الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فراغ الدكتاتور

محمد سيد رصاص

2014 / 7 / 25
مواضيع وابحاث سياسية



انفرط البناء الجغرافي لثلاث دول بعد سقوط الحاكم الفرد فيها:الصومال في عام1991مع سقوط حكم محمد زياد بري، والعراق مع سقوط صدام حسين عام2003 ولوكانت ملامح الانفراط قد بدأت مع تراخي قبضة صدام من حيث تنائي الشمال الكردي في عام1992قبل أن يتكرس كأمر واقع بعده ثم يتعمق في صيف2014بأخذ (داعش) و(قوى العشائر) للموصل والغرب فيماقضم الأكراد كركوك وليترك الوسط والجنوب الشيعيين لسلطة رئيس الوزراء نوري المالكي،وليبيا مع سقوط معمر القذافي في عام2011.
يلاحظ ترافق الانفراط الجغرافي مع تفكك البنية المجتمعية في أشكال انشطارية،أخذت في الصومال بعد زياد بري أشكالاً قبلية في الصومال الايطالي بالوسط والجنوب وأخذت بين مجموع الأخير وبين الصومال البريطاني في الشمال أشكالاً مناطقية- قبلية،وقد أعطت لندن الاستقلال للأخير وكان يسمى ب(أرض الصومال- صومالي لاند ) في 26 حزيرانيونيو1960 قبل أن يتحد مع الصومال الايطالي ويسمى ب(صوماليا)في دولة الصومال في 1تموزيوليو1960،وكان الصومال الايطالي تحت السيطرة البريطانية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وقد أقرت الأمم المتحدة عام 1949وجوده الفعلي كدولة ذات سيادة. في فترة حكم زياد بري(منذ 1969) كانت المعارضة في الثمانينيات منقسمة بين (الحركة القومية الصومالية) وهي متمركزة في صومالي لاند،فيماهناك حركتان في صوماليا هما (المؤتمر الصومالي المتحد)، في وسط البلاد حتى شمال العاصمة مقديشو، وفي الجنوب كان هناك تنظيم (الحركة الوطنية الصومالية) ويسيطر على المنطقة الواقعة بين كسمايو والحدود الكينية.عملياً منذ سقوط زياد بري أصبح صومالي لاند دولة أمر واقع ولكن غير معترف بها دولياً أومن الأمم المتحدة مثل جمهورية قبرص التركية،فيما انقسمت صوماليا على مدى ربع قرن إلى مناطق سيطرة سياسية متناثرة لجماعات متناحرة كانت أكثرها بسطاً للنفوذ على أكثر (صوماليا)هي حركة (المحاكم الاسلامية) التي أخذت أغلب الوسط والجنوب في فترة النصف الثاني لعام2006 بعد أن سيطرت على مقديشو في 5حزيران قبل أن يأتي الغزو الاثيوبي في نهاية العام بدعم غربي ومن دول الاتحاد الافريقي.
في العراق،الذي انبنى كدولة على اتحاد ولايات بغداد والبصرة والموصل عام1921،برزت المشكلة الكردية مع تمرد الملا مصطفى البرزاني في أيلولسبتمبر1961الذي جرى تسكينه في اتفاقية 11آذارمارس1970قبل أن ينفجر من جديد عام1974ومن ثم يخمد مع اتفاقية الجزائر في آذارمارس1975بين شاه ايران وصدام حسين، وفي الثمانينيات يعود للانفجار مع ظرف الحرب العراقية – الايرانية فيما استطاع الأكراد فرض وقائع على الأرض من حيث تشكيل اقليم يضم محافظات السليمانية وإربيل ودهوك ،هي نفسها منطقة الحكم الذاتي لاتفاقية 11آذار 1970 ،ولكنه عملياً أصبح وضعه خارج سيطرة بغداد في فترة مابعد هزيمة صدام حسين في حرب الكويت عام1991.كان سقوط صدام حسين في9نيسانإبريل2003مساهماً أكثر في تذرير العراق أولاً من خلال تعميقه للاانشطار الكردي ولومع مشاركتهم غير المسبوقة في السلطة المركزية ببغداد عبر جلال طالباني كرئيس جمهورية منذ2006وزيباري كوزير للخارجية حيث أصبحت إربيل ،التي أنقذها صدام حسين من قبضة الطالباني المدعوم من ايران واعادها لمسعود برزاني في أيلولسبتمبر1996عبر قوات الحرس الجمهوري العراقي،أكثر تنائياً عن بغداد وأكثر استقلالية في مرحلة مابعد صدام حسين وعندما ضعفت بغداد بعد سقوط الموصل من يد المالكي في10حزيرانيونيو2014قامت إربيل بقضم كركوك ضد إرادة السلطة المركزية في بغداد وعلى حسابها.كان سقوط صدام حسين مساهماً في تذرير العراق إلى المكونات الثلاث:الشيعية- الكردية- السنية العربية،التي عملياً مثلتها الاتحادات الجغرافية الثلاث عام1921:البصرة والموصل وبغداد، حيث برز الصدام السني – الشيعي في مرحلة مابعد صدام حسين وانتقل الأكراد من التحالف مع الشيعة ضد صدام وبعده ثم برزت ملامح في مرحلة مابعد10حزيرانيونيو2014لتحالف سني كردي- عربي ضد المالكي.
في ليبيا أعلن الاستقلال عام1951 من خلال نظام فيدرالي لأقاليم طرابلس الغرب وبرقة بالشرق وفزان بالجنوب وكان الأخير بعد هزيمة الايطاليين يدار من فرنسة منذ 1943 فيما الشرق والغرب من البريطانيين. أقام السنوسيون سيطرة مزعزعة على ليبيا الفيدرالية التي ألغيت عام1963 لتصبح(المملكة الليبية) بدلاً من(المملكة الليبية المتحدة).كان القذافي منذ1سبتمبر1969حاكماً مركزياً استطاع طمس الصراعات والتناقضات الليبية القديمة من خلال دكتاتوريته الفردية التي لم تطمس فقط معالم التناقضات الاجتماعية وتمنعها من الظهور للسطح سواء بشكلها المناطقي القديم كأقاليم ثلاث وإنما أيضاً كأشكال قبلية، أوإثنية مع البربر،ولكنها عادت للظهور قوية بعد سقوطه من باب العزيزية بطرابلس في23أغسطسآب2011ومن ثم مقتله بعد شهرين،وعملياً فإن الصراعات السياسية الليبية الراهنة متحددة أساساً بين الشرق والغرب جهوياً ومناطقياً ،وأيضاً قبلياً، وكذلك إثنياً مع البربر الأمازيغ في جبل نفوسة غرب طرابلس وفي غدامس،وفي كثير من الأحيان فإن صراعات الاسلاميين مع (الاتجاه الوطني) هو طلاء رقيق للصراعات الجهوية – المناطقية والقبلية والإثنية والتي بلغت كأشكال صور أدنى مثل الصراع بين ميليشيات مدينة مصراتة مع مليشيات منطقة قبائل الزنتان داخل العاصمة الليبية وهما أقوى فصيلين مسلحين في طرابلس الغرب منذ يوم سقوط القذافي.
تظهر التجارب الثلاث،الصومالية والعراقية والليبية،أن الدكتاتور هو لاصق عنيف لبنية غير اندماجية،تحجب قبضته العنيفة تفكهها البنيوي ولااندماجية مكوناتها وتهيل تراباً رقيقاً فوقها،وعندما يسقط الدكتاتور تطفوا إلى السطح العوامل اللااندماجية والتفككية في البنية المجتمعية وبشكل أقوى من المرحلة السابقة له، ولتصبح هي القوة المحركة للعملية السياسية والاستقطابات والصراعات السياسية والمليشياوية.هنا،يلاحظ أن التحديث الذي يمارسه الدكتاتور كمافي الحالات الثلاث ،عند زياد بري وصدام حسين ومعمرالقذافي ،يقتصر على التكنولوجيا والتعليم ولكنه لايؤدي إلى بنية حديثة اجتماعياً تتجاوز البنى القديمة كما جرى في الدكتاتوريات التي شهدها الغرب الحديث عندما كان الدكتاتور ،مثل أوليفر كرومويل بعد الثورة الانكليزية للبرلمان ضد الملك 1642-1649ونابليون بونابرت بعد ثورة1789الفرنسية،مصعداً سياسياً للمجتمع والدولة والإدارة إلى طور أرقى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف ستتعامل فصائل المقاومة في غزة مع المرحلة الثانية التي أع


.. آليات الاحتلال الإسرائيلي تهدم منزلين شرق أريحا




.. -غزة صارت فخا للموت وجحيما من الرعب-.. شهادات لوالدات جنود ي


.. شاهد| دبابات وجرافات إسرائيلية تتقدم إلى مناطق قريبة من جسر




.. خالد مشعل عن غزة: -تدمرت ثمناً للمقاومة-.. وردّ من الهبّاش: