة شيعية خالصة همشت أهل السنة!

المتتبع للقنوات الفضائية العربية ووسائل الإعلام الاخرى سيجد انها تخوض حربأ إعلامية على درجة كبيرة من الخطورة، وتمكنت في مفاصل معينة من تحقيق ما تعجز آلة الحرب والقوى المتحاربة على الأرض من تحقيقه، وإنَّ شكوى العراقيين من عدم حيادية هذه القنوات هي شكوى واقعية وجدية، فكل ما تبثه هذه القنوات بخصوص العراق - وبحكم تبعيتها لدول معينة وتحولها الى أدوات للترويج لسياسات هذه الدول- يثير زوابع الانقسام الطائفي ويشدد من وتيرة الكراهية المتصاعدة ويثبط العزائم ويصور الجماعات الارهابية وكأنها جماعات فاتحة ومحررة وتمتلك مشروعاً مقبولاً، إنسانياُ وسياسياً في العراق، رغم كل ما ترتكبه من مجازر قتل وإعدامات جماعية وتدمير للبنية الثقافية والحضارية وتشريد العراقيين من ديارهم، وكذلك إثارتها الشكوك حول ما يصدر عن السلطة العراقية من اخبار وبيانات تتعلق بحربها ضد الإرهاب وتكذيبها.

ولكن هل يمتلك العراق قوة رد أو ردع إعلامية قادرة على مواجهة الزخم الاعلامي العربي والغربي الذي يحظى بقدرة الإنتشار والوصول مدعوما بقوة التحليل وبراعة تقديم الخبر والتواجد في مكان الحدث والإستعانة بلغة الصورة والكامرة لما لهما من تأثير، نفسي ومعنوي، شديد الوطأة على المشاهد والمتلقي الذي يتحرق من اجل معرفة حقيقة ما يحدث في جبهات الحرب المتسعة ولا يجد أمامه سوى بدائل إعلامية ضحلة ولا ترتقي الى مستوى الحدث؟

قطعا، إن العراق لا يمتلك هذه القدرة، إنّ كان من ناحية الامكانيات أو من ناحية كفاءة الأداء الإعلامي في وقت الحرب. ولعل الاسباب كثيرة ومعروفة، وان ما حدث في العراق خلال السنوات الماضية من صراعات سياسية بين مراكز القوى والتحشيد والتجييش الطائفي والقومي ترك اثره الواضح على مسارات العمل الإعلامي ووسائله وانقسامها وفقا لدرجة الولاء والتمويل، فاصبحنا امام عدد لا يحصى من الصحف ومواقع الانترنيت والقنوات الفضائية ومحطات الإذاعة، وان الاستقلالية الإعلامية التي تزعمها بعض الوسائل الإعلامية تثير الشكوك في مصداقيتها ومهنيتها.

كشفت الأيام الماضية عن ضعف كبير في الأداء الإعلامي الحكومي وتدني وبدائية مستوى وسائل الإعلام الرسمي أو تلك الداعمة له، ولم يتمكن من خوض الحرب الإعلامية ومواجهة الإعلام الآخر. لقد أستغرقت وسائل الإعلام الحكومية وقتاً طويلاً لاستيعاب ما حدث وامتصاص صدمته، ولكن ردة فعلها كانت مرتبكة ولا تتناسب مع خطورة الوقائع التي تحدث على الأرض. التجييش وحشد الهمم وإشاعة أجواء العسكرة كانت ردات الفعل الأولى التي شاهدناها عبر وسائل الاعلام الحكومية أو تلك التي ترتبط باحزاب السلطة المنضوية تحت أطار التحالف الوطني، فارتدى الجميع الملابس العسكرية وحمل العديد من الاعلاميين اسلحتهم اثناء تقديم برامجهم عبر تلك القنوات! وإن معظم هذه القنوات لا تتوقف عن بث الأخبار الكاذبة حول الإنتصارات الموهومة التي تدعي انها تحققت في مناطق الحرب – تحرير تكريت والوقوف على حدود الموصول وتلعفر على سبيل المثال.

اصبح المُشاهد والمُتلقي العراقي مرغماً على استذكار ممارسات الجهاز الاعلامي الضخم للنظام السابق، إنّ كان عبر بث الاغاني الحماسية أو مهرجانات الشعر الشعبي والعمودي التي تمجد الموت والتضحية او من خلال استضافة من يسمون انفسهم بالخبراء والمحللين السياسيين والعسكريين الذين يكررون ما تبثه السلطة عبر بيانتها او الدفاع عنها من منطلقات طائفية وحزبية.

ولعلنا لا نأتي بجديد اذا ما قلنا إنَّ الإعلام هو أداة من ادوات الحرب المعاصرة التي يتم استخدامها بقوة وفاعلية بالاستفادة من مجمل التطورات المتسارعة والمذهلة التي يشهدها قطاعات الإتصالات والمعلومات في العالم وتأثيرها المتزايد على الرأي العام وخلق أوضاع جديدة، ولذلك فإنَّ الإعلام الذي يشتكي العراقيون منه خاض حربه منطلقاً من مصالح وأهداف وستراتيجيات محددة وتحول الى أداة فاعلة في الحرب المتواصلة في العراق، في حين اصبح الإعلام الرسمي في العراق، إعلام حرب مهمته التجييش والعسكرة وشد الهمم والفرق بين هذا وذاك شاسع وكبير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ماذ تنتظرون ؟؟؟ وأنتم الرواد المصٌلحون ... !!
johnhabil ( 2014 / 7 / 24 - 06:07 )
نخبة ممتازة من المبدعين ،والمفكرين ،بين أقلامهم وقرٌائهم جسريربط العالم بقوة ، وقطار يحمل رسالة الوعي والفكر ومختومة بماركة عالمية تنبع من موقع الحوار المتمدن... ماذا تنتظرون بعد ؟؟؟ فجٌروا مداد أقلامكم في وجه الظلم والعدوان ولا تسكتوا عن الخطأ
انزعوا الرؤية الضبابية من أعين الناس ، والخوف من قلوبهم ... حتى يصٌحوا وبمزقوا القشرة القدسية التي جعلتهم مغيبون وسجناء لقرون عديدة قبل قوات الأوان
هناك من يسرق ايمانهم ودينهم ... هناك من يجعلهم قتلة وإرهابيون.. وهناك من يشوه حنفيتهم ......وهابيين تكفيريين يسحبون البساط من تحت الاسلام ..... برابرة ومتوحشين من الشيشان وافغانستان يسعون لنهاية الاسلام .... مرتزقةوارهابيين بأسم وتحت راية الاسلام
ماذا تنتظرون لكي تعٌلنوا جهاد الفكر والقلم ... إن قنوات المال والتكفير والعهر غطت مساحات واسعة من أذهان البسطاء حول العالم بالكذب والتزوير وطمس الحقائق... هذا يومكم لو تقاعستم .. لانعرف ماذا يخبأ المستقبل لنا .. بعد سوريا والعراق وداعش ( وغزة ثانية أو ثالثة .. ودمتم شعلة من النور في ظلام التائهين

اخر الافلام

.. مفاوضات الهدنة: -حماس تريد التزاما مكتوبا من إسرائيل بوقف لإ


.. أردوغان: كان ممكنا تحسين العلاقة مع إسرائيل لكن نتنياهو اختا




.. سرايا الأشتر.. ذراع إيراني جديد يظهر على الساحة


.. -لتفادي القيود الإماراتية-... أميركا تنقل طائراتها الحربية إ




.. قراءة عسكرية.. القسام تقصف تجمعات للاحتلال الإسرائيلي بالقرب