الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المثلّث الخبري المعرفيّ : من يملك الحقيقة يسيطر على التّاريخ و يمتلك السّلطة

رضا كارم
باحث

2014 / 8 / 6
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


الحقيقة-التاريخ-السّيادة: المثلّث المعرفي الخبريّ السياسي.
____________________
الإعلام سلطة بالفعل. سلطة تقرير حقيقة و ضبط رأي عامّ و توجيه حقل ثقافي برمّته وجهة المتنفّذ الأعلى أو رأس المال. العلاقة النّفعيّة بين كارتلات الاحتكار و وسائل الإعلام المختلفة، بحاجة إلى واسطة متنفذة تمتلك السّلاح و ترسم تكتيكات و مناهج تمرير "الحقائق-الخدع" المراد سيطرتها على العقل و التجربة في واقع ما، يهتمّ رأس المال بتشيئته و اختزال قيمه ضمن إحدى مقولاته المتواترة.(الخبز، العِيش،الشغل،رفع الأجور، التنمية الجهوية، النمط المجتمعي،الانتقال الديمقراطي،العدالة الانتقالية...)
بالسؤال عن الجهاز الضّخم الذي يمكن أن يتضمّن ضمن بنيته الأطر التنظيمية من عسكر و قضاء و إدارة و خلافها، ستتوجه الأحكام نحو الدولة في صيغتها الحديثة ، أي دولة ما بعد الثورة الفرنسية ، دولة الفصل بين السلطات بعد إنشائها...
تمكّن رأس المال من استلاب كل معنى خصوصيّ هوويّ طبيعيّ، كلّ معطى أوّليّ خال من الإديولوجي و الثقافي ، و توغّل بين مكوّنات الدولة و مؤسّساتها ، حتى أُدغِم معها، و بات الفصل مستحيلا. و بفعل التطوّر التّاريخيّ ، ازدادت أشكال الإدغام نفاذا و تلبّسا و انتهى النّقاش كلّيا حول الوظيفة الحقيقيّة للدّولة و مرتبة الإنسان فيها و موقع التجربة الإنسانيّة منها. ثمّ أوجد رأس المال مؤسسات "موازية" مثل النقابات تحديدا. و تحكّم بأجنداتها و نظمها الداخلية، و قرّر من يكون على رأسها بعد أن مركز قراراتها بأيدي شخوص تمكن مفاوضتهم حول "الثّمن المناسب الذي يطلبونه"...
إن الدولة لا تتجاوز أن تكون واسطة أداتيّة بيد كارتلات الجريمة المنظّمة، و منفّذ بارع لتك الجرائم، ثمّ صانع للمجرمين و منشئ لمحاكم تجرّدهم من آخر معاقل الإنسانيّة فيهم.
و لأن أدوارها خفيّة و مركّبة، فهي تواصل خداع الغالبيّة المقصيّة من دوائر الرّفاه و الكرامة و الحرّية. بل تزداد قداسة و جلالا و هي تلاحق "الإرهابيين " في الشعانبي، أو دير الزّور ، أو سنجار بضواحي الموصل الحزينة.
لم يكن لرأس المال و رموزه الإرهابية المجرمة المعادية للإنسان، أن يضمن ما له من مقدرة على الهيمنة و الاستغلال دون تركيب وسائط لتلك الهيمنة،تحظى بثقة مطلقة من الجماهير و لا يُناقش دورها أو وظيفتها أو طبيعتها أو رهانها.
سأسوق مثالا من التجربة الاستعباديّة للإنسان في لبنان. يجترّ الإعلام ، أخبار سيطرة "داعش" على قرية عرسال. لكن لا أحد سأل عن هذه العرسال. و هو أمر طبيعي لعقول مستلبة فاقدة للحسّ النّقديّ و متورّمة انتهازيّا و تسطيحا.
عرسال قرية تعيش على التجارة الموازية اي المناقضة للرسمي المدولن، مع قرى سورية على خطّ "سايكس -بيكو" الحدودي المفروض بالقسر. لم تقدّم الدّولة الفاسدة في بيروت شيئا لتحسين شروط البقاء "العبوديّ" في تلك المنطقة. و من الطبيعي أن تنشأ حالة تمرّد و كراهية بين العرساليين ضدّا لدولة لبنان. إنها منطقة لم تطأها غير القدم الطائفية لعسكر تيار المستقبل لتوابع السعودية في لبنان اي سعد الحريري. وحده ذلك المجرم الفاسد، من يقدّم رشى انتخابية و هبات مناسباتية لجموع جماهير "السنّة" في عرسال.
بعد ما يكفي من الإقصاء و التجاهل و القمع، يتذكّر لبنان اليوم أنّ عرسال تقاتل جيشه، و انّ طرابلس تساندها قبل أن تنضم بيروت و صيدا و "كل السنّة"...
عرسال تنتقل من سيطرة فاسدين إلى سيطرة مجرمين ، و تعاود الطريق الى الفاسدين المجرمين التأسيسيّين للجريمة و الخيانة . و يكتفي الإعلام بنقل مشاعر الغضب " اللبناني الرسميّ على ضياع عرسال، التي لم تكن يوما لبنانية .
إنه وضع مجرّب . منوال مكرور . و أشكال تعامل متعاودة.

وضمن هذا الوضع المكرّس بدقّة و المختبر بعناية، يتمكّن الإعلام من متابعة مراحل الإيهام و العزل و التحريض و الإرهاب.
أن تستضيف نسمة "الممثل التجاري" لميليشيا ليبيّة، أو تردّ التّونسيّة أو قناة مصريّة باستضافة ّممثل تجاري" لميليشيا عدوّة، لن يعدو ذلك مجاوزة الحقل الإجرامي المراد تعميمه بعد زرعه. إن الإعلام يواصل حرب الشوارع على أستديوهاته الجاهزة للشّراء لمن يدفع أكثر. تأمل ما الذي يجمع نداء تونس بعبد الحكيم بلحاج بنبيل القروي ؟
برلسكوني مثلا؟
هل يعني ذلك أن توافق الدساترة الخوانجية.....

لا أدري، لا يهمّني أن يكون الأمر كذلك. لكنّ لا شيء ممّا يكتب أو يذاع أو يناقش على فضاءات الإعلام، يبدو حقيقيّا .
___________________
رضا كارم -قلعة سنان
06/08/2014








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق واقعي بسيط...
غـسـان صــابــور ( 2014 / 8 / 6 - 11:21 )
ولكن... ولكن كما يقول الشاعر والمغني الفرنسي :
Et celui qui dit La Vérité…
Il sera exécuté……..
ومن يقول الحقيقة... يــعــدم...
وخاصة في عالم العربان... يا سيادة الكاتب.............
وحتى نلتقي......
غـسـان صــابــور ـــ لـيـون فــرنــســا

اخر الافلام

.. مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين في باريس خلال عيد العمال.. وفلس


.. على خلفية احتجاجات داعمة لفلسطين.. مواجهات بين الشرطة وطلاب




.. الاحتجاجات ضد -القانون الروسي-.. بوريل ينتقد عنف الشرطة ضد ا


.. قصة مبنى هاميلتون التاريخي الذي سيطر عليه الطلبة المحتجون في




.. الشرطة تمنع متظاهرين من الوصول إلى تقسيم في تركيا.. ما القصة