الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفاشية هناك وهنا... هي ذاتها

عايدة توما سليمان

2014 / 7 / 26
مواضيع وابحاث سياسية




•العقلية ذاتها التي تطلق الصواريخ على الاطفال وتقصف المدارس وترتكب المجازر غير آبهة هناك، في غزة، هي العقلية ذاتها التي واجهناها على الكرمل ويواجهها طلابنا وعمالنا هنا في كل المواقع

*نار الفاشية هناك*


مهما حاولنا أن نتخيل حجم الالم الذي يمر به أهلنا في غزة فسوف نخرج من المحاولة حالنا حال ما نشعره ويطغى علينا في هذه الايام ، العجز والشلل . صحيح أن بداخل كل منا أو على الأقل في داخلي كم من الغضب قد أعجز عن شرحه واطنان من الحزن قد تنفجر في الكثير من اللحظات الى بركان من الدموع ولكن كيف بالامكان أن نشعر بما يشعر به قرابة المليونين من البشر الذين اضحوا لا يعلمون هل من الافضل أن يخلدوا الى النوم على أمل أن يصحو صباحا ليجدوا أنهم ما زالوا احياء يرزقون وأن السقف فوق رؤوسهم ما زال هناك، أم يختاروا أن لا يناموا لعل وعسى تكون لهم القدرة على الافلات من الموت القادم مع صاروخ يقصف المنزل، أم أن حق الخيار بين الامكانيتين غير وارد لأنك اصلا لا تتحكم بجفون العينين وبحالة اليقظة والتنبه العاجزة التي تسيطر على النفس.

هل يفكر اهلنا هناك بما يلزم عليهم القيام به بعد أن وصلهم اعلام هاتفي بأن المنزل سوف يقصف، هل يخطر في البال ماذا سيحملون معهم وأي من اطفالهم سيكون على اليدين وأيهم بامكانه الركض بسرعة كافية تخرجه من المنزل قبل قصفه. وما هو حال من لديه طفل رضيع ووالدة مقعدة من سيختار ليحمل على أكفه وهو يهرب من النار القادمة. وأكثر ما أخشاه أن يتكرر المشهد من رواية عائد الى حيفا حين اكتشفت الام المتشبثة برضيعها في قارب النجاة ان ما تحمله بين يديها وسادة حولها رعبها للحظات الى طفل رضيع فاختلط الامر عليها وكانت المأساة.

على من يحزن من استشهد ثمانية من أفراد عائلته ؟ وصورة وجه من لا تفارقه؟ هل يشعر اصلا هذا الناجي من الموت بما يخطر ببالنا من ألم، أم أن الصدمة أكبر من ذلك كله، وهل يشعر بالذنب لأنه هو بقي على قيد الحياة. والاطفال، اطفال غزة الباكين، من يكفكف دموعهم ومن يحضنهم حين يصحون على اصوات الصواريخ أو من فزع كابوس اضحى حقيقة يومية، من يعيد لهم طفولة سرقتها ضوضاء الحرب واي نوع من الرجال والنساء سيكبرون ليكونوا؟

في لغة المقاومة، مقاومة السطو على الوطن والدمار، وفي لغة الكرامة الوطنية والعزة القومية لا مجال للبكاء ولا للخوف، ولكن أهل غزة يضعون قاموسا جديدا للغات جميعا، فهم بشر يبكي الرجال فيهم وهم يدفنون اطفالهم، وتنوح النساء الفاقدات، فلقد توقفن عن الزغاريد في وداع الشهداء،ويخاف الجميع من الالة العسكرية الهمجية، ومن مصير اصبح فيه الموت جماعة رحمة !! فالشهداء كثر ، ومن كثرتهم لا مجال لسرد قصصهم، ولا حفظ اسمائهم، من سيسرد ما أحب كل منهم وكيف كان يلعب ويدرس اذا ما اختفت العائلة كلها تحت التراب، ومن سيحفظ الوجوه والملامح سوى ما بقي من صور، ام ان نيران القصف أتت على الصور كذلك.

ماذا سيسجل التاريخ عن ايام مجازر غزة، وهل سوف يتحول هذا الالم الذي يقطع القلوب الى فصل في دروس التاريخ، فالتاريخ يكتب عن المقاتلين والساسة ولا يسجل قصص الناس العاديين، ضحايا المجازر، ويتحول شهداء الشجاعية الى رقم في جملة في فصل قد يكتب وقد لا يكتب، بعد أن حفر في القلوب أخاديد الحزن والغضب .







*ونارها هنا...*




يوم السبت الماضي سقطت حيفا سقوطا مدويا في مستنقع الفاشية، وما شهده كرمل الروح من تلوث الروح والجو بهتافات قطعان الفاشيين " الموت للعرب" وسنقتلكم جميعا" و"الطابور الخامس" جعل السبت وما جرى فيه علامة فارقة في تاريخ هذه البلاد يوم الميلاد الرسمي والخروج الى العلن لفاشية طالما استترت وأطلت برأسها وجلة.

عندما وصلت الى مظاهرة الجبهة والحزب الشيوعي في مدينة حيفا كنت أعلم أن فيها مجازفة حقيقية، ولكنني لم انتبه الى حقيقة ان من حضر سوف يتحول الى بطل أو بطلة يحملون دماءهم على أكفهم في أخطر مواجهة انتهت لحسن حظنا بالعديد من الجرحى فقط. في وسط المشهد الذي رسم حدود البهيمية من جديد، وعرّف من لم يعرف من قبل معنى الانفلات الفاشي تذكرت اقوال رفاقنا من قيادة الحزب في كل مرة استعملنا فيها كلمة الفاشية لوصف مظاهر العنصرية المتفشية في البلاد وبين الاغلبية اليهودية عندما كانوا ينهوننا: لا تهدروا هذه الكلمة هباء سوف تأتي ايام نحتاج فيها استعمالها، ولئلا يصيبنا مثل ذاك الراعي الذي صرخ مرارا الذئب الذئب!

لم يخطر ببالي انني سوف افكر فعلا، واعترف هنا بعد هذا العمر والرصيد من المظاهرات، بأن الحل للخروج من الحصار الذي فرضه علينا أكثر من الف من الفاشيين ونحن لا نتجاوز في نهاية المظاهرة العشرات هو أن اضرب شرطي، لعل وعسى يكون حظي بعض اللكمات والاعتقال. تحت وابل الحجارة والزجاجات والاصص المتهاوية على رؤوسنا من المنازل وتحاشي اقدام الخيول الشرطية الهائجة قربنا، كانت الرغبة في المواجهة ترتقي سلما يصل الى الغضب، واصبح من الواضح اننا في مواجهة "يا قاتل يا مقتول" . وانتهت الليلة بالنجاح في الافلات من الاوباش الهائجين ولكن دون القدرة على الافلات من حقيقة اننا امام واقع جديد تكتسب فيه العنصرية والحقد الاعمى شرعية من تحريض مستمر تمارسه حكومة اليمين، وتتجند فيه وسائل الاعلام وتحميه شرطة الدولة.

ما حدث في حيفا من تجييش لزعران اليمين خطير، والاخطر منه أن مواطنين عاديين من اليهود اتوا الى مظاهرة تحت شعار دعم الجنود في حربهم على غزة وبعدما رأوا ما رأيناه وبعدما شعروا بالعنف الذي مورس ضدنا، بقوا واشتركوا في محاولات اللينش. ان تنظّم القوى العنصرية في مجموعات تنطلق في الشوارع تبحث عن العرب لضربهم، وفي صفحات الفيسبوك لتلاحق من يكتب ضد الحرب وتطالب بفصله من العمل أو التعليم أو تتعرض له بالتهديد، والتهديدات الجدية بالقتل التي تطال النشطاء اليساريين من العرب واليهود كل هذا هو فاشية لن تنحسر بعد الحرب، وانما مأسسة لواقع جديد تنعدم فيه مساحة حرية التعبير عن الرأي ويصبح العنف فيه سيد الموقف.

هذه العقلية ذاتها التي تطلق الصواريخ على الاطفال وتقصف المدارس وترتكب المجازر غير آبهة هناك، في غزة، هي العقلية ذاتها التي واجهناها على الكرمل ويواجهها طلابنا وعمالنا هنا في كل المواقع . قد يخيف هذا الواقع البعض، وقد يجعل العديدين ينحنون لحين مرور العاصفة، ليكتشفوا بعدها أن عليهم الانحناء طويلا بحيث ينسون كيف ترفع الرأس مجددا. ان هذه الاجواء هي التي تفرض المواجهة علينا وهي التي تختبر صلابة عودنا وفكرنا وايماننا بدربنا، وهي امتحان لقدرتنا على صيانة المعادلة الصعبة بين الانتماء الوطني حتى النخاع وحتى الاستعداد لدفع الثمن مهما كان عاليا من اعتقالات وملاحقات واعتداءات كما فعل قادتنا ورفاقنا على مدار سنوات وبين الاممية الانسانية الطافحة بوصلة في بناء الشراكات النضالية التي تمنع عزلنا في هذه الاوقات الصعبة وتحول دون الاستفراد بنا أو بقوى اليسار اليهودي الحقيقية مهما كانت قليلة.

ولاننا مزروعون بالامل لن ننحني ولن نهاب وسنبقى شوكة في حلق الفاشية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اسرائيل الصهيونية دولة نازية
عتريس المدح ( 2014 / 7 / 26 - 11:33 )
تقول ايليت شكيد عضو الكنيست الاسرائيلي عن حزب البيت اليهودي اليميني القومي الديني المتطرف بأن جميع الفلسطينيين ارهابيين ويجب أن يموتوا جميعا ويجب أن تهدم بيوتهم، هم جميعا أعداؤنا، ويجب أن تكون دماؤهم على ايدينا وينطبق هذا على أمهات الارهابيين
عندما يدعو المأفون مردخاي كيدار لاغتصاب أمهات الفلسطينيين
عندما تكون عقيدة الجيش الاسرائيلي دعوات اسحق شابيرا بتحليل قتل الاطفال الفلسطينيين

إعلموا جميعا أنهم لا يفرقون بين فلسطيني من حماس و غيرها ولا يفرقون بين مسلم ومسيحي أو فلسطيني من الداخل أو فلسطيني من الضفة والقطاع
أو بين فلسطيني أوعربي من مصر أوحتى من عمان
فالدم غير اليهودي لدى هؤلاء النازيون الصهاينة دم رخيص ، لانه دم غير آدمي وفقا لتوراتهم وتلمودهم ومشناهم أو حتى وفقا لحلفائهم في الغرب الفرنسي والانجليزي والالماني والبريطاني والكندي والامريكي ..الخ فالجيش الاسرائيلي والدولة الصهيونية هم حاملة طائرات متقدمة أقل كلفة من حضور جيش حلف الأطلسي
إننا تواجه الامبريالية الاستعمارية والصهيونية والرجعية العربية لبدوان النفط والكاز

اخر الافلام

.. أمريكا تزود أوكرانيا بسلاح قوي سرًا لمواجهة روسيا.. هل يغير


.. مصادر طبية: مقتل 66 وإصابة 138 آخرين في غزة خلال الساعات الـ




.. السلطات الروسية تحتجز موظفا في وزارة الدفاع في قضية رشوة | #


.. مراسلنا: غارات جوية إسرائيلية على بلدتي مارون الراس وطيرحرفا




.. جهود دولية وإقليمية حثيثة لوقف إطلاق النار في غزة | #رادار