الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اغتصاب وإعادة اغتصاب السلطة في لبنان!

عديد نصار

2014 / 7 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


تتأكد يوميا نوايا الائتلاف المافياوي الحاكم في لبنان على إعادة إنتاج نظام سيطرته من خلال اغتصاب "مقونن" للسلطة بالتمديد لمجلسه النيابي للمرة الثانية على التوالي دون الرجوع الى الهيئات الناخبة بأي شكل من الأشكال.
فقد أعلن أحد وزراء النظام البارزين، عن الحزب التقدمي الاشتراكي، وائل أبوفاعور، إنه «لا يبدو في الأفق أن هناك انتخابات نيابية، وبصراحة، يتكلمون في العلن عن التمسك بإجرائها، فيما الكلام الضمني هو حول كيفية التمديد ومدته، وهذا هو النقاش المضمر الذي يجري، وإن كان لا أحد يجاهر به».
وهنا، علينا، في كل مرة نحاول فيها فهم سلوك مافيات السلطة في لبنان، أن نتذكر: إنها قوى تابعة ينبع قرارها السياسي من حيث تنبع مصالحها السلطوية، أي من مراكز تبعياتها الاقليمية والدولية.
ولا يخرج عن هذا السياق محاولة تلميع صورة العماد جان قهوجي قائد الجيش من قبل دولة خليجية ذات نفوذ، لملء سدة الرئاسة الشاغرة منذ 25 أيار الماضي. وقد يكون ذلك مقابل تمديد إضافي لولاية مجلس النواب الحالي والذي يجسد، مجددا، اغتصابا فضا للسطلة في لبنان.
ليس جديدا أمر اغتصاب السلطة في لبنان على الطبقة المافيوية التي تتمتع بدعم مراكز الهيمنة الإقليمية والدولية نظير تنفيذ أجنداتها. فتزوير إرادة الناخبين وبقدر كبير من الفجاجة أصبح تقليدا لدى هذه الطبقة التي تتوسل عدة طرق إلى ذلك، ابرزها:
- سيطرتها على وسائل الاعلام التي تضخ الوعي الزائف وتحاصر المواطنين بسيل من الأوهام حول حماية الطوائف والمذاهب ومصالحها من سطوة بعضها. واعتبار "الزعيم" حاميا للطائفة (أو المذهب) ولِهيبتها وحتى لاستمرار وجودها. وبالتالي تخويف الطوائف والمذاهب بعضها من البعض الآخر ما يساهم في تعميق الانقسام من أجل الالتفاف حول القوى المتنفذة والمسيطرة التي هي بالضبط مافيات السلطة التبعية.
- القوانين الانتخابية التي تزور إرادة الناخبين. فليس معقولا أن تتشكل الدوائر الانتخابية على قواعد متفاوتة تجعل للأصوات الانتخابية أوزانا مختلفة من دائرة الى أخرى. فيصير لدينا نواب بستة آلاف صوت ونواب بمئة ألف صوت!
- المال الانتخابي والفساد الوقح الذي يشوب عملية التصويت بما في ذلك شراء الأصوات وابتزاز الناخبين بمختلف السبل.
- واليوم، وللمرة الثانية على التوالي، ونتيجة التخوّف من تبدّل مفاجئ في المزاج العام للهيئات الناخبة، أو لاحتمالات ما قد تفضح التمثيل الزائف للقوى المسيطرة إنتخابيا وسياسيا، ولأسباب تعلمها الطبقة الغاصبة للسلطة وللثروة ولا يجهلها الرأي العام، وفي مقدّمها التنكر لمصالح المواطنين ولأبسط حقوقهم في الأمن والصحة وسائر الخدمات الأساسية، ولما تمارسه تلك المافيات من فساد وقح وانفصال تام عن المجتمع وغربة كاملة عن مشاكله، تفضل تلك المافيات أن تعيد إنتاج سيطرتها من خلال التمديد لمجلسها النيابي الذي لا يعبّر بأي شكل من أشكال عن مصالح الناس وهمومهم المتفاقمة نتيجة سلوك هذه المافيات نفسها. وقد أثبت ذلك بدون أي مواربة سواء في مدة ولايته العادية أو تلك التي مدّد فيها لنفسه. إذْ لم ينتج عن انعقاده الا ما يخدم مصالح البضع في المئة من اللبنانيين المتمثلين بالقوى المسيطرة.
وفيما كان عدم إنجاز قانون إنتخابي جديد يمثل الذريعة الرئيسية في عملية التمديد السابقة للمجلس، وحيث كانت المهمة الأولى التي من المفترض بحثها وإقرارها من المجلس الممدد لولايته هي إصدار قانون انتخابي جديد، وبما أن مثل هذا القانون لم يتم أي مناقشة فيه أو يُقدَّم بشأنه أية اقتراحات، فقد ثبت ومنذ البدء أن قضية التمديد لهذا المجلس ليست إلا إصرار على اغتصاب فج للسلطة يجري الآن تكراره بوقاحة أكثر صراحة، رغم ما يظهره تصريح أبو فاعور أعلاه من ادعاء الخفر حيال ذلك.
وهنا تتساوى القوى المافيوية في إرادة اغتصاب السلطة كما تتساوى في التبعية وفي جميع الموبقات الأخرى التي يتميز بها نظام سيطرتها التي إضيف اليها الفراغ والتعطيل في المؤسسات الدولتية وانعدام الأمن للمواطنين.
وحين أعتبر أن من يسيطر اليوم في لبنان ليس سوى ائتلاف مافيوي يُظهر انقساما خبيثا بين معسكرين آذاريين، فإنما أشير الى تبادل مصلحي وحيوي بينهما يسهم في إدامة سيطرتهما المشتركة من خلال تبادل الأدوار من جهة، ومن خلال بث التفرقة والانقسام والعداوة بين فئات المجتمع للحيلولة دون نهوضها متّحدةً في وجه هذا الائتلاف وإسقاط نظامه المعادي للمواطنة وللمواطن وللوطن.
لقد التقى جميع أفرقاء السلطة على تضامن شكلي وإعلامي مع الشعب الفلسطيني في غزة في مواجهة الحرب الصهيونية المستمرة عليه. وفي نفس الوقت الذي يستمر "تنقير" قوى الرابع عشر من آذار على حزب الله لدعمه اللفظي (خطاب السيد حسن نصرالله أمس) لمقاومة الشعب الفلسطيني باعتبارها أن هذا الحزب المدجج قد تخلّى عن المقاومة ليوجه سلاحه ومقاتليه للدفاع عن نظام الأسد في سوريا، فإن بعض هذه القوى لا يخفي سروره بتورط هذا الحزب في سوريا الذي منعه (ربما) من فتح جبهة الجنوب اللبناني، ولو شكليا، في خطوة عملية لدعم مقاومة الشعب الفلسطيني. وهنا يلتقي الفريقان في مصلحة واحدة: تجنب إثارة المتاعب من بوابة الجنوب حرصا على استقرار مصالحهم، في حين أن بعض الصواريخ التي أطلقت من خارج السياق، هناك، باتجاه الأراضي المحتلة أثارت إزعاجا خفيفا لديهم كونهم يعلمون علم اليقين أنها فقاعات لا قدرة لها على التأثير.
إن حرص مافيات السلطة على مصالحها يبيح لها ممارسة أقصى درجات الفجور. فمتى يصحو اللبنانيون الى مصالحهم هم وينقلبون على نظام رثّ لا ينشر الا الفساد ولا يعمّم إلا الخداع ولا يمارس الا الاغتصاب؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مجلس نيابي
عامر ملحم ( 2014 / 7 / 31 - 18:16 )
ومتى كان في لبنان مجلس نيابي !؟
نبيه بري هو وحده برلمان لبنان

اخر الافلام

.. مرسيليا على أتم الاستعداد لاستقبال سفينة -بيليم- التي تحمل ش


.. قمع الاحتجاجات المتضامنة مع غزة.. رهان محفوف بالمخاطر قبيل ا




.. غزة: ما هي المطبات التي تعطل الهدنة؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. البنتاغون: الانتهاء من بناء الميناء العائم الذي سيتم نقله قر




.. مصدر مصري: استكمال المفاوضات بين كافة الأطراف في القاهرة الي