الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثوار الجزيرة

مصطفى مجدي الجمال

2014 / 8 / 14
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي



أستطيع القول وأنا مرتاح الضمير أن قناة الجزيرة (وفروعها.. وخاصة الفرع الموجه لمصر) هي الأحقر على الإطلاق في الإعلام الناطق بالعربية.. وقد يتهمني أحد بالمبالغة لاستعمال صيغة "أفعل التقبيح" في وصفها، ولكنها في الحقيقة تستحق ما هو أكثر من هذا بكثير، حيث وصلت إلى أبعد تخوم الخيانة والتآمر..

عمومًا ليست هذه مشكلتي الأساسية مع القناة، فهي- كما أزعم- تأتمر بأوامر جهات استخبارية ودوائر سياسية أجنبية، وتلعب قطر في هذه العلاقة دور الممول السفيه والشريك الأضعف جدًا.. فلا العائلة المالكة تملك من أمرها شيئًا، وكل ما يهمها أن تنال الرضا الإمبريالي- وربما الصهيوني- كي تبقى قابعة على عرش واحدة من أغنى بلدان العالم مقارنة بحجمها الجغرافي والسكاني الضئيل جدًا.. إلى جانب أن تنعم ببعض ما تتصور أنه نفوذ إقليمي يدغدغ مشاعرها..

أصبحت هذه القناة وفروعها تذكرني بدار الإذاعة الإسرائيلية في الستينيات والسبعينيات، والتي كانت تصب السموم على مسامعنا طوال الليل والنهار في أوقات بالغة الحلكة.. أما عن العرب المتعاونين مع هذه الإذاعة فكانوا منعدمين، ولم تجد وقتها سوى بعض اليهود من أصل عربي كي يلقوا بأحاديث يومية ممجوجة باللهجات العربية المختلفة.. ومنهم واحد مثير للاشمئزاز من أصل مصري كان يسمي نفسه "العم حمدان"..

كنت صغير السن وقتها.. ولا أنكر أنني كنت أتعرض لقدر كبير من الإحباط رغم احتقاري الشديد لما ولمن أسمعه.. أما قناة الجزيرة فهي تبث من بلد يقال إنه عربي وليس من إسرائيل، وإن كانت لا تقل في بث السموم والأكاذيب.. والأخطر من ذلك أن عربًا ممن يقتنعون بالطرح الإمبريالي ويتفانون في خدمته هم من يديرون هذه القناة ويتحدثون منها، ومن ثم فإن التأثير أكبر بالتأكيد..

لكن الفجيعة الحقيقية أن نجد بعض الثوار السابقين والحاليين يرتادون استوديوهات هذه القناة، إما طلبًا لمنبر إعلامي يتنفسون من خلاله، وإما سعيًا وراء المكافآت "الخيالية"، وإما ترويجًا لشهرتهم الشخصية هلى أمل أن تنفعهم هذه الشهرة في توطيد مراكزهم السياسية ببلدانهم.. وأعرف مثلاً ثوريين حقيقيين تورطوا أيام تصاعد الثورة المصرية إلى حد الإلحاح على المعدين والمذيعين كي تستضيفهم القناة في تغطياتها وبرامجها..

ورغم بعض البدايات المهنية المخادعة في السنوات الأولى لإنشاء هذه القناة، فإنها سرعان ما خلعت كل أثواب المهنية وتحولت إلى مسخ مشوه من دار الإذاعة الإسرائيلية، على الأقل من حيث أحادية التناول وافتضاح الغرض وانتقائية الضيوف واللغة التحريضية الفجة والانحياز التام للمخططات الأمريكية..الخ

وأصبح في أوساط السياسيين والإعلاميين وسطاء متخصصون في استدراج السياسيين و"النشطاء" ليتعاملوا مع هذه القناة المشبوهة.. وإنه لمما يثير الدهشة أن يتقاطر ليبراليون وقوميون وحتى يساريين للظهور على شاشة الجزيرة، دون أن يسألوا أنفسهم ما الذي يهم حكومة بلد صغير هكذا من "دعم لثورة" أو انحياز لتيار سياسي.. وهو ليس بالمصادفة نفس البلد الذي لا يعرف الأحزاب ولا النقابات ولا أي نوع من الحريات أو الحقوق للشعب.. والأنكي أن توجد به القيادة الوسطى وأكبر القواعد العسكرية الأمريكية بالمنطقة، والتي تنطلق منها الهجمات يمنة ويسارًا لتشيع الخراب والدمار في البلدان العربية..

والمزعج أن يتورط بعض "المثقفين الثوريين" العرب في التعامل مع مركز "للدراسات" أنشأته تلك القناة مستفيدة من الاسم "البراق" لعزمي بشارة الذي جرى تلميعه ليلعب دورًا شبيهًا بدور سعد الدين إبراهيم ومركز ابن خلدون في القاهرة.. حيث تتداخل دوائر التوجيه الفكري والمعلومات المشوهة مع أعمال العمالة والاستعمال و"الاستيعاب"..

المثقف "الثوري" الذي يهرول إلى الجزيرة وفروعها يغمض عينيه عمدًا عن حال قطر، وكأنها وكالة خيرية "للنشاط الثوري"، ويستطيع أن يقول لك: "المهم أنني أقول ما أريد".. وقد يكون هذا صحيحًا، ولكنه لا يستطيع أن يقول حرفًا واحدًا عما لا تريد القناة ورعاتها..

طبعًا أصبحت القناة (وخاصة "مباشر مصر") مجرد بوق إعلامي صريح لجماعة الإخوان من أجل التحريض والتعبئة والكذب المتواصل.. ولتلك الجماعة أن تختار ما تشاء.. فقد سبق لآبائها أن عملوا في الإذاعات الموجهة من لندن وغيرها في الخمسينيات.. ولكن ماذا سيجني "الثوري"- مهما كان محاصرًا إعلاميًا- من ظهوره على قناة مشبوهة ومتحيزة لكل ماهو متخلف في منطقتنا رغم ادعاءاتها بمناصرة الحرية والديمقراطية.. سوى الشيك الذي سيتسلمه وهو خارج من الاستديو..

ومن المؤكد أن ليس كل من يتعاملون مع قناة الجزيرة يسعون للمال والشهرة وفقط.. فللأسف أن بعضهم مرتبك سياسيًا أيضًا ويرى ألا مانع من التعاون مع الاتجاهات الظلامية ضد "العسكر" أو غيرهم، ومن ثم لا مانع من أن "يغزوا" الجزيرة.. وفي الحقيقة هذه الحالة أقرب إلى المرض العضال.. وستكشف أيام وسنوات قادمة عن خطل ما أقدموا عليه وتوسلوا به.. لكن بعد أن يفوت الأوان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اعترف بان الجزيرة خدعتني لفترة ما
سلام عادل ( 2014 / 8 / 15 - 00:23 )
مثل غيري خدعت بالجزيرة اول ظهورها، وظنت ان عهدا جديدا من الاعلام العربي النزيه قد بدا. فقبل الجزيرة لم نسمع الا المحطات المبطلة للزعيم الملهم والقائد الخالد والملك المفدى والزعيم الأوحد. حتى اسماء لامعة من اصحاب الأقلام الشجاعة ظهروا على شاشة الجزيرة، وفرحوا بالقاسم وحداد وعازر. ولكن حتى في عنفوانها كنت اشعر بالطعم الخواني والإسلامي، ثم جاء الظلام العربي المسمى زورا بالربيع، وانكشف قناع الجزيرة وظهر وجهها الاخونجي الصهيوني والماسوني البشع. واليوم انا أتابع الميادين، ولا أظن ان بن جدو الذي نبذ الجزيرة سيخدعنا كما حصل من خداع من الجزيرة


2 - الجزيرة قناة صنعت الوعي الثوري
عبد الله اغونان ( 2014 / 8 / 15 - 01:08 )

قناة الجزيرة الغراء هي من علمكم مهنية ومصداقية واستقلال الاعلام وطرح الرأي

والرأي الاخر. لامزايدة اطلاقا على قناة الجزيرة الغراء فهي أشهر من نار على علم

الجزيرة الغراء تعطي الكلمة للكل ضدا على النمطية والاحتكار في قنوات الحكام المتعددة

والتي ليست الا نسخة واحدة

قناة ذات هوية ديمقراطية لاتباع ولاتشترى ولاتخاف

قطر التي يعيرها المرجفون بصغر مساحتها بفضل الجزيرة أصبحت لها أكبرمساحة

في قلوبنا بخلاف قنوات التضليل والنسخة الواحدة والتهريج

قناة الجزيرة أول من فاز بجائزة ابن رشد للفكر الحر

الجزيرة قدمت في ميادين الصراع شهداء أحياء نعتز بهم

اللهم احفظ الجزيرة


3 - أبوس خدك !
حميد كركوكي {صيادي} ( 2014 / 8 / 15 - 10:15 )
في أمريكا كذلك لنا هذه الآفة الفكرية الدوغمائية ( الخنزيرة القسم الإنگليزي إنها كلبة السي آي أي والسعود ليست فيها ذرة من المصداقية، أنها بوق الدعارة الدوحية القطرية،، العاصمة المسمات جديدا { الدوخة } من قبلنا.


4 - اذا جاءتك مزمتي من مفوض
,مراقب ( 2014 / 8 / 15 - 18:16 )
فعليك ان تفكر كثيرا
راجع مقاله الكاتب بعنوان المجد للشعب المصري بعد عودته من جوله (نضاليه)بميدان التحرير لتفويض السيسي

اخر الافلام

.. الولايات المتحدة تعزز قواتها البحرية لمواجهة الأخطار المحدقة


.. قوات الاحتلال تدمر منشآت مدنية في عين أيوب قرب راس كركر غرب




.. جون كيربي: نعمل حاليا على مراجعة رد حماس على الصفقة ونناقشه


.. اعتصام لطلبة جامعة كامبريدج في بريطانيا للمطالبة بإنهاء تعام




.. بدء التوغل البري الإسرائيلي في رفح