الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعض الأمهات الأمريكيات يرفضن الحرب الأمريكية ضد الإرهاب

فينوس فائق

2005 / 8 / 6
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


ولاية ميزوري كانت محطة إقامتي لمدة شهر أثناء زيارتي الأخيرة إلى أمريكا ، في أول يوم خرجت فيه للتبضع صادفت إمرأة أمريكية مسنة أثناء تجوالي في إحدى المحال الراقية لشراء الملابس ، فسألتني السيدة دون سابق إنذار : من أي بلد ، المكسيك؟ فهناك يظنون غالبية السمر الذين يتكلمون الإنكليزية بلكنة غريبة أنهم من المكسيك ، فأجبتها بلا ، ثم سألتني عن إسم بلدي فقلت لها أنني من كوردستان العراق . فحال سماعها بإسم العراق قالت لي : من العراق؟ فقالت: إبني هناك ، يحارب الإرهاب. سألتها: و ما رأيك أنتِ؟ ردت: أنا لست سعيدة بطبيعة الحال بأن إبني الآن في جبهة القتال الأمريكية ضد الإرهاب ، لكن العراقيين أيضاً ضاقوا الكثير على أيدي النظام الدكتاتوري و آن لهم أن يستريحوا . و قلت لها: و هل الأمريكان هم الذين سيجلبون الراحة للبيوت العراقية ؟ ردت: ليس بهذا المعنى ، و إنما يعتبر الأمريكيون أنفسهم مسؤولون أمام الحرب التي أشعلها بوش بحماقة ، فإن لم يذهبوا ستأكل نار الإرهاب تلك المنطقة ، أنظري تلك الجماعات الدينية الإرهابية ماذا تفعل بالعراقيين على مدار الساعة ، و الشعب العراقي يجب أن يرتاح لكنه بدلاً من ذلك دخل في صراعات الإرهابيين. فأجبتها بسؤال آخر: و لكن من الذي زرع برأيك بذور الإرهاب في تلك المنطقة ، بعبارة أخرى من وراء نشوء تلك الجماعات الإرهابية التي تتخذ من الدين غطاءاً و تتستر وراءها لتنفيذ خططها الإرهابية الشنيعة؟ فقالت : أنا معك أن بوش هو الذي إبتدع حرباً سماها بحرب الإرهاب ، لكن قولي لي الآن ما ذنب العراقيين الذين يعيشون في نار الإرهاب و يموتون يومياً بالعشرات؟ فقلت لها: كان الأجدر بك أن تقولي ما ذنب الشباب الأمريكيين يكتوون بنار الحرب ضد الإرهاب و هم ليس لهم فيها لا ناقة و لا جمل . فردت بسرعة : فكرة أن أبناءنا يموتون في تلك الحرب لا أريد أن أتذكرها ، لا أريد سماع أي خبر يحمل نبأ مقتل أو إستشهاد أحد الجنود الأمريكان في معركة أو في إنفجار ، لا أريد أن أتخيل نفسي سأستلم جثة إبني يوماً و هو شهيد. إلى هنا و إنقطع الحديث عندما ذهبنا لدفع ثمن ما إشتريناه.
ثم دفعني فضولي الصحفي أن أستغل هذه المحادثة و أن أسأل البعض من الأمهات الأمريكيات عن رأيها في الحرب الأمريكية ضد الإرهاب ، فكان أن إلتقيت بإحدى السيدات التي تعمل في المؤسسة التي تعمل فيها صديقة لي في المدينة ذاتها و هي أيضاً إبنها إلتحق بالقواة الأمريكية في العراق فقالت: نعم إبني إلتحق منذ ثمانية أشهر و أنا أتواصل معه و أسمع صوته أحياناً عبر طريق الهاتف فأعرف أنه مازال حياً. أما عن رأيها في تلك الحرب التي إنخرط فيها إبنها قالت ، نحن لا نكره العراقيين بتاتاً لكننا نكره القرار الأمريكي بشن حرب ضد الإرهاب و جعل أبناءنا وقود لتلك الحرب ، لا أدري كيف يفكر بوش ، عن نفسي لم أكن أريد لإبني أن ينخرط في صفوف القوات الأمريكية في العراق بحجة محاربة الإرهاب ، كما لا أريد له مصير الموت مثل باقي الجنود الأمريكان الآخرين الذين ذهبوا ضحية قرار بوش.
شاب في العشرين من عمره إلقيته في إحدى المناسبات قال : قرر أخي فجأة و دون سابق إنذار أن يلتحق بالجنود الأمريكان لكن أبوث خضعا لإراته ، و لا أتخيل أو لا أريد أن أتخيل نفسي و أنا أستلم جثة أخي و هو قتيل في حرب أشعلها بوش و سماها بالحرب ضد الإرهاب ، فقلت له : لكن أليس هناك إرهاب في تلك المنطقة و يجب محاربته ؟ فأجاب : الأحرى أن تسألون من الذي زرع بذور الإرهاب في تلك المنطقة و يرويها بدماء الجنود الأمريكان و لأي غرض أو هدف فعل ذلك ، هذا هو السؤال ، فسألته: و لأي غرض أو هدف زرع بوش بذور الإرهاب في تلك المنطقة برأيك ؟ فرد ضاحكاً: هل حقاً تسألين لأنكي تجهلين الإجابة ، أم أنك تريدنني أن أنطقها كأمريكي؟ نعم النفط هو سبب البلاء.
فالأمريكيون أيضاً يدركون أن في الشرق يوجد نفط لكن لا توجد العقلية التي تستفيد منه ، لأن الشرق مصاب بداء الدكتاتورية ، بوش جاء ليزرع بذور الإرهاب و ينشر رياح الديمقراطية و يقطف ثمار جهده نفطاً..
للأهمات الأمريكيات و الأمريكيين بشكل عام وجهات نظر متباينة حول الحرب الأمريكية ضد الإرهاب ، و من مسألة تواجد القوات الأمريكية في العراق ، فمنهم من يرفض تلك الحرب قاطبة ، و منهم من يؤيدها ، الشباب أغلبهم إنقاد وراء الإغراءات المادية بالرغم من أنها ليست خيالية ، لكنها جيدة بالنسبة لشاب عاطل عن العمل و يفكر في جمع حفنة من الدولارات ، فهو يرى نفسه مستفيداً من تلك الحرب على الرغم من هدم عدالتها..
لا أدري لماذا توقفت عن إكمال التحقيق الذي بدأته ، لم أرغب في سماع المزيد ، لا يفكر الأمريكي في مفهوم الحرب كما نفكر به نحن ، و لا يبدأون نهارهم بالمناقشات السياسية كما نبدأها نحن ، الأمريكيون معروفون بأنهم عمليون أكثر من اللازم و نهمين ، و الشرقيون معروفون بحساسيتهم و عاطفيتهم المبالغ بها ، فبين الشرق و أمريكا تبقى الحرب مشتعلة ، لكنها حرب من طراز آخر ، ليس حرباً بالمعنى التقليدي للكلمة ، لكن حرب من طراز جديد ، يشارك فيه حتى الطفل النائم في حضن أمه ، فليس هناك ساحات حرب ، فساحات القتال باتت مفاهيم إفتراضية و لاوجود لها في زمن الحرب على الإرهاب..
ميزوري / أمريكا









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الترجي التونسي يستضيف الأهلي المصري في ذهاب الدور النهائي|#ه


.. الوصل يحقق انتصارا تاريخيا على النصر ليتوج بكأس رئيس دولة ال




.. لماذا تخاف إسرائيل من مخيم جنين؟


.. شهيدان بقصف إسرائيلي استهدف منزلا في مخيم بربرة وسط رفح جنوب




.. مطعم للطاكوس يحصل على نجمة في دليل ميشلان للمطاعم الراقية