الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا لم تستطيع قوات الاحتلال الأمريكي من ان تحقق أمن حقيقي في العراق ؟ وماهية الأسباب التي جعلت الأمن يتلاشى في فتره حكم المالكي

سعد كريم مهدي

2014 / 8 / 11
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق




من التجارب الجميلة في كتابات الدكتور علي الوردي هي ان يزج بعض تجاربه الشخصية الناتجة من اختلاطه بالناس البسطاء محدودي الفكر والأفق مع الفكرة التي يريد ان يطرحها كي يوصل لنا بأسلوبه السلس ألطريقه التي يفكر بها هذا الانسان البسيط فيحكي بإحدى كتبه (( انه في إحدى المرات كان يركب الباص مع بعض الناس البسطاء ودار حديث بينهم عن الجرائم التي كانت ترتكب في تلك الفترة وقال احد الجالسين لو كنت وزيرا للداخلية لقمت بإعدام كل المتهمين بهذه الجرائم وعلقتهم على أعمده الكهرباء عندها يخاف ويردع كل من يريد ان يرتكب جريمة لاحقا )) هذا النمط الانتقامي في التفكير عند الانسان البسيط هو السائدة عند عامه الناس البسطاء والذين نطلق عليهم أحيانا بالرعاع بسبب نبره الانتقام الدائمة هذه في سلوكهم والتي تنتج عادتنا بسبب الكراهية المستمرة للأعداء الذي يفترضونهم وعادتا تنتهي مغامرات الانتقام هذه بخسارة كبيره لهم ونصر اكبر لأعدائهم لان الانتقام لا يجلب سوى الخسارة وأتذكر مقوله هنا للشاعر والمفكر المصري احمد عبد المعطي حجازي يقول فيها (( من الخطى ان تكره عدوك لأنك سوف توجهه كل طاقاتك الى زاوية ضيقه جدا هي زاوية الانتقام منه في حين تترك كل الزاوية الكبيرة من أمنك مكشوفا لعدوك يضربك من خلاله كيف ما شاء ومن ثم ينتصر عليك )) اما منظومة الدول المدنية وحكوماتها فتختلف في نظرتها لمعالجه الجريمة عن نظره رعاع الناس الانتقامية في تحقيق الأمن لأنها تنظر الى الجريمة على أنها مرض اجتماعي وهذا المرض يتطلب المعالجة كي يبقى جسد الوطن في عافيته والأمراض عادتا تعالج بخطوتين الخطوة الأولى والتي تعتبر هي الأهم وتتجسد في الوقاية من هذا المرض الاجتماعي وهذا بدوره يجعل كل المؤسسات الامنيه في هذه الدول تسعى الى تأسيس مراكز للبحوث داخلها لإعداد البرامج التي يمكن تطبيقها على الأرض لتمنع وقوع الجريمة أو ولادة مجرمين جدد وجميع هذه البرامج تصب في اتجاه واحد فقط هو أقناع المواطن بإشراكه في العملية الامنيه بغيه مساهمته في الوقاية من الجريمة وهذه القناعة لا تتحقق الا اذا اقتنع هذا المواطن بان هدف ألدوله من إنشاء الأجهزة الامنيه هو لتحقيق الأمن للمواطن ومن خلال تحقيق امن جميع المواطنين يتحقق امن ألدوله وامن نظام الحكم وليس العكس ويجب ان يكون الخطاب الإعلامي للأجهزة الامنيه يصب في اتجاه هذا الهدف ويتوافق مع أجراءتها في التعامل مع هذا المواطن عندما يشعر المواطن ان أمنه الشخصي مرتبط ارتباط حيوي مع امن ألدوله عندها يكون دفاعه عن ألدوله هو جزء من دفاعه عن أمنه الشخصي وهذا ما يجعله ينخرط طواعيتنا في برنامج الوقاية من الجريمة اما الخطوة الثانية فهي تتعلق بنظره ألدوله المدنية وأجهزتها الامنيه الى المجرم فعادتا تنظر ألدوله المدنية الى المجرم على انه مصاب بانحراف اجتماعي وواجبها الأمني تجاه هذا المجرم هو تصحيح هذا الانحراف الاجتماعي لتعيده الى الوطن كمواطن صالح يساعد في بنائها بدلا من تسببه في خرابها وقمة تحقق هذه المعالجة عندما يقتنع المجرم بان جريمته كانت خطيئة اجتماعيه والعقوبة التي صدرت بحقه وينفذها هي مناسبة جدا للفعل ألجرمي الذي ارتكبه وهنا يأتي دور عدالة القضاء في إصدار أحكام العقوبة هذه , بهذه ألطريقه تصنع الدول المدنية أمنها الاجتماعي والعائق الوحيد الذي يقف أمامها هي الكراهية التي تصنع الانتقام لان هذا الانتقام اذا تسلل الى النظام الأمني للدولة سوف يولد أعداء لها من جانب ومن جانب اخر سوف يجعل النظام الأمني للدولة يشغل نفسه في الزاوية ألضيقه للانتقام وبهمل المجال الكبير الخاص بأمن المواطنين الذي يكون عرضه لتلقى الضربات سواء من الأعداء الذين تفترضهم ألدوله أو الغائبين عن ذهنيه ألدوله عندها يبدأ النظام الأمني يتخلخل ويتهاوى وقد ينتهي الى السقوط كما أسلفنا في مقوله الشاعر والمفكر احمد عبد المعطي حجازي وهذا بالضبط ما حصل للأمن الاجتماعي في العراق بعد الاحتلال الأمريكي ويمكن تقسيم هذه الفترة الى مرحلتان المرحلة الأولى هي عندما كان الملف الأمني بيد الاحتلال الأمريكي والمرحلة الثانية هي عندما تحول الملف الأمني الى يد حكومة المالكي التي إنشائها الاحتلال الأمريكي


المرحلة الأولى سلوك الاحتلال الأمريكي مع الملف الأمني

ان الأمريكان عند احتلالهم للعراق جلبوا معهم الى العراق عداوة وكراهية طرفان متناقضان وهما كل من عداوة تنظيم القاعدة وعدوه إيران التي كانوا يطلق عليها الأمريكان محور الشر وقد ترجمت عداوة وكراهية إيران الى ميليشيات شيعيه تأسست في جنوب العراق وسط حاضنتها الشيعية وميليشيات تنظيم القاعدة السنية في وسط حاضنتها في وسط وغرب وشمال العراق وهدف هذه الميليشيات عند تشكيلها هو الانتقام من الأمريكان نتيجة هذه العداوة والكراهية التي كانت بينهما وما زاد الطين بله هو ان القوات الامريكيه عند احتلالها العراق حلت الجيش العراقي والأجهزة الامنيه وأدخلت العراق في حاله فراغ امني وأصبحت وحدها في مواجهه هذه الميليشيات والفخ الذي سقطت فيه القوات الأمريكي في العراق بسب عنجهيتها وغرورها بقوتها العسكرية هو انحدارها الى عقليه الانتقام بدلا من تأسيس امن اجتماعي حقيقي يعتمد على المواطن العراقي في تحقيقه فوجدناها قد أسست مراكز للتعذيب ولجئت الى القتل العشوائي وهذا بدوره جعل في بعض الأحيان تتوحد الميليشيات في مقاتله الأمريكان مثلما حصل عندما أنظمت مجموعات مسلحه من الانبار الى ميليشيا جيش المهدي لمقاتله الأمريكان في النجف وفي ضل هذا الواقع الذي وجدوا الأمريكان أنفسهم فيه استخدموا أسوء أسلوب للتخلص من هذا المأزق ويتلخص هذا الأسلوب بفقرتين ,

ألفقره الأولى هي ان الاحتلال الأمريكي اتجه بسياسته الى تسليم السلطة في العراق الى تيار ديني شيعي يحوي المليشيات الشيعية وهذا ليس بخافي على احد أو سر فان رامز فلت وزير الدفاع الأمريكي لتلك الفترة صرح لأكثر من مره بأنهم يريدون تسليم السلطة الى تيار ديني شيعي غير موالي لإيران كي لا تتوحد الميليشيات الشيعية والسنية في مقاتلتها وخطورة هذا السلوك السياسي الأمريكي هو انه أطلق ألرصاصه الأولى على الأمن الاجتماعي في العراق لسببين هما

السبب الأول هو أنها استخدمت السلطة كورقه لتمزيق النسيج الاجتماعي العراقي بعد ان مكنت جزء من هذا الشعب للوصول الى السلطة وتداولها بينهم وهم التيار الديني الشيعي وحرمت بقيه أجزاء الشعب من الوصول إليها الا عن طريق هذا التيار الديني الشيعي لذلك أصبح من المستحيل على هذه السلطة ان تقنع كل مواطنين ألدوله للاشتراك في برنامج الوقاية من الجريمة وتصل بهذه القناعة الى إقناعهم بان أمنهم الشخصي مرتبط بأمن ألدوله التي تمثلها السلطة فكان المفروض بهم ان يمكنوا التيار العلماني من الوصول الى السلطة لان هذا التيار هو الوحيد الذي له ألقدره ان يجمع كل مواطنين ألدوله في ضله تحت منطق المواطنة عندها يستطيع بسهوله ان يقنع المواطن في إشراكه ببرنامج الوقاية من الجريمة


السبب الثاني هو ان التيار الديني الشيعي حاله حال بقيه التيارات الدينية لا يملك اي أفق فكري أو علمي ورجال الدين السياسي لهذا التيار لا يختلفون في عقولهم عن عامه الناس البسطاء أو الرعاع منهم لذلك هم لا يمتلكون منطق الأمن الاجتماعي للدولة المدنية الذي يمتد لإشراك كل مواطنين ألدوله في بناء هذا الأمن كما أسلفنا وإنما منطقهم مبني على الكراهية والانتقام مثل عقليه الانسان البسيط كما ورد في النموذج الذي ذكره الدكتور علي الوردي كما أسلفنا وهذه الكراهية والانتقام تجعل القائمين على الملف الأمني يوجهون جل كراهيتهم الى الزاوية الانتقام ألضيقه جدا ويتركون المجال الواسع الذي يمثل الأمن الاجتماعي لكل مواطني ألدوله كما أسلفنا في مقوله احمد عبد المعطي حجازي وقد استغل الاحتلال الأمريكي هذه الصفة عند هذا التيار الديني الشيعي ليحول الاقتتال الذي كان موجه ضده من الميليشيات الشيعية والميليشيات السنية الى ان يجعل الميليشيات الشيعية والميليشيات السنية تتقاتل فيما بينها ويخرج هو من معادله القتال هذه وكان الفتيل الذي أشعل هذه الحرب الأهلية بين الميليشيات الشيعية والميليشيات السنية هي تفجير مرقد الإمامين العسكريين في سامراء عام 2006 لذلك توجه تهمه هذا التفجير دائما الى الاحتلال الأمريكي لأنه المستفيد الوحيد من تفجيرهما ولكون هذه الحرب الأهلية امتدت ولم تنتهي ونتائجها بدئت تنعكس على الاحتلال نفسه لكونه المسئول عن امن العراق قد لجئت الى تشكيل قوه عسكريه ميلشياوية من نفس المناطق السنية أطلقت عليها اسم الصحوات وسلمتها الملف الأمني وقد نجح الأمريكان في هذه التجربة الى حدا ما في الحد من جريمة الاقتتال سواء الطائفي أو مع الأمريكان لكن هذه التجربة كان يمكن تطويرها ورعايتها لتكون بديل عن إشراك المواطن في نظام الوقاية من الجريمة لكن مع انسحاب القوات الامريكيه واستلام المالكي الملف الأمني اختلفت الأمور


المالكي وكارثة تلاشي الأمن في العراق
مشكله هذا الرجل انه اعتلى أعلى منصب في السلطة بصدفه بحته في العراق في حين ان خبرته الإدارية و الامنيه لا تؤهله لأداره ابسط المناصب في هذه ألدوله و تنحصر في كونه كان يعمل معلم لمدرسه ابتدائية في ناحية طويريج ولم يستمر فيها فتره طويلة وبعدها هروب الى إيران ومن ثم سوريا وامتهن بيع السبح وقراءه الكف والطالع اما خبرته الامنيه فهو لا يملك اي خبره لصناعه امن مجتمعي لدوله وإنما يملك نزعه كراهية انتقاميه وتاريخه يحكي ذلك خصوصا عند اشتراكه في تفجير السفارة العراقية في لبنان أيام الحرب العراقية الايرانيه وغيرها ولم يفكر حينها بان الأشخاص الذين قتلوا في هذا التفجير هم عراقيين من أبناء وطنه ونزعته الانتقامية هذه لاتختلف عن نزعه المجرمين الذين يقومون بأعمال التفخيخ والتفجير في أيامنا هذه وهذا السلوك هو سلوك الرعاع من عامه الناس وليس قادته أو نخبه لذلك هو لا يعرف شيء عن برامج إقناع المواطن في إشراكه في الوقاية من الجريمة أو غيرها من البرامج الامنيه التي تستخدمها ألدوله المدنية وقد استلم الملف الأمني من الاحتلال الأمريكي بعد رحيل قواته لدوله ميزانيتها خرافية ناتجة من ثرواتها الطبيعية وجيش أعده هذا الاحتلال تعداه زاد على المليون فرد وقوه أمنيه ايظا تعدادها فاق المليون فرد وقد جهز بأفضل أنواع الأسلحة مع حاله أمنيه مستقره نسبيا تعد أفضل حاله أمنيه من بعد الاحتلال الأمريكي للعراق خصوصا بعد إعداد برنامج الصحوات الذي كاد ان ينزع فتيل الحرب الأهلية المشتعلة في العراق بين ألسنه لكن شخصيه المالكي هذا صاحب الخبرة الضحلة في أداره ألدوله والفاقد للعقلية الامنيه التي تستطيع بناء امن مجتمعي وصاحب نزعه الكراهية الانتقامية كل هذه الظروف جعلته يصاب بالغرور وحاول ان يتقمص شخصيه صدام حسين في إذلال و تركيع معارضيه من خلال استخدام القوه فقد بدء بتفكيك الصحوات من خلال تصفيه قيادته بعد تلفيق تهم الإرهاب لهم دون ان يجد بديل مثله أو أفضل منه ثم انتقل وبنفس أسلوب تلفيق التهم الى القيادات السنية المشتركة في العملية السياسية والتي بدئها مع طارق الهاشمي وأنهاها في اعتقال احمد العلواني ونتجت رده الفعل الوسط السني عن هذا السلوك أولا تغيرا كبيرا في العمليات النوعية للجريمة واخطر بكثير من الجرائم التي كانت تحصل إثناء وجود الاحتلال الأمريكي ومنها الهجوم واختراق وزارات ودوائر أمنيه كثيرة في العاصمة وخارجها هذا من الجانب الجنائي لتوسع الحرب الطائفية اما الجانب المدني لها فقد بدئت الاعتصامات في المحافظات السنية التي دامت أكثر من سنه والأخطر من الاعتصامات كانت الصلاة الموحدة وخطبها الدينية لأنها نزعت اي قناعه لهذا المواطن من ان يربط أمنه الشخصي بأمن ألدوله لأنه اختصر صورة هذه ألدوله بشخصيه المالكي الانتقامية المبنية على الكراهية وهنا يظهر الغباء الأمني عند المالكي لان ابسط مسئول امني في هذه الظروف يقوم بخطوتين والخطوة الأولى هي ان يقيم الأركان الأمنية التي خسرها وجعلت هذا المواطن يلغي من عقله قناعه ربط أمنه الشخصي بأمن ألدوله وان يبحث عن الأسباب الحقيقية التي أدت الى هذه الخسارة والخطوة الثانية هي ان يضع البرامج التي تحقق له استعاده الأركان الامنيه التي خسرها ويحاول ان يسترد ولو بعض من هذه القناعات الامنيه للمواطن التي خسرها في الفترة السابقة لكن الغباء الأمني للمالكي وعقليته المبنية على كراهية الانتقام جعلته يسلك طريق مناهض لهذا الاتجاه فهو هد اعتصام الحويجه بالقوة بعد ان قتل خمسون من المعتصمين وأصابه المئات منهم وبعدها عاد الى لهد اعتصام الانبار في ظروف أمنية متوترة جدا بعد خطف النائب احمد العلواني وقتل شقيقه وفي هذه اللحظة انتهت اي بقايا لأي ارتباط امني في عقل المواطن لسكان تلك المناطق بين أمنهم الشخصي وامن ألدوله وتحولت القوات العسكرية و الامنيه الى عدوا يهدد أمنهم الشخصي وهذا يعني انه وصلوا الى مرحله اللأعودة وهذا ما جعلهم يرفعون السلاح بوجهها ويطردوهم من أراضيهم مثلما حصل في والفلوجه والكرمه وبعض المناطق في الانبار لا نهم اعتبروا هذه القوات لا تخص ألدوله وإنما تخص المالكي ورغم ان هذه الحرب استمرت لما يقارب الستة أشهر واستنزفت لما يقارب من نصف طاقات الجيش والقوه الامنيه وحالات الهروب الكثيرة وتداعي الروح المعنوية للجيش والقوه الامنيه لكننا وجدنا المالكي ومستشاريه في نفس مستوى الغباء الأمني ولم يحركوا ساكنا حتى تحالف المسلحون في الموصل مع داعش ودخلوا الموصل ونتيجة لانهيار معنويات الجيش والقوه الامنيه بسبب ما تردهم من أخبار سيئة عن حرب استنزاف الانبار لذلك لم تحصل اي حاله اقتتال فعلي بين الجيش والقوه الامنيه لصد هجوم المسلحين وداعش وإنما حصلت حاله هروب جماعي وسقطت محافظات نينوى وصلاح الدين وأجزاء كبيره من ديالى و الانبار وكركوك .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيطاليا: تعاون استراتيجي إقليمي مع تونس وليبيا والجزائر في م


.. رئاسيات موريتانيا: لماذا رشّح حزب تواصل رئيسه؟




.. تونس: وقفة تضامن مع الصحفيين شذى الحاج مبارك ومحمد بوغلاب


.. تونس: علامَ يحتجَ المحامون؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بعد لقاء محمد بن سلمان وبلينكن.. مسؤول أمريكي: نقترب من التو