الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غزة في منظور المستقبل

محمد إبراهيم حجازي

2014 / 8 / 8
القضية الفلسطينية


قطاع غزة بما يحويه من متناقضات متصارعة , يشكل ملخصا للحالة الفلسطينية عامة , صراع مفتوح مع الإحتلال مع مقاومة ممزوجة بحجم هائل من الضحايا طيلة السنوات الماضية , غابة من البنادق تتلاطم فيها وتوظفها أجندات بهويات مختلفة , حالة إهمال مقصودة أو في أحسن الحالات غير محسوسة من قبل السلطة الفلسطينية , بكامل هيئاتها و مؤسساتها , بإختصار شديد مكان غير صالح للسكن , فيه الكثير من المآسي " الماء , الكهرباء , البنية التحتية , التلوث الذي وصل لمياه البحر ...... إلخ " كما ذهب إلى ذلك تقرير وكالة الغوث التابعة للأمم المتحدة , في السياسة ممنوع على الغزيين أن يكونوا جزءا من فلسطين أو من السلطة الفلسطينية , هكذا تريد إسرائيل , وجزء من القيادات الفلسطينية التي تحاول العبث بالتركيبة السياسية للشعب الفلسطيني , ولكن رغم ذلك تبقى غزة ضمان للمشروع الوطني و حاميته .
أرادت إسرائيل من قطاع غزة أن يذهب بعيدا عن القضية الفلسطينية و ينفصل عنها , أو أن يشكل مشروعا منفردا لدولة دينية تلقى بثقلها على العالم العربي و على مصر خاصة , وتفشل حل الدولتين , كل الحكومات المتعاقبة في إسرائيل أجمعت على ضرورة فصل غزة عن الضفة الغربية لإفشال حل الدولتين , ولخلق كيان ذو مواصفات خاصة يجزء التمثيل السياسي للفلسطينيين , و يضرب الممثل السياسي للفلسطينيين منظمة التحرير , وبالتالي يضرب المحدد الأساسي للجماعة السياسية الواحدة , تتعدد الأهداف و الغايات و الهدف يبقى و احدا , تشتيت النضال الوطني للفلسطينيين وصولا لطمس و تبديد القضية الفلسطينية , حتى عندما صنعت إسرائيل روابط القرى و الإدارة المدنية في الضفة الغربية في السبعينيات من القرن الماضي لم تنقلها لقطاع غزة , حتى لا تجعل من الشكل الإداري السياسي موحدا للفلسطينيين , ففي المجال التعليمي أيضا كان هناك نظامين مختلفين نظام مصري في غزة و نظام أردني في الضفة الغربية , وجعلت من التطور الإقتصادي و الإجتماعي مختلفا عن الضفة الغربية , و أستكمل ذلك بسيطرة حركة حماس على قطاع غزة هذه السيطرة بقوة السلاح ما كانت لتتم لولا موافقة إسرائيل لأنها رأت بذلك تجسيدا لخططها السياسية لفصل غزة عن الضفة الغربية , و أحدثت سيطرة حماس على القطاع تغييرات إجتماعية هائلة , نحتاج لسنوات طويلة للتخلص منها أو للتخفيف من أعبائها , أصبحت غزة بكاملها تعيش على برامج الإغاثة الدولية , وكالة غوث وتشغيل اللاجئيين , يستفيد من برامجها أكثر من 88 ألف أسرة , وفي الحرب الحالية و السابقة كانت وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين هي الحكومة الفعلية التي يناط من خلالها إغاثة القطاع و تأمين مستلزمات الحد الأدنى لحياة الإنسان , هناك أكثر من 12 ألف موظف يديرون برامج وكالة الغوث التعليمية و الصحية و الإجتماعية , وهناك الآلاف الذين يستفيدون من برامج المانحيين لمنظمات المجتمع المدني , وهناك موظفي السلطة الفلسطينية الذين تناقص عددهم بشكل واضح خلال السنوات السبع العجاف ويقدروا الآن بحوالي أقل من 60 ألف موظف , وهناك أيضا موظفي حركة حماس و حكومتها ويقدرون بحوالي 40 ألف موظف كان يجري تأمين رواتبهم من الضرائب التي فرضتها حماس على كل شئ في القطاع , إلى جانب التمويل السياسي الموجهة من قبل حركة الإخوان المسلمين و حلفائها في المنطقة قطر و تركيا , وهناك المجموعات المسلحة بكافة أذرعها و تقدر بالآلاف , يحصلون على تمويل موجه سياسي بشكل واضح , وهذا التمويل سمح بالتدخل الإقليمي الفج بالقضية الفلسطينية , وفتح صراعات داخلية للتطاول على الوطنية الفلسطينية و ممثلها منظمة التحرير و السلطة الفلسطينية , إلى جانب التشكيك المستمر بوحدانية التمثيل السياسي لشعبها , إن أي حديث عن مستقبل قطاع يبقى غير موضوعي بدون ربطه بهذ المتغيرات السياسية و الإجتماعية و الإقتصادية التي باتت تتحكم بالقطاع و تبعده عن سياقه الطبيعي و الوطني , في الحرب المجرمة التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة , لم تذهب الرؤية السياسية الإسرائيلية أكثر من ذلك , فالأهداف العسكرية ٍتبقى منسجمة مع الرؤية الإستراتيجية , لم تطرح إسرائيل هدفا لعملياتها طيلة الخمس سنوات الماضية " ثلاثة حروب " الإطاحة بحكم حماس أو القضاء على حركة حماس , لانها تعلم جيدا بأن علها أن تطرح سؤال ماذا ستفعل باليوم التالي للحرب هل تقوم بإعادة طواقم الإدارة المدنية إلى القطاع و بالتالي تتحمل وزر أكثر من مليون و 800 ألف فلسطيني وتكون قوة إحتلال واضحة أمام القانون الدولي , أم تعيد قطاع غزة للسلطة الفلسطينية ويبدوا الرئيس عباس و كأنه عاد على ضهر دبابة إسرائيلية الأمر الذي لايمكن لأي فلسطيني القبول به حتى ولو غزة بقيت مائة عام تحت سيطرة حركة حماس , كان هدف الحربين الماضيتين هو إعادة الرشد لحركة حماس و تحقيق قوة الردع , من خلال تثبيت مقولة الغذاء و الدواء مقابل الهدوء ومنع إطلاق الصواريخ , لاتختلف الحرب الحالية عن الرؤية الإسرائيلية في الحربين السابقتين من ناحية الأهداف , ولكن في هذه المرة كانت المقاومة مستعدة وخاضت مواجهات بطولية حققت خسائر في صفوف الجيش الإسرائيلي , إطلاق الصواريخ كان أكثر دقة و غطى مساحات شاسعة من فلسطين التاريخية , و المتغير الأهم في هذه الحرب هو إستخدام المقاومة للأنفاق الحدودية بشكل فعال لمباغتة العدو و تحقيق خسائر في صفوف جنوده , و بالتالي حدد نتنياهو و الكابينت المصغر هدف العملية هو القضاء على الأنفاق الحدودية و تدميرها , إختلاف بالتكتك ولكن الرؤية بقيت كماهي .
ممكن للكلمات التالية أن يكون لها معنى عند الحديث عن علاقة السلطة الفلسطينية بقطاع غزة " غزة زائدة عن الحاجة , لا أحد يريد غزة " بهذه العبارات ممكن فعلا تلخيص المشكلة , تناقص مستمر و تدريجي بالخدمات المقدمة , تآكل مستمر برواتب الموظفين و خصم أجزاء متتالية من رواتبهم , غياب الرؤية السياسية الإستراتيجية لعلاقة غزة بحكم الضرورة , بالمشروع الوطني الفلسطيني و بمشروع الدولة الفلسطينية , الذي يوحد غزة الآن مع الضفة الفلسطينية و فلسطينيي الشتات و ال 48 هو المعاناة , الدم النازف و حجم و فداحة المشهد الدموي لغزة , الغزيون و الفلسطينيون من حولهم في صراع مستمر لإفشال مخطط شارون لفصل غزة عن الضفة , و الصمود الشعبي الفلسطيني في غزة يجب أن ننظر له من هذه الزاوية , هدف المقاومة الآن في المعركة الدائرة و الإلتفاف الشعبي الذي لم يعلن ألمه ومعاناته للعدو حتى هذه اللحظه , هو للدفاع عن وحدة شعبنا , ووحدة الموقف الفلسطيني على مستوى قيادة السلطة و منظمة التحرير , وإن جاء متأخرا , أتى وتفاعل من خلال صمود و آلام الفلسطينيين .
في الإقليم فضح صمود غزة و بسالة المقاومة , المتاجريين بالقضية الفلسطينية الذين أرادوا توظيف معانات الشعب الفلسطيني و دمه النازف , في إختلافاتهم و صراعاتهم المذهبية أو محاولة إستعادة دورا مفقودا لمحور حركة الإخوان المسلمين و ممثليهم في قطر و تركيا .
و أخيرا لن تسمح إسرائيل لغزة بأن تتوحد مع الضفة الغربية , حتى ولو إضطرت لخوض الكثير من الحروب , لأنها تدرك أن غزة هي بوابة الحل السياسي في حصول الفلسطينيين على دولة , وكان من الممكن أن يتم عزل غزة عن القضية الفلسطينية فيما لو بقي حكم الإخوان السلمين في مصر , ثورة مصر في 30 يونيو , هي التي أفشلت هذا المخطط , تلاقت رؤية حماس بإعتبار غزة جزء من مشروع إسلامي في المنطقة تقوده مصر الإخوانية في ذلك الوقت , مع رؤية شارون بعزل غزة وذهابها بعيدا بإتجاه مصر , غياب الإرادات السياسية الفلسطينية سمحت لهذه المخططات بالتلاعب بنا و التجاذب فيما بينها .
إسرائيل أيضا لن تسمح بالتكامل الإقتصادي بين غزة و الضفة الغربية و مدينة القدس , غاز غزة المكتشف مجدي جدا من الناحية الإقتصادية ولو قدر للفلسطينيين للإستثمار فيه لحلت كل مشاكلنا الإقتصادية و تحررنا من إلتزامات المانحيين السياسية , و الضغوط التي تمارس علينا مقابل الدعم المقدم حتى من العرب أنفسهم .
قدر لغزة أن تقاتل دفعا عن و حدتها السياسية مع الضفة الغربية و مدينة القدس , و قدر لغزة أيضا أن تدافع عن وطنيتها و أن تكون جزءا من كيان فلسطيني موحد لكل الفلسطينيين في مواجهة مشرع فصلها و ذهابها إلى مشروع ذو هوية إسلامية , فشل مع سقوط حكم مرسي في مصر ,
وقدر أيضا لغزة أن تعيد وهج القضية الفلسطينية على الصعيد العالمي , توحد الفلسطينيين في الميدان في مواجهة العدوان في كل أماكن تواجدهم , وتتعثر القيادة الفلسطينية من تحقيق المصالحة الفلسطينية و إستعادة وحدة المؤسسات الفلسطينية , و الحياة الديمقراطية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة.. الجيش الإسرائيلي يدعو السكان لإخلاء شرق رفح فورا


.. إسرائيل وحماس تتمسكان بموقفيهما ولا تقدم في محادثات التهدئة




.. مقتل 16 فلسطينيا من عائلتين بغارات إسرائيلية على رفح


.. غزة: تطور لافت في الموقف الأمريكي وتلويح إسرائيلي بدخول وشيك




.. الرئيس الصيني يقوم بزيارة دولة إلى فرنسا.. ما برنامج الزيارة