الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرفيق محمد السادس

فؤاد وجاني

2014 / 8 / 3
كتابات ساخرة


في كل جريمة كبرى عادة ما يكون الجاني أول المتسائلين عن أحوال الضحية ليس إشفاقا بل كخطوة استباقية تقيه الحساب ثم العقاب.
الشعب هو الضحية هنا لستمائة سنة من النهب المستمر دون حسيب أو رقيب. والمتسائل ملكٌ لو لم يره الناس رؤيا العين لحسبوه مناضلا عشرينيا أو معطلا يصيح في شوارع مملكة الفساد : أين الثروة؟
يتساءل المرء بعد "أين الثروة؟": هل ملك البلاد مصاب بالكلبتومانيا أو داء جنون السرقة، لكن المرضى بتلك العلة النفسية يسرقون أشياء صغيرة لسد رغبتهم الجامحة وغير الإرادية وينشدون اللذة في اقتراف فعل السرقة وليس في المسروق. ومعظهم لا يدرون ما فعلوا ، وقد يعيدون المسروقات لأهلها بعد استفاقتهم من حالة الاضطراب السلوكي الذي انتابهم لوهلة.
ويتصور المرء وهو يستمع لما جاء في الخطاب الملكي ذئبا متخما قد ارتدى جلد خروف كان قد أكله ليتساءل وسط الماشية : أين الخروف ؟ في انتظار الفريسة المقبلة.
أين الثروة؟ تنطلق مِن فيه ملك قد جعل من المغرب مقرا رئيسا لشركاته العملاقة وأبناكه وتأميناته وأسواقه التجارية.
أين الثروة؟ تنبعث من لسان أغنى أغنياء العالم ، ما زال يطمع في الشعب لأداء أجور عبيده وحاشيته ودفع مصاريف قصوره العامرة وأسفاره وتنقلاته وإقاماته في شتى المعمور.
أين الثروة؟ تنطلق من فم ملك قد ملك ومعيته من الأصدقاء والأقرباء والجنرالات البحر والبر والسماء ، واستحوذ على الفوسفاط ومناجم الفضة.
أين الثروة؟ يتساءل الملك في استغباء واستحمار للشعب، ومثقفو الشعب ونبهاؤه قد هجرّهم نهبه، والشعب من ورائهم بعد أن أنضبتم البئر معظمه يود الرحيل.
لا داعي للإجابة بأن الثروة في جيبك وحسابات مصارفك في الداخل والخارج وفي مشاريعك وبناياتك وقصورك وزرابيك وأضواء أعياد عرشك وشبابك، وفي يد الذين يتملقون إليك والمقربين إلى سلطانك.
ليس هناك داع لنعطي إجابة شافية بالأرقام والدلائل المادية، فتلميذ في المدارس الابتدائية قادر على هكذا إجابة مستفيضة كافية.
يتساءل المرء هل حان الأوان للملكية بعد احتكار السلطة والثروة أن تحتكر النضال أيضا ، وهل يطمع الملك في لقب المناضل الذي لزم الأحرار النظيفين في هذا البلد.
كن مطمئنا أيها الرفيق، لا ثروة ستجعلك تعيش في سلام مع نفسك ، فلست غنيا يا متسول الشعب كما يشاع، الغنى في القلوب وليس في الحقائب، وأن الملاحم والزغاريد والأبواق والمزامير مهما علا صوتها سوف تغادر معك، وأن الثروة كالجوقة التي تصفق لك ستتجمع ثم تفترق بعد نهاية الحفل.
ولسوف تزداد مخاوفك أيها الرفيق باتساع رقعة ثروتك، فعيون الشعب المفقر على كثيرك المعرض للخسران، وإن بالغت في المراسيم وعلقت المشانق لتخويف الطامعين في استرجاع حقوقهم.
ولو كانت الثروة تأتي بفضل العمل الدؤوب وضناءة السعي لكان الفلاحون والعمال والذين أفنوا حياتهم تعلما أكثر ثراء منك ونخبتك، لكنه النهب أيها الرفيق.
بعد إثباتك أن روحك فقيرة جدا وإنها لأفقر لو تركوك تعبِّر بلغتك الهزيلة دون مكتوب ديواني، سأترك الإجابة عن سؤالك المتغابي للفيلسوف الرواقي الروماني سينيكا حين قال: "الثروة عبدة لدى الرجل الحكيم وسيدة الأحمق". وإنا لنحسبك بعد خطابك كذلك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا


.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط




.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية


.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس




.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل