الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دستور طائفية ومحاباة لا دستور حكم و حقوق وواجبات

عربي الخميسي

2005 / 8 / 6
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


يقال ان الكتاب من عنوانه ، و الانسان بلسانه ، والراحل بأحسانه

نشرت مسودة الدستور على الملئ و قيل انها للعراقيين جميعا لكل الشعب ولكل مكوناته القومية والطائفية والدينية وشاع انها دستور ليس كبقية دساتير الدنيا والخلق بل ما اتى به لم يات به لا الاولون ولا الاخرون من قواعد واحكام جديدة صيغت لخدمة الفرد العراقي وتامين حياته ورفاهيته والمستقبل الزاهر له وللأولاده ولا ننسى النصف الاخر المرأة فلها ما لاتحلم به اوتتوقعه و.. و ... الكثير .
ومن يقرأ المسودة قراءة حتى و لو كانت سطحية يظهر له بشكل واضح وجلي الترجمة الأكيدة لذهنية وافكار وخطط ذلك الذي قام بصياغتها وقد تخيل له ان الانسان العراقي فرد ساذج وبسيط يمكن ان يمرر عليه هذه المسودة دون معارضة او نباهة وبلا جهد او عناء . وللقارئ الكريم ان يقرأ ويتمعن

1- الصفة الطائفية الدينية

لقد جاءت مسودة الدستور محاولة لأضفاء الصفة الطائفية والدينية على كافة مواده اعتبارا من المقدمة والمادة الاولى من الباب الاول حتى آخر مادة من الدستور ، كما يعتبر ان الذين كلفوا بكتابته لم يكونوا من البشر العاديين ككل البشر بل لهم خصوصيتهم وهم وحدهم ممن اصطفاهم الله لتادية هذا الواجب الانساني بامر مشيئته .
بدأت المسودة المقترحة بذكر ( البسملة )- بسم الله الرحمن الرحيم – كما ذكرها في ثلاث مواقع وقبل كل باب من ابواب المسودة ومن ثم قاموا بتولي المهمة بارادة الله ورغبة الشعب العراقي الحر .....
اضافة الى ذلك جاءت التسمية المقترحة للجمهورية ونعتها بالجمهوريةالعراقية( الاسلامية الاتحادية ) ... الخ كل هذا يؤكد ان الصفة الاسلامية والطائفية هي الصفة التي تسبغ كامل مواد الدستور دون منازع

2 – شرعنة الاحكام الاسلامية للدولة وجعلها اساس قوانينها الدستورية والوضعية

لقد ورد بالمادة الثانية من الباب الاول ان ( الاسلام دين الدولة الرسمي وهو المصدر الاساسي للتشريع ولا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابته واحكامه ............. ويحترم جميع حقوق الديانات الاخرى )
واهم ما تعنيه هذه الفقرة هو انها شملت ليس فقط المسلمين بل يمكن ان تنسحب على الاديان الاخرى بحكم وصفها العام وجعلت منها ما اطلق عليه ( بالقوانين المرعية ) دون استثناء وبالتالي جاءت معممة لحال الجميع وتدخلا صريحا باحكام الديانات الاخرى بشكل مطلق حيث القاعدة القانونية ( الاطلاق يبقى على اطلاقه ) وعليه ان كلمة قوانين حيثما وردت بالمسودة قامت بتجيير كافة مواد الدستور لصالح الطائفية والتي اطلق عليها قوانين وهي ما يقصد بها احكام الشرع الاسلامي على وجه اليقين . وهي غاية ما يتوخاه من قام بصياغة المسودة . اي : النصوص الدستورية = الاحكام الاسلامية = واخيرا هي قوانيين الدولة المرعية .
وعلى سبيل المثال المواد 9 ، 13، 15، م/ 5 ،( حقوق المرأة ) ( حقوق الاقليات الدينية والاثنية ) وغيرها حتى المعاهدات الدولية ( على ان لا تخالف القوانين المرعية ) او ( لا يتعارض مع احكام الاسلام ) .

3 – الديمقراطية والاعلان العالمي لحقوق الانسان

رغم ما ورد بالمسودة من ابواب وفقرات عديدة الا انه لم يرد في المسودة كلمة واحدة ( للديمقراطية ) اطلاقا وكأنها شتيمة او هي كفر والحاد وقد تناسى المشرع ان الديمقراطية هي مثل انسانية وقيم جاءت حصيلة لتجارب ونضالات شعوب الارض كافة وثمرة من ثمرات الجهد الانساني على مدى التاريخ وليس لها موطنا محددا ولا ينفرد بها شعب من الشعوب اما الموقف من الاعلان العالمي لحقوق الانسان هو الاخر لا ذكر له في المسودة رغم اعتباره عالميا من المواثيق الدولية المهمة واعتماده كاساس لترسيخ حقوق الانسان في كل مكان .

4 – زرع الفرقة وتكريس الطائفية

اثارت مسودة الدستور النعرات الطائفية والقومية والدينية بين ابناء الامة العراقية الواحدة عندما قامت بذكر اسماء مكونات الشعب القومية والدينية وزرعت في رحم الدستور لمستقبل العراق الخلافات والصراعات خاصة وانها تناست او اهملت بعضها سهوا ام عمدا مما حدى بالاخيرة اتخاذ مواقف المعارضة والمطالبة والاصرار على ذكرها في الدستور وهو حق مشروع من حقوقها ما دام الامر قد شمل الاخرين وكان الاجدر ان يتم تعريف الامة العراقية عن طريق حقوق المواطنة للجميع دون ذكر المكونات لا وفق اسلوب تقويض وتفتيت النسيج العراقي الموحد .

5 – الحصانة والتخويل القانوني للمرجعية الدينية

اعطت مسودة الدستور الحقوق القانونية للمرجعية الدينية الشيعية دون سواها من المراجع الدينية لمكونات الشعب الدينية المختلفة السنية والمسيحية بمختلف مذاهبها والايزيدية والصابئية المندائية والشبك والكاكائية واليهودية وغيرها كما منحتها الحصانة لكافة ممارساتها وبمعنى آخر التخويل لها بحقوق التصرف القانوني والتنفيذي دون ان تتعرض لمحاسبة السلطة لها خلاف لما هو متعارف عليه كونها شخصية معنوية اسوة بالجهات والمرجعيات الدينية الاخرى وهذا شاهد آخر على المحاباة والطائفية .

6-- احياء الروابط العشائرية المتخلفة

لا يختلف اثنان ان اعادة العلاقات العشائرية القبلية هي ردة الى الوراء لما تفرزه هذه الروابط من ممارسات ونزاعات وممارسات لا تليق بنظام حضاري وفق دستور يفترض به الاستفادة من تجارب البلد على مدى خمس وسبعون سنة خلت منذ تشكيل الدولة العراقية وما صاحب النظام العشائري من سؤ تصرف وظلم رؤساء العشائر واستغلالهم للفلاحين ولطاقات الشغيلة الزراعية وهو نظام متهرأ لا ينسجم وروح العصر وسيادة القانون وان النص الوارد في مسودة الدستور يعتبر تحول نحو الوراء وحالة مرفوضة يراد بها الكسب السياسي على حساب القوى الاخرى ليس إلا .

وخلاصة القول ان اهداف ومقاصد مسودة الدستور بجميع موادها صيغت من اجل خدمة مصالح طائفة معينة وتحت فرض احكام الشريعة الاسلامية قطعا ، ولم تعبر باي شكل من الاشكال عن حقوق اطياف الشعب العراقي ومكوناته القومية والدينية المختلفة وان هذا التوجه الاسلامي وفق مواد الدستور ينسحب سلبا على كافة حقوق المكونات باسم المساواة والعدل ( والقوانين المرعية ) وهو لا يؤمن حتى الحد الادنى من هذه الاستحقاقات وحقوق الانسان لكل من الرجل والمرأة وكان يفترض ان تكون المفاضلة وفق مبدأ حقوق المواطنة وليس للأنتماء الديني الطائفي .

كما ليس للحكم العلماني الذي يقضي بفصل الدين عن الحكم واشاعة الديمقراطية بديل آخر لحل كافة التناقضات والصراعات بين مكونات الشعب العراقي القومية منها والطائفية والدينية وعندها لا تكون هناك حاجة لكل هذا العناء واللف والدوران والتلاعب بالألفاظ من اجل تمرير المقاصد والغايات المبيتة .

عربي الخميسي
آب / 2005








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غانتس يهدد بانسحاب حزبه من حكومة الائتلاف ما لم يصادق نتانيا


.. مراسلتنا: استهداف موقع الرمثا الإسرائيلي في مزارع شبعا |#الظ




.. السعودية تشترط مسارا واضحا نحو إقامة دولة فلسطينية مقابل الت


.. الجيش الإسرائيلي يواصل تصعيده ضد محافظات رفح والوسطى وغزة وا




.. إلى ماذا تؤشر عمليات المقاومة في رفح مستقبلا؟