الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المالكي المسكين

عادل الخياط

2014 / 8 / 11
مواضيع وابحاث سياسية



لا تدري مدى القناعات عن ان ملالي ايران يتحكمون بالواقع العراقي , تدخل المخاض بين الرفض والقبول .. لتصل إلى قناعة ان أولئك الملالي بالفعل يتحكمون بهذا الواقع فكريا , مذهبيا .. والظن ان التحكم او الإحتلال الفكري أشد خطرا من الإحتلال العسكري , والمعنى ان احتلال الولايات المتحدة للعراق أقل خطرا من الغزو الفكري المذهبي للعراق , الذي نشهد تداعياته الخطيرة اليوم والمتمثلة بالغزو الداعشي .

من سخرية المد الداعشي أضحت أميركا بتكنولوجتها التي وصلت المريخ , أضحت مطلوبة للعون .. الطلب الأميركي للعون يتلخص على النحو التالي :

* رئيس الوزراء العراقي السيد نوري المالكي كان قد إحتفل بخروج القوات الأميركية في 2011 , وإعتبر ذلك اليوم يوما وطنيا , عجيب ! .. بغض النظر عن ان الوجود الأميركي هو الذي جلب تلك الكائنات الضئيلة لسدة الحكم في العراق
, فقد كان حريا بهذا الرئيس ألا يعطي إنطباعا للفصام الشخصي على هذا النحو المفضوح .. المحتوى : يُوقع على إتفاقية أمنية مع الأميركان وفي ذات الوقت يعلن قبالة شعب العراق يوم إنسحاب الأميركان هو يوما وطنيا .. لقد كان صاحبنا في حيرة من امره , فقد كان هناك إنتفاضتان شيعيتان بقيادة مقتدى الصدر ضد الإحتلال الأميركي . بصرف النظر عن مضمون تلكما الإنتفاضتين , فإنهما سوف تُمثلان حالة صحية وُفقا للمفهوم الطبيعي المرتكز على مناهضة الإحتلال في أية بقعة من العالم .. عليه فقد أراد المالجي أن يداعب تلك المشاعر التي ناهضت الإحتلال الأميركي .. وبالتأكيد ليس على أساس وطني , ولا حتى على أساس براغماتي يصب في نهاية المطاف في سلخ الكيان العراقي من أشد مآزقه التاريخية .. كان الأساس نفعي مصلحي وطائفي مذهبي كريه.

في كل الأحوال سوف تضمحل الوقائع بفعل آلية الزمن , فالقوات الأميركية إنسحبت من العراق والمالكي كان قد وقع على الإتفاقية , والتيار الصدري شارك في الحكومة المشكلة , رغم المناوشات الكلامية التي تحدث بين فترة وأخرى بين التيار الصدري وجماعة المالكي , وآخرها زيارة المالكي للولايات المتحدة وإبرام بعض الصفقات مع الجانب الأميركي , وكيف هاجمه التيار الصدري , وكيف انه رد على الصدريين من خلال التذكير بالمحاكم الشرعية , وبعدها كيف رد التيار الصدري بسخرية فاقعة على جهاز إعلام المالكي بالقول : المالكي من كثرة فضائحه ظل يُدّور تفاتر عتيقة .

اليوم يتأتى الإنفصام الأكثر فضائحية .. يقول الخبر ان المالكي سوف لن يتنحى إلا في حالة تعهد القوات الأميركية بالقضاء على داعش !! بالنسبة لي لا أتفق مع الذين يُعيرون المالكي بأنه - بياع سِبح - فلا مشكلة أن يكون بياع سبح أو بياع ثلج مثل "عزة الدوري" الذي يُعد سياسيا مخضرما
.. المشكلة هي في الإنفصام المتواثب , فمرة صاحبنا يُوقع إتفاقية أمنية مع أبناء العم سام , ثم يطلع على العراقيين ليدشن عيدا وطنيا , للإنسحاب السامي , يذهب إلى أميركا ويعقد صفقات وهمية والنتيجة سراب , ويُحلق إلى روسيا وتنفضح قضية فساد بمليارات الدولارات , أي نوع من رئيس وزراء هذا !

دعني أقول ان قرار الماكي بالتنحي في حالة قدوم القوات الأميركية للقضاء على داعش انه قرار مشرف , لأن قرار الإتفاقية العراقية الأميركية الأمنية ينص على ذلك , لكن يا حبيبي المالكي إذا أنت تقر أن إنسحابهم من العراق كان عيدا وطنيا , فكيف يثقون بك بعد ذلك , اليوم عندما إشتدت الأزمة عليك , نراك تدعوهم للقدوم لإنقاذ الموقف - بالصريح : إنقاذك -

دعنا عن أميركا ولنتجه إلى إيران وتعاملك معها .. كذلك إلى تصريحك عن نار جهنم التي ستطال العراق لو لم تتبوأ الولاية الثالثة .. أعتقد أن السيد لم يكن يعني بنار جهنم , انه سوف يُسوق ميليشيات تابعة له لخلق هذا الجهنم , لأن الواقع يظهر ان السيد الماكي لا يمتلك أية ميليشات قوية بما يكفي سوى تلك التي تسمى بعصائب الحق , وتلك الميليشية تابعة لإيران , وإيران أصلا نفضت نفسها عن المالكي كما سوف يتضح لاحقا .. لكني أعتقد أن السيد المالكي كان قد قصد بنار جهنم : إنه إداري ومسؤول دولة مخضرم , وعليه لا بديل له في تلك الخضرمة .. وبصرف عن الإنهيارات التي حدثت للعراق خلال توليه لرئاسة الوزراء ولفترة ثمان سنوات , والتي كُتب عنها الكثير ولا داع لتكرارها , لكني من الممكن أن أختزلها على النحو التالي : بالنسبة لي لا أعتقد أن المالكي يمتلك ذلك الهيام وتلك القدرة في إدارة الدولة في قرارة نفسه هو بالذات , لكن يبدو ان من يدورون في فلكه قد خلقوا تلك الخرافة في رأسه , وبما أن رأسه من الرؤوس المتوفزة لتلقي تلك الهيامات الخيالية , فقد إنجرف صاحبنا في عوالم حد خيالات صدام حسين حين إكتشف للمرة الأولى في حرب الكويت : إن شعار الحزب الجمهوري الأميركي هو " الفيل " فأخذ يُردد : وأرسلنا عليهم طيرا أبابيل !!"

في توازي اعتماد المالكي على المد الأميركي , كان الإعتماد على الجانب الإيراني , هو العمود الأخر الذي إرتكز عليه .. ليس تخرصا على الشخص , فهو في ذروة الإنتخابات تراه يزور طهران ليلتقي بأرفع المسؤولين الإيرانيين , يلتقي بخامنئي , هل ثمة مسؤول أرفع من الولي الفقيه ؟ .. لكن في ذات الوقت ترى مستشاره الإعلامي يُصرح بكل وقاحة : ان العراق ليس ضيعة تابعة لإيران !! الصلافة معيار ارتكزت عليه السياسة العراقية وربما العربية عموما منذ , متى .. لا أعلم ؟ .. لكن لتتشابك التصريحات فقد ضاعت علينا التواريخ ومدى ملائمتها مع الحدث , فالمستشار الإعلامي كان قد برر زيارة المالكي وإجتماعه مع المسؤولين اٌيرانيين بالقول : أنها زيارة عادية لمسؤول عراقي لدولة أخرى .. أما تصريح الدولة التابعة لإيران فقد ظهرت بعد رغبة المسؤولين الإيرانيين على ضرورة تغيير المالكي .

اليوم حسبما يتوارد ان مسؤولي ايران قد نفضوا أيديهم من المالكي.. المالكي المسكين .. هذا المسكين طيلة تبؤه لكرسي الحكم كان يعتقد ان ساسة إيران سوف لن يتخلون عنه طالما انه يخدم مصالحهم في هذا البلد , رغم ان جميع التنظيمات والمليشيات الشيعية هي تابعة بإطلاق لنظام طهران - بإسثناء التيار الصدري ولو نسبيا - .. ونرجع لخيالات المالكي , فهو رغم قناعته بأن التيارات الإسلامية بالفعل تابعة لإيران , لكنه للأسف الشديد لم يحسب لحسابات الزمن أو تطورات الأحداث الإقليمية التي يحتسب لها الساسة الإيرانيون حسابات كثيرة ربما تؤثر على الواقع الإيراني , فساسة إيران على إستعداد للتعامل مع الشيطان مقابل ألا يمس أي إضطراب إقليمي وضعهم الداخلي , فالمالكي كان بالنسبة لهم إلعوبة , وبمجرد أن إنتهت على خلفية رفض التكتلات السياسية العراقية له وعدم التعامل معه -شيعة وأكراد وسنة- , وعلى خلفية فشله في إحتواء التشكيلات المسلحة لداعش وغيرها التي من المحتمل أن تهدد الوضع الإيراني الداخلي .. من هنا فإنهم على شفا مسخك من الواقع السياسي العراقي .. ويبدو ان الشخص قد توارد إلى سمعه هذا التوجه الإيراني .

هل تفهم ياسيادة الرئيس ؟ .. كان الإجدر بك أن تكون على بينة بحوادث التاريخ التي تتماثل مع واقع كهذا .. تقصى حياة وزير خارجية الإتحاد السوفيتي " إدوارد شيفرنادزه الجورجي " الذي ساهم في إنهيار الدولة السوفيتية , فصنعت منه واشنطن نجما , ومن ثم خذلته .. أعتقد أن قراءة حياة " شيفرنادزه " السياسية مهمة للمالكي , لأنها تتشابه مع حياة المالكي السياسية من حيث الفساد المالي والإداري , ومن ثم تخلي القوى التي كانا يعتمدان عليها لتثبيت كيانيهما السياسي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم تحذيرات الحكومة من تلوث مياهها... شواطئ مغربية تعج بالمص


.. كأس أمم أوروبا: فرنسا تسعى لتأكيد تفوقها أمام بلجيكا في ثمن




.. بوليتيكو: ماكرون قد يدفع ثمن رهاناته على الانتخابات التشريعي


.. ردود الفعل على قرار الإفراج عن مدير مجمع الشفاء الدكتور محمد




.. موقع ناشونال إنترست: السيناريوهات المطروحة بين حزب الله وإسر