الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا ؟ ولماذا ؟

ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)

2014 / 8 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


وسائل الإعلام المأجورة الناطقة بأمر مَن يدفع لها . تقول " مسعود البرزاني خائن ، إشترك مع داعش والبعثيين في مؤامرة ضد الوطن " ، وتقول " أثيل النجيفي خائن ، سلّم الموصل إلى داعش والبعثيين . " ثم تنقل عن حكيم السياسة والسياسيين في آخر الزمان مشعان الجبوري " آن الأوان أن يتخلّص العراق من الإستعمار الكوردي . " وتنقل أيضاً وبتفاخر عن النائبة المشهورة في كتلة دولة القانون الدكتورة حنان الفتلاوي " أنا أكره الكورد !! " . و لا أدري ما تصوّر هؤلاء ؟ الأكراد كانوا موجودين في شمال العراق وسيبقون سواء بقوا ضمن العراق الموحد أو إنفصلوا ، فما هو تفسير هذا الحقد ؟

في مقالة سابقة ، وبعد حربي العراق مع إيران ، وغزو الكويت وما تبع ذلك من إدعاء نظام الطاغية أن العراق خرج من الحربين منتصراً ، دعونا إلى إعادة كتابة القاموس لتتلاءم معاني الكلمات مع شرحها وما يطابقها في الواقع . وها نحن الآن ، وبعد مرور أحد عشر عاماً على " التحرير " الذي أتانا على يد الأمريكان ، يطلع علينا على شاشات التلفزة قاسم عطا ، الناطق الرسمي بإسم وزارة الدفاع ، وحامل رتب عسكرية على كتفيه تنوء تحت ثقلها الجمال ، والتي لا تتناسب مع عمره من سنوات خدمة عسكرية لنيلها . يخرج علينا بتصريحات متناقضة : يوماً يدعي أن القوات المسلحة طهّرت مدينة تكريت ورفعت العلم العراقي على الأبنية الرسمية ، ويخرج علينا بعد أيام ويقول " أن القوات المسلحة تمكنت من إحكام طوق حول مدينة تكريت !! " ، وإلى الآن لم نعرف ما هو الموقف الصحيح في تكريت !! قاسم عطا ، هذا ، يذكرنا بمحمد سعيد الصحاف ، وزير الإعلام في عهد الطاغية الذي كان يصرخ بأن الجيش سيقضي على العلوج بينما كانت الدبابات الأمريكية تعبر جسر الجمهورية . إن قاسم عطا هذا نسخة ثانية من الصحاف ، وعلينا أن نفهم معاني كلماته بغير المعنى الدارج في القواميس العربية الإعتيادية .

" هجمت " شلة من داعش لا يزيد عددها على بضعة مئات ، وبأسلحة خفيفة على الموصل ليلة التاسع من حزيران وصباح العاشر منه ، وكان في الموصل قوات عسكرية بحدود ثمانين ألف عسكري وتحت إمرة قائدين من قادة العمليات وفوقهما مجموعة من القادة العسكريين " الوطنيين جداً " من القيادة العامة للقوات المسلحة وعلى رأسهم الفريق الأول الركن عبود قنبر . هرب القادة العسكريون " الوطنيون " من ساحة المعركة قبل وصول داعش مستخدمين الطائرات المروحية وتاركين القوات العسكرية الأخرى في الموصل بدون قيادة ، وتاركين الآليات والأسلحة الثقيلة والخفيفة والعتاد خلفهم ليستولي عليها إرهابيو داعش . هرب القادة العسكريون " الوطنيون " وإلتجأوا إلى مقر " الخائن " مسعود البرزاني الذي لم يجد بُداً من تسليمهم إلى السلطات الإتحادية بإعتبارهم كوادر القيادة العامة للقوات المسلحة . بعد إستلامهم في القيادة العامة للقوات المسلحة إنقطعت أخبارهم حتى أذيع بيان من القائد العام للقوات المسلحة ، بعد مرور أكثر من خمسة أسابيع بخصوص واحد فقط من أولئك القادة الهاربين وهو الفريق الركن علي غيدان بإحالته على التقاعد ( خوش عقوبة ) .

أخذت قوات داعش بعد إحتلال الموصل في التوسع في المناطق المجاورة ، ومعها المنضَمّون إليها من الحاقدين على المالكي وسياسته متوجهين إلى محافظة صلاح الدين وإحتلوها بعد إنسحاب الجيش منها ، بأوامر من القيادة العامة للقوات المسلحة ( الوطنية ) ، ثم توجهوا نحو بيجي وإحتلوها ، وصاروا ينتجون النفط في مصفاتها ويهربونه ، ثم توجهوا نحو كركوك التي أخليت من القوات العسكرية أيضاً بعد إنسحاب الجيش ، مما دفع " البرزاني ، الخائن حسب تلك الوسائل الإعلامية " أن يبعث بقوات البيشمركة لإحتلال كركوك حفاظاً عليها من داعش .

بعد مرور شهرين على إحتلال الموصل ونحن نرى ونسمع ما إقترفته قوات داعش في الموصل وتلعفر وسنجار وتكريت من قتل جماعي وإغتصاب النساء وتهجير الشيعة والمسيحيين والإزديين ، وسرقة أموال المصارف ، وتدمير مراقد الأنبياء وكنائس المسيحيين وحسينيات الشيعة وتدمير النصب التذكارية والفنية ، لا بد لأي عاقل أن يتصوّر ما كان سيكون عليه الوضع في كركوك لولا إحتلال قوات البيشمركة لها . إستند البرزاني في إرساله البيشمركة إلى كركوك على توافقات سابقة بين القوى السياسية العراقية بإعتبارها من المناطق المتنازع عليها ، وأن للبيشمركة الصلاحية لحمايتها ، ولذلك فإن إرسال البيشمركة إلى مناطق أخرى ، غير المتنازع عليها ، كان يستلزم إستحصال موافقة الحكومة الإتحادية ، وهذا كان السبب في عدم تمكن البيشمركة من مهاجمة داعش خارج حدود المناطق المتنازع عليها .

عجبي أن الجيش العراقي ( بقيادة القائد العام للقوات المسلحة – المالكي ) لم يتمكن ، وبعد مرور شهرين ، أن ينظم هجوماً معاكساً لتحرير الموصل !! القوات العسكرية نشطة وفعالة في محافظتي صلاح الدين والأنبار ، والإنتصارات التي يعلنها قاسم عطا هي في الحقيقة " جعجعة بدون طحين " . وبشهادة كبير المستشارين الأمريكيين الذين أرسلتهم الولايات المتحدة ليساعدوا القوات المسلحة العراقية في مكافحة داعش ، حيث قال أمام الكونكرس الأمريكي " طلبنا من العراقيين عدم دخول الجيش إلى تكريت بل التركيز على عملية إستعادة الموصل ، إلاّ أنهم لم يستجيبوا لذلك . " وقال أيضاً " بلغنا المالكي أن القيادات العسكرية ترفع تقارير غير صحيحة عن إنتصاراتها على قوات داعش .". لقد تحوّلت قضية إحتلال الموصل إلى ورقة بيد المالكي يضغط بها على كل مَن يخالفه في الرأي أو لا يؤيد الولاية الثالثة له . يصرف الأموال على الجيش ويشتري الطائرات من روسيا بمليارات الدولارات بينما ميزانية الدولة غير مصادق عليها ، بل يضيف على تلك الصرفيات دفع تعويضات بمقدار مليون دينار لكل عائلة مهجرة بما يذكّر بسياسة الطاغية في إصدار العملة الورقية بدون غطاء مما أدى إلى تدهور قيمة الدينار العراقي ودخول العراق في أزمة إقتصادية جديدة لا ينهض منها بعشرات السنين .

الشعب الذي لبّى نداء المرجعية الدينية في التطوّع لحماية الوطن إنما دفع أبناءه البررة إلى الهلاك المحقق تحت قيادة عسكرية فاشلة بكل المقاييس المهنية حيث إستغلّت إندفاعهم الوطني فأرسلتهم إلى الجبهات المتقدمة الساخنة ، وبدون تدريب عسكري يؤهلهم لخوض المعارك ليتقابلوا مع نيران العدو ، فأصبحت المقابر تستقبل يوميّاً مئات الشهداء منهم .

لا تظهر في الأفق نية للحكومة في ترتيب أوضاع الجيش وتأهيله لإسترداد الموصل ، بل المعركة بالنسبة إلى حكومة المالكي ، وأبواق وسائل الإعلام العاملة له ، إنما هي حل مشكلة النازحين ، وخروج البيشمركة من كركوك وإعادة الأسلحة التي إستولوا عليها عند دخولهم كركوك ، دون تقديم أية ضمانات لقدرة الحكومة على الحفاظ عليها من هجوم الدواعش المتربصين بها . الظاهر أن الحكومة تناست العمل على تحرير الموصل ، أو إسترداد الآليات والأسلحة التي إستولت عليها جماعة داعش ، و كذا إسترداد الأموال الطائلة التي سرقوها من المصارف .

إن عويل وصراخ وسائل الإعلام المأجورة التي تروّج إلى مؤامرة إشترك فيها البرزاني والنجيفي إنما هو ذرٌّ للرماد في الأعين . فلا أحد ينكر وجود مؤامرة على العراق ، غرضها تقسيم العراق حسب مشروع بايدن ، التي وضعت له سيناريوهات دقيقة وأختير لها ( الممثلون ) الذين يقومون بالأدوار ، كلٌّ حسب ما أوكل إليه من المخرج . ولكن لكل قصة أبطالٌ ويكملهم ممثلون وكمبارس ، وبطلنا في هذه القصة هو الذي يزيد في سكب الزيت على نار الفرقة ، فيهاجم الأكراد من جهة وعشائر الموصل والأنبار والأردن والسعودية وتركيا ، والمحسوبون عليه من أمثال مشعان الجبوري ، صاحب قناة الفضائية التي كانت تعلم الإرهابيين كيف يصنعون المتفجرات وغيره يُدلون بتصريحات طائفية بقصد خلق الفتن ، ووسائل الإعلام السائرة بأمره تقدّم البرامج التي تزيد في سعير الحقد والكراهية بين الناس .
إنها فعلاً مؤامرة ، لكنها ليست كما تصفها تلك الوسائل المأجورة . فهل يمكننا معرفة المتآمرين الحقيقيين ، ولماذا هذا التآمر ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - Stayrofom كلٌنا في الهوىّ سًَوىُ يا عُيوني!
حميد كركوكي {صيادي} ( 2014 / 8 / 9 - 12:17 )
جميعنا صعاليك اللعبة الأمريكية وأنا واحد منهم وأنت أيضآ لأننا في الساحة كلاعبي أو مشاهدي اللعبة الخاسرة!
أمريكا أشطرطت على البارزاني الإنسحاب لحدود ماقبل حزيران! وإلا سيتخلى عن ستايرومفوم Stayrofom ❊-;-أربيل❊-;-!

اخر الافلام

.. -أسلحة الناتو أصبحت خردة-.. معرض روسي لـ-غنائم- حرب أوكرانيا


.. تهجير الفلسطينيين.. حلم إسرائيلي لا يتوقف وهاجس فلسطيني وعرب




.. زيارة بلينكن لإسرائيل تفشل في تغيير موقف نتنياهو حيال رفح |


.. مصدر فلسطيني يكشف.. ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق ل




.. الحوثيون يوجهون رسالة للسعودية بشأن -التباطؤ- في مسار التفاو