الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غفوة البساتين على ضفاف النهر

سعد محمد موسى

2014 / 7 / 25
الادب والفن


غفوة البساتين على ضفاف النهر
سعد محمد موسى
في عام 1989 وأثناء خدمتي العسكرية في معسكر منصورية الجبل الكائن في محافظة ديالى كنت أحياناً أتحايل وبمشاركة الصديقين علي وهاشم ، باعذار شتى الى عريف فصيلنا، كي يسمح لنا بالنزول الى المدينة بعد التدريب الصباحي القاسي . وأحياناً حين تنفذ الاعذار كنا نتفق على الهروب من خلف أسوار المعسكر المحاط بالاسلاك الشائكة.
فيصطحبنا رفيقنا الجندي حميد والذي كان ينتظرنا في مرآب المخيم بسيارته ثم يأخذنا الى بستان العائلة الكبير في "مدينة دلي عباس" والتي لم تكن تبعد سوى بضعة كيلو مترات عن المعسكر وحين نعرج نحو البستان ننسى باننا كنا جنود فنعدو مثل الاطفال
بملابسنا الكاكية ونحن نتخيل ان البستان المكتظ باشجار البرتقال والرمان والتوت والنخيل لاتحده الاسوار ..فكان يبدو وكأنه فردوس يسبح في فضاء السكينة والسلام .
كنا نقطف الرمان والبرتقال ونعبئهما في كيس من الخش والذي كنا نتناوب على حمله الى مدينة ديلي عباس.
فنذهب لتناول الغداء وارتشاف الشاي والاستمتاع بلعبة الدومينو وسماع الموسيقى في احدى مقاهي تلك المدينة..
كانت مدينة دلي عباس محاطة بالبساتين وأناسها بسطاء.
لقد أثارني اسم تلك المدينة دلي عباس بعد أن أخبرني حميد ان اسم هذا المكان جاء على أثر حكاية عاشق يدعى عباس. بعد أن وقع بغرام فتاة من تلك القرية ولم يستطع الزواج منها بسبب عناد ورفض أهلها من تزويج ابنتهم للعاشق . فهام العاشق مجنوناً في تلك البساتين حتى مات كمداً وشوقاً فسميت حينها مدينة دلي عباس .
...
وبعد أن نغادر مدينة العاشق
نعود لنجلس على ضفاف نهر الخالص .. ونحن نتحدث عن الشعر والجمال ونستحم في مياه النهر العذب .. ونلتهم الرمان اللذيد ونقشر البرتقال بمتعة.
...
مرة بكى هاشم حين شق الرمانة اليانعة فتألقت حبيباتها العذراء الداكنة مثل الدمع فتذكر ياقوتة خاتم أمه العزيزة الذي كان يشبه لون حمرة الرمان النبيذي.
أما علي فكان شبقاً بتقشير البرتقال بشهوة سادية وكان يطلب منا ان يقشر جميع البرتقال المتبقي .. فهو كان يشعر بمتعة وهو يتخيل بانه ينتزع فساتين الصبايا ويعريهن حينما يقشر البرتقال ويغرز أظافره في أجسادهن.

وعندما يحل المساء نرجع الى
المعسكر .. ولم تكن تهمنا العقوبة من العريف في اليوم الاخر .. قدر ماكانت تهمنا استعادة جماليات الطفولة والبساتين والنهر وشيئاً من الحرية !!
وفي هذا المساء الذي أعاد صدى الذاكرة . مثلما كان المساء الاخير الذي أعاد خطوات الجندي المشاكس الى معسكره .. كنت أتسائل وانا في أخر الكرة الارضية .. ماهي أخبار بستان الصديق حميد في ديالى وماهي اخبار الاصدقاء .. وماذا عن نهر الخالص وهل مازالت مياهه عذبة !!!؟؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-