الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عيون جبران خليل جبران

رشيد العالم

2014 / 7 / 31
الادب والفن


من حسن حظي أنني عايشت جبران خليل جبران عن طريق أعماله الخالدة التي انكببت على التهامها بنهم وشغف وعبادة، فأدبه وفنه كان يقتضي مني إبحارا خاصا وقراءة خاصة، لعمق دلالة ألفاظه وإشراق معانيها، وعمق لجج فلسفتها و أغوار حكمتها، و شساعة فظائها اللانهائي، فهو الكاتب الوحيد الذي كنت أحكم إغلاق باب غرفتي، حتى أناجيه/أحييه، وأغترف من هالة روحه وزلال عباراته السابحة في التصورات الفلسفية المثالية، فلم يسبق لي قط أن قرأت جبران كعادتي وأنا أستمع لموسيقا " موزارت " أو " تشايكوفسكي " أو " فيفالدي " فهذا في اعتقادي إهانة لهذا الكاتب العظيم، إهانة "لنبي الشرق" كما لقب إكراما وإجلالا على رائعته " النبي " هذا العمل الأدبي الذي يعتبر أحد روائع الأدب العالمي، والذي قرأته أكثر من مرة، محاولا النفاذ إلى عوالم جبران البعيدة، الغريبة، السريالية لملامسة روحه المتوهجة والمتقدة، دون ارتعاش الأصابع، والنظر إلى بريق عينيه العميق، دون ارتعاش الجفن..
فكثيرا ما خيل إلي أني أراه وأسمعه، فعلى الرغم من مرور أزيد من ثمانين عاما على وفاة " نبي الشرق " إلا أنه ما يزال حاضرا بيننا ينظر إلينا من حيث لا نراه، ويسمعنا من حيث لا نسمعه كما كتب على قبره.
أما عيون جبران فلي معها قصة أخرى، مازلت أذكر أول مرة اقتنيت فيها أول كتابه وكان بعنوان " دمعة وابتسامة " وكانت الصورة التي وضعت في الغلاف لجبران من إبداع ريشته، فهو يصور تفاصيل وجهه بألوان تميل إلى البياض والنور، إلا عينيه فهو يصورهما محاطان بسواد كثيف، سواد الليل، سواد المعرفة الغيبية، سواد الكتابة والرسم، سواد الشعر.. فكثيرا ما تأملت صوته قبل أن أفتح الكتاب
كأني بي أوَضأ عَيناي مِن سرّ عَينَاه، قبل الشروع في قراءة ما تيسر من آيات أدبه الخالد، فكلما اقتنيت كتابا وجدت نفس الصورة، فكل أعماله الكاملة التي أقتنيتها، تضمنت نفس الصورة ونفس قسمات الوجه، ترسخت الصورة في أعماقي شعور ولاشعوري، كما ترسخ عشقي لسواد عينيه في قلبي، وكان شغفي أكثر بالسواد الذي طوقهما، فأصبحت عاشقا للسهر، وللكتب، فحين أرى في المرآة بأن عيناي أحاطهما السواد بفعل السهر وقراءة الكتب، أشعر بنشوة فرح عميق، وأبتسم لسواد عيني في المرآة ابتسامة غامضة... (ربما كانت ابتسامة جبران الغامضة)
صرت عاشقا لكل العيون التي يطوقها السواد، لأن السواد في نظري يمثل
لون السر
لون الحكمة
لون السهر، ولون الكد والتعب
و كثيرا ما أنظر إلى من يمتلكون مثل تلك العيون، بجلال وهيبة ورهبة دون أن أغض الطرف..أو أغض البصر
عيون جبران علمتني السهر،
علمتني أن لا أنام، إلا وأنا منغمس حتى " الكفر" حتى " الجنون " في خطيئتي مع جسد الكتب.
رحل جبران خليل جبران لكن سر عينيه ما يزال ينبجس أسرارا وأنوارا من أعماله الخالدة، لمن آمن " بني الشرق" " بنبي الأدب"
ووعى حكمة السواد الذي
يطوق عينيه...

[email protected]
Facebook/ rachid elaalem








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب