الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مع أحرار موريتانيا

بدر الدين شنن

2005 / 8 / 9
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


الكلام عن الإنقلابات العسكرية في بلداننا العربية أشبه بالسير في حقول ألغام مجهولة المساحة والخرائط ، مرد ذلك يعود إلى ما عانيناه ومازلنا نعانيه من حكم العسكر على مدى أجيال وأجيال . ولهذا ، فإن الإنقلاب العسكري الموريتاني الأخير ، صاحبه الرفض هنا ، والتحفظ هناك ، ، وإن حظي بالقبول هنالك ، فإما على مبدأ " لعل وعسى " أن يتحول إلى تكرار لانقلاب الفريق سوار الذهب في السودان ، وانقلاب شباط 1954 في سوريا وانقلاب الزعيم عبد الكريم قاسم 1958 في العراق، وإما من باب الشماتة بهذه الأنظمة المتغولة على شعوبها

بيد أن ثمة اشياء في الانقلاب الموريتاني تثير الريبة والحيرة تحول دون الارتياح في تحديد الموقف منه . أولها ، أن رأس النظام لم يكن مطلوباً أمريكياً خاصة ودولياً عامة ، فهو قد قام إزاء كل الجهات بما فيها إسرائيل بكل " فروض الطاعة " والإنبطاح . ثانيها ، أنه رغم عمليات القمع والتطهير المتواترة التي مارسها " ولد صايع " في أوساط الجيش ، فإن الجيش بالإجماع تقريباً ومعه أجهزة الأمن ، آلة القمع الرئيسية ، من قام بالانقلاب دون إراقة نقطة دم واحدة . ثالثها ، الاحتجاج الأمريكي الناعم على عملية الانقلاب ، دون الإقدام حتى الآن ، على إجراء عقابي أمريكي او دولي ضد النظام الجديد . إذن لماذا الانقلاب ؟ .. ومن هم وراء الانقلاب ؟ الأيام القادمة ستكشف ما هو مجهول الآن ، من خلال ممارسات المجلس العسكري الحاكم

منطق الأمور يشير إلى أن مصداقية العهد الجديد مرتبطة بمدى موقفه من بنية نظام " ولد صايع " الديكتاتوري ومن المواثيق والمعاهدات الدولية التي ربط الدولة الموريتانية بها ، وخاصة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع إسرائيل . وإذا ما سارت الأمور باتجاه تغيير جذري في البلاد ، الإفراج الفوري عن المعتقلين السياسين وإشاعة الديمقراطية ، وإلغاء أسس وآليات الاستبداد ، وإجراء إنتخابات ديمقراطية ديمقراطية تنبثق عنها سلطة ديمقراطية شرعية جديدة ، وإعادة النظر ، على ضوء المصالح الوطنية ، بالمعاهدات والمواثيق والعلاقات الدولية ، وعودة الجيش إلى ثكناته ، فإن الانقلاب يقدم نفسه بديلاً وطنياً ثالثاً لأزمة التغيير الديمقراطي في الوطن العربي ، سيما إذا أخذنا التدخل العسكري الخارجي بالعراق مثالاً ، ويبرهن على أن البديل العسكري الوطني ، مع احترام كل التحفظات الديمقراطية ، هو أكثر إنسجاماً مع المبادئ الوطنية ، وأكثر احتمالاً لحدوث تطورات لاحقة في توظيف المستجدات الوطنية لخلق شروط بناء نظام ديمقراطي في البلاد ، وهو أرحم وأقل تكلفة بالأرواح والقيم المادية

على أية حال ، لقد فتحت موريتانيا العظيمة .. في غرب الجغرافيا العربية .. أفقاً " لشروق " شمس الحرية .. ودشنت بالبديل الوطني ، وإن بآلية عسكرية ، مرحلة تفكك سلسلة عبودية الاستبداد ، وجعلت عيون الشعوب العربية المقهورة ترنو الآن عبر أسوار القمع ومن خلف قضبان السجون ، إلى الثكنات العسكرية التي يربض فيها أبناؤها ، ترنو إلى حراك عسكري يتكامل مع الحراك السياسي ، ليقطع الطريق على التدخل الخارجي المدمر ويسقط عهود الاستبداد إلى الأبد

نتمنى أن تسقط قريباً تحفظاتنا حول الحالة الموريتانية الراهنة

نتمنى أن نحتفل مع أحرار موريتانيا في شوارع نواكشوط

شكراً موريتانيا العظيمة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دمار في -مجمع سيد الشهداء- بالضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنان


.. انفجارات تهز بيروت مع تصاعد الغارات الإسرائيلية على الضاحية




.. عسكريا.. ماذا تحقق إسرائيل من قصف ضاحية بيروت الجنوبية؟


.. الدويري: إسرائيل تحاول فصل البقاع عن الليطاني لإجبار حزب الل




.. نيران وكرات لهب تتصاعد في السماء بعد غارات عنيفة استهدفت الض