الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غبار محمل بالغضب

عبد الرحيم التوراني
صحفي وكاتب

(Abderrahim Tourani)

2014 / 8 / 3
الادب والفن


لا أعرف كم مر من الوقت عندما أفقت لأكتشفت أني داخل سرداب مظلم. كأني كنت نائما وأفقت على رعب حقيقي. هو رعب حقيقي. خاب أملي بأن يكون مجرد كابوس مزعج. لقد تم دفني خطأ. أسمع وقع الخطوات فوق السرداب القبر. أسمع غمغات. هل تعود لجيران مثلي دفنوا خطأ، أم هي لمن قاموا بدفني؟
حاولت الصراخ. لم أفلح. حاولت تمزيق الكفن الملفوف حول جسدي. لم يكن كفنا. استعملت يداي ورجلاي لأخرج من تحت الردم والأحجار، صرخاتي مكتومة. كان لي أمل في أن يسمعني الناس الذين يمشون فوق.
أصابني الإعياء واليأس. استسلمت للنوم. سمعت صوت انهمار المطر. لم يكن مطرا. أحسست بدبيب في كامل جسدي. بدأ من أخمص قدمي وأخذ يصعد حتى رأسي. فتحت فمي. أحلم بقطرة ماء. امتلأ لساني بالغبار البارد. تخيلته ماء. بلعته. أغمضت عيناي. ثم فتحتهما. ماذا رأيت؟ رأيتني واقفا مع زمرة من الناس المفجوعين، وجمهور من الفضوليين، أتساءل معهم عن أساب الانهيار، وعدد الأحياء والقتلى تحت الردم. تضاربت الأرقام والأقوال. كل واحد يدلي برقم. أو ينسج حكاية عن سماعه أصوات استنجاد آتية من تحت. لكني كنت حائرا. أفكر في اللغز.كيف قمت من تحت الأنقاض. تملكني الرعب. رعب حقيقي. حين وصل الموكب الرسمي لتفقد الحادث الرهيب: انهيار ثلاث عمارات فجرا على ساكنتها بالدار البيضاء. ركزت الكاميرا على وجوه المسؤولين. يعلوها الحزن إلى درجة البكاء. لم يكن حزنا حقيقيا. حتى أن الغبار طردهم جميعا من المكان.
عدت أنا إلى الأنقاض. أفتش عن جثثي. وجدت ساعة يدي، و لم أعثر على يدي. وجدت طربوشي من دون رأس، وحذائي بلا قدمين.
لاحقا رأيتني رقما في النشرة الرئيسية. شهقت. صعدت مع بقاياي إلى شاحنة جمع الأنقاض. انتقلت المذيعة إلى أخبار حرب غزة. ارتفع عدد الشهداء، الأرقام متضارية، كذلك الصور..

______________








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل


.. ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ




.. عدت سنة على رحيله.. -مصطفى درويش- الفنان ابن البلد الجدع