الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غيمات صيف عابرة

بيسان سيف

2005 / 8 / 8
الادب والفن


مجرد دعاية !
نطقت دمعات تلك العجوز أمامي .. وبأصابعها المرتجفة فتحت عقدة منديل صغير ؛ لتخرج منه ديناراً واحداً فقط .. طالبة إجراء تحليل " سكر الدم ".. بدينارٍ .. " هذا ما أملكه يا ابنتي .. فأولادي لم يمرّوا عليّ منذ شهر " .. ابتسمتُ لها .. أخذتُ عينة الدم منها ، وكلّي ألم على مرارة سنين تذيق العذاب لهذه الأم .. وربما غيرها من الأمهات .. بعد ذهابها مباشرة .. كتبت على ورقة بخط أسود عريض .. " تحليل سكر الدم بدينار " .. لأكسر غدر الزمان ، وعقوق أولئك الأبناء .. لم تمض ساعة حتى دخل رجل طالباً نتيجة تحليل أجراه قبل بضعة أيام .. معلقاً بسخرية .. أو كمن أكتشف لغزاً .. " معقول .. التحليل بدينار .. أظن أن محاليلكم سيئة أو أن مدة صلاحيتها انتهت .. آه .. ربما هذا نوع من أنواع الدعاية .. لجلب أكبر عدد من الزبائن " .



النسغ الناقص
سكوت .. حتى التمتمة ممنوعة .. من يرفع رأسه يُمسك متلبّساً .. بتهمة الغش .. فنحن نجري الامتحان النهائي لمادة الأحياء .
ما أزعجني هو صديقي سمير الجالس خلفي مباشرة .. أعرفه ذكياً .. لكن ما به اليوم .. بإصبع سبابته يلامس ظهري أن اسمعه .. " أرجوك .. ما هو تعريف النسغ الناقص ؟ " .. هل جنّ سمير ؟ .. أيريد طردنا سوية من الامتحان ؟ .. ليترك السؤال وليعد إليه بعد فترة .. أما أن أفتح فمي لأتنفس حتى .. فهذا هو المستحيل .. لكن طرقات إصبعه شدت أعصابي أكثر .. المراقب يشعر بهذه التمتمة .. أذناه تبحثان جيداً عن مصدر الصوت .. تمنيت أن تنشق الأرض وتبتلعني .. أو أن أخرج تاركاً الامتحان وليحدث ما يحدث .. فجأة .. بدأت الأرض ترتجّ من تحتي .. المقاعد تتحرك .. أصوات أكبر من مجرد تمتمات بدأت تتعالى .. أحتلّ الصراخ محراب الهدوء الذي كان سائداً قبل قليل .. الكلّ يجري هلعاً خارجاً من قاعة الامتحان .. إنه الزلزال .. فهذه المدينة لها تاريخ ليس بالبعيد مع زلزال سابق .. ما بي لا أتحرك .. لأهرب مثلهم .. وورقة الامتحان ؟ .. أمسكت الورقة بيدي هارباً كالبقية .. الممر مزدحم بالطلبة الخائفين .. لم يستطع أي أستاذ منعنا من الهرب .. إما النجاة بأرواحنا ، أو الموت مع أوراق امتحاناتنا .. حشرت جسدي كيفما أتفق بين أجساد الطلبة الهاربين .. فإذا بضربات على ظهري .. تطلعت للوراء ..فربما أحدهم يودّ أن أزيح له الطريق .. مع أننا محمولين دون حتى أن نسير على أقدامنا عبر هذا المدّ البشري .. فإذا به صديقي سمير .. " حسين .. ما هو تعريف النسغ الناقص ؟ " ..



اشتقت لتلك الكلمة
استيقظ لأول مرة بدون تلك الموسيقى .. مدّ يده جانباً متلمساً الفراش .. لم يجدها .. غريب هذا الهدوء .. على ضوء السكون الذي يلف الأجواء .. يفترض بزوجته إما أن تكون نائمة أو خارج البيت .. أيعقل أنه نسيها في المطار بالأمس حين ودّعا ولديهما الذاهبين للدراسة في الخارج .. لا .. أمس كانت تتذكر معي ذكريات ولدينا .. منذ ولادتهما وحتى غيابهما عنا ليلة أمس .. خرج من الغرفة باحثاً عنها .. أو ربما فضوله لهذا الهدوء الغريب .. الذي لم يذق طعمه منذ عشرين عاماً معها .. دخل المطبخ .. فربما وجدها فيه .. لكنها غير موجودة .. " ما شاء الله .. الأواني كلها مغسولة ! .. أيعقل ؟ " .. قالها بصوت عالٍ .. فإذا بزوجته ورائه .. تردّ عليه .. " ما هو الذي لا يعقل ؟ " .. نظر إليها مستهجناً هدوءها .. " أرى البيت نظيفاً .. بدون ضجة " .. نظرت إليه باستغراب .. " وما الغريب في الأمر ؟ " .. أجابها متردداً .. " لا .. لكنني اعتدت الاستيقاظ على عزف الأطباق والكؤوس والملاعق .. وسماع صوتك الغاضب عندما تفور القهوة .. و .. " ، قاطعته بغضب لكن بنعومة .. " أتسخر مني ؟ " .. أجابها متداركاً وقوع مشكلة معها .. " أبداً حبيبتي " .. ، فتحت فاها لهذه الكلمة .. أحسّت بنبضات قلبها تتسارع .. اغرورقت عيناها بالدموع .. صرخت كطفلة صغيرة أهدوها لعبة .. " أنا .. أنا حبيبتك " .. لم يدر كيف أفلتت منه هذه الكلمة .. فبرغم بساطتها وسلاستها .. لكنها استعصت عليه سنيناً طويلة .. أو ربما هربت منه إلى دفاتر عشاق .. لم تأخذهم بعد مشاكل الحياة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محمد محمود: فيلم «بنقدر ظروفك» له رسالة للمجتمع.. وأحمد الفي


.. الممثلة كايت بلانشيت تظهر بفستان يحمل ألوان العلم الفلسطيني




.. فريق الرئيس الأميركي السابق الانتخابي يعلن مقاضاة صناع فيلم


.. الممثلة الأسترالية كايت بلانشيت تظهر بفستان يتزين بألوان الع




.. هام لأولياء الأمور .. لأول مرة تدريس اللغة الثانية بالإعدادي