الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الملائكة تبعث رسائل SMS

سيومي خليل

2014 / 8 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


الملائكة تبعث رسائل SMS
الكاتب : سيومي خليل
------------------------------
في نفس الوقت الذي أشاهد فيه شرطا يوثق لحظة قصف موجه بدقة ، لا جهة المقاومين الفلسطينيين ، بل جهة المواطنين العزل ،والنساء الحوامل ، والأطفال الصغار ، أتلقى رسالة SMSمن رفيقتي صاحبة الابتسامة الغامضة .
تقول رسالة الSMSالتي كتبتها رفيقتي بعصبية أعرفها فيها : لقد قصفتني بحبك .
بعدها تخيلت كيف يقصف الحب القلوب ؛ هل يستعمل طائرات F16و F15 أمريكية الصنع ، ودبابات الميركافا المهزومة في لبنان ؟؟؟ هل يوجه الحب الرصاصات الحية جهة الجباه الناصعة ، والرؤوس المليئة بالهم ، والقلوب المثقلة باليومي ؟؟؟ أم انه يكتفي ،كما أوضحت ذلك الأساطير ، بسهم إيروس يجمع بين قلبين ؟؟؟.

لقد قصفتني بحبك ، كأن فلسطيني شاب في عقده الثالث ، يراوغ السماء التي تتقاطر منها الصواريخ كالمطر بنزق ، ويبحث دون تروي عن مكان للاختباء ، كي لا نضاف هو الآخر إلى عدد الشهداء الذي وصل إلى اكثر من 1200 شهيد حي في قلوب من عرفوه .

ملاكي تبعث لي رسالة SMS مليئة بالشوق والحنين : *توحشتك بزاف وباغية نشوفك *. في نفس وقت احساس رفيقتي بالشوق الغامر لي ، أشعر أنا الآخر أن الأطفال الفلسطينيون الذين قتلوا بوحشية لا نظير لها في غزة ، وجميع الاطفال القتلى في كل مكان ، يشرعون هم الآخرون ، في لحظات موتهم ،و في لحظات ما بعد موتهم ، في إرسال رسائل SMSعديدة إلى كل المتخاذلين ، والنيام ، والغفل عن الإنسانية . رسائل ممهورة بالدم والحب ؛ الدم لأن مداد الشهداء ،والقتلى الأبرياء ،لا يكون إلا بالدم ، أما الحب فلأنه دين وديدن الأطفال والشهداء في كل مكان .

أتوقع أن الكثيرين ممن يشاهدون ما يحدث في غزة قد تلقوا رسائل نصية SMS واضحة العبارة ، وجميلة الأسلوب ، وصادمة المعنى . مُرسلوا كل هذه الرسائل النصية هم أنفسهم من تتم مشاهدتهم وهم طريحي أسرة الموت السوداء ، أو موزعي الأشلاء تحت رماد بناية لم تسعفها الصواريخ والقنابل لحظة للاستسلام . هؤلاء المرسلون للرسائل النصية يكتبونها في نفس الوقت ، وبنفس الحرقة والمرارة ، ويستغيثون فيها كأنها آخر أنفاسهم التي خنقتها يد الكيان الصهيوني . إنها رسائل واضحة لا تحتاج إلماما باللغة ، أو بوسائل التقنية الحديثة، يكفي أن تكون إنسانا كي تصرح بتلقيك لهذه الرسائل . لكن من يقرأ الرسائل النصية حقا من الذين تلقوها هم قليل جدا ، بل الذي ظهر أن هناك من يقرأ الرسائل التي تبعثها الشياطين من قماقمها ، والساكنة في قلب الكيان الصهيوني الفاشي واللا إنساني .

الملائكة تبعث رسائل SMS، الأطفال يبثون رسائل SMS ، النساء الحوامل تقوم بنفس البعث ، الشيوخ ، المرضى ... لكن في نفس الوقت تبعث الشياطين رسائل نصية كثيفة ومتقنة ، تظهر إبليس الإمبريالي العظيم محافظا على السلم والسلام ، وتسوق صورة للتنانين على شكل حمائم يستقر هديلها في الأذن . كل من أظهر المقاومة بمظهر المعتدي ، والذي يتوجب إبادته ، في القنوات التي تربط باطلا بالصحافة العربية والغربية ، قد تلقى الرسائل النصية للشياطين ، ولم يبالي برسائل الملائكة التي تستغيث من هول الموقف الذي سيغنيهم عن هول الموقف الآخروي الذي لن يعودوا مبالين به لشدة الأول .

المعيب جدا أن تكون رسائل الملائكة واضحة ، لا تحتاج للكثير من التأمل لادراكها ، ولا تحتاج لفهمها أكثر من نظرة خاطفة ، ورغم ذلك يتم الاختلاف فيها وعنها ؛ فهل هناك من سيعتبر قصف رأس طفل عملا إنسانيا ؟؟؟ . للأسف الكثير من الجوقة والكتبة وناعقي السراب ولاعقي الأقدام ، لا يرون الرأس المقصوف ، ولا الطفل البريء ، إنما يرون ربتهم إسرائيل تناديهم أن نظفوا وجهي عندكم ، ولكم مني أجزل الشكر . حين أسمع ، وأرى مغربيا مهاجرا على قناة فرانس 24 يدعي أنه إمام مسجد يصيح بالويل والثبور لحركات المقاومة في غزة ، ويفند في سخافة شديدة فكرة المقاومة ضد إسرائيل ، وهذا يعني أنه يفندها ضد الظلم ، فإني أتجاوز مفاهيم إسرائيلي – فلسطيني – عربي – مسلم – مسيحي ، لأني في نفس الوقت الذي أسمع فيه هذا المدعي ، أسمع وأرى إسرائيليتين مدافعتين عن الفلسطينيين ، وبجرأة أنحني لها ، تعتبران إسرائيل دولة غاشمة ، فليس بالضرورة أن يكون العربي أو السلم هو من سيساند الفلسطيني ، فهذه المساندة لا تحتاج لهذه التصنيفات ولا إلى غيرها ، بل تحتاج لما هو أهم ،تحتاج للإنسانية ،والتي للأسف فقدت بشكل مهول عند الكثيرين .

حبيبتي لا تعلم أن رسالتها النصية SMS أخرجت الوجع الكامن داخلي ، فهي تعلم حقا أن الحب يقصف ، وقصفه ينبت بدل خرائب العواطف زهورا يانعة ، لكن أيضا - وهذا ما لا أعلم إن كانت حبيبتي تعلمه أم لا – يواجه قصف الأجساد والأرواح الذي يروم أخذ الحياة ، فبالحب تلد النساء الفلسطينيات أبناء أكثر كي لا ينجح الكيان الصهيوني في إبادة فلسطينيي الغد ، وبالحب يصيح أب حاملا نعش ابنه مصرا على المقاومة ، فلم يستطع ترهيب القصف الغاشم إضعافه ، فربما لا يعلم الصاروخ أن من يقتلون بسببه يرسلون رسائل نصية SMSإلى الباقين على القيد الحياة تقول كلها : حافظوا على المقاومة .

إنه صوت الملائكة حين تقتل في غزة ، وهاتفها الواضح لنا أن لا ننسى أن صوتها جميل رغم الموت ، وأنها كالعادة دائما ترفرف دون خوف ووجل ، وأنها لن تنسى مادمنا لن ننسى بشاعة ما وقع ، لكن يبدو أننا ننسى سريعا ، بل لم يعد عندنا شيء ننساه على الإطلاق ، فحين يصرح الحمار توفيق عكاشة بهرائه في وجه الفلسطينيين، نتيقن أن الرسائل النصية المقروءة هي رسائل الشياطين وليست رسائل الملائكة ، هذا مع التأكيد أن الشياطين في الكثير من المرات لم ترسل رسائل أصلا ، لكن الأذناب والأذيال من صحفيين وتجار دين ومهربي فكر وثقافة يقرؤون الخبر قبل إعلانه ، ويدعمون القاتل وإن لم يكن في حاجة إلى دعم .

مرة آخرى اكتب رسالة نصية إلى رفيقتي جوابا على رسالتها النصية التي بعثتها لي . أقول في الرسالة النصية : رفيقتي كم جميل أن يقصفنا الحب بأسلحته ، وكم حقير جدا أن نرى آخرين مشاريع قصف صاروخي ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 9 شهداء بينهم 4 أطفال في قصف إسرائيلي على منزل في حي التنور


.. الدفاع المدني اللبناني: استشهاد 4 وإصابة 2 في غارة إسرائيلية




.. عائلات المحتجزين في الشوارع تمنع الوزراء من الوصول إلى اجتما


.. مدير المخابرات الأمريكية يتوجه إلى الدوحة وهنية يؤكد حرص الم




.. ليفربول يستعيد انتصاراته بفوز عريض على توتنهام