الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حيفا وما بعد حيفا ... اين وعدك يا سيد حسن غزه تناديك

مسعود محمد

2014 / 7 / 29
الارهاب, الحرب والسلام


الإسرائيليون يدركون أن ظروف الواقع العربي والإقليمي والدولي باتت مثالية لفرض أمر واقع جديد في فلسطين يتوازى مع الواقع العربي شديد الاختلال ومع الواقع الإقليمي شديد التنافر والواقع الدولي عميق الاستكانة . فهم أدركوا أن المحفزات التي تشجعهم على شن عدوانهم على غزة محفزات غير مسبوقة، وأن العوائق تكاد لا تذكر، ولذلك فإن هذا هو أوان فرض مشروع الدولة اليهودية والتوسع في سياسة ضم الأراضي، وجعل أمر هذه الدولة اليهودية ضمن بنود ما يعتبرونه صفقة إقليمية تلوح في الأفق ربما يكون الاتفاق النووي الإيراني هو أبرز عناوينها.
في ظل هذا الهجوم الكاسح المسمى بالجرف الصامد كنت أتوقع كغيري ان ينفذ السيد حسن نصرالله وعده بقصف حيفا وما بعد حيفا مضت سنون ثمانٍ، بالتمام والكمال، على الخطاب الثوري العاطفي الذي سلب ألباب العرب المتعطشين لنصر، يجلو عار هزائمهم التاريخية المتراكمة، ولم تشهد جبهة جنوب الجنوب الذي يتجه نحو شمال الشمال، إلا مزيداً من الهدوء، المترافق أحياناً مع صخب شعاراتي فارغ، والخالي دوماً، وحتى اللحظة، من أي قعقعة للسلاح، الا في الملقب الآخر البعيد كل البعد عن فلسطين، سلاح المقاومة يقعقع في القملون وجرود عرسال بوجه أخوة الدم. تغيرت الأولويات وتغيرت وجهة السلاح.
عندما اطلق السيد حسن شعار حيفا وما بعدها حينه في منتصف عام 2006 كان قد بلغ أوج مجده، وطرح نفسه أنموذج مقاومة، ويحاكي رموزاً قيادية كبرى في التاريخ العربي الإسلامي. وموه الخلفية الطائفية لحركته ليوهم الناس انها قومية عربية اسلامية شاملة، بعيدة عن الانتماء المذهبي لـ"بطل حرب تموز"، وليس هناك صلة بين "دوره البطولي" وأحلام القادة الإيرانيين، الذين كانوا يخططون بأن تكون حدود امبراطوريتهم الصفوية في لبنان بمحاذاة فلسطين.
ما حدث، بعد ذلك، معروف؛ عصفت رياح الربيع العربي ببلاد العرب، فباركها نصر الله، كما باركتها مرجعياته المذهبية والسياسية الإيرانية، من دون أن يستثني منها أي بلد، بدءاً بتونس، مروراً بمصر، وليبيا، وصولاً إلى اليمن، ثم حين وصلت إلى سورية، انقلبت الحسابات، وتغيرت المفاهيم. فأصبح الربيع مؤامرة على نظام المقاومة والممانعة، فقلب السيد " اولوياته الجهادية" وتحولت البوصلة من فلسطين وحيفا وما بعد حيفا الى القصير، وحمص، وحلب، والقلمون.
كان سيد المقاومة بحاجة لتبرير تحويل وجهة سلاحه، فأتت تفجيرات الضاحية لتساعده على التخلص من لعثمته وزلة لسانه، وينطق بحقيقة ما في قلبه، ويبرر تغيير وجهة سلاحه ويتحجج بحماية المقامات الشيعية، لكنه سرعان ما عاد ليستدرك، ويحاول إقناع الناس بأن قتال رجاله ضد الثورة السورية، يخدم المعركة المستمرة لتحرير فلسطين، لأن "سقوط سورية" على ما قال، قاصداً سقوط نظام بشار الأسد، يعني "ضياع فلسطين". هذه ليست اول مرة يدير فيها سيد المقاومة وجهه عن ما يحصل في فلسطين، فقد سبق ذلك، التزام نصر الله بقرار مجلس الأمن 1701، ليتفرج مع المتفرجين، على حرب "الرصاص المصبوب" التي شنتها إسرائيل ضد قطاع غزة، أواخر عام 2008، كما على حرب "عمود السحاب" عام 2012، ثم ها هو يتفرج، اليوم، أيضاً على حرب "الجرف الصامد". فلسطين تركت لمصيرها مرة أخرى وليس هناك من سيرد العدوان عنها خاصة في ظل تفكك فلسطيني، وتجاهل عربي لما يحدث فيها، ومقاومات مشغولة ببناء دويلاتها الطائفية، ودعم دولي غير مسبوق لإسرائيل عبر عنه بصراحة الرئيس الأمريكي براك أوباما بمقاله الذي نشرته صحيفة "هآرتس" فاستهل أوباما مقاله بتحليل الأزمة الجيوستراتيجية للأمن الوطني "الإسرائيلي" من حيث ضيق المساحة والإحاطة بأعداء قادرين على الوصول بصواريخهم إلى عمق الكيان الصهيوني (المقاومة على غزة ولبنان) وخشيته على "أولئك الذين يسكنون قرب الحدود الشمالية وللأولاد في سديروت"، وبعدها انطلق في تأكيد الالتزامات الأمريكية منذ عهد هاري ترومان إلى اليوم ب "أمن إسرائيل ومواطني إسرائيل"، وأن التعاون بين البلدين في السنوات الخمس الأخيرة (سنوات حكم أوباما) هي اليوم "أقوى مما كانت دائماً" تحدث أوباما في مقاله عن الحزن والألم الذي يعتصره تجاه "الفتيان الإسرائيليين الثلاثة الذين اختطفوا وقتلوا على نحو جد مأساوي في شهر يونيو/حزيران الماضي" . ولم يتحدث بكلمة واحدة عن "الهولوكوست الفلسطيني" الذي صنعه الصهاينة في قطاع غزة .
اسرائيل تسرح وتمرح على كيفها تضرب وليس هناك من يحاسب، قادتها بقمة سعادتهم وهم يشاهدون مئات من مقاتلي حزب الله يقطعون الحدود للقتال في سوريا، حيث يقع يوميا عشرات القتلى والجرحى بصفوف مقاتلي الحزب دون ان يرف جفن في اسرائيل. حيفا وما بعد حيفا بأمان، والسيد غارق بوحول الأوهام. كل هذه حوافز تدفع "الإسرائيليين" للتمادي في جريمة العدوان في ظل عاملين أولهما غياب أي عائق عربي أو إقليمي أو دولي يحول دون ذلك، وثانيهما الصراع والتنافس الداخلي بين شركاء التحالف الحاكم في "إسرائيل" في ظل تردي شعبية رئيس الحكومة نتنياهو وحزبه الليكود . هل يأخذ السيد حسن العبرة ويبادر الى وقف النار والانسحاب من سوريا والسير بخطة الرئيس السابق ميشال سليمان ويضع المقاومة وامكانياتها بتصرف الجيش اللبناني، ويفتتح عهد جديد يكون عهدا لإعادة بناء الدولة، حلم بعيد المنال، حيفا وما بعد حيفا بخير، حلب وغزة أخوة بمصير القتل والتدمير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط


.. ما رؤية الولايات المتحدة الأمريكية لوقف إطلاق النار في قطاع




.. الجيش الاسرائيلي يعلن عن مقتل ضابط برتبة رائد احتياط في غلاف