الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الهزيمة

محمد منير

2014 / 8 / 1
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


اتدرك أيها القارئ معنى الهزيمة .. ربما يرى المتمسكون بالحياة انها الموت .. وربما يراها أبناء الدنيا انها خسارة المال أو الولد أو الأرض ..
الهزيمة ياسادة ليست هى ماانتهيتم اليه أو تخشون الانتهاء اليه .. الهزيمة هى استمرار لحظة الاحتضار ، والاحتضار هو أن تُسلب حياتك ولا يتسلمها الموت، فيصبح الموت هو طوق الخلاص من هذه اللحظة .
هل تعلمون معنى أن يصبح وجودك كله لحظة احتضار.. هل تعلمون معنى أن تصبح كل الكائنات المحيطة بك مسوخ لا تنتمى الى مبتدأ الحياه أو الى منتهى الموت .. هل تعلمون معنى فقدان القيمة والاحساس بالآخر حتى لو كان غير موجود .
الهزيمة ليست الموت أو خسران المعركة أو خسران المال أو خسران الأرض .. الهزيمة هى الضياع بين الحياة والموت ..
الهزيمة هى مانعيشها الآن لا نملك إلا مشاهد مشوهه غير مرتبه تتواتر على ذاكرتنا تؤكد كل لحظة مرارة الهزيمة التى لم تنتهى ..
من المشاهد المغيمة فى ذاكرتى لحظات صبا فى المدرسة كنا نتسابق وقتها على جمع دوريات المجلات الخاصة بأعمارنا والاحتفاظ بكل أعدادها مرتبة من العدد الأول حتى العدد الأخير ، وكان كل صبى منا يضع علامة على كل مجلة من مجموعته لتمييزها ، وكثرت العلامات وحدث أن وضعت النجمة السداسية لتمييز مجموعتى ،فما كان لى إلا عزوف زملائى عنى ، واستدعاء ناظر المدرسة لوالدى لمناقشتة فى تصرفى ومعنى وضع أحد ابنائه علامة الصهيونية على مجلاته فى وقت كان العداء للصهيونية وللعنصرية هو جزء من انسانية الوطن .!
ويشرح لى والدى معنى الرمز والشعار وأهميته ولا يتطرق الى شرح معنى الصهيونية والعنصرية فقد كانت بديهيات فى المكون الأول من وعينا .. يتواتر هذا المشهد فى ذاكرتى ويصطدم بمشاهد أشلاء أطفال غزة وسوريا والعراق وشباب مصر وجنودها ، وبواقع العرب المميز بعلامات صهيونية واضحة تتلاعب بأقداره ، ويصطدم بمسوخ داخل حدود الوطن ترفع القبعات للقتلة وتطارد المدافعون عن وطنهم بالحجارة وبقايا كلمات مخنوقة فتؤكد داخلى الهزيمة وتمد من لحظة الاحتضار التى تدفع بالحياة والموت بعيداً.
أيضاً من المشاهد التى تتواتر فى ذاكرتى مشهد مدرس التاريخ وهو يشرح لنا أهمية دراسة التاريخ ومعنى كلمة الوطن ومعاناة المصريين من اجل الحرية والاستقلال ورفضهم لمخططات الاستعمار للتفريق بين عناصر الأمة بتمييز المسلم عن المسيحى ، وكيف وأن أدمعت عينه وهو يسرد لنا قصص من خارج المنهج عن قساوسة ومشايخ وحدوا جهودهم لمواجهة الاستعمار ودمجوا الهلال مع الصليب فى رمز واحد ... تصطدم هذه الذكريات بمشهد معاصر لورقة أجابة ابنتى فى مادة التاريخ وعلى أحد الاجابات علامة " خطأ" ، رغم صحة الاجابة ، وكان السبب أن أحد عناصر اجابتها بها عبارة " ورفع المصريون شعار الدين لله والوطن للجميع " ( كما شرحت لها ) ، وهى اجابة صحيحة ولكنها غير موجودة فى المنهج ولا متفقة مع ميزاج المدرسة التى رأتها عبارة علمانية كافرة .. ولم اجد تفسيرا لأبنتى سوى صمت اشبه بصمت الاحتضار .
الهزيمة هى ان تصبح كل لحظات الوطن لحظات احتضار بين الحياه والموت .. لحظات يفقد فيها الوطن ملامحه وهويته وطرقه فيضيع ابناءه بين ثنايا التشوه والدمار ويتحولوا الى مسوخ فقدت الحياه وتتوق للموت .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا بعد موافقة حماس على -مقترح الهدنة-؟| المسائية


.. دبابات الجيش الإسرائيلي تحتشد على حدود رفح بانتظار أمر اقتحا




.. مقتل جنديين إسرائيليين بهجوم نفذه حزب الله بطائرة مسيرة


.. -ولادة بدون حمل-.. إعلان لطبيب نسائي يثير الجدل في مصر! • فر




.. استعدادات أمنية مشددة في مرسيليا -برا وجوا وبحرا- لاستقبال ا