الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قرآة في شخصية رئيس الوزراء الجديد

عصام عبد الامير

2014 / 8 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


قرآة لشخصية رئيس الوزرء الجديد
أن البيئة بما تتضمن العائلة والمنطقة والمدرسة والمدينة والظروف التي تحيط بالزمان والمكان لأي شخص تمثل العوامل الرئيسية في بناء شخصية الانسان حيث هي التنشئة والتربية والتوجيه الذي يمنح الانسان كثير من الصفات ليس له ارادة في أختيارها وهنالك عوامل أخرى من وجهة نظري المتواضعة الا وهي العوامل الوراثية وان اختلف الناس حول ماهيتها ودورها في تشكل البناء النفسي للانسان
الذي يهمنا في هذه الدراسة هي العوامل الموضوعية لما لها من أثر بالغ في صياغة الشخصية الانسانية حيث كلنا نعلم أن لا أحد منا قد أختار دينه او مذهبه والعائلة والمنطقة التي تربى فيها وكل هذه تنعكس في بناء الانسان النفسي ومن ثم السلوكي وأهم من ذلك تكون لتلك العوامل دور في بناء الوعي ونمط التفكير
أن المعرفة وبالتالي الوعي الناشء عنها يمثل ثقب صغير نطل من خلاله على العالم الفسيح هذا الثقب في وسط أما أن يكون مرننا أو متصلدا فأذا كان مرننا أعطى الامكانية لهذا الثقب بالتوسع وبعلاقة طردية بمعنى كلما زادة مرونة الوسط أتسع الثقب حد الوصول الى أن كل المفاهيم والافكار التي سقينا أياها منذ الصغر بل حتى الهوية الدينية والطائفية وما يتصل بها من حقائق هي ليست مطلقة بل نسبية ولا تمثل كل الحقيقة بل هي جزأ منها لذلك ينفتح الانسان الذي يصل الى هذه القناعة على التأريخ والافكار والمعتقدات بل التراث الانساني بذهن حر غير مقيد وقلب محب لكل ما هو جميل يتناغم مع حريته وأنسانيته هذه التي يكتشف أنها الفضاء الاوسع والاشمل من كل الطوائف والقوميات
أما أذا كان الوسط الذي تحدثنا عنه صلدا وغير مرننا يبقى ثقب الوعي والادراك ضيقا بضيق الافكار والمعتقدات التي تلقاها الانسان منذ صغره وهذا مما يؤدي الى التعصب والانغلاق والكراهية للاخرين حد التكفير والقتل كما نشاهد في زمننا الحالي
أن الحد الفاصل ما بين الأنفتاح الكامل في الوعي الى درجة أن صاحبها لايرى أي حدود أو حواجز بينه وبين الاخرين مهما كانت أديانهم أو مذاهبهم أو قومياتهم بل يعتقد أنهم جزء منه وهو جزء منهم بألانسانية والطرف الاخر أقصد الانغلاق التام حد العزلة والتعصب الاعمى بين هذين الحدين توجد مساحة واسعة تمثل نسبية أدراكية وسلوكية وحسب الوسط ومرونته وأتساع ثقب الوعي والمعرفة الذي تحدثنا عنه
أن أولائك الذين يتحركون في المنطقة الوسطى ما بين الحدين يمتلكون القدرة على التعايش مع الاخرين مع احتفاظهم بمعتقداتهم الدينية والمذهبية والقومية وحسب النسبية التي ذكرناها قبل قليل وتتحول قضية حرب الوجود لدى اصحاب الانغلاق الى قضية حرب حدود أي نتعايش وألزم حدودي وتلزم حدودك ضمن الاحترام المتقابل بل يصل الحد الى البحث عن المشتركات والقواسم المشتركة لتعزيز الانفتاح وأزالة الحواجز
أن المعرفة التي تلقيناها منذ الصغرسواء من العائلة أو في المدرسة ضمن المناهج الدراسية وحسب قانون التناقض كانت مقترنة بالقيود فكل معلومة نتلقاها وأن كانت تقربنا الى المعرفة يقترن بها قفل يغلق حيز من أفاق الفكر وكل درس نتعلمه يرسم لنا دائرة في فراغ الوعي في نفس الوقت يقيد بها رحابة الدماغ وأمتداده الامتناهي حتى تتحول هذه القيود والدوائر المتراكمة الى جدار كبير يفصل ما بيننا وما بين الحقيقة
نأتي وبعد هذه المقدمة لتحليل شخصية رئيس الوزراء الجديد وفي ضوء ما يمكن أن نسميه جدول الوعي الذي ذكرناه أن الدكتور حيدر العبادي لا يمكن أن يصنف على أصحاب الوعي المنفتح الكامل وذلك للأسباب التالية أولا هو أبن عائلة شيعية محافظة قدمت ضحيتين هما أخوين لدكتور العبادي تم أعدامهما زمن النظام الدكتاتوري البائد على خلفية أنتمائهما لحزب الدعوة ثانيا أن منطقة الكرادة وهي مسقط رأس العبادي معروفة بطبيعة انتمائها الشيعي المحافظ حيث الحسينيات ومرقد سيد أدريس وفي هذه المنطقة كانت تقام فيها مجالس العزاء ومراسيم عاشوراء في الخمسينات والستينات بشكل متميز وواضح ثالثا أن السيد العبادي هو أحد الاعضاء القياديين في حزب الدعوة وهوحزب أسلامي سياسي شيعي أن لم نقل طائفي فقضيته الاساسية هي ليس الوطن أو قضية دفاع عن الطبقات المحرومة من الشعب وأنما قضيته تتعلق بالبعد التأريخي لحقوق الشيعة وعلى هذه الاسس لايمكن لمثل هكذا شخص أن يخرج من دائرة التنشئة ومجمل الظروف الخارجية التي أحاطت به ربما سائل يسئل كيف تم للجواهري أو محمد صالح بحر العلوم أن يخرجون من الشرنقة الدينية ويلقون بالعمائم وهم أبناء البيئة ذاتها بل أشد من التي تربى فيها حيدر العبادي نحن نجيب أن هذه الحالات النادرة والفريدة لها عوامل وخصوصية لا مجال لبحثها في هذا المقال البسيط
يبقى أن يصنف الدكتور حيدر العبادي أما من أصحاب الوعي المنغلق الكامل أو من الذين يتحركون على الهامش ولديهم القدرة على التعايش والانفتاح النسبي مع الاخرين أنا من وجهة نظري المتواضعة أن العبادي يمكن أعتباره من الصنف الثاني أي المنفتح نسبيا وأرجو أن لا يكون هذا التحليل أماني وتمنيات وهمية لاعلل النفس بالأمل لخروج شعبنا من المصيبة بل الكارثة التي هو فيها
أن هذا التشخيص له أسبابه وهي أولا أن العبادي هو أبن بغداد مع أحتراماتي للأبناء المحافظات وأنا منهم ولكن أبن بغداد المدينة والعاصمة حيث الحداثة والتمدن وتعدد الطوائف والاديان كل هذا يساعد على الانفتاح والتعايش ويقلل التعصب والانغلاق ثانيا هو أبن الكرادة حيث كان يقطنها وبشكل كبير الطائفة المسيحية هنا التسامح والحضارة والمودة ما بين الاديان ثالثا حسب السيرة الذاتية للدكتور حيدر يذكر أنه كان رياضيا وكابتن فريق لكرة القدم وهذا لابد أن يمنحه شيء من الروح الرياضية التي تتقبل الفوز والخسارة برحابة صدر رابعا أنه حاصل على شهادة الدكتوراه في الألكترونيات من جامعة مانشستر ولا بد من الشخص الذي يحصل على هكذا مؤهل أن تترك الحصيلة العلمية الاثر الايجابي في نمط تفكيره ووعيه خامسا لقد كان السيد العبادي يعيش في لندن عاصمة الديمقراطية والتحضر هذا وبشكل مؤكد له أنعكاسات وهوامش لا بد أن تظهر في سلوكه ووعيه
هنالك نقطة أضافة الى العوامل التي ذكرناها أن المتتبع الى لقاءات السيد العبادي في الندوات والمناقشات التي تظهر على الفضائيات ومن خلال تردده وتلكؤه أحيانا وبالنظر الى تعابير وجهه يجد المتتبع أن السيد حيدر العبادي غير صارم في طرح وجهة نظره هذا مما يدل على عدم قناعته الكاملة بالوجهة الطائفية التي يدافع عنها كذلك هنالك ضمير لا يزال حي في داخل هذا الرجل نأمل أن يكون عند حسن ظننا ويؤدي دور على الاقل في نقل العراق من مرحلة الاحتقان والاقتتال الطائفي الى مرحلة التعايش والسلم الاهلي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تناور.. «فرصة أخيرة» للهدنة أو غزو رفح


.. فيديو يوثق اعتداء جنود الاحتلال بالضرب على صحفي عند باب الأس




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر تطورات القصف الإسرائيلي في جميع مدن ق


.. حماس: تسلمنا المقترح الإسرائيلي وندرسه




.. طالب يؤدي صلاته وهو مكبل اليدين بعدما اعتقلته الشرطة الأميرك