الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقايضة الامن بالحرية بدعوى محاربة الارهاب خيار تسلطي لا مصلحة للشعب فيه

محمد نجيب وهيبي
(Ouhibi Med Najib)

2014 / 7 / 27
الارهاب, الحرب والسلام


مقايضة الامن بالحرية بدعوى محاربة الارهاب خيار تسلطي لا مصلحة للشعب فيه
بعد حادثة الكمين الارهابي الذي استهدف للمرة الثانية في شهر واحد دورية للجيش التونسي ووقوع شهداء من جنودنا دون اي خسائر تذكر في صفوف الارهابيين ، انطلق نقاش في صفوف النخبة السياسية بتونس يضع منظومة حقوق الانسان في موضع المعرقل لعملية محاربة الارهاب .
وفي هذا الصدد كنت بصدد النقاش مع صديق ،وهو مناضل ديمقراطي وحقوقي، حول قضية الارهاب والحلول الممكنة له ، فقال لي "انت ماك حقوقي اكثر من اللازم وضد الحلول الامنية وهذا يتسمى تهاون كان مش خيانة لجنودنا وامننا البواسل " !!!؟؟ وعلى ما يبدو هذا راي العديد من ابناء الوطن و"مثقفيه" بل ومطلبهم ان نقدم "الامن" على الحرية ، اطلاق القمع على حق الحياة ، استعادة بؤس التسلط والقبضة الحديدية لدولة البوليس على حساب الحياة الكريمة . يعني باختصار النظرية الاستعمارية والاستبدادية الكلاسيكية " النفط مقابل الغذاء " و"اضرب المربوط يتربى السايب " ، وهذا بدعوى التصدي للارهاب !!! واستعادة "جنة" الامان !!!
لشركائي في الوطن هؤلاء اقول :
- لا تعارض بين احترام حقوق الانسان والحريات العامة والفردية والدفاع عن مكاسب المجتمع المدني وبين توحيد الجهود للقضاء على الارهاب والتوقي منه .
- الحل الامني لا يفترض بالضرورة التعسف في استعمال عصى البوليس واجهزة القمع لمجرد الشبهة وخرقا للقوانين او اعتداءا على منظومة الديمقراطية و حقوق الانسان . كما انهما لا يتعارضان . والحل الامني يمكن ان يكون في عملية عسكرية واسعة ومشتركة بشكل علني وصريح بين تونس والجزائر شاملة لكل الشريط الغربي مع اكبر قدر من التنسيق الاستعلامي والصرامة في تنظيم وضبط اجهزة الاستعلامات والامن الداخلي (المرتبكة والمنفلت عقدها وترابطها على ما يبدو نتيجة لارتباك الموقف القرار السياسي وانتشار التعيينات والولاءات الحزبية الصرف) . اما هذا الذي يحدث الان من تراخي ودوريات ثابتة او متحركة تكتفي بالمراقبة او تامين مواقعها فقط لا غير فهو يوجه رسائل طمأنة للمجموعات الارهابية المتحصنة بالجبال وجيدة التدريب والتسليح على المواجهات الخاطفة (حرب الاغوار ) وهي نفس الوقت تعبيرة واضحة عن مدى ارتباك السلطة السياسية (ممثلة في حكومة المهدي جمعة وخلية ازمته ومن خلفها المجلس التشريعي باغلبية النهضوية المتصالحة ايديولوجيا مع الارهاب في شقه السلفي ورعاتهم )وعجزها عن رسم خطة وطنية واضحة وحاسمة ومحددة في الزمن لصد هذا الخطر الذي يتآكل تونس .
- هذا التخبط (حتى لا نقول تعمد التهاون او التواطئ ) هو الذي يدفع حكومة "الوفاق الوطني " الى انتهاج سياسة ردود الفعل اللاعقلانية والغير محسوبة مرتكزة في ذلك على تاجج العاطفة الوطنية لدى التونسسين وجزء هام من نخبهم ، بقصد الكسب السياسوي والسعي الى انتزاع تفويض "شعبي" مشابه للحالة المصرية من اجل تحريرها من قيود الاصلاح الامني والاقتصادي والاجتماعي واطلاق يدها في ما يتعلق بتضييق مجال الحريات .
- الدولة والمجتمعين السياسي والمدني كيانات عاقلة (او يفترض فيها ذلك ) وهي تختلف في بنيتها واهدافها عن التنظيمات الارهابية ، فالاولى تضع استراتيجيات وخطط عمل للبناء والتشييد والتغيير المجتمعي وفق قواعد العمل المدني السلمي لاستمالة جمهور المواطنين و الناخبين لنصرة برامجها التي تضمن حقوقهم وتحسن شروط عيشهم ، بينما الثانية مجموعات خراب وهدم لا تؤمن بالحقوق خارج منظومتها العقدية المغلقة التي تنتصر حصريا لمقولة "الحق الالاهي" وتسعى للاستيلاء على السلطة باسمه وتحت رايته بعد القصاص من "الكفار" المختلفين معهم في التصور . ولهذا بالذات فاننا نعارضهم لانهم لايحترمون حق الانسان في الحياة والاختلاف وفي تملك ارادته الحرة ، ولهذا بالذات لا يجب ان تطلق يد الدولة كيفما يحلو لها في عمليات انتقامية شاملة او خارقة للقوانين ومنظومة حقوق الانسان بدعوى استئصال "الارهابيين " !!! حتى لا نعوض ارهاب الجهاديين التكفيريين بارهاب الدولة فحينها يتساويان في رجعيتهما ويكونان جهازين مسلحين لا علاقة لهما بالشعب ومصالحه.
- القضية الامنية قضية استراتيجية تشمل التامين من الاجرام والارهاب ،الامن الاقتصادي ، الامن الاجتماعي دون ان تسقط الحقوق والحريات و الامن البيئي ويمكن للدولة والمجتمعين السياسي والمدني (بوصفهم كيانات واعية وعاقلة ) ان ترتب الاوليات ظرفيا بتقديم احداها على الاخريات ولكن وفق استراتيجيا و رزنامة (توقيت ،مواعيد.. الخ) وطنية معلومة ومعلنة وواضحة ،حتى لا نجدنا مرة اخرى في خانة المجبر على مقايضتها جميعا بالبضاعة الاستبدادية الكلاسيكية المطاطة "الامن " فهذا ما لا يجب ان نقبل به . وهذه خلاصة علاقة الامن بحقوق الانسان ،تلك المنظومة التي ان تجزءت سقطت ، حيث يلعب الارهاب ومحاربته دور المحور الدائري الذي ان غابت عنه اشارات التوجيه يوصلنا الى طرق لا نعلمها ولا نقصدها .
- اما بالنسبة للتصدي الارهاب والتوقي منه فاني اعتقد ان تركيز هيئة وطنية لمكافحة الارهاب والتوقي منه هي الحل الامثل تتشكل من : رئاسة الحكومة (بما يعنيه من ادارة الاجهزة الامنية ) . رئاسة الجمهورية (بوصف الرئيس هو القائد الاعلى للقوات المسلحة والمشرف المباشر على البعثات والتنسيق الديبلوماسي ) . الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان (مكون من مكونات الرباعي الراعي وعنصر ربط مع المجتمع المدني ) وبهذا نظمن نجاعة التنسيق بين مختلف وحدات التدخل الامنية والعسكرية وسلاسة تداول المعلومة الاستخبارية بالاضافة للرقابة المدنية والحقوقية لمختلف اشكال التدخل الامني للحكومة واجهزتها الى جانب توحيد جهود المجتمع المدني والشعبي في عزل الارهاب ومنظومته . فوحدها هكذا مؤسسة قادرة في آن واحد على منح القوات على الميدان مرونة التدخل ونجاعته مع تمكين وحدات مكافحة الارهاب الضمان السياسي الكافي الذي يجنبهم مخاطر السقوط في تجاذبات الاحزاب واجنداتها والمصالح الانتخابية الى جانب ضمان عدم التستر على كل من له يد في دعم المجموعات الارهابية مهما كان ارتباطه بالسلطة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تسعى إسرائيل لـ-محو- غزة عن الخريطة فعلا؟| مسائية


.. زيلينسكي: الغرب يخشى هزيمة روسية في الحرب ولا يريد لكييف أن




.. جيروزاليم بوست: نتنياهو المدرج الأول على قائمة مسؤولين ألحقو


.. تقارير بريطانية: هجوم بصاروخ على ناقلة نفط ترفع علم بنما جنو




.. مشاهد من وداع شهيد جنين إسلام خمايسة