الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفجوة بين العقل والقلم

سامي بن بلعيد

2014 / 8 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


الفجوة بين العقل والقلم
...........................
ما من شك إن رواد هذا الصرح المعرفي والفكري والثقافي يؤمنون بأفضلية النهج الإشتراكي العلمي المتوازن ويؤمنون بإن ذلك النهج هو الوسيلة المُثلى للتحرر من قيود الافكار الظلامية وسيطرة القوى الإمبريالية والتوسعية في البلاد العربية
ولكن بالنظر الى الواقع وحالة الإنحسار لتلك المفاهيم الثورية في عالمنا العربي بالذات تبادر إلى الأذهان مجموعة من الأسئلة
لماذا يحصل ذلك ؟
هل تعود الأسباب الى الواقع المجتمعي المعقّد أم إنها طبيعة الانسان العربي الذي ينطلق عادة من داخل متلازمة التعصب والصراع والتناقض حتى لو كان يمثل نهجا تقدمياً ؟
هل هي إشكالية اللغة والميول البدوي كما قال الجابري وإشكالية التدوين والحفظ والنقل التي جمّدت العقول وأوقفتها عن صناعة المعرفة وقد وقف أمامه في هذا الإطار طرابيشي وأعتبره البعض منصفا في تفكيك نقد العقل للجابري بينما يرى البعض إنه لم يرتقِ الى مرتبة الجابري وإن ذلك يعتبر مظهرا من مظاهر وقوف الانسان العربي على المتناقضات بدلا من العمل بقواعد التكامل والقبول والتوازن ؟
عموما نحن نرى الأقلام تنزف وتضخ ألكم الكبير من المعلومات على مدى الزمن الطويل وكأننا أمام معرض للكتاب في البلاد العربية يمر أمامه الناس وقد يقتني البعض شيئّ مما في ذلك المعرض من أجل الاستعراض بها في مكتباتهم الصغيرة فقط دون إعطاء عقولهم فرص البحث والاستفادة من تلك الكتب وتحويل الجماهير الى حامل لذلك الوعي وما تحتويه تلك الكتب والقراءات وهكذا يكون الحال مشابها لكتاب هذا الموقع المفضّل وكأننا لا نرَ تأثير على أرض الواقع ولا حتى إجماع على أفكار معينة وكما قال المفكر اليساري سلامة كيله إن الكثير من اليساريين يطبقون مفهوم الدوغما - العدائية المفرطة - عن طريق الوقوف على نقائص الاشياء التي تدفع المرء الى ممارسة التعصب دون الإحساس بذلك ومثال ذلك هو من وقف ضد الثورة السورية لإن أمريكا معادية للنظام وتناسوا إن نظام الأسد ذات إتجاه ليبرالي رأسمالي طفيلي .. وأستطرد سلامة قائلا :
إذا عدنا إلى ما تؤكده الماركسية نقول بأن الاقتصاد هو المحدِّد لكل الصراعات "في التحليل الأخير"، ومن ذلك يبدأ تحديد المواقف من الثورة، وليس من أي توضّع للنظام عالمياً، حيث يمكن لقوى رأسمالية أن تتوضّع في موقع متعارض مع أميركا، وهذا يحدث الآن مع روسيا والصين والعديد من الدول التي "تريد الاستقلال"، وتريد أن تصبح "قوة عالمية". أو تدفعه السياسة الأميركية لكي يتعارض معها. هنا لا يكون هذا التعارض هو محدد المواقف والسياسات إلا في إطار فهم الصراع العالمي وتمحوراته، والتشققات التي تحدث فيه. أما حينما يتعلق الأمر في الصراع الطبقي فإن الأولوية هي للصراع الطبقي على حساب الاختلاف السياسي هذا.
وقد وأشار إبن خلدون ومالك والعروي وأركون والجابري وطرابيشي الى مسألة مهمة تظهر إتفاقهم عليها رغم إختلافهم في الكثير من الرؤئ والأفكار , تلك المسألة تتعلّق بالخلل الحضاري الذي أصاب كينونة الانسان العربي وبالذات ماهيته العقلية فأصبح يندفع تجاه الأحداث بشكل عاطفي إنفعالي وذلك الامر يجعله بمعزل عن العقل النقدي التحليلي ويظهر ذلك جليا في مراحل الأزمات التي تجعل العربي يتحول من إتجاه كان يقف عليه قبل حصول الأزمات الى إتجاه معاكس تماماً عند حصول الأزمات وبعد إنقضاء الوقت وفرص التغيير يقوم بمراجعة حساباته ولكن بعد فوات الأوان حينها ينطلق هاربا نحو الماضي أو هاربا نحو المستقبل بدون خارطة طريق
ومن نتائج هذا السلوك العاطفي الذي يبعث على اليأس والانطواء يبقى العربي معلقاً بين الأصالة والمعاصرة , القديم والجديد , العلم والدين , وفي خِضم تلك الأثناء تتجاذبه الصراعات المذهبية والحزبية والقبلية والنفعية التي تجعل من الارض والإنسان ضحية لقوى الهيمنة والنفوذ الكوني
عاملوني على قد عقلي البسيط الذي يفخر بكتاب وكاتبات هذا الموقع وإدارته الموقرة ويحاول رفيقكم أن يبحث عن الحقيقية بين سطور ما تكتبون وهو كثيراً جدا يفوق العرض فيه نسبة الطلب ..
لماذا تطرحون المواضيع القيمة ولا تناقشونها وتفككونها للمتابع البسيط ممن يشبه حالتي ؟
لماذا لا يناقش بعضكم أفكار بعض ؟
لماذا لا يرد بعضكم على تساؤلات المتابعين ؟
لمن تعرضون المواضيع ؟
والجانب الآخر الذي نلتمسه كمتابعين ومشاركين إننا نرى هوّة كبيرة بين منطق العقل من جهة وبين ما يكتب البعض وكأننا أمام كتاب لا يسمحون لعقولهم بقراءة ما يكتبون .. يرمون المواضيع من النوافذ على رؤوس المارة دون إكتراث ولا إحترام للعقل .. بعبارة أدق هناك كتابات يفيض منها التكرار الممل وصاحبها يمارس عملية إكتب وطنّش وما يقوله عنك الآخرين لا تعبره ولا تعيره أي إهتمام وأكيد يقول لنفسه أنت نابغة وكل الموجودين من كُتّاب وقراء يجب أن يتعلمون منك , أي أننا لم نلتمس تواضع المثقف , وهكذا تتوالى سلسلة الأوهام التي يعيشها بعض المثقفين العرب دون إدراكهم إن جل تلك المفاهيم قد أنتهت صلاحيتها وأصبحت خارج التأريخ نظرا لغياب التجديد والموازنة مع متغيرات العصر
من ينظر الى الواقع المرير الذي تعيشه الأمة بإمكانه أن يحكم بأصغر عقل ويقول إن الشعوب تعيش في جحيم القوى الفاسدة والظلامية والإمبريالية وتلك الشعوب تتوق الى التحرر والفكر الاشتراكي العلمي المتوازن هو القريب اليها وربما يكون هو طموحها المنشود ولكن ولكن ولكن !!! أغلب اليسار التقدمي فضّل التصادم والهروب من واقع الأحداث الى فضاء المبالغات والعروض الفكرية التي تركب على بساط الريح دون أن يكون لها أي مطار على الارض
من تجربة حياتي في الواقع الغربي لعقدين ونصف من الزمان تقريبا أدركت إن في الغرب قوى تتوق الى الحرية والعدالة والسلام وهناك منظمات إنسانية ومدنية وأحزاب سياسية تلعب الدور الإيجابي الكبير لتحقيق أماني الشعوب ولكن من يسيطر على مقاليد الامور من القوى التوسعية والإمبريالية تجعل من الواقع غير ذلك وتنبئ الى إن مستقبل الحرية في بلاد الغرب صار مقننا بيد قوى المال والسلطة والسلاح الذي لا يعجبه بأن يسمع التأييد لمصالح الشعوب وحريتها ولا يعجبه إنتقاد الجرائم التي تمارس بحق الشعوب العربية من قبل حُكامها ومن قبل الكيان الصهيوني بالذات
مسك الختام وبعد التحية .. هل ترون إن هناك قصور بل وأخطاء جسيمة في طريقة تقييم الكثير من اليساريين لثورات التغيير في البلاد العربية ... ؟
ألا ترون إننا من زمن طويل وطويل جدا ندور داخل متلازمة الصراع والتناقض وننحدر بقوة نحو أفكار وسلوكيات عاطفية جعلتنا داخل سياج حديدي أحرم العقل من فرص التفكير في القضايا الاستراتيجية والانسانية الجامعة ؟
هل نحن بحاجة الى إنشاء محطة مراجعة جديّة ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية لك
سيمون خوري ( 2014 / 8 / 5 - 10:50 )
أخي سامي بلعيد تحية لك وشكراً على هذا المنولوج الروحي..نحن فعلاً نعاني من فجوة بين العقل والقلم . ودعني أعتبر أن القلم هنا رمزية الفعل. أي فجوة ما بين الفكر والواقع. فعلى صعيد الفكر هناك العديد من الآراء والنظريات والمواقف بحاجة الى اعادة مراجعة لها . طالما أن التغيير الجاري في المنطقة أسرع مما نتخيله أو القدرة على متابعتة.
شخصياً لوقت قريب كنت على قناعة بأن المنطقة بدأت تعيش بدايات - ربيع - أو صحوة ضميرسياسي .وإدارك معنى المواطنة والعدالة الإجتماعية والمساواة . لكن
للحقيقة كان تفاؤلي نوع من خداع الذات. مبني على رغبة في خلاص المنطقة.
من أمراضها التاريخية من عنصرية وطائفية.لكن طفت على السطح مرة أخرى تلك الثقافة التي حاولنا جميعاً إغماض العين عن وجودها . وهكذا برزت قوى طائفية وجدت حاضنتها الجماهيرية في تلك الثقافة. شخصياً أنتمى الى أؤلئك الذين يعيدون .النظر في تلك المسلمات السابقة وعلى رأي ديكارت من الخطأ أن تبقى على خطأ على كلا الحالات أشكرك على المقال الهام وتحية لجهدك


2 - رد للأستاذ سيمون
سامي بن بلعيد ( 2014 / 8 / 5 - 20:22 )
تحية إحترام وتقدير لأخي سيمون
وأتفق مع مجمل ما تفضلت بطرحه في تعليقك والى الآن لم ندرك الخلل .. هل هو في الشعوب أو في النخب المثقفة أم أنه في الاثنان معا
إحترامي لك ولتنويهك النير

اخر الافلام

.. تفاصيل بنود العرض الإسرائيلي المقدم لحماس من أجل وقف إطلاق ا


.. أمريكا وفرنسا تبحثان عن مدخل جديد لإفريقيا عبر ليبيا لطرد ال




.. طالب أمريكي: مستمرون في حراكنا الداعم لفلسطين حتى تحقيق جميع


.. شاهد | روسيا تنظم معرضا لا?ليات غربية استولى عليها الجيش في




.. متظاهرون بجامعة كاليفورنيا يغلقون الطريق أمام عناصر الشرطة