الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الناس والمسؤول .. وإزدواجية المعايير

ياسين الياسين

2014 / 7 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


إن الأستعراض والتبجح والفذلكات والادعاءات والتذاكي عقداً من نقص يحملها سياسيوا البلدان المتخلّفة مع أبناء شعوبهم وعلى حد سواء بل وكل مَنْ له جذور في بلاد مغلوبة كبلادنا المنكوبة بشعوبها قبل أنظمتها ، وهذا هو مصدر الغرابة في كل هذا البؤس العربي وبإمتياز كبير ، وترى الجميع في هذه الشعوب ومنها شعبنا وبلا إستثناء قد ساهم بطريقة أوبأخرى في صناعة هذا البؤس وهذا الشقاء والمرارة ، ولم يسأل أحداً ما إطلاقاً نفسه ذات مرة ، ولم يقده تفكيره حتى مع تحليلاته وفذلكاته وإدّعاءاته إلى جم الشتائم والسباب والتأوّه والتهكّم على كل شيء في هذا البلد له علاقة بالسياسة أوالمجتمع من بعيد كان أومن قريب ، ولم يصل أبداً إلى السؤال أن من أين أتى هذا الكيان اللعين أوذاك المكوّن الفاسد ليمسك بزمام المقادير للأمة ، وحتى بعد أن أمسك الفاسدون بالسلطة وتجاهرت الناس ووسائل الأعلام بفسادهم ، فلم يكلّف أي أحد ما من المثقفين والواعين نفسه عناء سؤال واحد جدلي أن من أين أتتهم كل هذه القوة والمكنة للأمساك بأرض القرار رغماً عن الجميع ، ورغماً عن أنها تجري عكس تيارات الرياح ، فأذا كان هذا هو حال المثقف ، فكيف بالمواطن البسيط أن يسأل نفسه لماذا يمتد نفوذهم بين الناس يوماً بعد آخر وبشكل أكبر ، وتراهم يختلقون لهم قواعداً إبتاعوها بأموال الناس أنفسهم من مخزون المال العام ، وكل هذا يجري برضى من الناس ، ولكن مَنْ مِنَ الناس ؟ ولماذا ؟ ، وبسكوت من ؟ حتى وصل الحال إلى الأستفحال وآل إلى أمر أشبه بالواقع المحتوم ، وعندنا أمثلة كثيرة وعديدة لهذا النكوص الذي لاينبجس إلاّ عن حالة مرضية مستعصية شكلت دوّامة مزمنة عند المواطن لايستفيق منها حتى آخر عمره ، فمن شبّ على شيء فقد شاب عليه ، ومثلهم مثل ذلك الرجل الذي يقول لزوجته أن الشاي بارد وهو يرتشفه أمامها ، فتقول له ولكنّه يغلي ، فيسكب الشاي من القدح بيده الأخرى ويرشقه على وجهه ليقنعها أن الشاي بارد ، ولكنها ترد عليه مرة أخرى فتقول مصرّة : ولكنه كان على النار يغلي ، وهذا هو بالضبط حال شعبنا وبكل فئاته وشرائحه وتدرّجاته ، فعندما يكون هناك رجل دين فاسد ، وتوضّح لهم بالدلائل والقرائن مدى فساده ، فتراهم سرعان مايجيبوك : نعم صحيح ولكنه رجل دين !!! وهذه هي المصيبة ، فكيف تقنع مثل أولائك إذاً أن هذا السياسي غير نزيه بالمرة ولعوب وفاسد ، والغريب أنّهم ينظّرون بشكل جيد ، ويشخّصون الخلل والأختلال بشكل عجيب ، ويقرّون بذات الوقت بكل مفاصل الفساد والتلاعب بالدولة ومقدرات الناس ، ويسب ويشتم ويلعن الساعة التي ولد فيها في هذا البلد ، وحين تسأله : وما الحل برأيك ؟ فيعاجلك قائلاً : والله لا أعلم والحل عند الله ، وعندما تحاول أن تفهمه أن المفتاح بيدك أنت فأدره كيفما تشاء ، وأن كل ما أنت فيه الآن هو حال من يأس وقنوط وهزيمة وإستسلام هم أرادوا لنا ذلك ضمن برنامج طويل المدى عريض ليحققوا من خلاله كل مبتغاهم وكل ماتربوا وتهفوا وترنوا إليه نفوسهم وكل ما تشرئب له أعناقهم في السطو والسيطرة على مقدّراتنا والتلاعب حتى بأمانينا ، وها أنت ذا تجسّد ذلك تجسيداً حيّاً في الرضوخ والقنوط والأستسلام ، وهنا الدوائرالمضحكة المبكية حيث يصرّح لك وبكل بساطة بأنه يخجل لأن فلان أوعده بتعيين شقيقه وأخذ مني عهداً أن أنتخبه ، وأن فلان جاري وبيننا علاقات عائلية ، وآخرون أصدقاء لشقيقي فلان ، وآخرون لنا معهم علاقات مصاهرة ، وبهذه الأبجديّات من علاقات إجتماعية بسيطة نضيّع بلداً بحاله ، وفعلاً يضيع البلد إن لم نكن قد أضعناه فعلاً ، وأن الحياة في بلد يعيش أبنائه بهذه الهامشيّة من علاقات سطحيّة فارغة باتت جحيماً لايطاق لأنّها حياة هادرة للكرامة وبعيدة عن القيم الروحية والأخلاقية بسبب ضياع الحقوق وعدم الأنتصاف للقانون مجرد القانون لأن العلاقات الأجتماعية والمنسوبية المزيّفة أقوى جذراً وتأصّلاً عن رجل الدولة المتمثل بالشرطي والعسكري ورجل المرور في الشارع ، فعندما يقف رجلاً ما عادياً بسيطاً بسيارته في مكان يمنع فيه وقوف السيارات ترى رجل المرور يقف عنده فوراً ، ويحاسبه بشدة وقسوة ويملي عليه غرامة فورية وإن كان أمر وقوفه لضرورة قاهرة كأن يكون قد أتى لعيادة طبيب وهو يحمل إمرأة في آخر نفس لها ، ولكن المكان نفسه لوحصل وتوقف فيه رجلاً من المسؤولين بسيارته أوضابطاً من الجيش أوالشرطة فأنه وأن تسبب بزحام ومضايقة للآخرين ولكن لايجرؤ أي أحد من الأقتراب منه لمحاسبته بل وحتى لايجرؤ على تنبيهه ، وبلداً وشعبه بهذا المستوى من الخوف والأنهزام حتى أنه بلداً وشعباً لايستحق الحياة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفاوضات القاهرة بين الموقف الاسرائيلي وضغط الشارع؟


.. محادثات القاهرة .. حديث عن ضمانات أميركية وتفاصيل عن مقترح ا




.. استمرار التصعيد على حدود لبنان رغم الحديث عن تقدم في المبادر


.. الحوثيون يوسعون رقعة أهدافهم لتطال سفنا متوجهة لموانئ إسرائي




.. تقرير: ارتفاع عوائد النفط الإيرانية يغذي الفوضى في الشرق الأ