الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فقه النزاعات الطائفية العربية

محمد ابداح

2014 / 8 / 10
الثورات والانتفاضات الجماهيرية



تنمو الطوائف والعرقيات في الوطن العربي أفقياً وعمودياً، فيما تزداد الهجرة الداخلية والخارجية بعد كل نزاع داخلي مسلح، ويتغير البعد الديموغرافي تبعاً لتكتلات التعداد السكاني والتوزيع الجغرافي للطوائف، ولهذا فإن النزاعات الأهلية في كل من سوريا ولبنان واليمن وليبيا والمغرب والصومال والسودان والعراق وغيرها، هو جزء من الصراع حول التاريخ والجذور، أي دفاع تلك الأطراف التنازعة عمّا كان لها في الماضي الغابر، وكيف سلبهم الآخرون إياه!.
إن الطائفية المزعومة، قد أثبتت بأنها أقل خطورة من مثيلاتها من دول العالم كدول البلقان مؤخراً، بل إن ما يميز الطائفية في الوطن العربي هو انقسامها على ذاتها منذ أمد قديم، فلا تكاد تدرس جزءاً من تاريخ الخلاف في طرف ما، إلا وتجد لدى كل طرف في الأزمة تمثيلاً نسبياً لأغلب الطوائف والعرقيات، مما يعني تحميل الطائفية أكثر مما تحتمل، وبعبارة أخرى تشخيصاً خاطئاً للعلة، كما هو الحال مع تاريخ النزاع الطائفي اللبناني نفسه، حيث يتم استنساخ الحروب الأهلية اللبنانية الدامية ، فرغم تأثرها بعوامل خارجية ، إلا أنها أزمات داخلية بامتياز فلا وجود للسوريين أو الإسرائيليين أو الفلسطينيين فيها بشكل مباشر.
فمصالحات التهدئة الهشة والصورية، تجسيد واقعي لنوع الضبابية التي تلف اللبنانيين والأزمة اللبنانية برمتها، فعلى السطح يبدو الخلاف حول تشكيل الحكومة، وقانون الانتخابات، ولكن هذه هي نصف الحقيقة، فالموالاة ترفض التوقيع على أي اتفاق لا تتعهد فيه المعارضة وبالذات حزب الله، على عدم استخدام السلاح داخلياً، والمعارضة ترفض أي انتخاب لرئيس توافقي إلا بتأمين فرعها الضامن في الحكومة، وأن لا تمر أي قرارات سيادية أو غيرها بما فيها قانون الانتخاب عبر الحكومة وحدها بل أن يكون لهم كلمة فاعلة بكافة القرارات، فضلاً عن جملة التحديات الأخرى كالمحكمة الدولية، والمخيمات الفلسطينية والسلاح، وعدم قدرة الجيش اللبناني الوطني على تأمين الاستقرار والحماية الحقيقية.
ولو افترضنا أن هذه المسائل هي أصل الأزمة فقط ، لأمكن القول بأنها ممكنة الحل، ولكن الحقيقة هي أنها ليست كذلك، والسبب لا يعود إلى تأثير التدخل الخارجي رغم أهميته وحساسيته، بل إلى اعتماد الأطراف اللبنانية على الدعم الخارجي في المقام الأول، وهنا يمكن تشخيص الأزمة اللبنانية باستخدام فقه الواقع، على أن جوهر النزاع الأهلي في لبنان، قائم على رغبة معظم الأطراف في أن لا تغلق وبشكل نهائي مسائل الخلاف، كي لايتوقف الدعم الخارجي باشكاله المختلفة، وأن يكتفى الأطراف بكل مرحلة باتفاق مؤقت، متذرعين بالضغوط الخارجية، والسبب هو إيمانهم بأن قبول التسوية ليس في صالحهم، بل يجب ترك التسوية مفتوحة وخلافية.
وكافة الطوائف في لبنان لا يشعرون انهم شركاء حقيقيين في الدولة اللبنانية، فصحيح أن لكل جانب من الأطراف المتنازعة في لبنان قاعدته الشعبية، ولذا فلا احد غيرهم يتحمل مسؤولية الوضع المتأزم الذي وصل اليه اليوم الوضع في لبنان، فالديون المتراكمة على الدولة ليس مسؤولية حزب ديني أو سياسي لوحده، والملايين التي تُدفع الى المحكمة الدولية هي التي أزمت الوضع المتأزم اصلاً، كما أن وجود اكتر من مليون ونصف المليون نازح سوري نتيجة الحرب الأهلية السورية الدامية منذ عام 2011م، قد خلق أزمات مالية متلاحقة في لبنان ووضع العيش المشترك تحت شعار المسائلة للدين يتبجحون بالعيش المشترك، وبإكذوبة سياسية تدعى سياسة النأي بالنفس، والتي هي في الواقع خلاف ذلك تماماً، وتجسيداً لأزمة الفكر السياسي العربي .
المحامي محمد ابداح








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نقاش | كيف تنظر الفصائل الفلسطينية للمقترح الذي عرضه بايدن؟


.. نبيل بنعبد الله: انتخابات 2026 ستكون كارثية إذا لم يتم إصلاح




.. بالركل والسحل.. الشرطة تلاحق متظاهرين مع فلسطين في ألمانيا


.. بنعبد الله يدعو لمواجهة الازدواجية والانفصام في المجتمع المغ




.. أنصار ترمب يشبهونه بنيسلون مانديلا أشهر سجين سياسي بالعالم