الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المالكي وعبد الكريم قاسم - نهاية المأساة وبداية المهزلة

ميثم الجنابي
(Maythem Al-janabi)

2014 / 8 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


إن الفكرة القائلة بان التاريخ يعيد نفسه أول الأمر بهيئة مأساة ويكررها بهيئة مهزلة تنطبق على ما يجري من أحداث في ظروف العراق الحالية، لكنها تبدو مأساة ومهزلة بقدر واحد. من هنا مفارقاتها المتعبة للمنطق! والسبب يقوم في أن من يقف وراءها أطراف "عراقية" لا عراقة فيها لغير انعدام العقل والقلب والضمير! الأمر الذي يشير إلى حقيقة مرّة وهي فقدانها لأبسط مقومات الفكرة الوطنية العراقية. أما لماذا يحدث ذلك، فان السبب يقوم في ضعف العقل والضمير الوطني العراقي منذ نشوء الدولة العراقية الحديثة. من هنا تكرار مآسيه ومهازله بطريقة متشابهة، أو أنها تسير كما يقول أسلافنا، حذو النعل بالنعل!
فعندما نتأمل محاولات وحالة إزاحة المالكي عن السلطة، فإننا نقف أمام تكرار لما حدث مع عبد الكريم قاسم من حيث الأسلوب والقوى الخارجية والداخلية. الأمر الذي يشير إلى أن الغاية هي هي. فقد كان سيل المعارضة محصورا باتهام عبد الكريم قاسم بالدكتاتورية والفردية ومحاربة القومية العربية. وسيل المعارضة الحالية ضد المالكي هي الأخرى محصورة باتهامه بالدكتاتورية والتفرد و"الصفوية". ذلك يعين أنه في كلتا الحالتين كانت أطرافها هي هي. ففي حالة عبد الكريم قاسم كانت القوى الداخلية هي قوى بعثية ودينية (عائلة الحكيم) وكردية (بارا زانية) أما أطرافها الخارجية فقد كانت بريطانيا والسعودية. وفي حالة المالكي نقف أمام امتداد هذه القوى- بعثيةطائفية وبقايا شيوعية أقليات خربة (نموذج جريدة المدى) ومؤسسة دينية (مرجعيات صامتة في سراديب النجف) وأخرى ناطقة (نفس عائلة الحكيم وعائلة الصدر وعائلات اقل شهرة) وكردية (بارا زانية)، أما أطرافها الخارجية فهي أمريكا (بريطانيا المحدثة) والسعودية.
إن التغير الكمي في أطراف القوى المعارضة هو نتاج التغيرات التي حدثت في مجرى القرن العشرين، لكن ثباتها فيما يتعلق بالموقف والأسلوب والمنهج والغاية من عبد الكريم قاسم ونوري المالكي يشير إلى حقيقة جوهرية كبرى وهي عدم حل إشكالية الدولة العراقية والفكرة الوطنية العراقية وثبات النظام السياسي بالشكل الذي يحدد هوية العراق ودوره السياسي المفترض في المنطقة. بمعنى صناعة الدولة الوطنية الحديثة والناجحة، التي تقضي على قوى الداخل التقليدية الخربة وتمنع تدخل القوى الكبرى (مراكز الكولونياليات القديمة والحديثة) وأذنابها (السعودية وقطر وتركيا) في شؤونه الداخلية. فمن المعيب والمخجل والمهين أن "تتحكم" دول هشة ومتفسخة كالسعودية وقطر في سياسة العراق الداخلية والخارجية!!
كل ذلك يشير إلى أن العراق ما زال يقف أمام تيارين متعارضين الغلبة فيه لحد الآن للقوى الخارجية (بريطانيا سابقا والولايات المتحدة حاليا والسعودية) والقوى الداخلية (البنية التقليدية للعائلات والأطراف والهامشية والحثالة)، اي المصدر الموّلد لكل أنواع وأصناف الرذيلة الاجتماعية والسياسية، وبالأخص استعدادها الدائم والتام للخيانة الوطنية. وفي كلتا الحالتين نقف أمام صعود قوى هامشية وظلامية، الأولى بهيئة قوى "قومية" ليست هي في الواقع سوى قوى هامشية اطرافية جهوية فئوية طائفية مبطنة محكومة بنفسية وذهنية الأقلية. والآن نقف أمام نفس القوى بعد أن تعرضت في مجرى عقود من التحكم بأمور البلاد وانحطاطها المادي والمعنوي، إلى قوى سلفية فئوية طائفية علنية وشرسة لعل مختلف حركات "المقاومة السنية" التي بلغت ذروتها الحالية في داعش، هو نموذجها الجلي والصريح. الأمر الذي يشير إلى أن العراق لم يتخلص ولم يقض بعد على حصان طروادة، اي أداة الغدر والخيانة الوطنية المتمثلة في تيارات العائلة "المقدسة"" الشيعية، والتسنن البدوي النجدي، والكردي التقليدي، اي نفس القوى الديناصورية للبنية التقليدية العراقية. وفي هذا تكمن حالته المأساوية الراهنة ومهزلة واقعه السياسية وآفاقه القريبة.
غير أن هذه الحالة الخربة، والتي هي نتاج انحطاط مادي ومعنوي هائل تعرض وما يزال يتعرض له العراق، لا يمكنها الدوام طويلا. فالخيانة والخونة لا تقاوم طويلا، شان الارتزاق الوضيع والمرتزقة. وذلك لان قيمتهم وقيمهم من جذر واحد. فمن كانت قيمه محصورة بما يدخل فيه، فان قيمته تتناسب مع ما يخرج منه! أما أفراحهم "بسقوط المالكي"، فهي مجرد تعبير فعلي عن سقوط الأقنعة المغلفة لحقيقة القوى المشتركة في هذه العملية القذرة!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المالكي والزعيم قاسم
ديار ( 2014 / 8 / 16 - 10:29 )
نعم كانوا يتهمون المالكي بالانفراد بالسلطة والديكتاتورية والصفوية ونفس الجماعة واذنابهم وشيوخهم في الستينيات كانو يتهمون عبد الكريم قاسم بالتفرد والديكتاتورية وبدل الصفوية كانوا يتهمونه بالشعوبية والبعض من العراقيين الطيبيين كانو لا يفهمون معنى ( الشعوبية ) وكان قسما منهم يتصوره فرعا من الشيوعية والقسم الاخر يتصوره فرعا من التشيّع وهكذا كان تامروا جميعا عليه واسقطوه واليوم ابناء واحفاد الولئك تأمروا على المالكي وانفض الجماعة تدريجيا من حول المالكي كما انفض القادة العسكريين من حول قائدهم الزعيم قاسم يوم شباط الاسود فلم يبق معه الا المخلصين الحقيقيين والذين بقوا معه الى الساعات الاخيرة حيث قضوا معه وقسم منهم لقوا مصاريعهم قبله ودفاعا عنه ..هذا هو عراقنا البائس الخائن منذ الامس القريب الى اليوم الحالي ..تحياتي الى الكاتب العزيز ..


2 - اللصوص ليس لهم اعداء!!
جواد الشكرجي ( 2014 / 8 / 17 - 15:16 )
صدفه غريبه فالمناضل الوطني باني مجد العراق صدام حسين!! ايضا انفض عنه القاده العسكريون وتكالبت عليه القوى الداخليه من الاحزاب والمرجعيات والعوائل الدينيه والبرزانيه وكذلك الاعداء الخارجيون (من الخوارج) مثل دول الخليج وايران وامريكا وبريطانياوالاتحاد الاوربي والافريقي حقا القاده العظام كعبد الكريم وصدام والمالكي تتشابه ظروفهم غريب امور !!!!!!عجيب قضيه!!!!!!

اخر الافلام

.. هل يستطيع بايدن ان يجذب الناخبين مرة اخرى؟


.. القصف الإسرائيلي يدمر بلدة كفر حمام جنوبي لبنان




.. إيران.. المرشح المحافظ سعيد جليلي يتقدم على منافسيه بعد فرز


.. بعد أدائه -الضغيف-.. مطالبات داخل الحزب الديمقراطي بانسحاب ب




.. إسرائيل تعاقب السلطة الفلسطينية وتوسع استيطانها في الضفة الغ