الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بلاموعد !!

محمود الزهيري

2014 / 7 / 24
الادب والفن


لم يكن بيننا موعد للقاء في هذا اليوم , كنت قد أغلقت النافذة جيداً وتأكدت من أشيائي التي ترافقني حين المسير , هممت بالخروج من الحجرة يعتريني الملل , وتسابقني الرتابة والتفكير في اللاشيء , ولا أدري ما الذي حملني علي إحضاري الكاميرا لتكون بصحبتي حال ذهابي , كأن هناك حدس يلازم عقلي الغير متحفز لأمر ما , عدت مرة أخري وفتحت النافذة , وتهيئت للإستكانة للتخيل البهيج في ألمه الممتد حتي شراييني وأوردتي التي تسبح فيهم بلا إرادة ولا سابق إصرار , سمعت همس خطي حفيف يتصل بمسامع قلبي التعس بشقوة الغياب , وعذابات الحضور , وقفت علي باب الحجرة من غير أن تلقاني بثمة تحية باللسان , عيناها نطقتا بكل المعاني المحروم منها طوال عمر السهاد والسهر مع النجوم والقمر في ليالي الشتاء الطويلة أو ليالي مارس آذار المهيجة لمشاعر الوجد والفقد والـتأوه لغياب يطول ويقصر بمعاناته اللذيذة في ألمها الموجع بلذاذته التي أتشوق لإستحضارها من غيابات ماضي الوله والشوق بعذاباته البهيجة :
ماذا تنتظر ؟! هيا نخرج إلي أي مكان فأنا في أمس الحاجة للفضفضة والخروج معك .. مازلت أشعر بالإختناق , وكأن الكون كله صار أضيق من ثقب إبرة , فتعالي نخرج لأي مكان من غير أن نحدد هذا المكان , رأيتني تخالطني مشاعر الحزن وأحاسيس الفرح في آن معاً , وهرولت مغلقاً النافذة , والباب وخرجنا سوياً بلا خوف من عادات وأعراف وتقاليد وموروثات اجتماعية ودينية لها شأن لدي الناس أعلي من الدين , طالما وجدت الأنوثة برفقة الذكورة , وحسب الأمثال الشعبية برداءتها المعهودة والتي يتم ترديدها بإستمرار من أفواه غير مؤمنة بما تردده , وتنتظر اللحظة السانحة لتصنع عكس ماينطق به المثل الشعبي أو المأثور الإجتماعي بفجاجته التي لاتطاق .
كنا نسير الهوينا , وكأن الزمن قد صار صفر , والكون كله كأنه صار ملكاً لها ولي , كان كتفي يلامس كتفها بلا إرادة أو قصد متعمد , كنت أستشعر كل معاني السعادة , تكرر التلامس عدة مرات بلا قصد , تلامست يداي بيديها تلامس سريع أقل من برهة وأكثر من لحظة يسيرة , ويكاد قلبي يخرج من بين أضلاعي فرحاً وسروراً وبهجة يستعصي وصفها وكأنه إحساس يكفيني ويكفي الكون بكامله , فقد تحولت الأشياء في عيني , وتغيرت نظرتي للأشجار والنباتات والحيوانات , حتي الأسفلت الذي كنا نسير عليه بدا لي وكأنه سعيد بمسيرنا عليه , دلفنا إلي بستان بديع لأحد الأصدقاء , تصنعت الحديث معه علي أنها صديقة تنتوي زراعة حديقة منزلها وتزيينها بالزهور والورود وأشجار الجهنمية بألوانها المتعددة , وخاصة لونها الأحمر الوردي المبعث علي جو من الطمأنينة والراحة والسكينة , تجاوب صديقي معي ووجه كلمات تحمل معاني المجاملة والسمع والطاعة لما أريد به تزيين حديقة منزلها , وأحضر لنا كوبين من شاي مابعد العصر ممزوجاً بأوراق النعناع الخضراءليضفي مزاجاً من البهجة علي مشاهد الزهور والورود والرياحين وكأننا في جنة تحوي أجمل وأروع وأنبل حواء , وآدم الذي يبتغي أن يكون علي قدر من المسؤلية وشرف العقل والأخلاق بثقة حواء اللامحدودة في آدم داخل هذه الجنة وخارجها , شربنا الشاي ودار حديث فضفاض حاملاً كل معاني الشفافية والصدق والمصارحة التي هي بلا حدود في تكشف ذاتها المكلومة بالحرمان من الحب والفرح والسعادة في أبسط معانيها , وهنا وحينما استشعرت أنها ستبدأ في البكاء, أخرجت الكاميرا , وأعلنت أن لي رغبة في تصويرها في الجنة التي تحتوينا , فوافقت علي التو بلا أي إعتراض , وأثناء عبورها مروي المياه مددت لها يدي لتعبرها بأمان , فرفضت بضحكة بهية شفيفة , إلا أنها حال عبورها كادت أن تقع لولا أن أمسكت بي بشدة لتلامسني فتنفجر ينابيع قلبي في الجنة لتعلن إرادة هي كانت علي الدوام تخفيها , ورحلت ورحل قلبي معها , وبقي جسدي وحيداً بلا قلبي الراحل معها بإرادته ,وحال عودتي أخرجت الصور إلي حيز الظهور لأفتح أول صورة وأقرأها لتعلن أنها تركت قلبها معي حال الرحيل !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الممثلة نسيم أبو دان تكشف الشخصية الأصعب التي أثرت بها ولن ت


.. -ليست سهلة-.. الممثلة نسيم أبو دان تتحدث عن كيفية إطلاق الدم




.. دون دموع.. الممثلة نسيم أبو دان توضح طرق مختلفة يمكنها أن تع


.. الممثلة الأميركية -برايس دالاس- تتصنع البكاء على الهواء بسهو




.. أخبار الصباح | الصين تحافظ على فنون العمارة التقليدية رغم تس