الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مرسيل خليفة: اذهب عميقاً فى دمى

محمد عبد الخالق

2005 / 8 / 8
الادب والفن


لم يكن اختيار منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) للفنان اللبناني مرسيل خليفة لتتويجه فناناً للسلام السبب للكتابة عن هذا المبدع العربي الذي يستحق لقب مبدع عن جدارة؛ ولكن ربما كان لهذا التتويج دور مهم فى تحديد توقيت الكتابة عنه.

وعندما تختار هذه المنظمة الدولية فناناً ليحمل هذا اللقب العالمي الذي يوازي أرفع الأوسمة والجوائز فى عالم العلوم والسياسة؛ فإن هذا الفنان يكون ممن لا يختلف عليهم اثنان ليس فى أوطانهم أو ثقافاتهم فحسب بل على مستوى العالم أجمع.

مرسيل من "جبل لبنان" للعالم مباشرة

ولد مارسيل خليفة عام 1950 بقرية من قرى جبل لبنان التى يمتزج فيها الفن مع الهواء على قمم روابيها، وبدأ من مرحلة مبكرة من عمره فى التعلق بالموسيقى الشرقية وخاصة العود الذى درس قواعده وأسسه لأحد مراكز الموسيقى ببيروت.

شهدت الفترة من عام 1970 وحتى 1975 دراسة مرسيل للعود ببيروت بالإضافة إلى بعض الرحلات التى قام بها فى دول شمال إفريقيا، والشرق الأوسط، وأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية لتقديم حفلات عزف منفرد على العود الآلة التى عشقها فعشقته واحتضنها برفق فلم تبخل عليه بمكنوناتها وملأت الأرض حوله خصباً.

لم يتعامل مرسيل مع العود كأي عازف آخر قد يكون على مستوى عال من المهارة لكنه وصل فى علاقته وعشقه لهذه الآلة لحد تطويعها لفكره وتحريرها من قيود تكنيكها الفني الذى يفرض نظاماً وأسلوباً محدداً على عازفيها.

مرسيل خليفة و"الميادين"

وفى نفس الفترة التى درس بها خليفة العود ببيروت كون عام 1972 فرقة بقريته فى محاولة لإعادة بعث التراث الموسيقى العربي وتحديداً اللبناني، وفى عام 1976 قدم مرسيل خليفة فرقة الميادين فى أول حفل رسمي لها بلبنان مستفيداً من تجربة فرقته الأولى.

ومن هذا التاريخ فاقت شهرة فرقة مرسيل خليفة "الميادين" الآفاق اللبنانية وتجاوزتها إلى العالم، ومنذ ذلك التاريخ بدأ مارسيل خليفة رحلة فنية ثقافية طويلة فى مختلف دول العالم يقدم ثقافة وهموم وتراث وأحلام أوطانه بلغة لا تقف أمامها حدود أو ألسن لغة الموسيقى.

مرسيل سفير العرب فى المهرجانات العالمية

مثل مارسيل خليفة الوطن العربى خير تمثيل واستحق لقب سفير الموسيقى العربية فى كثير من المهرجانات العالمية الشهيرة مثل: بعلبك، وبيت الدين (لبنان)، وقرطاج، والحمامات (تونس)، وتيمجاد (الجزائر)، وجرش (الأردن)، آرليس (فرنسا)، وكريمس، ولينز (النمسا)، وبريمين (ألمانيا)، ورى أورينت (السويد)، وبافيا (إيطاليا)، ومهرجان الموسيقى العالمية بسان فرانسيسكو، ونيويورك، وكليفيلند (الولايات المتحدة الأمريكية).

كما اعتلى خليفة وفرقته أكبر القاعات والمسارح العالمية مثل "قصر الفنون" فى مونتريال، و"سيمفوني سبيس" و"ميركين كونسيرت" فى نيويورك، وقاعة "البيركلى"، و"نيو إنجلاند كونسيرفاتور" ببوسطن، وقاعة الملكة إليزابيث فى لندن، وقصر منظمة الأمم المتحدة للعلوم والتربية والثقافة بيروت، ودار الأوبرا المصرية، وقاعة منظمة الأمم المتحدة للعلوم والتربية والثقافة بباريس، وغيرها من القاعات العالمية التى لا يتسع المجال هنا لحصرها جميعاً.

خليفة وتنوع الإبداع الموسيقى

تعددت اتجاهات خليفة الفنية ولكنها لم تخرج عن الموسيقى، فنجده تارة عازفاً وتارة اخرى ملحناً وتارة ثالثة مؤلفاً موسيقياً، وتارة رابعة مطرباً، ومن الأشكال الجديدة التى أبدع مرسيل بها تأليف موسيقى للرقص من الممكن القول إنها محاولة لإيجاد نوع أو شكل جديد من الرقص يمكن أن نسميه باليه شرقي؛ فقدم أعمال مميزة لعدة من المجموعات الراقصة مثل (كاراكالا، ومجموعة سراب، وريمة، مجموعة الفن الشعبي).

لم يكتف مارسيل خليفة بما سبق، فاقتحم الموسيقى الدرامية وقدم موسيقى تصويرية لمجموعة كبيرة من الأفلام الدرامية والوثائقية والعديد من المسرحيات.

كما تعاون الفنان مارسيل خليفة مع الشاعر الفلسطينى الكبير محمود درويش وقدم العديد من أعماله بصوته بعد تلحينها مثل (ريتا – أحمد العربي – أعراس – قصيدة إلى وطن – إبريق القهوة العربى ... وغيرها من الأعمال الشعرية) حتى ارتبط اسم مرسيل خليفة وعوده وحنجرته باسم الشاعر الفلسطينى الكبير وقصائده وشكلا معاً ثنائياً يشبه تجربة (أحمد فؤاد نجم والشيخ إمام فى مصر).

وبالنظر فى (ديسكوجرافيا) أعمال الفنان مرسيل خليفة نجد ما يزيد على 20 ألبوم منهم على سبيل المثال لا الحصر: (الجسر – أحمد العربي – الأندلس – وعود الريح – البساط السحري – السعادة – مداعبة – حلم ليلة صيف – إبريق القهوة العربي...).

وبعد هذه الرحلة الطويلة وقف مرسيل خليفة بباريس يتسلم من كويشيرو ماتسورا -المدير العام لمنظمة اليونسكو- شهادة حصوله على لقب فنان السلام، مؤكداً أن لهذا التكريم وقعا مختلفاً عن كل ما تلقاه من تكريم طوال رحلته، ويرى مرسيل أن كل تكريم كان يحصل عليه كان يمثل له حفلة ختامية تتوج عملا بلغ نهايته، أما تسميته فنانا للسلام فتمثل له تكليف بمهمة جديدة يقف على خط انطلاقها.
واستغل مرسيل الحفل ووجه رسالة صريحة مفادها أنه "ليس من الحكمة أن يتخلى المبدع عن أحلامه بسبب غطرسة الدول وتخبط القوى السياسية وانهيار المجموعات المؤسسية".
وتعهد خليفة أن يكمل مسيرته ويطلق موسيقاه وصوته بنشيد الحب وأن يقف: "كفنان من أجل السلام مع قضية أطفال المناطق النائية في البلدان الفقيرة، وخاصة ذوى الإمكانيات والمواهب التي يمزقها البؤس والجهل والإهمال فتغرق قبل أن تبحر".

اذهب عميقاً فى دمى
اذهب عميقاً فى الطحين
ليصاب بالوطن البسيط
وباحتمال الياسمين ...

بكلمات محمود درويش (اذهب عميقاً) ومصاحبة موسيقى عود مرسيل أنهى الحفل وكأنه عائد لتوه من رحلة فى الذاكرة استعاد خلالها ما يزيد على الثلاثين عاماً فى ثوانى من الشرود








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1


.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا




.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية


.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال




.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي