الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النموذج العراقي في الديمقراطية والكارثة

عصام عبد الامير

2014 / 8 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


النموذج العراقي في الديمقراطية والكارثة
الديمقراطية بكل عناوينها البراقة واسسها المتعارف عليها ومعانيها المتداولة وفلسفتها لم تقدم أكثر من مفاهيم عامة لا تتمتع باطلاقية أو محددات متفق عليها بدون الأخذ بنظر الأعتبار الزمان والمكان ومجموعة الظروف الأقتصادية والأجتماعية والثقافية المحيطة بها شأنها شأن كل المفاهيم الاجتماعية والسياسية والقيمية الاخرى (العدالة ,الحرية ,المساوات ) وغيرها من الشعارات والأهداف الفكرية ليس لها فهم خاص ومحدد خارج أطار الزمان والمكان والأهم من ذلك المصالح المتضاربة للمجتمعات والامم
لنأخذ على سبيل المثال مفهوم الحرية كمبدأ انساني أصيل ومتجذر في الطبيعة البشرية أن الحرية بتعبيرعام وكما جاء في وثيقة حقوق الانسان هي حق الانسان في حرية الفكر والعقيدة والتنقل والسكن والملكية وباقي شروط الحياة الشخصية للحياة ولكن هنا نسأل هل تجيز الحرية لتبني الافكار الشوفينية والعنصرية أو الافكار العدوانية بالتأكيد سيكون الجواب لا بل هنالك قوانين وظوابط لممارسة الحرية تتمثل بحقوق الاخرين وبحدود تأثير حريتك على ممارسة الاخرين لفعل الحرية أذا لابد هنالك قوانين وأصول مقننة ومشرعة وبالنتيجة لا بد هنالك أفراد يقومون بعملية التشريع هذه أن أولائك المنظرين والمشرعين الذين يبتدعون الافكار اوالذين يضعون القوانين لابد تكون منطلقاتهم نابعة من مصلحة معينة تخدم فئة معينة من الناس أكثر من غيرهم أذ ليس هنالك فكر وقانون متجرد يخدم جميع البشر وفي نفس الوقت على طول التاريخ البشري هذا لطبيعة التناقض وتضارب المصالح المختلفة
هنا نأتي لذكر الديمقراطية وبالمقارنة بالمثل السابق فأن للديمقراطية منظرين لافكارها ومفاهيمها ومشرعين لقوانينها وحسب قانوانين الطبيعة والتي أنعكست بشكل مباشر على الطبيعة البشرية والتي تؤكد أن منطلق الافكار والتنظير والقوانين هي المصلحة والاقتصادية بالتحديد أذا أن الديمقراطية بتعريف تقريبي هي دكتاتورية المؤسسات التي تخدم مصلحة فئة من المجتمع
أن طبيعة هذه المؤسسات تتلخص بعدة خصائص أولها وكما أشرنا أنها تخدم شريحة أو طبقة أجتماعية بشكل أساسي يعتبر هدفها الاستتراتيجي أما الغالبية العظمى من الناس فمسؤلية هذه المؤسسات هي أرضائها بمختلف الوسائل الاقتصادية والاعلامية وغيرها من المحفزات والتعميمات التي تحرف أنظار الغالبية عن الطبقة المنتفعة من الواقع المفروض أو تقيدها بمجموعة قوانين وظوابط ثانيا أن وظيفة الفرد في داخل هذه المؤسسات على الرغم من أهميته ألا أنه دور ثانوي وتنفيذي لذلك أن تداول الافراد داخل هذه المؤسسات يجري بشكل مستمر وأصولي وحسب قدرة الفرد وقابلياته الشخصية وبأستخدام وسائل مبتكرة وجديدة في خدمة أهدافها وسياساتها وفي مواجهة أي أزمات طارئة تهدد ها
ثالثا ان صناديق الاقتراع اي الانتخابات العامة التي تجري تتم المنافسة فيها مابين أشخاص وأن كانوا من أحزاب مختلفة ألا أن هؤلاء المتنافسين يكون قد تم ترشحهم بعد سلسلة من الغربلة التي تتم داخل تلك المؤسسات مثال على ذلك التنافس الذي يتم بين الحزب الجمهوري والديمقراطي في الانتخابات الرئاسية الامريكية لذلك أن خيارات الغالبية العظمى من الشعب أو من يمثل الطبقة المنتفعة بشكل أساسي من النظام الواقعي هي خيارات محدودة بالمقدمات التي تهيأها تلك المؤسسات
رابع أن الافراد المتنافسون داخل تلك المنظومة يخضعون لرقابة صارمة للأدائهم التنفيذي حيث أي خطأ يحسب عليم النظام لا يسمح لهم بالبقاء والأستمرارومثال على ذلك ما حصل لنكسون في فضيحة الوتر غيت
بالنسبة للعراق صاحب العهد الجديد والتجربة الوليدة الناشئة في
الديمقراطية نحن كنا مستبشرين بأن الذي سيحصل بعد مجىء الأمريكان بأنهم سيقيمون التجربة ذاتها التي تحدثنا عنها آنفا على الرغم من قناعة الانسان الباحث والمتطلع الى النظم الانسانية العادلة أن هذا النظام فيه كثير من القصور والخلل والنقص في العدالة والمساوات ولكن أن الشفاعة كانت أن كل شيء في حركة وصيرورة وفي طور التكوين والتطور أذا لا بد من أن يتكامل النظام الديمقراطي يوم ما وتكمله العدالة والحرية الحقيقية برفع حيف الاستغلال
أما كيف كان يمكن لللامريكان أذا كانوا فعلا صادقين في ندائهم أنهم جاءوا ليحققوا الديمقراطية في العراق بعد أسقاط نظام دكتاتوي أجرامي ؟
كما نعلم أن كل نظام سياسي أجتماعي ذو طابع ثقافي معين يستند الى قاعدة أساسية وبنيوية الا وهي القاعدة الاقتصادية هذا ما يحدثنا التاريخ والواقع عنه حيث كل نظام سياسي وأجتماعي كان مرتبط ومقترن بنظام اقتصادي معين أما ماهي طبيعة هذا النظام الاقتصادي ؟
ميزة هذا النظام عدة نقاط الاولى قاعدة أنتاج معينه بالتحديد صناعية النقطة الثانية نضوج المشهد الطبقي في المجتمع اما النقطة الثالثة فهي التنمية البشرية التي تقود الى سيادة الثقافة البراغماتية (النفعية )في المجتمع وهذا ما نلمسه في الغرب ان هذه النقاط في شكل النظام الاقتصادي تنتج عنه مجموعة من النظم القانونية والتشريعية السياسية من ظمنها الانتخابات والمجالس التشريعية والتنفيذية والقضائية وغيرها وكلنا نعلم كيف تشكل النظام السياسي والقانوني الحديث في السويد مطلع الثلاثينيات من القرن الماضي بجلوس ممثلين عن طبقة العمال وأصحاب المصانع ومحاولة ممثلين الطرف الاول في تحييد الدولة ومؤسساتها وتنظيم القوانين بمراعات حقوقهم
أما ما الذي حصل في العراق ؟
ان الذي حصل في العراق وفي أول خطوة وفي ظل غياب نظام أقتصادي انتاجي واضح المعالم وعدم وجود نضج طبقي أجتماعي حديث وأنعدام التنمية الاقتصادية ومن ثم البشرية في جوانب الصحة والتعليم والثقافة وفي أجواء الخراب والتدمير الذي خلفته الحروب وسياسات النظام الدكتاتوري المجرم الذي غيب العقل ومزق النسيج الاجتماعي وفي ظل مجاورة العراق لنظام ديني طائفي في أيران كان يدعم المعارضة الاسلامية الشيعية العراقية وفي خظم كل هذه الاجواء وقبل معالجة كل هذه الجوانب الحياتية والاساسية لبناء الدولة تم المباشرة بالخطوات التي لا بد أن تكون في مراحل لاحقة الا وهي مرحلة التشريع وسن القوانين والبدأ بالممارسات الديمقراطية في أعلى مراحلها مثل كتابة الدستور وأجراء الانتخابات العامة ومجالس المحافظات كل هذا ادى الى أنعدام وجود القاعدة الاساسية لبناء دولة مدنية ديمقراطية كالتي نشاهدها في العالم المتقدم وبدل من ذلك اقيمت دولة الطوائف حيث الطبقات الطفيلية التي تبحث عن الثراء المجاني عن طريق العمل السياسي الرخيص بالاظافة الى طبقة رجال الدين العاطلة عن العمل وجدت فرصتها فى الهيمنة على مقدرات المجتمع السياسية والاقتصادية ناهيك عن البيوتات مثل بيت الحكيم والصدر والبرزانيين الذين ورثوا الجاه السياسي دون ان يكون لهم دور فعال في بناء دولة حديثة وناجحة للعراق هذا ما ادى الى انهيار العراق وحدوث الكارثة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تعرف على السباق ذاتي القيادة الأول في العالم في أبوظبي | #سك


.. لحظة قصف الاحتلال منزلا في بيت لاهيا شمال قطاع غزة




.. نائب رئيس حركة حماس في غزة: تسلمنا رد إسرائيل الرسمي على موق


.. لحظة اغتيال البلوغر العراقية أم فهد وسط بغداد من قبل مسلح عل




.. لضمان عدم تكرارها مرة أخرى..محكمة توجه لائحة اتهامات ضد ناخب