الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صمت العالم

شاكر الناصري

2014 / 7 / 31
الارهاب, الحرب والسلام


الصمت المخزي الذي تبديه الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، والتنديدات الخجولة والمتلعثمة التي تصدر من الامم المتحدة وأمينها العام أو من الإدارة الأمريكية والاتحاد الاوربي حول الجرائم المروعة التي يرتكبها تنظيم الدولة الإسلامية الارهابي في العراق، إعدامات وقتل وتهجير قسري على أساس الانتماء الديني والمذهبي يهدف الى تغيير البنية السكانية لهذه المدينة وكذلك تدمير إرثها التاريخي والحضاري والديني بصورة متواصلة، يكشف عن قدرة هذه القوى والمنظمات الدولية الكبرى على التلاعب بوقائع الرعب التي تحدث على الأرض وتشتيت الأنظار عنها نحو مقترحات عصية على التحقق وتستهلك الوقت والقدرات.

يريدون إيهامنا أن العالم أصبح في مواجهة قوة إرهابية بقدرات مخيفة تنشر الموت والدمار وتريد تطبيق شريعتها ونهجها الدموي الأسود في العراق وأي مكان تصل اليه بعد أن تمكنت من اجتياح واحتلال العديد من المدن وتعلن إنّ هدفها اسقاط الحكومة بسبب نزعتها الطائفية وانفراد رئيسها بالسلطة والتحكم بمقدرات العراق و بالقرار الامني والعسكري وتعمل على تثبيت وجودها عبر ممارسات واجراءات ادارية وقانونية وشرعية متعددة.

إنّ مجلس الامن الدولي و"بان كي مون" والادارة الأمريكية التي تسعى للنأي بنفسها عن كل ما يحدث في العراق عبر تصريحات لعدد من المسؤولين الأمريكيين الذين ساهموا في إيصال العراق الى ما هو عليه الان، حول الدولة الفاشلة ومطامح نوري المالكي والانقسام الطائفي ومخاوف التقسيم وتوسيع الاتفاقيات الامنية.. الخ يرسمون لوحة مخيفة بأن ما يحدث في العراق أكبر من قدراتهم وطاقاتهم الامنية والعسكرية التي تعجز عن انقاذ سكان الموصل والمدن الاخرى من قبضة هذا التنظيم.

وإن ما يتم طرحه من حلول لا ترتقي الى مستوى الفظائع التي تحدث على الأرض ولا تعدو ان تكون مجرد مقترحات حلول هزيلة من شاكلة " تشكيل حكومة تمثل الجميع" أو "عدم تمكين نوري المالكي من البقاء في منصبه كرئيس لمجلس الوزراء لولاية ثالثة" وغيرها من الحلول التي باتت تضع العراق على مفترق طريق خطير ومخيف وتسهم في التغاضي عن الخطر الذي يمثله تنظيم الدولة الإسلامية ودولته التي أعلن عن قيامها مستفيداً من هشاشة الوضع السياسي في العراق وصراعات الاطراف التي تريد فرض مطالبها وإن كان ذلك على حساب العراق ووجوده.

تحول تنظيم الدولة الإسلامية الى شماعة كبيرة لإثارة الذعر في العالم والخوف من امتداداته وممارساته ووحشيته وكأن العالم يكتشف ولأول مرة وجود تنظيم إرهابي بهذه الدرجة من الإجرام والاستعداد للقتل والتدمير واحتقار الإنسان وكرامته وتاريخه وابداعه وفنه وثقافته! وأصبح الخطر الذي يهدد سكان العالم ويقف على مسافات قريبة منهم ويتهيأ للحظة الانقضاض عليهم وتحويل حياتهم الى جحيم أو الى مجرد ذكريات حزينة يتبادلونها في أماكن الشتات ومخيمات اللجوء القسري.

داعش ومجمل التنظيمات الارهابية التي تقتل وتذبح وتفجر وتعدم وتهجر وتغتصب وتجلد....هي منجز العالم الذي يعيش اقوى ازماته السياسية والاجتماعية والاقتصادية، العالم الذي لا يستطيع الرد على قضايا ومطالب إنسان اليوم، فكل ما تمّ الترويج له حول الرفاه والأمان والحريات المتنامية، ترك مكانه للإرهاب والنزعات اليمينة وتزايد المد الديني الإصولي والصراعات الطائفية التي أصبح العالم كله مهيأ لخوض غمارها الكارثية.

هل إن انبثاق دولة الخلافة في العراق وسوريا وامكانيات امتدادها الى مساحات ودول عديدة وبما ينذر بكوارث وحروب دموية مروعة، يتماشى مع عصر الحقوق والحريات والعدالة وكرامة الإنسان وأمنه التي تسعى وسائل الإعلام الغربية لتصديرها ورسم صورة فضفاضة عن الغرب وعالمه وإنسانه ؟ لماذا تحولت دول ومناطق من الشرق الأوسط الى ساحة للحروب والقتل والتهجير ولتصفية حسابات وصراعات القوى العظمى في العالم التي بدأت في تفتيت الدول والدفاع عن تقسميها واعادة رسم ملامح خريطة جديدة قابلة للانشطار مرات ومرات حتى لو اصبحت الدولة مجرد بئر نفط أو حقل غاز، وفي خاتمة المطاف أصبحت بعض دول الشرق الأوسط العمق الاستراتيجي لهذه القوى والخط الاحمر الذي يحمي حدودها وأمنها الموهوم من أعدائها ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تساهم ألمانيا في دعم اتفاقية أبراهام؟| الأخبار


.. مروان حامد يكشف لـCNN بالعربية سر نجاح شراكته مع كريم عبد ال




.. حكم غزة بعد نهاية الحرب.. خطة إسرائيلية لمشاركة دول عربية في


.. واشنطن تنقل طائرات ومُسيَّرات إلى قاعدة -العديد- في قطر، فما




.. شجار على الهواء.. والسبب قطع تركيا العلاقات التجارية مع إسرا