الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدعارة بين الماضي و الحاضر

دعاء البياتي

2014 / 8 / 5
ملف : ظاهرة البغاء والمتاجرة بالجنس


الدعارة يوما ما كانت مهنة مقدسة , فالتأريخ الانساني القديم يذكر بين حروفه الطينية قصص معبد الإلهة السومرية انانا , الهة الحب و الجمال و الخصب و الجنس لدى السومريين و التي تحور اسمها فيما بعد لتصبح عشتار لدى البابليين , و من ضمن طقوس هذا المعبد المقدسة كان هنالك طقس يسمى الجنس المقدس , يضاف الى طقوس اخرى كطقس تقديم الاضاحي و القرابين من المواشي و المأكولات و المزروعات , الجنس المقدس كان يمارس من قبل كاهنات المعبد و عذراوات المدينة كطقس ديني تعبدي , فعلى كل عذراء ان تنذر نفسها لممارسة الجنس داخل المعبد مع اي حاج غريب , حيث تجلس العذراء مطأطئة الرأس تحمل في حضنها صحن معدني , فيأتي الحاج الغريب ليرمي القطعة النقدية فيه , فيكون هذا التصرف كعلامة داله على ان الحاج قد اختارها لممارسة الجنس معه , و محظوظة هي تلك التي تتلقف القطعة النقدية و تتحلل من نذرها , ان ممارسة الجنس من قبل رئيسة كاهنات المعبد مع الملك يعتبر كتمثيل تجسيدي للإله عشتار و حبيبها المنكوب الاله ديموزي و هو طقس يقام لأجل استحضار المزيد من الخصب و النماء لأرضهم و مزروعاتهم , هذا ما كان يحصل في تلك الازمان , لكن مع حركة عجلات الزمن الى الأمام حيث الحاضر , تبدلت مفاهيم وقيم الانسانية فلم تعد المرأة مرغمة دينيا على ممارسة الجنس من اجل ايفاء بالنذور , لكن و في نفس الوقت , ظهرت الدعارة الجديدة !! و هي اقذر مهنة بالتأريخ الانساني و تتضمن ممارسة الجنس مقابل المال , ان مهنة الدعارة هي من احقر المهن التي عرفها التأريخ , فتخيل نفسك يوما بمكان العاهرة التي تفتح ما بين فخذيها لأي رجل كي يرمي بداخلها سوائله المنوية , لأي رجل مهما كان , معاق , قبيح , قذر , معتوه , فقير , غني , ذكي , غبي !!

لا اعتقد فعليا ان العاهرة تستمع بمثل هذا الدور , و لا تقوم به على اساس الرغبة او الهواية مثلا ؟؟ فهي تهب اجمل ما تملك من اجل حفنة من المال ؟؟ ربما رواية الكاتب الرائع باولو كويلو ( احد عشر دقيقه ) تكون كافيه لفهم احساس و شعور المرأة المشتغلة بهذه المهنة .

المرأة بطبيعتها كائن رومانسي شفاف , يبحث عن الحب و العاطفة , فهي عادة تقدم الجنس من اجل الحصول على دفيء المشاعر , فكيف سيكون موقفها و حالتها النفسية و هي تقدم الجنس من اجل الحصول على حفنة من المال ؟؟

المشكلة في شرقنا الأوسط تكمن في اننا جميعنا نلوم العاهرات على عهرهن , فعادة نحن امة الشرق نهتم بالقشور و نكون فرحين حين نجد علاقة تحمل اوزار فشلنا , لنبقى مؤلهين لنبقى طاهرين كالملائكة لا تشوبنا أي شائبة !! و لا احد منا يبحث يوما عن السبب الحقيقي الكامن خلف شيوع مثل هذه المهنه المبتذله التي تسيء الى جوهر و كيان المرأة ؟؟ لماذا تحولت هذه النسوة الى عاهرات ؟؟ من المذنب الحقيقي خلف هذا التحول المتجرد من العواطف الانسانية ؟؟

الفقر , نعم انه الفقر هو من يدفع الى ارتكاب العهر , في المجتمعات المزدهرة اقتصاديا و ماديا نجد ان نسبة الدعارة منخفضة جدا لدرجة انها تكاد تضمحل , و حتى و ان وجدت فسوف نجد ان من يمارسن هذه المهنة هن نسوة قدمن من بلدان اخرى , حين زرت ميونخ وهي مدينة جميلة في المانيا فوجئت بوجود نساء يقفن خلف نافذات العرض الزجاجية يطرقن الزجاج لأي مار كي يمارس الجنس معهن من اجل المال , اكتشفت لاحقا ان هذه العاهرات هن لسن المانيات فبعضهن رومانيات او روسيات , استنتجت حينها ان الدولة التي تكفل حقوق المرأة و تضمن معاشها و جميع مستلزماتها تنقذها من مهنة الدعارة لكن بطريقة غير مباشرة , و تضمن لها الحق بحياة حرة كريمة مليئة بالكرامة .

اذن اللوم يقع على الدولة اولا و المجتمع ثانيا قبل ان نوقعه على العاهرة , و نطلب محاسبتها و ربما نتشفى بقتلها على اعتبارها مرضا يفتك بالمجتمع , العبرة حاسب الدولة و المجتمع قبل ان تستعرض سكينك و عضلاتك على الضحايا , و من منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انشقاق في صفوف اليمين التقليدي بفرنسا.. لمن سيصوت أنصاره في


.. كأس أمم أوروبا: إنكلترا تفوز بصعوبة على صربيا بهدف وحيد سجله




.. رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو يحل حكومة الحرب


.. الحوثيون يعلنون استهداف سفينتين ومدمرة أمريكية في عملية جديد




.. حجاج بيت الله الحرام يستقبلون اليوم أول أيام التشريق وثاني أ