الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غزة وأمل السلام المتبخر

نهاري عبد القادر

2014 / 8 / 3
الارهاب, الحرب والسلام


عدت يا عيد وبأي حال عدت يا عيد، عبارة رددها الكثير وإن لم تنطق بها ألسنتهم نطقت بها قلوبهم ورددتها مشاعرهم وهي تصف أحزانهم، أحزان جرح في جسد أمة لم يكتب له الالتئام، جرح حيّرنا أهو محتم علينا أم مقدر علينا؟ جرح رسمته فلسطين بدمائها وشهدائها وكفاحها على مدار ستة وستين عاما من الاحتلال الصهيوني، وها هو يواصل نزيفه في غزة الشهداء والأوفياء، فهذا عيد يمر علينا حرمنا من لذة الفرحة به، عيد فقد طعمه وفقد ملامحه كيف لا؟ وأهل غزة يتجرعونه سمّا وعلقما ويتذّوقونه دما وألما، ولعلنا مهما تكلمنا و أسردنا فإن سكان غزة فقط يدركون لوحدهم خصوصية هذا العيد المختلف تماما عن كل الأعياد.
خمس وعشرون يوما تمر اليوم من العدوان الصهيوني على قطاع غزة أو بالأحرى خمس و عشرون يوما من نزيف لجرح اسمه غزة، مخلفا دمارا شاملا وأوضاعا مأساوية مهما وصفناها لن نستطيع وصفها، حصيلة تفوق 1400 شهيد وأزيد من 8000 جريح فضلا عن حصيلة دمار للبيوت والمنازل و البنى التحتية، ولم يكتف العدوان الاسرائيلي بحرب الإبادة الجماعية التي يشنها على المدنيين العزل حتى جاء الدور على المدارس و المساجد و الكنائس و دور العبادة و حتى الاسواق و مراكز اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.
ولعل كل هذا الذي يحدث يجعلنا نقف موقف المتأمل في واقع هذه الأحداث، فهذا العدوان كشف الغطاء عن حقيقة هؤلاء الطغاة من بني صهيون وكشف اللثام عن الوجه الحقيقي الذي يخفون، وأثبت أن كل مشاريع السلام ماهي إلا أوهام، فقد بات من الصعب تصديق هذه الروايات وأنها لا تعدوا إلا أن تكون مخدرا يتجرعه أصحاب الانفس الإنهزامية و المستسلمون من أبناء جلدتنا الذين لا يراعون حجم العدوان ولا يعرفون معنى الشهداء و الجرحى ولا يستوعبون فقدان الأعزاء والأحبة، فمن الواضح اليوم أن الهمجية الصهيونية ليس لها حدود وأن المجتمع الدولي عاجز تماما عن كبح آلته المدمرة ولا الامم المتحدة و لا مجلس الأمن ولا المنظمات الحقوقية قادرون أيضا، فقد اصبح ظاهرا جليا أن الحل الوحيد هو الرد بالمثل و أن المقاومة هي السلاح الأمثل وأن الجهاد ضد هذا الكيان هو الخيار الأفضل فإن كانت كل الأبحاث في العالم فشلت في اثبات صحة نظرية ما اخذ بالقوة لا يسترجع إلا بالقوة فإن المقاومة في غزة قد أثبتت صحتها وبكل المعايير، وإن كان هذا العالم قد عجز عن استيعاب فكرة ضرب الحديد لا يكون إلا بالحديد فإن المقاومة في غزة أثبتت وبدون أي شك وريب أن الحديد لا يواجه إلا بالحديد وأن القصف لا يواجه إلا بالقصف وأن الصاروخ لا يواجه إلا بالصاروخ وأن الرصاص لا يواجه إلا بالرصاص. إننا اليوم مجبرون لا مخيّرون على الوقوف وقفة تقدير واجلال واحترام لهذه المقاومة الشعبية الباسلة التي بينت للعالم صمود هذا الشعب العظيم في قطاع غزة وسيشهد الزمان انجازات هذا الصمود وسينقشها بحروف من ذهب على عجلات التاريخ، انجازات غزة التي و بالرغم من الحصار صنعت الرجال فضلا عن صناعة السلاح و العتاد وفاقت كل المعجزات وحطمت كل التوقعات و النظريات.
ولعل كذلك هذا الذي يحدث يجعلنا اضا نقف موقف المتأمل والمتدبر في حالنا، ويجبرنا على ان نراجع انفسنا فهذا الطغيان الصهيوني ليس وليد الفراغ فإن صح التعبير نحن من سهل عملية ميلاده ووفرنا له سبل الوصول الى ما وصل إليه اليوم، كيف لا؟ وشهادة ميلاد هذا الكيان وقعها بلفور عندما كان بعضنا في أرض الأنبياء منشغلين بالتحالف مع البريطانيين لمحاربة العثمانيين تحت غطاء الدين ومحاربة اصحاب البدع من المسلمين !! كيف لا؟ وأثناء ميلاده كنا منشغلين بالصراع بين الملكيين و العسكريين و الاسلاميين و المحافظين و المجددين و الاصلاحيين !! وها نحن اليوم نواصل سرد حلقات مسلسل الخلافات و الصراعات بين السنيين و الشيعيين و الرافضيين و الصوفيين و السلفيين و الاخوانيين و الوطنيين و العلمانيين !! كيف لا؟ ونحن اليوم نتساءل من تكون أنت؟ عربي ام كردي ام امازيغي ام شرقي ام غربي ام أعجمي؟ للأسف فلا الدين وحدنا ولا العرق وحدنا ولا الوطن وحدنا ولا حتى الإنسانية وحدتنا !! حتى نادت غزة من بعيد تصرخ دما وألما وتنادي: ويحـــــــكم ! يا ويحكم !! ألا تعتبرون؟ ألا تتفكرون؟ ألا تتدبرون؟ فكل هذا العدوان يحدث وسيحدث ما دمنا لا ندرك أن سقف البيت إذا انهار سينهار على كل من فيه، وان السقف الذي يجمعنا اذا انهار سينهار علينا جميعنا فلا المذهب و لا العرق سينجينا، فالصاروخ الذي قتل المسلم والمسيحي و قتل الانسان ودمر المسجد والكنيسة و دور العبادة أثبت أنه لا يفرق بين أحد مهما كان !!.
آن الاوان اليوم لأن ندرك ان ما يجمعنا أكثر من ما يفرقنا وأن لا حل لنصرة اخواننا في غزة ونحن تحت ظل الصراعات التي تميز علاقاتنا ببعضنا. وإننا لنحيي صمود وصبر أهل غزة الذي أحيا الضمير فينا وإيمانا منا بأن ما من ميلاد إلا بعد مخاض فإننا لنرجوا أن يكون الألم والجرح في غزة الصمود هو المخاض الذي سيلد لنا مرحلة جديدة تحمل لنا آمال جديدة وأن غزة هي الرحم الذي سيولد لنا منه عصر جديد تميزه العزة و الكرامة و يؤسس لسلام مرجو منشود فوق أرض السلام.َ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في شمال كوسوفو.. السلطات تحاول بأي ثمن إدماج السكان الصرب


.. تضرر مبنى -قلعة هاري بوتر- بهجوم روسي في أوكرانيا




.. المال مقابل الرحيل.. بريطانيا ترحل أول طالب لجوء إلى رواندا


.. ألمانيا تزود أوكرانيا بـ -درع السماء- الذي يطلق 1000 طلقة با




.. ما القنابل الإسرائيلية غير المتفجّرة؟ وما مدى خطورتها على سك