الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وثيقة السيستاني المهمّة

سليم سوزه

2014 / 8 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


قلتُ في مقالة سابقة، إصرار السيد السيستاني على تغيير السيد المالكي ستصنع تاريخاً سياسياً جديداً للبلاد. والتاريخ تحفظه الوثائق دوماً. هناك وثيقة نشرتها مواقع محترمة تظهر بأن السيد السيستاني قد طلب من قيادة حزب الدعوة الاسلامية "إختيار رئيس جديد للوزراء يحظى بقبول وطني واسع ويتمكن من العمل سويةً مع القيادات السياسية لبقية المكوّنات لإنقاذ البلد من مخاطر الارهاب والحرب الطائفية والتقسيم".

هذه الوثيقة سيتداولها التأريخ مثلما تداول بيان المرجع الشيرازي في ثورة العشرين. إنها ترجمان لإنتصار خط تشيّع النجف "العراقي" على خط تشيّع طهران "الإيراني" بعد إصطفاف مراجع الشيعة الكبار في ايران والعراق مع الخط الاول بقيادة السيد السيستاني.

ليس هذا هو موضوع مقالتي اليوم، بل لديّ ثلاث ملاحظات على هذه الوثيقة المهمة، سألخّصها فيما يلي:

أولاً : إخراج هذه الوثيقة للعلن الآن يبيّن لنا مدى إشتداد الصراع بين فريقين منقسمين داخل حزب الدعوة الاسلامية نفسها، فالفريق الذي يوالي السيد حيدر العبادي (وهم الأغلبية في الحزب) هم الذين سرّبوا الوثيقة للاعلام في مواجهة للشارع الدعوتي الذي يلعب على وتره السيد المالكي اليوم. هذه محاولة لتبرير ترشيحهم للعبادي من إنهم إستجابوا لرغبة المرجع الكبير بعد أن طلب منهم اختيار رئيس وزراء "جديد".
الوثيقة موجّهة لشارع المالكي وليس للمالكي نفسه (لأن الأخير يعرف بها جيداً). فهي إذن محاولة لإمتصاص نقمة انصار المالكي والذين بدونهم يفقد الحزب قاعدة جماهيرية كبيرة مستقبلاً.

ثانياً : بيان حزب الدعوة الاسلامية اليوم الاربعاء 13 آب 2014 الموافق 16 شوال 1435 كان قد قال في فقراته من إن الحزب إستجاب "فوراً" لطلب السيد السيستاني بالتغيير. لنرَ مدى فورية هذه الاستجابة وهل كان ترشيحهم امتثالاً لرأي المرجعية ام ركوباً للموجة.
تاريخ ترشيح السيد حيدر العبادي رسمياً من قبل التحالف الوطني كان يوم الاثنين 11 آب 2014 والموافق 14 شوال 1435. في حين كانت رسالة السيد السيستاني في يوم 11 رمضان 1435 وذلك يعني إن حزب الدعوة الاسلامية إنتظر 33 يوماً قبل أن "يمتثل" لرأي المرجعية الدينية العليا ويرشّح السيد حيدر العبادي (هذا إن كان هم مَن رشّحوه فعلاً وليس التحالف الوطني).
لماذا اذن يقول الحزب استجبنا "فوراً" ؟

ربما سيقول أحد من إنهم إنتظروا كل هذه المدة لانهم حاولوا اقناع السيد المالكي أن ينسحب وحين لم ينسحب بادروا بترشيح حيدر العبادي رغماً عن أمينهم العام المالكي. كنت سأقول بهذا الامر معكم لو إن حزب الدعوة أعلن بيانه يوم ترشيح العبادي ولم ينتظر يومين كاملين مثلما حدث. صدر بيان حزب الدعوة الذي يؤيد فيه ترشيح العبادي وامتثاله لرأي المرجعية الدينية يوم الاربعاء 13 آب وليس يوم الاثنين 11 آب، يوم ترشيح العبادي. على العكس، كان الحزب "صامتاً" يوم الترشيح، لا احد منا يعرف موقفه، هل كان مع المالكي ام مع العبادي؟ حسب قول السيدة حنان الفتلاوي في برنامج حواري على قناة العراقية من إن الدعاة كلهم رفضوا ترشيح العبادي وإنهم سيخرجون للعلن ويقولوها. وقالت ايضاً إن العبادي يمثّل نفسه لا حزبه، وإن الحزب سيخرج ويقول رأيه علناً للعالم. لكننا لم نرَ رأي الدعوة الرسمي وقتها. رأيناه اليوم بعد يومين من القضية. هذا لا ينفي من ان بعض اعضاء الدعوة هم مَن دفعوا السيد العبادي للترشيح وإن هناك انقساماً في الحزب قبل هذا اليوم، لكني اتحدّث عن موقف حزب الدعوة الرسمي كحزب ومؤسسة سياسية وليس كأفراد وأعضاء. لماذا إنتظروا يومين قبل أن يعلنوا موقفهم الرسمي من الترشيح؟

الخلاصة هو إن حزب الدعوة قد ركب الموجة بعد أن علِم بلا جدوى البقاء على العناد ورفض ترشيح العبادي، وليس لأنه إمتثل لرأي المرجعية الدينية العليا كما يقول. وهذا يدل ايضاً على إنه لا فرق بين الحزب الديني وأي حزب آخر في اعتمادهم على النفعية السياسية مبدأً مهماً في مواقفهم.

ثالثاً : رفض هذه الوثيقة من قبل الدعاة الداعمين للسيد المالكي وقولهم بأن إنسحاب المالكي هو خيانة لأمانة وطنية وخذلان للناخبين هي مغالطة لغوية واضحة لأن الناخب حين ينتخب شخصاً ما يعني إنه يسلّم أمره لذلك الشخص، ويوكّله توكيلاً عاماً في امور السياسة. فلو قرّر المُنْتَخَب التنازل عن منصبٍ ما، يعني إنه قرار ناخبيه ولا يمكن لهم الاّ الإذعان والقبول به، إنطلاقاً من الثقة التي اودعوها له. لذا تنازل المالكي لا يكون خيانة للناخبين لأنه هو الذي يقرّر بالنيابة عنهم ما يقع في مصلحتهم وليس العكس. هو المُخَوَّل بأمرهم بعد أن صوّتوا له. لكن السيد المالكي هو مَن لم يرد التنازل والإنسحاب فحاول انصاره التبرير له بهذه المغالطة المفضوحة.

يبقى لي تذكير بعض الاصدقاء الاعزاء الذين أعابوا تدخّل المرجع السيستاني في هذه القضية بهكذا مباشرية وصراحة. أقول لاحظوا إن حزب الدعوة هو مَن طلب توجيه السيد السيستاني "فيما يخص المواقع والمناصب" كما تقول الوثيقة، وإن ردّ السيد جاء على شكل نصيحة وجواب لرسالتهم الأولية.
بيتنا يحترق برمّته ، وعلينا إطفاؤه بأي ثمن، حتى لو بالفتوى.
بالنسبة لي وجدت إن ما طلبه السيد السيستاني عين ما أؤمن به انا طالما أراد حكومة وطنية تحارب الارهاب والطائفية وتمنع تقسيم العراق. فأين الخلل في هذا؟
حسب هذه الوثيقة المهمة، سيكتب التاريخ بأن السيد السيستاني كان مع الوحدة ضد التقسيم والوطنية ضد الطائفية والسلم ضد الارهاب.


هوامش :
*رابط بيان حزب الدعوة الاسلامية
http://www.al-daawa.org/main/2013-01-07-14-22-14/1963-2014-08-13-20-32-14.html

*رابط وثيقة السيد السيستاني
http://ynewsiq.com/?aa=news&id22=7480&iraq=%22%E6%C7%ED%20%E4%ED%E6%D2%22%20%CA%E4%D4%D1%20%D1%D3%C7%E1%C9%20%C7%E1%D3%ED%D3%CA%C7%E4%ED%20%C7%E1%CC%E6%C7%C8%ED%C9%20%C5%E1%EC%20%CD%D2%C8%20%C7%E1%CF%DA%E6%C9%20%C8%D4%C3%E4%20%C7%CE%CA%ED%C7%D1%20%D1%C6%ED%D3%20%C7%E1%E6%D2%D1%C7%C1%20%C7%E1%CC%CF%ED%CF








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أسلحة الناتو أصبحت خردة-.. معرض روسي لـ-غنائم- حرب أوكرانيا


.. تهجير الفلسطينيين.. حلم إسرائيلي لا يتوقف وهاجس فلسطيني وعرب




.. زيارة بلينكن لإسرائيل تفشل في تغيير موقف نتنياهو حيال رفح |


.. مصدر فلسطيني يكشف.. ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق ل




.. الحوثيون يوجهون رسالة للسعودية بشأن -التباطؤ- في مسار التفاو