الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حالي بعد سؤالها!

مصعب وليد

2014 / 8 / 5
الادب والفن


"حالي بعد سؤالها!"
مصعب وليد

حين يُصْبِحُ الشوقُ بُعداً يُحَتِّمُهُ القَدَرُ، ويُصبحُ العقل راجحاً لِحُبٍ أكثر جُنواناً من "ليلى" و"عاقلها"، سأكتُبُ لكِ "أسامينا"، التي عبثتُ وتعبتُ في انتقائهما، من"عَدْروب الهوى" التي لها نكهة الحرب، من هُناك على ما يبدو، على عتبة المسيح، حينَ الدُخولُ عَوْدَةٌ بتاريخِ الحياةِ الى تَفَتُحِ عيونه في المهد، وحين الوجهة الشرقية تفوح منها عُذرية مريم؛ أسألُكِ المجيءَ كثيراً، حتى تَهجُريني أو تكرهيني قليلاً، وأسألُكِ أن تأتي كثيراً وأن تكوني أقرب كثيراً لنجتمع على العِشقِ أكثر بكثيرٍ قليلاً، وكي أُحِبُكِ كثيراً كما أحببتُ "الشامَ" على الجهةِ التي مالت كُل الميل لتُشبِهَ قاصيون، وكتلك التي تنتظرُني على جمرٍ أحرَّ من الشوقِ في لُبنان، وكي أُحِبُكِ حُب قصيدةٍ أُلِّفَت في "دجلة" عند "الفرات"؛ كي أُحِبُكِ حُبين فقدتُهُما في "غارة" تحت أنقاضٍ رمادية في "غزة" وأكنافِ غزة!

وجُرحي عتيقٌ، يا حبيبتي، أعتقُ من المهدِ الذي آواه المسيح، وأعتق من الآهات التي تُخرجها تلك الآلة الموسيقية التي تأِنُ بإلحاحٍ كالـ"ناي" لتزيد على الجُرحِ الـ"كمان"؛ وليتكِ هُنا لتعلمي أن "الناي" و"غزة" جُرْحيْنِ لا يَكُفّانِ عن الأنين فيَّ، ولكي تُضمدي هذان الجُرحان فيَّ، كما فعلتِ من قبل، أعني حينما أدركنا صوتٌ عجول من مُقدمة القطار بأن المحطة التالية كثيرة الحُفر، ونَصَحَ كل المسافرين بذلك الصوت الخافت بأن يقوم كل الذين أسرفوا حياتهم بلا حُب بالجلوس بقرب بعضهم ومعانقة بعضهم الآخر، حينما رأيتُكِ لأول مرة وأدركتُ، بلا شك، أنكِ حبيبتي. ورُحتِ تطرحين سؤالكِ الصريح، وبالكاد كان ساذجاً: "حبيبي، لوين ريحين؟!"

ومشينا... وكإجابةٍ فورية لسؤالك الساذج إتجهنا لـِ"دروب الهوى"، كما أقررتِ، وتهنا بتيه النهار الذي علانا كما علا "ليلى" و"مجنونها" الذي له عقلٌ راجح؛ فدخلنا كل النوادي التي كان لها توقيتٌ ليلي، عندما سحبتُ يدك طالباً جولة لرقصة "تانجو" مجنونة، ولو حتى أخيرة، حينها كُنْتِ كموسيقى المَطَرْ، بل كُنْتِ كالجنسِ في الليل ما بين القمر وشقيقاته النجوم، أو القهوة على ضوء الصباح في الوطن! كُنْتِ ما كُنتِ... كائِنً تشريني غير عادي بامتياز، وأكملنا المسير الى كل الفنادق القديمة التي كان لنا تاريخ فيها، وأمعنا الجلوس على الأرصفة الدافئة المُطلة على النجومِ في السماء، وسمعنا كُلَ الأسطواناتِ الكلاسيكية، حينها وَقَفْتِ وجعلتي الموسيقى تنسجم مع ساقيكِ، وغرستي في الشمع من حوليكِ كل آمالي، وغزلتي في تينك العينين قروناً من ألمٍ موسيقي لم أشهده من قبل أو من بعد!

وغبتُ عنكِ رقماً أُحادياً سَئِمَ الصفرُ من مجاورتهِ، وعدتُ إليكِ كولدٍ عاق لأُمه؛ طالباً لعقةً من حُبٍ تنتجه رقبتك التي تُعطيني شعوراً آخر حينما أجتمع معكِ من دون النساء، طالباً أن تُعلميني الحُبَ على طريقتك التي تُعَلِمُ الكلامَ كُلَ الكلام من الأحرُفِ حتى المدح وصولاً بالهجاء؛ نعم، أَصَبْتِني بالـ"شيزوفرنيا"، فَكُنْتُ لكِ، وكُنْتُ عَلَيْكِ، وكُنْتُ ما بَيْنَ بَيْنٍ وبين؛ ساعٍ لا يُؤخره عَقربٌ على الساعةِ الصماء، كُنْتُ لا أُفَكِرُ في مقاومتك وكُنْتُ لا أحتجُ عليكِ. كُنْتُ أُحِبُكِ لي، وكُنْتُ أُحِبُكِ حُباً لا يقبل القِسْمَةَ على الأحرف والأرقام في كل اللغات!

وقد كُنْتُ قبلكِ رجلاً أدمن ألم النساء ولم يُشفَ من وخزهن، وكُنْتُ قد أسرفتُ في السؤال: "مَنْ يُوْقِفُ سَكْرَتْي في عَيْنَيْكِ؟!" أما الآن، فأنا رجلٌ استثناء، كثير الضحك، الذي لا يُبدي فرحاً، بالضرورةِ، أبداً، ولو حتى مرةً، إن لم تكوني بجانبي، فأُبدي اتصالاً عاجلاً من مكانٍ لم أكنهُ من قبل، وعندما أشعرُ أن "الخط الذي أُحاولُ الإتصال به مشغولٌ بشخصٍ مجنونٍ آخر حالياً"، سأتفادى هذا التحذير، وأتظاهر بأنك أجبتِني بردة فعلٍ عصبية في رسالةٍ من خمسةِ أحرُفٍ ثقيلة: "هيدا إنتَ حبيبي.. كيفك إنتَ؟!"









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا


.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط




.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية


.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس




.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل