الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كم اندلس ضائع نحتاج؟

عمر أبو رصاع

2005 / 8 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


في المشهد العراقي : عصر ملوك طوائف في أندلس ضائع جديد
كنا من الذين استبشروا خيرا بالعملية الانتخابية التي جرت في العرق بل وسعدنا بارتفاع نسبة الاقتراع أيما سعادة ، إلا أن ما تبع ذلك وخلفه من الأحداث إنما كان دليلا على ما نهجته أمريكا من ضروب التقسيم والشرذمة لهذا البلد العظيم وأهله فيسهل لها حكمها إذا ما انقسم أهلها شيعا.
وكان أول ما نهد إلينا من شواهد ذلك التقسيم الفج لشعب العراق على أسس طائفية وعرقية مما سمحت به سلطة الاحتلال وما رضيته لأهل بلادها من أحزاب طائفية وأخرى جهوية فحزب للشيعة وآخر للسنة وثالث ورابع للكرد وخامس للتركمان وهكذا دواليك ما عاد هناك عراق بل طوائف وشيع وأعراق ليس لها أبدا أن تنتج العراق الذي أملنا ، لتضيف بذلك إلى همومنا حول شكل الديموقراطية وضمانات نجاعتها في مستقبل أمتنا بعامة .
نتسأل هل تسمح أمريكا بأحزاب في أرضها على أسس عرقية كأن يقوم حزب أفريقي للسود مثلا أو حزب كثوليكي وآخر بروتستنتي ؟
وأصبحنا أمام شاهد الممارسة عندما بدأ تشكيل لجنة الدستور في اختيار أعضائها على أساس عكس التمثيل النسبي لجهاتهم وطوائفهم وأعراقهم فأي دستور إذا نرجو ، من هكذا طريقة في التمثيل وبالتالي التفكير ، أذكر يوما أن كان حديثنا مع أحد أساتذتنا في علم السياسة حول القانون الانتخابي المعدل لمجلس النواب في الأردن لتمرير معاهدة السلام يومها قال استاذنا :"غبي هو الحاكم الذي يزور الانتخابات إن بإمكانك دائما أن تضع القانون الانتخابي بالطريقة التي تضمن لك خروج الاكثرية النيابية التي تريد ونوعية النواب التي ترغب دون حاجة للتزوير"
وقس على ذلك دائما في قانون الاحزاب وفي التقسيمات الإدارية وغيرها .
هناك دساتير وقوانين تصاغ لتحقق أهافا عليا كما فعلت الثورة الفرنسية والأمريكية مثلا عندما جعلت الحرية والعلمانية من أقدس مبادئها رغم أن اليمين الماكارثي الجديد آخذ على عاتقه كما يبدو هدم هذه الأسس ، وهناك دساتير وقوانين تصاغ لتحقيق إرادات فرعية ومصالح نخبوية وجهوية وطائفية إلى آخر القائمة ، ولا ضير في أن يكون صندوق الإقراع فيصلا تمرر من خلاله إرادة تلك النخب على حساب الوطن ، كما كان يفعل السادات ولا زال غيره يفعلون عندما يعرض في الاستفتاء على التعديل الكثير من الامور الثانوية التي تتمسح بما يمس مشاعر الناس كالدين ولكنك لو دققت مليا لوجدت بينها جوهر الاستفتاء ومرامه المتمثل مثلا في تعزيز سلطة الرئيس .
إن أي حزب يقوم في البلاد على أساس جهوي أو ديني أو طائفي إنما هو حزب فئوي يمزق المجتمع ويستبعد شرائحا من الشعب عن أن تكون ممثلة فيه ، بل ويعمل جهارا على حرمان من لا ينتسب لطائفته أو ديانته أو جهته من حقوقهم المشروعة من زاوية كونهم مواطنون ابتداء في هذه الدولة .
لا تريد أمريكا تمزيق العراق جغرافيا قد يكون هذا صحيحا على الأقل في الأمد المنظور لكنها تعمد والشواهد كثر على صحة ذلك إلى تمزيق شعبه وتحرص على ذلك ايما حرص وتعض عليه بالنواجز مذ دخلت وحرست وزارة النفط وأخلت البلد من كل رجل أمن حتى تصبح مسرحا للنهب والسلب والتدمير والأهم عمليات الانتقام وغسل الدم بالدم ، ثم هي تلك تؤسس لنظام الجمعية الوطنية بأحزاب كما قلنا لا تمثل في أغلبها الأعم نسيجا عراقيا وإنما نسيجا جهويا وعرقيا وطائفيا ، وعلها إذ تفعل تضمن عراق الطوائف والأعراق المشرذم أبدا المستجيرة اشلاؤه ببلاط روما العصر تستميله وتستعطفه في نزاعها وتنافسها ومتى كان ذلك حالهم ضرب بعضهم ببعضا وكان الضعف والتشرذم حالهم لا وحدة وطنية ترص صفوفهم ولا أمة أو وطنا أكبر يفزعون إليه بل ولا ايديولوجيا أو فكر ينهجوهه غير العصبيات فيسهل حكمهم وسياسة أمرهم وعلينا نحن أن نصفق لأمريكا أو روما الجديدة وهي تدخلنا عصر ملوك طوائف في أندلس ضائع جديد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسلسل إيريك : كيف تصبح حياتك لو تبخر طفلك فجأة؟ • فرانس 24 /


.. ثاني أكبر جامعة بلجيكية تخضع لقرار طلابها بقطع جميع علاقاتها




.. انتشار الأوبئة والأمراض في خان يونس نتيجة تدمير الاحتلال الب


.. ناشطون للمتحدث باسم الخارجية الأمريكية: كم طفلا قتلت اليوم؟




.. مدير مكتب الجزيرة يرصد تطورات الموقف الإسرائيلي من مقترح باي