الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل نترك الباب مفتوحاً لاحتواء الثقافة إلى الأبد؟

سمر يزبك

2005 / 8 / 6
الادب والفن


عندما بدأت فكرة اقامة مهرجان جبلة قبل سنوات، كنت أقول لأصدقائي في جمعية العاديات، أن هذا غير ممكن ، لعدةأاسباب، لسنا الآن بصدد الخوض في تفاصيل أوجاعها، ولكن كان أهم تلك الأسباب، هو عدم امكانية وجود نشاط أهلي مدني، بعيداً عن احتكار السلطة، أو جهة ممولة من آولئك الذين يسرحون ويمرحون في البلد ، وكأنها قعطة أرض موقعة بسند تمليك لهم و لأبنائهم. في سنته الأولى ورغم شح الامكانيات، والظروف الصعبة ، وعدم رعاية الدولة له، حقق مهرجان جبلة، نجاحاً لافتاً، رغم بعض الأخطاء التنظيمية، وكان الضيوف الذين ودعوا جبلة في السنة الماضية، وكما كتب الكثير منهم في الصحف العربية، يشعرون أنهم غادروا عائلاتهم، لأى مكان أخر، أو كما قال لي صديقي الصحافي المصري سيد محمود " احنا كلنا من عيلة مهرجان جبلة " ، هذه السنة تجاوز المهرجان، العديد من العقبات التي وقع فيها، وفي الفترة الواقعة بين 21 و25 من شهور تموز المنصرم غادرت جبلة المهملة ، المنسية، مكانها الى عوالم الشعر والموسيقا والمسرح والرواية والسينما، ولن أقوم بعرض تفاصيل أخرى كتبت عنها الصحف، لأني الآن بصدد عرض النقاط التالية:
أولاً : هذا المهرجان لم يكن مهرجاناًلأدونيس، ولم يكن هو من صنعه، وصاغه، ولم يجتمع حوله مريدوه، ولم يكن عراباً له، كانت فكرة المهرجان، مشتركة لمجموعة من مثقفي جمعية العاديات النشيطة في جبلة، وعندما عرضت الفكرة على ادونيس ، كان من أكثر المتحمسين لها، ومساهمته ونشاطه ورعايته، لايجعل من أفواه المثقفين الجالسين في المقاهي" بانتظار غودو" تختصر فعالية جماعية أهلية في شخص واحد، وهذا ليس بغريب عن سوريا، فدائما الأشياء تختصر بشخص واحد. لأن المجتمع هنا لم يعتد بعد على نشاط أهلي مستقل وحر. وهو ما كان يحاوله منمظو المهرجان.
ثانيا: لم تقدم السلطة السورية أي دعم مالي للمهرجان، ولم يكن المهرجان تحت رعايتها، رغم محاولتها احتوائه، بطرق مختلفة، التمويل- المتواضع جداً- الذي قدمته بعض الشركات أيضا ًربما لا يعني شيئا ً ، و لكن ربما أيضا ً يعني الشيء الكثير ...
شركة " شل " مثلاً وهي من أكبر و أخطر ملوثي البيئة في العالم تقدم دعما ً هائلا ً للأبحاث الخاصة بحماية البيئة وهذا جزءٌ من حملاتها لـ " تجميل " صورتها و لحماية نفسها من انتقادات هيئات حماية البيئة، و لكن هذا لا ينقص من جدية أو مصداقية العلماء و الباحثين أو الأبحاث التي مولت بهذه الطريقة ( كل ٌ يلعب اللعبة بشروطه هو ... ؟؟ ) ، طبعا ً في النهاية هنالك شروط ، فلا يعقل مثلا ً أ،ن تقبل الشركة أن يقول باحثوها هؤلاء بأن "شل" و غيرها من شركات النفط هي و هم ، من يقفون وراء رفض بوش لإتفاقية "كيوتو " لتحديد انبعاث الغازات الناجمة عن استهلاك النفط؟!
ثالثًًا: رغم دفاعي عن المهرجان ، وعن اخلاص منظميه وتفانيهم ، من اجل الوصول الى صيغة امثل لأيام ثقافية متميزة
( جهاد جديد، فايز عطاف ، محمد بدر زكريا ، أحمد اسكندر سليمان، ابراهيم اسعد واخرين ، من الشباب النبلاء المؤمنين بالفعل الثقافي في المجتمع) وهذا برأيي ما وصلوا إليه، فاني و بعد أن تأكد لي ، أن السيد رامي مخلوف ، قد قام يتنمويل ما و إن كان لايذكر (150 الف ليرة سورية )، هو ما جعلني أقف قليلا أمام هكذا سلوك ، الذي يثبت للعالم بأسره ازدراء عالم الثقافة ، ومحاولة تبييض الأموال والرغبة في وضع يد ٍ – غير نظيفة- في كل شيء يتعلق بهذا البلد ، حتى لوكان ، برمي القروش القليلة لهكذا فعالية ثقافية، و هذا ما يجعلني ، بعد أن علمت به ، أشعر بآسى وبحزن شديدين ، وأنا اتوجه هنا إلى أصدقائي الجميلين، أصحاب جمعية العاديات في جبلة ، عدم السماح بتبيض الأموال عبر نشاطاتهم، التي كانت دائماً و أبداً، نزيهة وعميقة وحقيقية، وأدعوهم للعودة الى فعالياتهم الثقافية البسيطة، والمحدودة، حتى يتنسى لنا جميعا المشاركة في تمنية النشاط المدني المستقل. الحر، النزيه الذي لايعتمد مبدأ : ( كل يلعب اللعبة بشروطه) أو على مبدأ ماكيافيللي الغاية تبرر الوسيلة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب