الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحو أوسع جبهة وطنية ضد الطائفية ـ 5

عبدالرحمن النعيمي

2005 / 8 / 10
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


شكل انهيار المعسكر الاشتراكي حدثاً تاريخياً كبيراً لايقل أهمية عن انتصار ثورة اكتوبر بالاتجاه المعاكس.

لم يواجه الشيوعيون الانهيار بالعمل المسلح، فقد كانت هناك قناعات بالسلبيات الكبيرة التي رافقت البناء الاشتراكي وابرزها الحقوق السياسية للناس، أي موضوعية التنوع والتعدد في كافة المراحل الطبقية للمجتمعات الانسانية، خاصة مع وجود معسكر رأسمالي قوى يبرهن يومياً أنه ليس في مرحلة الانهيار وانما في مرحلة التجدد المستمر.

هذا الانهيار سبب انهيارات متعددة في بلدان اختارت الطريق الاشتراكي او طريق الديمقراطية الشعبية للوصول الى الاشتراكية حسب الوصفات التي وزعها "العلماء" السوفيت.

وفي الوقت الذي انهار نظام الحزب القومي او الاشتراكي الواحد، وباتت المطالبة بالديمقراطية سمة من سمات النضال الوطني الديمقراطي في بلدان العالم الثالث او البلدان الاشتراكية سابقاً، فان الانظمة الدينية او تلك التي تعتقد انها تسير على هدى الاسلام تولد لديها الشعور بأن (الاسلام هو الحل) وكل يرى الاسلام من الزاوية التي يعتقدها وضمن الرؤية المذهبية الملتزم بها (ايران، السعودية، افغانستان، الترابي…الخ) بالاضافة الى بروز الحركة الاسلامية التي انتهجت خطاً كفاحياً في مواجهة الصهيونية كحركة الجهاد الاسلامي وحماس وحزب الله، او تلك التي وجدت في الولايات المتحدة العدو الاساسي لأمة الاسلام خاصة بعد حرب الخليج الثانية وتدفق القوات الاميركية على منطقة الخليج والجزيرة العربية، وبداية الهيمنة المتصاعدة للولايات الاميركية على المنطقة العربية.

لذلك برز التجاذب الديني ـ السياسي في المنطقة ذات الحضور المذهبي (السني ـ الشيعي ـ الدرزي ـ العلوي… الخ) وحيث باتت الجمهورية الايرانية دولة الشيعة، والمملكة السعودية دولة الوهابية.. حيث برزن الصدامات المتكررة ايام الحج في السنوات الاولى للثورة الايرانية وابان الحرب العراقية الايرانية، ثم الصدام التاريخي الذي تصاعد بين الحركة الوهابية والدولة السعودية سواء في الاعتصام المسلح في الحرم المكي 1979 او بروز تنظيم القاعدة كحركة اسلامية سنية وهابية تريد العودة الى الاصول وتكفر كافة المذاهب الاخرى.. وأقامت نظامها الشمولي في افغانستان عبر حركة طالبان.

وسط هذه المتغيرات الاقليمية كان من الطبيعي ان يجد هذا الصراع امتداداته في البحرين والمنطقة الخليجية عموماً.. وحيث ما كانت الظروف الموضوعية مهيئة لتفرز حركة سياسية طائفية تطالب بحقوق الشيعة او حقوق السنة او الخوارج او سواها.. ولا شك ان التحدي الاكبر كان في المملكة السعودية وكذلك في البحرين، مع خصوصية الوضع البحريني حيث صغر المساحة وكثافة السكان واغلبية السكان المنتمين الى المذهب الشيعي مع سيطرة الاسرة الحاكمة ذات الانتماء السني.

قبل فترة الاصلاح السياسي، كانت الحركة السياسية تراهن على قدرتها على تغيير الوضع السياسي والاستيلاء على السلطة، سواء من قبل الحركة القومية او اليسارية، او الاسلامية الشيعية التي مثلت حركة 1980 ابرز تجلياتها، بالاضافة الى الخطاب السياسي الذي انتهجته الحركة الاسلامية المعارضة في الحديث عن الاحتلال الخليفي وضرورة النضال لاسقاط هذا الحكم واقامة الجمهورية الاسلامية التي تباينت الرؤية حولها، فيما كانت ستلتحق بالجمهورية الاسلامية الايرانية ام تبقي جمهورية اسلامية في محيطها العربي (دون الاخذ بعين الاعتبار كون البحرين جزءاً من المنظومة الخليجية المتحالفة والمترابطة مع بعضها سواء على الصعيد الاسري او ضمن مجلس التعاون الخليجي الذي تشكل اثر اندلاع الحرب العراقية الايرانية ، بهدف الحفاظ على امن واستقرار النظام السياسي في هذه المنظومة).

استقطبت الحركة الاسلامية (الشيعية او السنية) الشارع البحريني، تسيس الشارع الشيعي بحكم راديكالية حركته السياسية، بينما ركز التيار السني الاساسي (حركة الاخوان المسلمين ـ جمعية الاصلاح) على الاعمال الخيرية مستنداً على ولائه للحكم، بينما بدأ التيار السلفي ينظر باعجاب الى نضالات اشقائه في الخارج، ويقيم الاتصالات لمكافحة الشيوعية في افغانستان او دعم اخوتهم المجاهدين هناك وفي الشيشان وكوزوفو وغيرها من اماكن الصراع التي اشتعلت لتكنيس بقايا الدولة الاشتراكية السابقة، وفي مواجهة المتغيرات الدولية الجديدة حيث بدأ الامريكان يدركون خطر الحركة السلفية التي نمت في احضانهم لمواجهة الشيوعية والشيعية في الوقت ذاته (الاتحاد السوفيتي والجمهورية الاسلامية الايرانية).

وقادت الحركة الاسلامية المعارضة نهوضاً شعبياً تمثل في انتفاضة التسعينات كان عمودها الفقرى جماهير الشيعة، ومن الطبيعي ان تفتش القيادات الدينية والسياسية الشيعية عن استحقاقات في تلك المرحلة او المرحلة اللاحقة.. لكن وعي قياداتها والتحالف الذي نشأ مع الشخصيات الديمقراطية قد افرز حركة سياسية مطالبها ديمقراطية تمثلت في العريضة الشعبية التي وقعها قرابة 25 الف مواطن، جاءت في اعقاب العريضة النخبوية التي تطرقت الى ذات المطالب، التي لم تكن طائفية على الاطلاق.. وانما هي مطالب كل شعب البحرين في مواجهة الاسرة الحاكمة التي تصر على احتكار السلطة والثروة.. وتوهم بعض الفئات الاجتماعية بأنها تمثل السنة في مواجهة الشيعة، وتوهم البعض بأنها ضد المتطرفين من الشيعة مع عقلاء الشيعة.. وهي في حقيقة الامر ضد المعارضة السياسية التي تريد منها ان تغير من نهجها وان تستجيب للمتغيرات الكبيرة في عصرنا، وللمطالب المشروعة العاجلة التي رفعتها اجيال من شعب البحرين منذ العشرينات من القرن المنصرم، مطالبة بالمشاركة في صنع القرار



ويمكننا القول بأن ارتفاع اسعار النفط وانتصار الثورة الايرانية قد أسستا للنهوض السياسي للحركة الاسلامية بشقيها.. مما وضعنا لاحقاً أمام الاشكالية الطائفية التي لا تتغذى من الواقع والمستقبل وانما تتغذى بالدرجة الاساسية من الماضي وصراعاته.. وتغالي احياناً في الغوص في الماضي الى الدرجة التي تفقد الحاضر والمستقبل الزخم المطلوب في حركة الصراع، وذلك ما سنناقشه في الحلقة القادمة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حشود غفيرة من الطلبة المتظاهرين في حرم جماعة كاليفورنيا


.. مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين في باريس خلال عيد العمال.. وفلس




.. على خلفية احتجاجات داعمة لفلسطين.. مواجهات بين الشرطة وطلاب


.. الاحتجاجات ضد -القانون الروسي-.. بوريل ينتقد عنف الشرطة ضد ا




.. قصة مبنى هاميلتون التاريخي الذي سيطر عليه الطلبة المحتجون في