الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول الموقف المصري من الحرب على غزة.

أحمد سعده
(أيمï آïم)

2014 / 8 / 1
القضية الفلسطينية


- ترتفع الآن في كل العواصم العربية وبالأَخَص مصر حالة من فوضى التحليلات والتفسيرات السياسية حول حقيقة ما يحدث من عُدوان على غزة، تنطلق غالباً من واقع الانتماء الفكري للمُحَلِّل أو المُناضل السياسي، وليس من واقع الالتزام بمُقتضيات العقل والعدالة والإنسانية والموضوعية في التحليل، لتسقط عن هؤلاء المحللين كل مصداقية. وتنحدر تحليلاتهم إلى مستوى المهزلة حينما يتعمدُون حجب الحقائق وقلبها وتوظيفها لخدمة فكرهم التبريري؛ فينسوا ويتناسوا تماماً الأهم من كل انتماءاتهم ومصالحهم، والأهم من كل مواقفهم العدائية؛ أعني بالطبع المأساة الإنسانية في غزة ومصير سكان أصبحوا يعيشون حياة أشبه بمجرد البقاء في انتظار غد حالك السواد لا يحمل لهم سوى الخراب والدمار والترحيل، ورائحة الموت والدم.
- ينزلق إعلاميُون وسياسيُون مصريُون في مُستنقع التبرير اللاإنساني للمجازر الإسرائيلية في غزة، وتزييف وعي المصريين بشن هجمة شرسة على الفلسطينيين، وتأييد وتشجيع بعضهم للعدوان على قطاع غزة لاجتثاث النبت الشيطاني المتمثل في فصائل المقاومة وحركة حماس التي جرى شيطنتها بصورة غير مسبوقة وفي توقيت غير مناسب، وتحميلها سبب عرقلة الهُدنة بعد رفضها للمُبادرة المصرية "المُقَدَّسَة"، وهؤلاء السياسيُون والإعلاميُون والمحللُون "لا يدرُون، ولا يدرُون أنهم لا يدرُون" أن إسرائيل لها هدف رئيسي ومُهمة ذات طابع "دوري" تقف كعامل أساسي وراء عُدوانها على قطاع غزة المُحَاصَر في كل مرة، يتمثل هذا الهدف في قص أجنحة المُقاومة وتقليم أظافرها التي تنمو في فترات التهادُن، إضافة لعناصر وأسباب أخرى كاختبار القُبَة الحديدية والأسلحة الجديدة، وقياس ردُود الأفعال السياسية للدول العربية واختبار سلوكها ومنها بالطبع مصر.
- ومن المُستحيل أن تتراجع إسرائيل عن عُدوانِها وحربِها الشَرِسة قبل أن تنتهي تماماً من مهمتها، لذلك تخرق إسرائيل دائماً الهدنة المعقودة من وقت لآخر بينها وبين فصائل المقاومة الفلسطينية تحت أي حجة مع اختلاف عامل التوقيت في كل مرة، وتبدأ بشن هجماتها طولاً وعرضاً، براً وبحراً وجواً، إلى أن تنتهي من تحقيق هدفها، ولا مانع لديها في خداع المجتمع الدولي بإبداء استعدادها في قُبول هُدنة لتكسب من الوقت ما يكفيها، وتُخفي الوجه القبيح والنوايا الحقيقية المتمثلة في أنها لن تُوقف الحرب إلا بعد القضاء تماما على القدرة العسكرية للمقاومة، وبالأخص القدرة الصاروخية، وقتها فقط تكون إسرائيل مُستَعِدَّة لعقد هُدنة جديدة.
- ومن هنا جاءت المبادرة المصرية كمُناورة سياسية ودبلُوماسية تخدم إسرائيل في المقام الأول، ولا تُلَبِّي مطالب الشعب الفلسطيني بكسر الحصار الخانق المفُروض على قطاع غزة منذ عام 2006، خاصة مع كل الألغاز المحيطة بزيارة مدير المخابرات العامة المصرية لتل أبيب قبل يومين فقط من بداية العدوان. وحتى بعيداً عن هذه الزيارة كان من الطبيعي والمنطقي أن ترفُض المقاومة الفلسطينية وحركة "حماس" تلك المبادرة التي لو تم عرضها على كائنات فضائية لسخرت منها، فهي مبادرة هزيلة تُساوي بكل بُرود بين الذئب والحمل، ولم تُعطي ثمناً للدماء التي أُريقت، في الوقت الذي أعطت فيه إسرائيل "صك براءة" أمام العالم بإصرارها على موازاة العدوان والاحتلال الإسرائيلي بالدفاع المشروع عن النفس للمقاومة الفلسطينية، وبالطبع استغلت إسرائيل المُبادرة كوثيقة سياسية قامت بتسويقها دولياً في سياق عملية تفاوُضيَّة مُخْتَلَّة، وهو ما فتح شهية الذئب الإسرائيلي المُتعطش للدماء نحو التمادي وبوحشية في جرائم ضد الإنسانية ومجازر خلفت للآن أكثر من 1400 شهيد، وأكثر من 8000 جريح، رغم استبسال المقاومة وتَصَدِّيها لجبرُوت الاحتلال بتضحيات وبطولات حقيقية، وخوضها حربا دفاعية غير عادلة استطاعت خلالها رغم ضعف أسلحتها أن تَقُّض مضاجع الإسرائيليين وتُربِكهم.
- وقد استشعرت مصر الحرج من مُبادرتها الرخوة التي تم رفضها، لذلك تُحاول الآن إضفاء بعض التعديلات العادلة عليها بحيث تتضمن وقف إطلاق نار مؤقت لمدة خمسة أيام، يتم خلالها تحريك المفاوضات والمحادثات في القاهرة بين إسرائيل ومُنظمة التحرير الفلسطينية التي ستشمل ضمن وفدها أعضاء من حماس والجهاد، وبحيث يكون الهدف هذه المرة من المبادرة إنهاء الحصار الإسرائيلي وفتح المعابر، والسماح بالصيد البحري لمسافة 12 ميلا، وإلغاء المنطقة العازلة، والإفراج عن محرري صفقة "شاليط" والدفعة الرابعة من أسرى ما قبل أوسلو ونُواب المجلس التشريعي وإعادة إعمار غزة وتوفير المساعدات الإنسانية فوراً من خلال المنظمات الدولية وحكومة الوفاق الوطني، بحسب ما تم الاتفاق عليه بين رؤساء الجزائر ومصر وفلسطين.
- غير أن الرئيس المصري السيسي يعلم تماماً كما أعلم أنا أن مسألة فك الحصار على قطاع غزة مثل الحصار على الضفة الغربية وعلى سيناء بموجب معاهدة السلام وترتيباتها، ويستحيل أن يتحقق في ظل تَمَسُّك إسرائيل بفرضِه ضماناً لسلامتها وأمنها الذي يُوجِب هذا الحصار الخَانِق على غزة، غير أن الموقف المصري الرسمي مطلوب حتى إن لم يتحقق وهو الاحتمال الأرجح. فالحصار الصارم يشل نموّ القدرة العسكرية للمقاومة الفلسطينية في غزة، وفي سيناء الآن وحتى في المستقبل إذا تم ترحيل سكان غزة إلى سيناء وهو سيناريو ومُخطط صهيوني تم كشفه في تقرير مركز الدراسات الاستراتيجية للقوات المسلحة المصرية بأكاديمية ناصر، والذي كان قد أَعَدَّه "جيور آيلاند" مستشار الأمن القومي السابق لإسرائيل. أي أن المخطط الإسرائيلي لترحيل سكان غزة إلى سيناء وانتقال الحصار عليهم من غزة ليشمل حصارهم في سيناء هو أمرٌ له وقت تحت السماوات كما تنص الآيات التوراتية المُقدسة.
- وبالطبع لا غرابة في أن تتجه أنظار العالم كله إلى مصر عقب كل عدوان إسرائيلي على غزة، بحكم الحُدود والجغرافيا والتاريخ وحتى اللغة العربية، ولا غرابة في أن تستميت مصر في لعب دور الوساطة أو "الرسول" لإقرار هدنة بأي شكل وبأي ثمن لتفادي شبح الترحيل الذي يُهدد سيناء. غير أن مصر أيضا معنية بغزة وبالحرب على حدودها، وتطاردها عقدة الذنب بحكم المسئولية التاريخية عن ضياع قطاع غزة بعد حرب 1967 بعد أن كانت وديعة لدى مصر، وبعد تحقيق وعد بلفور "من لا يملك أعطى لمن لا يستحق" حينما اعترفت مصر بحق الوجود الإسرائيلي على أرض فلسطين كما تنُص معاهدة السلام، رغم أن مصر لا تملك فلسطين، وامتد حصار إسرائيل ليشمل سيناء بموجب المعاهدة التي تُجيز أيضا لإسرائيل وفقا للفرتين 1،2 من المادة الرابعة الحق في إجراء تعديلات على الترتيبات الأمنية والتواجد العسكري المصري في سيناء باعتبارها منطقة عازلة لحماية إسرائيل، وتُلزم الجانب المصري بفتح قناة السويس وخليج العقبة ومضيق تيران أمام مرور السفن الإسرائيلية، مع تمركز وتواجد قوات حفظ السلام ومراقبين من الأمم المتحدة في سيناء، وحظر توقيع أي اتفاقيات تتناقض مع هذه المعاهدة، وهو ما يجعل سيناء تحت الحصار بموجبها، ويزيد من هواجس مخطط الترحيل طالما أن مصر تفقد سيادتها على سيناء.
- وستبقى مسألة فك الحصار على غزة وسيناء مرتبطتان بإلغاء معاهدة السلام مع إسرائيل أو بحد أدنى تعديلها، ليس فقط من أجل غزة بل قبل كل شيء من أجل سيناء التي أصبحت معقلا للإرهاب والجهاديين، ومصر الآن لديها فرصة ذهبية من خلال رئيس تدعمه كل مؤسسات الدولة ورجالها إضافة للتأييد الشعبي الواسع الذي رأيناه في السكوت الغريب أمام قرارات التَقَشُّف ورفع الدعم وغيرها من قرارات كفيلة بإشعال احتجاجات وانتفاضات شعبية في أي وضع طبيعي. وفي تقديري أن الموقف الجاد الوحيد هو اتخاذ خطوة حاسمة نحو إلغاء المعاهدة، وهي خطوة ستلقى قبولاً وتأييداً شعبياً جارفاً في كل العواصم والمدن العربية، ولن يتجاوز رد الفعل الإسرائيلي أكثر من شن حملة دولية وقانونية ضد مصر، غير أن هذا الأمر بالطبع يحتاج لنقاش مجتمعي وسياسي على أوسع نطاق دون تهويل أو تهوين، وقتها فقط تستطيع مصر نجدة غزة بدلا من الاكتفاء بدور حامل الرسائل.
- غير أن أم مصر العاجزة للآن عن مُجرد التلويح الخَجُول بإلغاء معاهدة السلام وإنهاء الحصار على سيناء وتحقيق السيادة على كامل الأراضي المصرية، مصر العاجزة للآن عن إحراز أي تقدم في ملف سد النهضة، مصر العاجزة عن حماية جنودها على الحدود شرقا وغربا، مصر العاجزة عن إغاثة نفسها!، ستبقى كسيحة عاجزة عن إغاثة الغير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كسيحة عاجزة
هانى شاكر ( 2014 / 8 / 1 - 18:50 )


أكتب لنا كيف و لماذا صارت أم ألدنيا كسيحة عاجزة

....


2 - ازمه عقول
كامل حرب ( 2014 / 8 / 1 - 22:59 )
لاشك فانه توجد ازمه عقول فى المحروسه نتيجه لامور عده اولها العقليه العربيه الاسلاميه الجامده ,ثانيا الحكم الديكتاتورى العسكرى البغيض لعقود طويله ,ثالثا عدم وجود احزاب سياسيه قويه فى الشارع المصرى ,رابعا الجهل وانسداد العقول فى الطوائف الشعبيه بالذات فى ريف وصعيد مصر ,خامسا السطحيه والعشوائيه فى التفكير بين طوائف الشعب المصرى المنكوب والمنحوس على مر الازمنه


3 - منذ متى أصبح الدفاع عن الوطن إرهاباً؟؟
johnhabil ( 2014 / 8 / 2 - 07:22 )
ليست فقط كسيحة وعاجزة بل دخلت الكومة أيضاًوما تبقى من ورثتها هم أذيال الغرب وعبيد للمال الوهابي وسفاهة وعهر عبر الاعلام الديني والحكومي والتبعيةالخارجية
- بند واحد من اتفاقية الإستسلام تضع مصر في خانة الضياع والشلل
و - ساعة واحدة ذليلة بين أيادي ملك المهلكةعلى متن طائرته على أرض (أم الدنيا ) عار على جبهة كل المصريين ،لأن أم الدنيا أصبحت ( أبو الطيارة
مصر فقدت مكانها ودورها القيادي والقومي بعد ارتباطها بكامي ديفيد واصبح العسكر شرطة دولية لخدمة المصالح الغربية يثرون ويتمادون على كرامة الإنسان المصري واسؤأ زمن مرت به مصر كان لحكم العسكر بعد مبارك إزدادت فيه حدة الصراعات الطائفيةوالتطرف الديني والتكفيري بتأثير المال الخليجي ، وزاد الطين بلة العسكري السيسي وتبعيته الوهابية التي بدأت تظهر بالموقف الاعلامي المصري والحكومي المسيس
لقد أصبح التفكير المصري بسيطاً وتابعاً ولا يعبرعن حقيقة المواطن المصري وأصبح لديه مفهوم من يُقتل في غزة ناس ارهابيين وليسوا ابرياء لأن التبعية الدينية للمتطرفين، وفرض وقيول المواقف الأستعمارية هو الذل والخنوع بعينه


4 - اسئلة اجابتها في سلوك النظام ذاته
محمد البدري ( 2014 / 8 / 2 - 08:01 )
ما هو برهانك ان حماس مقاومة؟ فما اكثر المفردات التي ابتلعها المصري من نظام الاعلام المصري علي مدي 60 عاما من الكذب والتي كان النظام نفسه يتصرف بشكل مخالف كلما اتت نتائج تصرفاته ودعايته بعكس ما كان يروجه. من عبد الناصر للسادات الي مبارك ثم مرسي كانت كل فترة عكس سابقتها رغم وحدة واستمرار نفس النظام.


5 - النائب البريطاني ديفيد وارد لو كنت بغزة لحاربت اس
johnhabil ( 2014 / 8 / 3 - 06:02 )
إذا كانت حماس منظمة ارهابية ، وحماس طعنت سوريا بالظهر وغدرت بمصر .... فما ذنب الأبرياء والأطفال من سكان غزة الذين يموتون دون رحمة و يعانون الإبادة والعالم الغربي يدعم عدوان اسرائيل ويكتفي بالفرجة وأطنان الذخيرة تدخل اسرائيل عبر قناة السويس والعرب الجرب والسيسي شريف طابا وكل من فقد ضميره وانسانيته وحرف دينه وألبسه شماخاً ودشداشة أو دخل حظيرة الوهابيين ليجري عمليةغسيل دماغ ، نقول لهم : أنتم توابع وطفيليات تعيشون عالة على المجتماعات الإنسانية امريكا اللاتينية قطعت علاقاتها مع اسرائيل احتجاحاً على العدوان وقتل الأطفال وانتم تتشفون بموت الآطفال مستقبل الحياة الانسانية


6 - وقعت فيما حذرتنا منه و حق عليك حكمك
عماد عبد الملك بولس ( 2014 / 8 / 3 - 09:54 )
أؤيدكم في الفقرة


والتفسيرات السياسية حول حقيقة ما يحدث من عُدوان على غزة، تنطلق غالباً من واقع الانتماء الفكري للمُحَلِّل أو المُناضل السياسي، وليس من واقع الالتزام بمُقتضيات العقل والعدالة والإنسانية والموضوعية في التحليل، لتسقط عن هؤلاء المحللين كل مصداقية. وتنحدر تحليلاتهم إلى مستوى المهزلة حينما يتعمدُون حجب الحقائق وقلبها وتوظيفها لخدمة فكرهم التبريري؛ فينسوا ويتناسوا تماماً الأهم من كل انتماءاتهم ومصالحهم
.....
أراك وقعت فيما حذرتنا منه و بالتالي فلا موضوعية - للأسف - في تحليلك، يا للخسارة

اخر الافلام

.. أكسيوس: الولايات المتحدة علّقت شحنة ذخيرة موجهة لإسرائيل


.. مواجهات بين قوات الاحتلال وشبان فلسطينيين أثناء اقتحامهم بيت




.. مراسل الجزيرة: قوات الاحتلال تقوم بتجريف البنية التحتية في م


.. إدارة جامعة تورنتو الكندية تبلغ المعتصمين بأن المخيم بحرم ال




.. بطول 140.53 مترًا.. خبازون فرنسيون يعدّون أطول رغيف خبز في ا