الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف اصبح اقليم كردستان محط أنظار العالم ؟

جودت هوشيار
كاتب

2014 / 8 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


بين ليلة وضحاها أصبح أقليم كردستان محط أهتمام العالم وشاغل أنظاره ، وقد يبدو الأمر للوهلة الأولى استثنائيا ، ونادر الحدوث ، حيث لم يحدث قط منذ الحرب العالمية الثانية اجماع اقليمي ودولي حول قضية او بلد ما مثل ما يحدث هذه الأيام من تأييد المجتمع الدولي بأسره لأقليم كردستان في تصديه لأرهابي تنظيم ( داعش ) أقوى وأغنى و أخطر تنظيم ارهابي في العالم . ولكن لهذا الأهتمام أسباب موضوعية تتعلق بأمن واستقرار الشرق الأوسط ومصالح الدول الغربية والقيم التي يؤمن بها المجتمعات المتحضرة .

لا يخفي على المتتبع لتطور اقليم كردستان في كافة مجالات الحياة الأنسانية وتحديث المجتمع الكردستاني في السنوات الأخيرة ، ملاحظة قيم التسامح العرقي والديني والمذهبي المتجذر في الثقافة الكردية ، وهذا ما أشار اليه الرئيس أوباما في كلمته التأريخية عندما أجاز تقديم المساعدة العسكرية العاجلة لقوات البيشمركة لصد قطعان ( داعش ) وردعهم عن المساس بأمن وحرية كردستان .

صحيح ان التراجيديا الأنسانية الكبرى التي تعرض لها الأيزيدييون الكرد في مدينة سنجار والحصار الذي فرضه ارهابي داعش على النازحين الى المنطقة الجبلية القريبة منها، كان احد العوامل الأساسية التي دفعت البيت الأبيض الى اتخاذ قرار عاجل بتوجيه ضربات جوية فعالة الى مواقع الأرهابيين بعد أقل من 36 ساعة من هجوم مسلحي( داعش ) على حدود الأقليم ودون انتظار قرار من مجلس الأمن الدولي كما كان الأمر في بعض المناطق الساخنة الأخرى في العالم التي تدخلت فيها الولايات المتحدة الأميركية عسكريا ( البوسنة ، ليبيا ) ثم اتخذ الرئيس اوباما قرارات لاحقة بمد البيشمركة بالأسلحة الحديثة وزيادة عدد المستشارين الأميركيين في أربيل والقاء المياه والطعام الجاهز الى العالقين في جبل سنجار . وحذت دول الأتحاد الأوروبي حذو الولايات المتحدة الأميركية في تقديم الدعم العسكري المباشر لقوات البيشمركة والمساعدة الأنسانية العاجلة لمنكوبي سنجار وابدت دول كثيرة تأييدها ومساندتها للأقليم في تصديها لعدوان دولة داعش الأرهابية نيابة عن العالم بأسره .

ولكن ثمة عوامل أخرى فرضت نفسها على البيت الأبيض في اتخاذ القرار التأريخي بمساندة الكرد ، ويمكن تلخيصها فيما يلي :

1 – الولايات المتحدة الأميركية دفعت ثمنا غاليا لأطاحة نظام صدام في عام 2003 والعمل على اعادة الأمن والأستقرار الى العراق في السنوات اللاحقة حيث بلغت خسائرها البشرية حوالي ( 5000 ) ضابط وجندي واصيب أكثر من ( 35000 ) آخرين بأعاقات دائمة وأنفقت مئات المليارات من الدولارات على المجهود الحربي ، لتترك العراق بعد انسحاب قواتها منه في نهاية عام 2011 في وضع لا يحسد عليه . أي ان كل الجهود الأميركية ذهبت هباءاً ، ما عدا استثناء واحد هو أقليم كردستان المستقر أمنيا والمزدهر أقتصاديا.
التجربة الديمقراطية والتنمية المتسارعة في الأقليم نموذج ناجح حيث أثبت الكرد انهم أقرب شعوب الشرق الأوسط الى القيم الديمقراطية والأخلاقية والثقافية للحضارة الغربية واكثر استعدادا وكفاءة لتحديث مجتمعهم من أي مكون آخر من مكونات العراق .

لقد أصبح اقليم كردستان واحة للأمن والأمان المادي والديني والسياسي في العراق المضطرب وفي الشرق الأوسط عموماً وسوقا واعدة ذات بيئة استثمارية جاذبة للشركات العالمية وملاذا لكل العراقيين النازحين والمضطهدين .
هل توجد في الدنيا بأسرها كيان آخر بحجم اقليم كردستان وبعدد نفوسه يحتضن أكثر من مليون وربع المليون لاجيء من مناطق العراق الأخرى المتوترة ومن شتى الأعراق والأديان والمذاهب ، اضافة الى حوالي ربع مليون لاجيء سوري معظمهم من الكرد .
الكثير من اللاجئين ينتشرون في العديد من بلدات الأقليم كضيوف أعزاء يحميهم القانون وتقاليد الضيافة الكردية التي أشاد بها المستشرقون كثيراً في الماضي وكل من زار الأقليم في السنوات الأخيرة من العرب والأجانب .

2– يتمتع أقليم كردستان الغني بالموارد الطبيعية - كالنفط والغاز اضافة الى المعادن الثمينة التي لم تستثمر بعد - بقيمة جيوستراتيجية كبيرة وهامة على المستوى الأقليمي والدولي لوقوعه في قلب الشرق الأوسط ، وهو اليوم ، كما كان الأمر في الماضي ممربالغ الأهمية للتجارة بين بلدان المنطقة . ان وصول داعش الى داخل اقليم كردستان كان سيؤدي الى عدم الأستقرار في العراق ومنطقة الشرق الأوسط ويشكل خطرا على تركيا - العضو في حلف الأطلسي - وايران وعلى الشرق الأوسط عموما .

3– لعبت وسائل الأعلام الأميركية والرأي العام الأميركي دورا ضاغطا على البيت الأبيض وفي لفت الأنظار الى مأساة الأيزيد يين والأهمية القصوى لأقليم كردستان كحجر أساس لأستقرار الشرق الأوسط ، وطالب العشرات من اعضاء الكونغرس ومجلس الشيوخ الأميركي بنجدة الكرد ومد قوات البشمركة بالأسلحة الثقيلة الحديثة اللازمة لدحر داعش وتطهير كردستان والعراق من رجس هذه التنظيم المتوحش ، المجرد من كل القيم الأخلاقية والدينية والأنسانية .
ويقول الصحفي الأميركي البارز فريد زكريا في آخر مقال له ان الشعب الكردي قوة ديمقراطية في الشرق الأوسط و صديق موثوق للولايات المتحدة الأميركية .

وخلال كتابة هذا المقال أتصل بي صديق مسيحي عزيز هاجر الى الولايات المتحدة قبل حوالي ( 40 ) عاما ، وهو اليوم يحمل الجنسية الأميركية ورجل اعمال ناجح وعضو بارز في الحزب الجمهوري الأميركي . نقل لي هذا الصديق آراء ومشاعر المواطن الأميركي العادي ازاء اقليم كردستان . قال انه استطلع آراء عدد كبير من أعضاء الحزب الجمهوري الذين أبدوا اعجابهم بالتقدم المتسارع في الأقليم الذي تحول خلال سنوات قليلة الى بلد يسعي للحاق بالحضارة العالمية واصبح واحة للأمن والأستقرار والأزدهار . وان الولايات المتحدة لن تسمح أبداً لأحد كائنا من كان ، المساس بهذا النموذج الناجح . كما أشاد الأميركيون بشجاعة البيشمركة وصمودهم البطولى امام الهجمة البربرية لقطعان داعش .

4 – انتهجت القيادة الكردية سياسة متوازنة مدروسة ومرنة في التعامل مع الجارتين الكبيرتين تركيا وايران ، حيث استطاعت تأسيس علاقات حسن الجوار والأحترام المتبادل والمصالح المشتركة معهما في آن واحد ، مع الحفاظ على استقلالية القرار الكردي . وهوانجاز بارز لسياسة الأقليم الخارجية ، اذا علمنا ان تركيا وايران كانتا على مدى مئات السنين وما زالتا تتنافسان لبسط نفوذهما على كردستان والعراق .
كل هذه العوامل مجتمعة جعلت التجربة الديمقراطية في أقليم كردستان والأستقرار الذي ينعم به نموذجا يحتذى في وسط منطقة مضطربة وبالغة الأهمية بالنسبة الى المجتمع الدولي ، وجعلت الدول الديمقراطية العريقة تسارع الى نجدة الشعب الكردي وقواته المسلحة في صراعه الدامي مع دولة الأرهاب الداعشية ، هذا الصراع الذي يتوقف على نتيجته مصير الشرق الأوسط بأسره .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقدمة خاطئة ..
بوتان ( 2014 / 8 / 15 - 22:05 )
نوري المالكي هو الذي اصدر امرا للقوة الجوية العراقية بالمشاركة في الاسناد الجوي لقوات البيشمركة بطائرات ( السوخوي ) المتخصصة بالقتال الارضي وكذلك اصدار الامر الى ( طيران الجيش ) لضرب قواعد وارتال الارهابيين وقد وجهت رئاسة الاقليم شكرها واعترافها بالاسناد الحكومي العراق وهذا حصل قبل ثلاثة ايام من قرار اوباما بارسال طائرات امريكية لنفس الاغراض مع النظر بالاعتبار القدرات الهائلة للطيران الامريكي قياسا بالقدرات الجوية العراقية ومع ذلك فهي بادرت بذلك وكان على الاستاذ الكاتب ان لايتنكر لذلك بسبب التوتر الحاصل في الفترة الماضية بين حكومة المالكي وحكومة الاقليم وانحياز الكاتب الذي يقدم نفسه دائما كونه كاتب كوردي مستقل !


2 - القوة الوحيدة القادرة على محاربة داعش في العراق
د.زينب جابي ( 2014 / 8 / 15 - 23:26 )
لم تشارك القوة الجوية العراقية قط في ضرب اهداف داعش في جبهات القتال في سنجار وزمار ومخمور وكوير ولا اية جبهة اخرى قاتل فيه البيشمركة ارهابيي داعش بل ان طائرات السوخوي قصفت مناطق قتال القوات العراقية الحكومية ضد داعش في ديالى وصلاح الدين ونينوى . كما استولت حكومة المالكي على اسلحة مرسلة من الولايات المتحدة الى البشمركة عن طريق الحكومة المركزية بقيمة 200 مليون دولار حسب ناطق بأسم الجيش الأميركي . وقد رحبت وزارة البشمركة ببعض الذخائر والهيلوكوبترات التي ارسلتها الحكومة المركزية . ان قوات البيشمركة حسب تقييم خبراء الحرب في الدول الغربية هي القوة البرية الوحيدة القادرة على محاربة داعش في العراق وليس الجيش العراقي .


3 - نحن امام انشاء اسرائيل ثانيه في منطقتنا لان يد اسر
الدكتور صادق الكحلاوي ( 2014 / 8 / 16 - 04:48 )
الكاتب فرحان وكاءن بلاد الراسمالية العالمية المتطوره جمعية خيرية لإغاثة المظلومين
المثل الشعبي يقول -اليد الواحده لاتصفق-وتوصل أعداء الإنسانية الى ان تدمير العراق وهو هدف للصهيونية العالمية يدخل حتىفي اساطيرها التي تقول-وتنشاء دولة إسرائيل وياءتي جيش عرمرم من بلاد النهرين وينهي وجودها-لذالك فإسرائيل وهي مهندسة تدمير سوريا راءت ان انهاء سوريا مقدمة لانهاء العراق وبما ان الظرف الذاتي متوفر الان وبشكل جنوني بين أوساط واسعة من الاكراد في العراق وقد تم غسل ادمغتهم-وهي أصلا يابسه -كما هي حالة المجتمعات الرعوية الجبلية-وهكذا فقد حلت نفس الهستيريا التي حلت بشعب المانيا-وكان شعبا بما لايقارن متعلما وعظيما-أيام تسنم هتلر للسلطة في 1933 فزجت النازية الألمانية بهذا الشعب العظيم في حفلى الانتحار المليوني المدمر للذات والعالم-لذالك فاءسرائيل وحماتها والمنتفعلين من وجودها كنتوء سرطاني في الشرق الأوسط توصلوا ان اليد الواحدة لاتصفق وان انشاء نتوء سرطاني اخر خاصة ولأنه سيحاصر العراق من الشمال فعندئذ سيقوم الاقطاع الكردي بالمهمة المجرمة لتدمير العراق بكامله وفي المقدمة شماله الشرقي وربما إسرائيل ايضا


4 - تعليق عتصري للكحلاوي
طارق اسماعيل ( 2014 / 8 / 16 - 17:46 )
الدكتور صادق الكحلاوي او شخص يتخفى تحت هذا الأسم المجهول لأنني لم أصادف قط أي كتابة بهذا الأسم .وعلى أية حال هذا ليس بالأمر المهم ، ولكن جلب نظري استخدامه عبارات عنصرية من ترسانة النازية عندما يقول ( الاكراد في العراق وقد تم غسل ادمغتهم-وهي أصلا يابسه -كما هي حالة المجتمعات الرعوية الجبلية )قول عنصري بأمتياز ويدل على حقد دفين ضد الكرد الذين بنوا خلال عدة سنوات ما عجزت عنه الحكومات العراقية المتعاقبة من بلد مستقر ومزدهر اصبح قبلة العالم . الحسد والكراهية هما اللذان يحركان العنصريين لمعاداة الكرد ونقول لهم ( ستظل كردستان الشامخة المزدهرة شوكة في عيونكم وموتوا بغيظكم. ) .


5 - تفنيد اكاذيب زينب جابي
بوتان ( 2014 / 8 / 16 - 20:33 )
هل مس السيد الكاتب اي ضرر في تفنيدي لآدعاءات د. زينب جابي وهاهو الحوار المتمدن المحترم نشرته ولكن بعد ساعات قليلة الغت النشر فهل هي مؤامرة وتحالف من نوع جديد ؟!


6 - الحملة النفسية ضد الكرد
تحسين واجد ( 2014 / 8 / 18 - 16:15 )
ثمة حري نفسية قذرة في وسائل الأعلام العراقية الطائفية والعربية المتعصبة ضد الكرد . انتصارات البيشمركة تتحول في تلك الوسائل الى هزائم ولا كلمة خير حول احتضان اقليم كردستان لمليون ونصف مليون نازح عربي وايزيدي ومسيحي ومن المكونات الأخري لجأوا اليه هربا من بطش ميليشيات المالكي الطائفية ووحشية قطعان داعش . لذا ليس غريبا ان نرى بعض المعلقين ينفسون عن حقدهم بمهاجمة الكرد . أما من هو ذو العقل اليابس ، فأن الأمن والأستقرار والأزدهار الذي يشهده القسم العربي من العراق خير جواب على تطاول الأقزام على الكرد الأشاوس .

اخر الافلام

.. سائق يلتقط مشهدًا مخيفًا لإعصار مدمر يتحرك بالقرب منه بأمريك


.. إسرائيل -مستعدة- لتأجيل اجتياح رفح بحال التوصل -لاتفاق أسرى-




.. محمود عباس يطالب بوقف القتال وتزويد غزة بالمساعدات| #عاجل


.. ماكرون يدعو إلى نقاش حول الدفاع الأوروبي يشمل السلاح النووي




.. مسؤولون في الخارجية الأميركية يشككون في انتهاك إسرائيل للقان