الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وامعصوماه أدرك نينوى ... طرد المسيحيين ليس بإسلام

مسعود محمد

2014 / 8 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


تدور معركة على أرض سهل نينوى، المسيحيون، وهم سكان السهل القدماء، تجدهم الأضعف فيها، والزحف على البقية الباقية لهم من القرى والقصبات جار على قدم وساق. المسألة بحاجة إلى وقفة وطنية وإقليمية ودولية أيضاً، فما يحدث للمسيحيين العراقيين مؤلم جدا، وقد تنازلت أعدادهم من المليون إلى ربع مليون، واليوم الى صفر في تلك المنطقة.
ربما لم يعرف الرأي العام العراقي والعربي بخفايا هذا المشروع التهجيري الطائفي والسياسي في الوقت نفسه، فهو قد بدأ منذ سنوات، بعمليات التفجير التي حدثت في قرى الشبك حول سهل نينوى، وبعد كل تفجير كان يحصل نزوح على القرى المسيحية من قبل الشبك الشيعة ، واليوم أتى الدور على المسيحيين ، ومما تجدر الإشارة إليه أن السكان المسيحيين يعيشون بين ضغطين، ضغط تردي أحوالهم المعيشية والخدمات والمضايقات الدينية، وضغط مغريات الهجرة إلى خارج العراق، وعلى ما يبدو هناك اتجاه لدى الأحزاب الدينية بإفراغ تلك المناطق من سكانها الأصليين. بصمت وتواطؤ دوليين.
المسيحيون المهجرون يتحدثون عن تاريخ طويل من التكافل الاجتماعي بين سكان منطقة نينوى، وربما صار ضريح واحد قبلة للجميع، دون السؤال عن أصل صاحب الضريح المذهبي أو الديني، وكم من مسلمين يتبركون بمزارات مسيحية أو يزيديين بمزارات مسلمين، فالمنطقة بحاجة إلى هذا التسامح الديني والمذهبي، وإلا ستتحول الجيرة إلى صدامات دموية.
حث الإسلام أتباعه على الدفاع عن دينهم والعمل على نشره ، الا انه لم يحمل أحداً بالقوة على اعتناقه ، فقد أمر سبحانه وتعالى في القرآن الكريم بعدم جواز الإكراه في الدين وعندما فتح المسلمون مصر والشام وفارس والأندلس لم يفرضوا الإسلام بالقوة بل تركوا أهل الأديان الأخرى أحراراً في ممارسة شعائرهم الدينية معتبراً حرية الناس في عقائدهم مكفولة مقدسة في ظل الإسلام وتحت رايته ، ويمكن تلمس ذلك من خلال النصوص القرآنية ووصايا الرسول والخلفاء وبنود المعاهدات وقد أماطت دراسة علمية حديثة اللثام عن وجود 200 وثيقة بمكتبة دير سانت كاترين، ثاني مكتبة عالمية بعد الفاتيكان، تؤكد دعوة الإسلام للسلام بين البشر، وهى مجموعة من الوثائق العربية الصادرة من ديوان الإنشاء بمصر في عهد الفاطميين والأيوبيين والمماليك والعثمانيين إلى الدير ورئيسه ورهبانه تكشف عن سياسة التسامح التي سارت عليها السلطات العربية حيال المسيحيين واليهود. وتلك الوثائق أوضحت بجلاء أن رهبان سيناء كانوا يعيشون في ديرهم النائي هادئين آمنين مطمئنين، وحرص المسلمون على تأمين طريق الرحلة المقدسة للمسيحيين إلى القدس عبر سيناء”. وكشفت تلك الوثائق عن سياسة التسامح في أمور الدين والحريات الشخصية، وكان للمسيحيين دور مهم في شئون الإدارة والحكم فمنهم الوزراء وعمال الدواوين وحكام الأقاليم. الكنائس والأديرة بنيت في العهد الإسلامي، وكان أولها كنيسة الفسطاط التي بنيت في عهد مسلمة بن مخلد (47-68 هـ)، وحتى نهاية القرن الـ(12) الميلادي كان عدد كنائس مصر وأديرتها قد وصل إلى 2084 كنيسة و834 ديرا”.
أن دير سانت كاترين كتب له البقاء والاستمرار من خلال عهد الأمان الأول من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (العهدة النبوية بالدير) وعهود الخلفاء المسلمين التي بلغت 200 وثيقة، واستمرت العلاقات القوية بين الدير والقسطنطينية في العهد الإسلامي، كما استمر الدعم الروحي والمادي للدير، وكان له مكانته واحترامه. نبي الاسلام محمد كان اول من تعامل بتسامح مع غير المسلمين وهناك الكثير في الاسلام الحنيف يستدل منه على سماحة الاسلام وخطأ الدواعش والتي سنذكرها فيما يلي :
النصوص القرآنية:
جاء النبي محمد صحابي يسأله ان يحمل ولديه على الاسلام بالقوة.
فنزل قول الله تعالى: " لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي" آية 25 سورة البقرة ومعنى الآية انه قد ظهر في هذا الدين الرشد والعلاج والهدى فلا داعي للإكراه . وقال تعالى مخاطبا رسوله " فذكر إنما انت مذكر لست عليهم بمسيطر" آية 22 سورة الغاشية، وهذا كان عهد الرسول لأهل نجران وقد كانوا نصارى " ولنجران وحاشيتها جوار الله ، وذمة محمد النبي رسول الله ... على أموالهم ، وأنفسهم، وملتهم ، وغائبهم ، وشاهدهم ، وعشيرتهم ، وبيعتهم ، وكل ما تحت ايديهم من قليل أو كثير ... ولا يغير أسقف من أسقفيته ، ولا راهب من رهبانيته ، ولا كاهن من كهانته ...".
وصايـا ومعاهـدات الخـلـفـاء الراشدين :
1 . من وصايا الخليفة الأول أبو بكر الصديق :
لا تخونوا أو تغدروا ولا تقتلوا طفلاً صغيراً وشيخاً كبيراً ولا امرأة ولا تعقروا نخلاً ولا تحرقوه ولا تقطعوا شجرة مثمرة ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيراً .
2 . ومن وصايا الخليفة الثاني عمر بن الخطاب :
واستمتاع الذميين بحريتهم الدينية وضمانهم لمصالحهم العامة كان ملحوظاً في المعاهدات التي أبرمت بينهم وبين المسلمين في إبان الفتوحات الكبرى وإليك نص المعاهدة التي أمضاها عمر بن الخطاب مع رسل ( سفرنيوس ) أسقف بيت المقدس كنموذج لموقفه مع المسيحيين ، إذ قال كما روى الطبري :
(( بسم الله الرحمن الرحيم . هذا ما أعطى عبد الله عمر أمير المؤمنين أهل ( إيلياء ) من الأمان .
أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم ، ولكنائسهم وصلبانهم ،وسقيمها وبريئها وسائر ملتها ، أنه لا تسكن كنائسهم ، ولا تهدم ، ولا ينتقص منها ولا من غيرها ، ولا من صليبهم ، ولا من شيء من أموالهم ، ولا يكرهون على دينهم ولا يضار أحد منهم ، ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود .
3 . ومن وصايا الخليفة الرابع علي بن أبي طالب : (( إياك والدماء وسفكها بغير حلها فإنه ليس شيء أدنى لنقمة ولا أعظم لتبعة ولا أحرى بزوال نعمة من سفك الدماء بغير حقها فلا تقو سلطانك بسفك دم حرام فإن ذلك مما يضعفه ويوهنه بل يزيله وينقله )).
ومن أقواله كرّم الله وجهه في أهل الذمة (( من كان له ذمتنا فدمه كدمنا وديته كديتنا )) .
وقبل أن ننهي الحديث عن حرية العقيدة ربما يقال ونحن بصدد هذه الدراسة ، إذا كان هذا موقف الإسلام من حرية العقيدة ، ففيم كانت غزوات الرسول وفتوحات الخلفاء الراشدين ، وفيم كانت الجزية وعقوبة المرتد عن الإسلام .
والرد على ذلك أنها لم تكن لتحمل الناس على اعتناق الإسلام بالقوة بدليل المصالحات والمعاهدات وعقود الأمان التي تمت بين الرسول وخصوم الدعوة حين رغبوا في هذا وأعلنوا ترك الحرب ، وبدليل العهود التي أعطاها الخلفاء الراشدون لغير المسلمين ، وإنما كانت هذه الغزوات والفتوحات لتأمين الدعوة من أعدائها الذين يجمعون للقضاء عليها أو يتحينون الفرصة لإضعافها.
(( أما مسألة الجزية فقد فرضها الإسلام على أهل الكتاب لا لإجبارهم على الإسلام وإنما كانت ذلك مقابل حمايتهم والدفاع عنهم وإعفائهم من التجنيد لأن المفروض أن القتال في الإسلام إنما يكون لحماية الدين كلما تعرض للاعتداء ومن غير المعقول أن يأتي غير المسلم يدافع عن دين الإسلام )) .
والمسلم كلما ازداد فهماً لدينه وإطلاعاً على تاريخ العرب وحضارتهم ازداد اعتزازاً بالإسلام
وتمسكاً به ، وتسامحاً مع الغير .
ولنا أن نسأل أنفسنا بعد ذلك فنقول : إذا كانت الأرض قد دانت للعرب والمسلمين ، وخضع لهم العالم … فلماذا لم يقض العرب على مخالفيهم ، ولم يبيدوهم بجرة قلم ، أو لماذا لم يكرهوا تلك الأقليات الصغيرة على اعتناق الإسلام على أقل تقدير وجواباً على ذلك نقول : (( إن طبيعة الإسلام وحبه للناس كافة واحترامه للإنسانية التي جاء لإخراجها من الظلمات إلى النور ، جعله يتنزه عن مثل هذه الخطايا ، ويترفع عن آثام كهذه )).
فخامة الرئيس العراقي المنتخب فؤاد معصوم المولود في كويسنجق عام 1938 إلى أسرة كردية معروفة بمكانتها الدينية ، والدك هو الشيخ ملا معصوم، الذي كان رئيسا لعلماء كردستان ومن دعاة التقارب المذهبي والتعايش الديني.
انت خريج جامعة الأزهر بالقاهرة، وحصلت على درجة الدكتوراة في الفلسفة الإسلامية ، وقادر على فهم ما هو مضمون هذه المقالة أكثر من غيرك، ليس لخلفيتك الدينية والثقافية فقط بل بسبب الاضطهاد والتهجير الذي واجهته انت وشعبك الكردي ، مسيحيي العراق وأقلياته أمانة في عنقك وأول مسؤولياتك حمايتهم وإعادتهم لأرضهم وأديرتهم ، هم اصل العراق وليس ذمييها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط


.. ما رؤية الولايات المتحدة الأمريكية لوقف إطلاق النار في قطاع




.. الجيش الاسرائيلي يعلن عن مقتل ضابط برتبة رائد احتياط في غلاف