الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تجريبٌ مستمرٌ

عبدالله خليفة

2014 / 8 / 12
مواضيع وابحاث سياسية



نخشى دائماً من هذه الجماعات المتاجرة بالإسلام، فهي لا تكفُّ عن التجريبِ في لحم المسلمين، وكل مرة تقوم بطبخة حارقة، ثم لا تتوقف عن الالتفافِ وعن طرحِ طبعةٍ جديدة من الكارثة.
الشعوبُ العربيةُ في البلدان الثائرة اكتوت بـ(علمانية) زائفة، بأنصافِ أنظمةٍ تحديثية، ومن شقوقِ هذه الأنصافِ تتسربُ مياهٌ غير نظيفة، وأبقتْ هذه الأنظمة(العلمانية) على حكم القانون وعلى احترام النساء وعلى التحديث الوطني وعلى التصنيع، ثم يتحول كل ذلك إلى علمانية الحزب المتدهور في علميته وعلمانيته وديمقراطيته وتحويله النساء إلى جوارٍ والفلاحين إلى خدمٍ وبوابين في عماراتِ الحرامية المدنيين.
وتحولتْ نصفُ العلمانية هذه إلى اضطهاد للقوميات والأديان الأخرى، فالأكرادُ يُضربون بالقنابل على ضفتي نظامي العلمانية الزائفين في سوريا وتركيا، والأفريقيون تُحرق غاباتُهم ومنازلُهم في جنوب السودان، والأمازيغ يعانون بشأن لغتِهم وتراثهم.
هل جاء زمنٌ تتقارب فيه قارتُنا العربية الإسلامية مع الحداثة؟ مع مواثيق أوروبا العلمانية حقاً؟
يريدون دخولَ السوق الأوروبية مع استمرار وضع رؤوس الأكراد تحت هيمنة المؤسسات المركزية، ويريدون دخولَ السوق وقطف ثمار الحضارة والديمقراطية والإنسانية المتقدمة من دون أن يحترموا شعوبهم وتظل الطائرات تغير على المناطق(المتمردة).
هم لهم طبعاتُهم الخاصة من الإسلام، إنها طبعات المحافظين الاستغلاليين، حيث يقوم الإقطاعُ المنزلي بأسرِ النساء، وحيث مكانة المرأة أدنى من الرجل، إنها المخلوق التابع، هنا تتخفى الذكوريةُ الاستبداديةُ وتموهُ نفسَها بالدين، حيث الأطفال خاضعون لعبودية يتحولون بعدها إلى أقزام ورؤوس مطفأة وأجنحة مكسورة!
دائماً يجعلون الدين أو القومية المتعصبة أداة لتمرير سلطانهم غير المتساوق مع البشرية الحديثة، وللذكور المتسلطين رغبتهم في بقاءِ سلطانِهم على النسوة، وبقاء البيت تفريخاً لإنتاج متخلف مستمر.
إن مدنيةَ المأمون الذكي المثقف لا تمنعُ من استخدام الدين لتعذيبِ رجال الدين، أو طبع تفسير معين وفرضه على الجمهور بالسياط.
إن المخاطرَ التي تنشأ من الثورات العربية الحديثة هي أنها تسمح للجمهور غير المثقف بالهيمنة على الأصوات الانتخابية، مع بقاء المنظمات الدينية في تسويق أفكارها المحافظة التقسيمية للمواطنين، وطبع نسخ أقل قيمة من نسخة المأمون، والتسلل للسيطرة على الحياة السياسية الاقتصادية في ظل اقتصاد الانفتاح المالي وشركات المضاربة بمال وقوت المسلمين وتهجير ذهبهم للخارج كما فعلوا في إفشال النهضة العربية الأولى.
(ديمقراطية حديثة) مع بقاء المنظمات الدينية السياسية تتاجر بالإسلام والمسيحية واليهودية، ومع بساطة فهم العوام للدين والسياسة والحداثة، وقد رفعتهم نشواتٌ نضالية إلى السماء السابعة، ثم ستظهر أنظمة دينية شمولية مقنعة تسلبهم آخر مدخرات العمر، ثم تقودهم إلى حروب طاحنة لا يبقى منهم سوى عظام لرصف الشوارع.
احتمال ولكن المؤمنَ لا يُلدغُ من جُحرٍ طائفي مرتين، والعوام ليسوا هم الجمهور الثوري الحديث بعد، لم يصبحوا بعد المواطنين المثقفين ذوي التجربة السياسية العميقة بعد أن خيّمَ عليهم حكم الأنظمةِ الشمولية طويلاً، هم يَنجرون إلى الخطاباتِ الدينية الحماسية التي تدغدغُ مشاعرهم وتحومُ على رؤوسهم بالرموز لسلب عقولهم وجيوبهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ليبيا: ماذا وراء لقاء رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني


.. صفاقس التونسية: ما المسكوت عنه في أزمة الهجرة غير النظامية؟




.. تونس: ما رد فعل الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي بعد فتح تحقيق


.. تبون: -لاتنازل ولا مساومة- في ملف الذاكرة مع فرنسا




.. ما حقيقة فيديو لنزوح هائل من رفح؟ • فرانس 24 / FRANCE 24