الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بروهلفتيسا القاهرة تدشن موقعاً ثقافياً وفنياً على شبكة النت

يوسف ليمود

2014 / 8 / 10
الادب والفن


بعد ما يقرب من عام من التواصل بين مبدعين، من فنانين وكتاب مصريين وسويسريين، أطلقت بروهلفتسيا القاهرة الموقع الالكتروني الذي سيكون بمثابة بؤرة التفاعل الفني والثقافي بين مصر وسويسرا. يمثل هذا الموقع، كما تقول الدكتورة هبة شريف، مدير مؤسسة بروهلفتسيا في القاهرة، خطوة مهمة في تحديث التفاعل الثقافي والفني بين البلدين، ونقله إلى حيز أكثر اتساعاً وانتشاراً، حيث إن الميديا الجديدة ووسائطها، تمثل واحدة من اهتمامات وأهداف بروهلفتسيا القاهرة، كلغة تواصل فاعلة، تتيح تقديم منتجات ثقافية عابرة للحدود واللغات. ومن المخطط له، حسب شريف، أن هذا الموقع الالكتروني، سوف يضم مشروعاتٍ ثقافية وفنية مختلفة، تتغير كل فترة، وتلقي الضوء على العلاقة بين الإبداع الثقافي وسياقه التاريخي والفلسفي والاجتماعي. كما أن الموقع سوف يطرح تساؤلات عن دور الفن المعاصر فى المجتمعات الحديثة بصفة عامة، وفى مجتمع مثل المجتمع المصري بصفة خاصة.
 
جاء المشروع الأول، الذي افتَتح به الموقع أولى فعالياته في مطلع أغسطس الجاري، والذي من المقرر له أن يستمر حتى نهاية ديسمبر، ثمرةً للتنسيق بين كلٍ من المؤرخ الفني السويسري ماركوس شتيجمان والفنان المصرى حمدي عطية، حيث قاما، كلٌ من موقعه كمهندس المشاركات الفنية التي تمثل الأبعاد الثقافية لبلده، باختيار الفنانين والكتاب الذين أسهموا بنتاجاتهم في تشكيل ملامح هذا المشروع، الذي حمل العنوان: "تقاطعات". تتبنى الفكرة الأساسيه للمشروع مناقشة قضايا الفضاء العام، من منظورٍ يتجاوز البعد المكاني، الشارع أو الميدان أو المدينة، إلى الدوائر التي تحدث داخلها الأنشطة الإنسانية بشكل عام. تبلور المشروع عبر بعدين أساسيين: كتابات نقدية وإبداعية لكتاب سويسريين ومصريين، وأعمال فنية بصرية لفنانين من كلا البلدين. بعض هذه الأعمال، سواء البصرية منها أو الكتابية، يتم العمل عليها بالإضافة، خلال أشهر المشروع الخمسة، حتى تكتمل تماماً قرب نهاية مدة عرضها. ومن ثم تدخل في أرشيف الموقع، وبهذا يظل الموقع في حالة من الحيوية النابعة من نمو بعض المشاريع أمام عين المتابع. يوفر الموقع كذلك، بلغتيه: العربية والإنجليزية، إمكانية تفاعل المهتمين، عبر التعليقات والتواصل مع المبدعين المشاركين بأعمالهم. فعلى الجانب البصري، جاءت المشاركات السويسرية عبر المشاريع الإبداعية التالية:

"شاليه 5"، وهو سلسلة من الصور الفوتوغرافية لفنانَيْن يعملان معا منذ 1995، ويعيشان في مدينة زيوريخ: كارين فيلشلي وجيدو رايشلين. الصور، التي قنعت بالأبيض والأسود، تعبيراً، هي نوع المناظر التي يمكن أن تجدها في أي مكان في أية مدينة في العالم، في الشارع، السوق، المتجر، المقاهي…الخ، غير أنه، رغم الحضور الفقير لعوالم الأشياء والأشخاص، ثمة حضور خفي لروح ما آسرة تستثير العين لقراءة ما بين عناصرها وظلالها من حكايات. المشروع الأخر، هو فيديو، بعنوان "كولكتيف فاكت"، أو "حقيقة جمعية"، للفنانيَن أنلورا شنايدر وكلود بيجى، يتقاطع في همّه مع ما حدث في العالم العربي من حراك ثوري، حيث نجد أنفسنا وسط مظاهرة ليلية يحمل فيها المتظاهرون، الذين هم أشبه بالدمى التي تقترب من حس الواقعية السحرية، شعارات سياسية مختلفة المطالب وبلغات مختلفة، ولكن يحدث أن تتزلزل الكاميرا ويسُود الظلام والصمت الشاشة َ للحظات؟ هل هوجمت التظاهرة من البوليس، أم ماذا حدث؟ فجأة، يعود المتظاهرون مجددا لاستكمال مسيرتهم لينفتح التعبير على أفق عريض من معاني كثيرة ليست الحرية وامتلاك حق تقرير المصير الذاتي آخرها.
المشروع الأخير في هذا السياق لـ أريانا كوخ وسارينا شايديجر، وهما مؤلفتا مسرح تعيشان في مدينة بازل. "البحث عن فريتس"، وهو عمل جماعي يتعاون معهما فيه ثمانية كتاب، وفيه يتم ربط باللغة بالتجوال عبر المدينة. فعلى مدار أربعة أيام، يتجول المؤدّون في أوقات مختلفة من السنة عبر شوارع مدينة بازل ويتلُون أجزاءً غير مكتملة من نص جماعي يقوم بتأليفه ثمانية كتاب ذوو خلفيات متنوعة، الأمر الذي ينتج عنه نص متنوع من أساليب كتابة مختلفة ورؤى متعددة. للمشروع أيضا جانب تفاعلي على شبكة النت من خلال خرائط يستطيع من خلالها الجمهور تتبع أماكن منفذي الفكرة.

يقابل هذا، ثلاثة مشاريع لفنانين مصريين، حيث تقدم هدى لطفي بحثاً بصرياً ومفاهيمياً في مسألة الجندر وتمثيلها في جرافيتي الثورة. وهو تفاعل بصري وتحليلي من خلال صور مجمعة لفن الشارع، تحتوي على عبارات ورسوم تُبرز إشكالية مفهوم العلاقة بين المرأة والرجل وتفضح ذكورية التفكير في المجتمع، كاشفةً عن صورة المرأة في الثقافة الشعبية، حيث الانحيازات الثقافية القائمة واحتقار جسد الأنثى. في حين تقدم ندى شلبي.بحثاً مفاهيمياً عن تشابكات الوسيط اللغوي. النص مكون من مفردات حية اليكترونياً، كل مفردة عبارة عن رابط يوصّل إلى موقع به صور أو نص أو ميديا، تدور حول تلك المفردة. المشروع البصري الأخير هو نتاج تعاون بين كل من الفنانين محمد عبد الكريم وأحمد صبري. الأخير بنى مجموعة من اللوحات على نص خيالي أو سريالي كتبه الأول تتجسد فيه عبثية الواقع وسلطة المؤسسات. مجموعة اللوحات هي صياغة بصرية للنص، يمتزج فيها حس الصورة الإعلامية المعاصرة، مغلّفةً بأجواء مناظر طبيعية كلاسيكية غير محددة الزمن، في خلفية تلك اللوحات.

وفي مجال الكتابة والأبحاث، قدم الفريق السويسري نصين، الأول كتبته د. راخيل ميدر، وموضوعه الفن والفضاء العام، حيث تستعرض تفاصيل ثلاثة مشاريع فنية في ثلاث مدن سويسرية، كأمثلة. والنص الآخر قدمته بريت بولستر، يتناول فروق العادات بين الحياة المدينية والريفية والتغيرات التي طرأت على الحياة الريفية مؤخراً في تبنيها رويداً لأخلاق المدينة، كما تستعرض بعض المشاريع الفنية التي تمت في بعض القرى.
أما الفريق المصري، فقد قدم عدة أبحاث، حيث كتب وائل عشري عن خط سير الجرافيتي في القاهرة من 2011 إلى 2014 والعلاقه التفاعلية بينه وبين مستويات التلقي الجماهيري والمؤسسي. في حين قدمت الباحثة الموسيقية د. عزة مدين بحثاً عن خط سير أغنية الميكروباص، من أحمد عدويه في السبعينيات وحتى أغنية "تسلم الأيادي" التي أصمّت الآذان من كثرة إذاعتها منذ الإطاحة بمرسي وحتى انتخاب السيسي رئيساً، وكيفية تحول المجال الموسيقي من فن مناهض للسلطة إلى فن سلطوي. أما بحث ماجدة بطرس المعنون بـ"النضال من خلال القانون وضده: كيف يتحدى النشطاء المساحات القانونية"، يتحرى خط سير الناشط القانوني في التعامل مع الإجراءات القانونية السيئة التي لا يوافق عليها أصلاً من أجل مساعدة ضحايا تلك القوانين.

حتى وقت قريب، كان التفاعل الثقافي بين سويسرا ومصر، عبر مؤسسة بروهلفتسيا، يعتمد أساسا على التبادل الفني "الميداني"، إن صح التعبير؛ بمعنى أن فنانين من كلا البلدين يحصلون على منحة إقامة فنية في البلد الآخر، لبضعة أشهر، يستكشفون فيها الثقافة المغايرة لذلك البلد ومن ثم ينتجون أعمالاً فنية تحمل رؤاهم وأفكارهم وانطباعاتهم خلال تجربة إقاماتهم تلك. بمعنى آخر، كان الاحتكاك الفني ملموساً، كونه يحدث عن طريق المعايشة الحية المشحونة بجوانب إنسانية ومشاعر عاطفية، تجاه البشر أو الأشياء. لا شك أن هذا العنصر الحميم في عملية التبادل الثقافي سوف يكون ضحية عملية التطوير هذه، من الواقعي إلى الإفتراضي. إلا أنه بالنظر إلى أن الإفتراضي أصبح واقعاً، فإن الأسف على هذا ربما صار نوعاً من رومانسية لا محل لها من الإعراب اليوم، ومن الأحرى النظر إلى ما يقدمه هذا التطوير من ميزات وإمكانات أكبر، من قبيل: اتساع رقعة التواصل، وبالتالي اتساع مدى التأثير، وكذلك تعدد وسائط التعبير الفني، عبر الشاشة الإليكترونية، الأمر الذي يجعل من مشاهدة أعمال فنية متعددة، كالفيديو أو الفوتوغرافيا أو الرسوم المتحركة أو الأعمال المفاهيمية… الخ، لا تحتاج أكثر من نقرة إصبع في أي وقت كان. كذلك تخلق النصوص الأدبية والنقدية، في الموقع، أفقاً لقراءة فكر الآخر، مثلما تعكس روائح الواقع الذي نشأت فيه، وتشكل بالتالي نوعاً من تضاريس ثقافية تُعاش بالخيال، الذي هو نوع من واقع افتراضي يشيّده الذهن في رأس صاحبه.

يوسف ليمود

رابط الموقع:
http://www.territorycrossings.com/ar








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أخرهم نيللي وهشام.. موجة انفصال أشهر ثنائيات تلاحق الوسط الف


.. فيلم #رفعت_عيني_للسما مش الهدف منه فيلم هو تحقيق لحلم? إحساس




.. الفيلم ده وصل أهم رسالة في الدنيا? رأي منى الشاذلي لأبطال في


.. في عيدها الـ 90 .. قصة أول يوم في تاريخ الإذاعة المصرية ب




.. أم ماجدة زغروطتها رنت في الاستوديو?? أهالي أبطال فيلم #رفعت_