الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاستشهاد مغادرة طوعية للحياة

عبد الرحيم التوراني
صحفي وكاتب

(Abderrahim Tourani)

2014 / 8 / 14
كتابات ساخرة


اليوم مات شاب يدعى مصطفى مزياني.
كان قيد حياته طالبا،
يعني في مقتبل العمر ...
مات في زنزانته بسجن الحكومة ولم يقتل ...
هو من اختار الموت وذهب إليه برجليه طوعا وطواعية...

لم يطلق عليه أحد الرصاص، أو دس له عدو ما السم في قهوته السوداء ...

شبع خبزا وقال له رأسه أن يغني، وكانت السياسة أغنيته المفضلة، لكنه لسوء حظه لم يساعده صوته، ولم يكن يجيد العزف على أي آلة سوى جسده النحيل المقطع الأوصال ...

حشوا رأسه بالأفكار القاتلة وأحكموا التوقيت، رغم الساعة الصيفية، وأرسلوه إلى جسده النحيل لينسفه في عز الحرارة والصهد ...

نسوا أن الشهداء يموتون في عز الشتاء والربيع.. أكتوبر، ديسمبر، فبراير، مارس...

حدثوه كثيرا عن الضحايا وقوافل الشهداء ...
عن المهدي بنبركة وغيفارا وسعيدة المنبهي وعمر بنجلون وعبد اللطيف زروال وعمر دهكون وأمين التهاني واجبيهة رحال ...
لم يتركوا ثقبا صغيرا في دماغه ورئتيه يتنفس.
ملؤوا كل الثقوب والتلافيف، وسدوها بأسماء الشهداء وقالوا له: هيت لك.. هذه فرصتك لتنتقم لهم ولنا.. ولك ...
أعجبته الفكرة البطولية ووافق من ضللوه. وقال: علاش لا.

فلماذا تتهمون اليوم الحكومة الموقرة؟

كان الأحرى بكم توقيرها، إن لم تتقدموا إليها بالشكر والامتنان لكونها قدمت المساعدة الكاملة لطالبكم وهيأت له كل الشروط والظروف المواتية لإنجاز أطروحته البطولية ...

قامت الحكومة الموقرة بمضايقته أولا، ثم عمدت إلى اعتقاله كي لا ينفر ويجفل.

أثقلت ملفه في المحكمة ورفضت كل الدفوعات التي قدمها محاموه.

أسكنته في زنزانة مريحة مكيفة بالأنين والألم الصريح..

لم تهرع لثنيه عن تهديده بالإضراب عن الطعام.

ولما نفذ قراره وأضرب تركته يفعل ما يريد، فالحقوق الفردية تكفلها حكومتنا الموقرة مائة بالمائة، ناهيك عن كونه في ضيافتها الكريمة..

والموت مكفول ومباح بقوة القانون القمعي..
هو أراد أن يؤذي نفسه، فليؤذها كما يريد ويشاء ...

لم تعر الحكومة الموقرة أي اهتمام للدعوات والبيانات المحبطة التي تفت من عضدها لترغمها على التراجع عن المكتسبات التي حصل عليها ضحاياها من الموتى القدماء أو من المرشحين القادمين.

هل محمد حصاد (وزير الداخلية) هو من حصد روح هذا الشاب المغرر به؟
هل شرقي الضريس (كتب الدولة في الداخلية) من عبأه ليضرس ثوم النضال بفمه؟
هل مصطفى الرميد (وزير العدل) هو من مرمده ورماه للنار والرماد؟
هل لحسن الداودي (وزير التعليم العالي) من أهدى جسد بطلكم للدود؟
هل عبد الإله بنكيران (رئيس الحكومة) هو من أرسله في الكار لتفخيخ جسده بديناميت الجوع؟

ثم إن هذا الشاب استحق مصيره، لأنه خان اسمه: "المزياني"، وضلل السلطات زمنا حين وثقت به وصرفت على دراسته حتى الجامعة،
هذا الإنسان "ما مزبان والو"، والدليل ما فعله في نفسه.

يكفي حكومتنا أنها تتحمل اليوم الاتنقادات الشديدة بكونها ترتكب المزيد من الأخطاء بصنع الأبطال والشهداء..
وهي من هذه التهمة براء،
أنتم من تصنعونهم وليست حكومتنا المصونة.
كونوا في المستوى وتحملوا مسؤولياتكم..لا ترموها في وجه الحكومة البريء.

اتقوا الله يا ناس في أنفسكم ولا تقذفوا المحصنات المصونات الموقرات مثل حكومتنا رعاها الله.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل