الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حين يصبح النضال المطلبي بلا جدوى!

عديد نصار

2014 / 8 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


بعد الصفعة التي تلقاها وزير التربية اللبناني على أدراج وزارته يوم الثلاثاء (12 الجاري) حين أُسقط الخياران اللذان أصر عليهما قبل ايام من ذلك التاريخ، وهما إما المباشرة بالتصحيح وإصدار النتائج الرسمية للشهادات وإما إعطاء إفادات ترشيح للطلاب، ما يعني التفافا واضحا على تعهداته السابقة التي أقر فيها بمطالب الأساتذة والمعلمين واضعا قضية التصحيح وإصدار النتائج بتصرف هيئة التنسيق النقابية التي تربط ذلك بإقرار سلسلة الرتب والرواتب، بعد هذه الصفعة يعود مجلس الوزراء ليفوض الوزير نفسه بإصدار إفادات الترشيح للطلاب، إصرارا من القوى المسيطرة على السلطة في رفض إقرار حقوق الأساتذة والموظفين والأجراء، والتي تهم غالبية الشعب اللبناني بقواه المدنية والعسكرية التي تقوم عليها البلاد.
إنه لمن المستهجن والمثير للسخرية أن يتقبل "معالي الوزير" هذا التفويض مجددا وبصدر رحب! عجيب أمر هذه الكرسي كم أهدرت من كرامات!!
لقد برهنت هيئة التنسيق النقابية عن خبرة عالية وإصرار على المطالب خلال أكثر من ثلاث سنوات وهي تواجه سلطة ائتلاف مافيوي منفصل نهائيا عن واقع البلاد ومصالح المواطنين ومعاناتهم، ويرخي في استمرار سيطرته، مزيدا من الضغوط كل يوم عليهم. وقد عبّر ائتلاف السلطة المافيوي عن عداء مطلق لمطالب الناس وإصرار دائم في منعهم من بلوغ الحد الأدنى من المطالب المشروعة التي تسمح لهم بالبقاء.
وهنا نرى أن الجهة الوحيدة التي تقارع السلطة في سبيل مطالب مشروعة وبنجاح هي هيئة التنسيق النقابية اليتيمة من أي دعم سياسي على الساحة يمكن أن يشكل نقيضا لنظام سيطرة المافيات الغاصبة وتهديدا لسلطتها.
ومن الواضح أن الانفصام التام بين مصالح الطبقة المسيطرة وبين مصالح المواطنين عموما يجعل من الضغوط النقابية التي تمارس حتى الآن، وبدون غطاء سياسي كاف بلا جدوى.
ومن المتفق عليه أن تكرار المحاولات في نفس الظروف وتوقع نتائج مختلفة يمثل غباء موصوفا.
من هنا نقول: إننا لسنا معنيين فقط بدعم هيئة التنسيق النقابية وبالاستمرار في الالتفاف حولها، بل معنيون أيضا وأكثر من ذلك، في الالحاح عليها ومطالبتها في تغيير وسائلها والارتقاء بها نحو الفعل السياسي بعد أن اصطدم العمل النقابي بحقيقة أنه ليس هناك من مؤسسات وليس هناك من مسؤولين، بل هناك قوى غاصبة للسلطة لا يعنيها لا الاضرابات ولا الاعتصامات ولا الطلاب ولا حياة المواطنين ولا استمرار معاناتهم وتفاقمها.
وإنه، وبعد هذا الإصرار من قبل قوى السلطة على رفض إقرار المطالب المشروعة، وبعد كل هذا الفشل المتعمد في تأمين ظروف حياة عادية للمواطنين من خدمات (شغل، كهرباء، ماء، طرقات، تربية وتعليم، طبابة، استشفاء، أمن دوائي، أمن غذائي، ....) وفي حفظ أمنهم وأمن البلاد، إنه ليس عيبا أن توسع هيئة التنسيق النقابية دائرة المطالب لتشمل كل ما يعانيه المواطن اللبناني من مآس في ظل سيطرة هذه الطبقة، وبالتالي أن تعبّر عن الغالبية الساحقة من اللبنانيين وتطالبهم بالنهوض للمواجهة المطلوبة.
وإنه ليس عيبا أن تطرح هيئة نقابية بجدارة هيئة التنسيق النقابية مسألة السلطة على رؤوس الأشهاد. ليس عيبا أن تنتقل من المستوى النقابي الى المستوى السياسي. ليس عيبا ان تواجه قوى السلطة بحقيقة أنها تغتصب السلطة وتغتصب الثروة وتمارس النهب والتبعية والفساد على كل المستويات وفي جميع مواقع ومرافق السلطة.
بعد ثلاث سنوات من النضال النقابي، آن الأوان لفتح صفحة النضال السياسي. آن الأوان لنصارح ائتلاف المافيات الغاصبة بحقيقة اغتصابها للسلطة وأنه عليها أن تعترف بذلك وأن تغادر أو أننا سوف نرغمها على ذلك.
آن الأوان أن نواجِه بحقيقة أن المقاومة والسيادة الوطنية والعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية لن تتحقق في ظل سيطرة نظام ائتلاف المافيات. وأن هذه الأقانيم كلها منوطة بالشعب اللبناني القادر على انتزاع مطالبه وليس بأي حزب أو تيار او جهة سياسية تاجرت بهذه الأمور ما شاءت لها المتاجرة.
ندرك تماما المكون الطبقي والسياسي لغالبية عناصر هيئة التنسيق، لكن هؤلاء أضحوا مسؤولين تماما تجاه من يمثلون لأنهم لا بد قد لمسوا مقدار التناقض بين مصالح القوى السياسية المافيوية وبين مصالحهم هم ومصالح من يمثلون وأنه عليهم هم أن ينتزعوا ليس فقط المطالب، بل القرار السياسي الذي يمكنه تلبية هذه المطالب.
وهذا لن يكون متاحا في وقت تستمر القوى المافيوية في اغتصاب وإعادة اغتصاب السلطة.
ليس عيبا ولا مستهجنا أن تعلن هيئة التنسيق النقابية عدم اعترافها بشرعية السلطة التي تغتصبها وتعيد اغتصابها قوى مافياوية دأبت على تدمير البلاد وتهجير الشباب.
هئية التنسيق النقابية مطالبة اليوم أن تدعو المؤسسات السيادية من جيش وقوى أمنية وإداريين وقضاء أن يسقطوا الشرعية عن مؤسسات سلطوية غاصبة ومغتصبة بأن يرفضوا تنفيذ قراراتها وأوامرها في معركة عصيان مدني شامل حتى إسقاط نظام سيطرة المافيات.
فهل تجرؤ هيئة التنسيق النقابية على خرق السقف المطلبي الذي صار عبثيا ومأزوما باتجاه الفعل السياسي الثوري عن جدارة واستحقاق؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - السيد الكاتب
هشام معتوق ( 2014 / 8 / 16 - 04:50 )
كان عليك أن تكون أميناً تماماً كيما تبعث في القارئ التقدير التام لحسك الثوري والطبقي
كان اقتراح رجل الدولة البارز رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة رفع نسبة قيمة الضريبة المضافة 1% فقط للموافقة على سلسلة الرتب والرواتب في جلسة برلمانية قصيرة دون تمكين نبيه بري من تهميش رئاسة الجمهورية
وقد أكد السنيورة أن رفع القيمة المضافة لن يؤثر على الطبقات الشعبية الكادحة لأن جميع المواد موضوع استهلاكها لا ضريبة عليها

أما وأنك اعتبرت السنيورة وتيار المستقبل من المافيا السلطوية فذلك يجعل من مقالتك مجرد تحريض وتهويش


2 - شكرا على لباقة اللغة!
عديد نصار ( 2014 / 8 / 18 - 16:20 )
لا أدري إن كان صاحب التعليق قد قرأ المقال وفهم المغزى الكامل منه. وفي جميع الأحوال من يقرأ جيدا ويدرك المضمون لن يشعر بما شعر به المعلق. فأنا أتحدث عن طبقة رأسمالية مافيوية تحكم البلد. فهل يعرف صاحب التعليق أعلاه ممن تتألف تلك الطبقة؟ وهل خصّ المقال السنيورة وتيار المستقبل واستثنى باقي المافيات ومنها المدجج بالسلاح؟
انه بالفعل ائتلاف مافيوي يحكم لبنان. ورغم التنازع على الحصص، ورغم اختلاف مراكز التبعية الإقليمية من الرياض الى طهران الى سواخما.. فإنه لا غنى لأي منها عن الأخرى لأن واحدتها تبرر للأخرى.
اذكر المعلق أنه في انتخابات فرعية أجريت بعد مقتل وليد عيدو ترشح اثنان أحدهما عن تيار المستقبل وابراهيم الحلبي عن حركة الشعب. هل يذكر المعلق ما كان موقف حزب الله ومن معه من هذا الترشيح؟؟

اخر الافلام

.. صفقة أمريكية-سعودية مقابل التطبيع مع إسرائيل؟| الأخبار


.. هل علقت واشنطن إرسال شحنة قنابل إلى إسرائيل وماذا يحدث -خلف




.. محمد عبد الواحد: نتنياهو يصر على المقاربات العسكرية.. ولكن ل


.. ما هي رمزية وصول الشعلة الأولمبية للأراضي الفرنسية عبر بوابة




.. إدارة بايدن تعلق إرسال شحنة أسلحة لتل أبيب والجيش الإسرائيلي