الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإصلاح فى الكنيسة الكاثوليكية

مجدى خليل

2014 / 8 / 16
مواضيع وابحاث سياسية



أغلب الذين يتحدثون عن الكنيسة الكاثوليكية يتناولون فترة صكوك الغفران ومحاكم التفتيش والعصور المظلمة التى مرت بها هذه الكنيسة متجاهلين حقيقة الإصلاحات الجبارة التى تمت فى هذه الكنيسة منذ ذلك الوقت وحتى الآن، حتى أصبحت الكنيسة الكاثوليكية وبحق حاليا أكبر وأعظم مؤسسة دينية فى العالم كله تخدم مئات الملايين عبر العالم من جميع الديانات بلا تفرقة من خلال المستشفيات والمدارس والإرساليات والملاجئ ومنظمات الإغاثة الدولية والجامعات ودار الرعاية والإصلاح ،وذلك علاوة على الخدمة الروحية لمليار ومائتى مليون كاثوليكى حول العالم.
فعندما قام المصلح الدينى الكبير والعظيم مارتن لوثر(1483-1546) هو وزملائه الأبطال أمثال أوريش زونجلى (1484-1531)،وجون كالفن (1509-1564) ،ومن قبلهم الفيلسوف والمصلح الشجاع جون ويكليف(1328-1384) والشهيد الفيلسوف البطل جان هس(1372-1415) بحركة الاحتجاج الكبير على الفساد الذى كان يجرى وقتها وضد السلطان الطاغى للكنيسة مبسطين أسس الايمان المسيحى فى العلاقة المباشرة بين الإنسان والله دون الاحتياج إلى وساطة البشر للوصول إلى الخالق العظيم،كان هناك فى نفس الوقت من داخل الكنيسة الكاثوليكية نفسها حركة إصلاح يقودها رجال دين عظام أمثال القديس فرانسيس الأسيزى(1181-1226) الذى كان يقول أن الخلاص يتطلب شيئا أكثر من مجرد مجموعة طقوس وثنية. وظهرت حركة الإصلاح اليسوعى"الجزويت" (1491-1556)، ثم حركة الإصلاح المضاد Counter-Reformation، وهى حركة تعنى بإصلاح الكنيسة الكاثوليكية من داخلها دون الحاجة للتحول للبروتستانتية، ثم أستمر الإصلاح عبر المجامع حتى المجمع الفاتيكانى الثانى(1962-1965) الذى قاد حركة ثورية لإصلاح الكثير من المفاهيم فى الكنيسة الكاثوليكية عبر مناقشة 16 موضوعا هاما على رأسها الحريات الدينية كما جاء فى نص قرارات المجمع كالتالى:" يُعلنُ هذا المجمعُ الفاتيكانيُّ أنَّ الحريَّةَ الدينيةَ حقٌّ للشخصِ الإنساني. وهذه الحُريَّةُ تقومُ بأنْ يكونَ جميعُ الناسِ بمعزلٍ عن الضغطِ سواءٌ أتى من الأفرادِ أو من الهيئاتِ الإجتماعيّةِ أو أتى من أيّ سُلطةٍ بشريَّة، وهكذا ففي أمورِ الدينِ لا يجوزُ لأحدٍ أن يُكرَهَ على عملٍ يُخالفُ ضميرَه، ولا أن يُمنَعَ من العملِ، في نِطاقِ المعقولِ، وِفاقاً لضميرِهِ، سواءٌ كان عملُهُ في السرِّ أو في العَلانيّة، وسواءٌ كانَ فردياً أو جماعياً. وهو إلى ذلكَ يُعلنُ أنَّ حقَّ الحريَّة الدينيَّة مُتجَذّرٌ في كرامةِ الشخصِ البشريّ نَفْسِها، كما وردَ ذلك في كلامِ الوحيِ الإلهيّ وأوضحهُ العقلُ نفسه".
واستمر الإصلاح بعد ذلك وصولا إلى البابا فرانسيس الأول الذى شكل لجنة من ثمانية كرادلة يمثلون القارات الخمس وذلك لإصلاح الادارة المركزية للكنيسة الكاثوليكية،وكذلك دراسة تعديل دستور الفاتيكان" باستور بونوس".
لقد عاصرت فى حياتى ثلاثة من باباوات الكنيسة الكاثوليكية العظام،كل واحد منهم كان صوتا صارخا لتنبيه العالم لخطر محدد،فالبابا يوحنا بولس الثانى(1920-2005) كانت صرخته المدوية ضد الشيوعية حتى سقطت وكان يقول لشعبه بكل قوة كونوا رجالا فى مواجهة الشيوعية،وجاء بعده الفيلسوف العظيم البابا بندكيوس السادس عشر(1927- ) الذى صرخ صرخته المدوية ضد التطرف الإسلامى ورحل عن المنصب تاركا العالم يتدبر أمره تجاه هذه المسألة الخطيرة التى رأينا احدث تجلياتها فى تنظيم داعش الإرهابى، ثم جاء البابا فرنسيس الأول(1936- ) بصرخة مهمة ضد الفقر والقساوة والشقاء مقدما نفسه كمثال على المحبة والتواضع والبساطة والزهد،محاولا إبراز الجانب الرحيم والإنسانى فى الكنيسة.
وحتى عندما تفجرت قضية الاعتداءات الجنسية على الأطفال كان الحل هو تطهير الكنيسة من الداخل من كل فعل بشرى خاطئ،واعترفت الكنيسة بهذه الاخطاء وقدمت أكثر من 2 مليار دولار تعويضات للضحايا،وخرجت الكنيسة من التجربة أكثر قوة ونقاء،فالشفافية والصدق والإصلاح الذاتى أثبت أنه الطريقة المثلى لمعالجة هذه القضايا وليس التعتيم والإنكار وظلم المجنى عليهم.
ومازال مشوار الإصلاح مستمرا،فالوصول للكمال المسيحى يتطلب عملا دائبا مستمرا شجاعا منفتحا شفافا.ولكن يظل الاعجاب بهذا التطور فى النظام الإدارى للكنيسة الكاثوليكية التى تدير اصولا بمئات المليارات من الدولارات حول العالم وفقا لنظام مالى وإدارى منضبط وشفاف،ويكفى أن نعرف أن مرتب الجميع فى أوروبا على سبيل المثال من طالب الرهبنة إلى قداسة البابا فرانسيس الأول متساوى للجميع ويعادل الحد الأدنى للأجور فى أوروبا وهو 2200 يورو شهريا ،مع وجود نظام صحى واحد للجميع....الا يدعو هذا للفخر؟.
إن الكنائس الشرقية تحتاج أن تقتفى أثر هذا الطريق من الإصلاحات الإدارية والمالية فى الكنيسة الكاثوليكية ومن التفاعل مع الفكر اللآهوتى المسيحى المعاصر كذلك،فقد وضعت كنائسنا فى الشرق الأولوية للحفاظ على الإيمان تحت الإضطهادات التى لازمت الحكم الإسلامى،ولهذا انشغلت عن الإصلاح، وقدمت الإيمان حتى على الإنسان ذاته حتى انطبق عليها احيانا المثل القائل " ضحى بالأم والجنين من آجل نجاح العملية" ،وواجهت الإضطهادات بلآهوت سلبى ،غرسته فى الإنسان المسيحى الشرقى، يكرس السلبية فى مواجهة الإضطهاد، وكانت النتيجة الطبيعية هى تطور وضع مسيحى الشرق من الإضطهاد إلى توسل البقاء، وذلك بعد أن اصبح الوجود المسيحى ذاته مهددا فى الشرق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كل الاحترام لك أستاذ مجدي
سلام عادل ( 2014 / 8 / 16 - 15:39 )
صلاتي ان يقرا المسلمون هذه المقالة ويتوقفوا عن اجترار الكلام الممجوج والممل والتافه عن الحروب الصليبية، وواضعين رؤوسهم في رمال جزيرة العروبة القاحلة عندما يتعلق الامر بجرائم الاسلام اليومية ضد البشرية. الكنيسة كائن حي لانها جماعة البشر المؤمنين بشخص الرب يسوع، والذين يعملون جاهدين على الحياة بحسب تعاليم النجيل، ولأنهم يعملون فقد يخطئون ولكنهم سرعان ما يكتشفون الخطأ فيتوبون بعكس أمة الاسلام التي تبحث عن الفتاوي لتجد المبررات لكل الموبيقات، وأصبح تبرير ان هذه الجماعة الاسلامية او غيرها لا تمثل الاسلام لدرجة ان المسلمون انفسهم لا يعرفون حقيقة إسلامهم


2 - نادرا ما قرات مقال منصف في حق الكنيسة
بشارة ( 2014 / 8 / 16 - 17:06 )
يسعدني اكثر ان الكاتب الاستاذ مجدي الاخ القبطي المنتمي الى الكنيسة الارثوذكسية الشرقية العريقة اي الكنائس القبطية والسريانية والكلدانية والاشورية (والارمنية اعتقد)ام الكنائس بحكم الجغرافيا
لكن مسيرة الوحدة بين الكنائس هي في مراحل متقدمة جدا فقد تم تذليل كل العقبات العقدية في غالبها سوء تفاهم حول صياغة الكلمات ولم يبقى الا الجانب الاداري البحت

الفكرة ان تقوم الوحدة بين خلفاء الرسل الكبار اي بطاركة جميع الكنائس على ان تكون هنالك خاصية لمقعد القديس بطرس وفق نصوص الانجيل ولتتمتع كل كنيسة بحرية كاملة في ادارة شؤون رعاياها...اعتقد انا قاب قوسين او ادنى من تحقيق الهدف اي الوحدة
حصل هذا على مستوى محلي في مصر بين جميع الكنائس مع خاصية للكرسي المقرصي الارثوذكسي بحكم عدد الاتباع

في فلسطين وتحديدا في الناصرة يتم الاحتفال بالاعياد الرئيسية بشكل موحد

ملاحظة جانبية, معاشات الاكليروس 2200 يورو يتبقى اكثر بقليل من النصف بعد تصفيتها من الضرائب
تحياتي


3 - وماذا فعل المسلمون؟
احمد حسن البغدادي ( 2014 / 8 / 16 - 18:20 )
حتى لو بقيت الكنيسة بدون إصلاح، تبقى تعاليمها ونظمها ارقى من جوامع النكاح والقتل وتبرئة السفاحين ،

وهنا اذكر الأخ مجدي، الاستمرار بالمطالبة بالانفصال، قبل ان يحدث معكم مايفعله المسلمون اليوم بالعراق، وقبلها بالسودان،
لا تصدقوا السياسي ولاغير السيسي، طالما هناك قران وحديث وسيرة محمد، وهم الحاكم الفعلي للبلدان الإرهابية ( الاسلامية)

تحياتي....


4 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 8 / 16 - 22:44 )
لو تمت دعوتي للمشاركه في إصلاح الكنيسه , فصدقني أنني سأساعد أتباع (يسوع) بإصلاحات كثيره , منها :
- طلب الكنيسه بإلغاء ألوهية و ربوبية (يسوع) , فهل يعقل (و نحن في القرن21) أنكم لا تزالون تصدقون بأن ذلك الفتى (يسوع) المولود بـ(حظيرة حيوانات) هو خالق هذا الكون بمجراته و نجومه العملاقه؟ .
- جعل (العهد القديم) و (العهد الجديد) في الأرشيف , خصوصاً و أن فيها تعاليم إجراميه 100% , لذلك , يجب إزالة مسمى (المقدس) منها .
- أصدار بيان رسمي , بأن معظم عقيدة (يسوع) مستوحاه من الديانه (الهندوسيه) .
- تغيير مسمى (المسيحيه) إلى مسمى (اليسوعيه الهندوسيه) أسوةً بالمذاهب (الهندوسيه) الأخرى .

طبعاً , هذه إصلاحات مبدئيه , و سيتبعها إصلاحات أخرى .

تحياتي المخلصه


5 - الكنيسة والإصلاح
بارباروسا آكيم ( 2014 / 8 / 16 - 23:39 )
أُستاذ مجدي يكفي الكنيسة فخراً أَنها قَدمت مئات القامات العلمية وعلى رأسهم مندل أَبو علم الوراثة..فماذا قدمت مساجد بول البعير؟؟..بت هوفن موزارت ..الخ الخ كُل هؤلاء كانوا ابناء الكنيسة...ولكن يجب أَن لاننسى ايضاً خطايا الكنيسة، وان يبتدأ الإصلاح بمعالجة قضية الكهنوت .. وان تعود الكنيسة كما كانت ايام الرسل، تأتي اليك لاتذهب اليها.!حينما تعود الكنيسة الى بساطتها الأَصلية ..لا كهنوت ولا كتلوك صلوات ولافرائض باطلة ولاتعاليم الناس التي تمنح القداسة..حينها فقط تكون الكنيسة هي الكنيسة المسيحية الحقة..واتمنى من كُل قلبي أَن تواصل الكنيسة حول العالم عملية البحث عن الحق الكتابي...واريد أَن اقول انني هاهنا لا انتصر لطوائِف بقدر ماانتصر للحق الكتابي


6 - ارفع القذى من عينك لترى أن النجار مخلوعة بابه
johnhabil ( 2014 / 8 / 16 - 23:54 )
جلٌ وعظم القرآن العذراء مريم
تقبلها الله وأنبتها نباتاً حسناً
وفي الحديث الشريف
كل أنسان عندما يولد ينخسه الشيطان ما عدى المسيح وأمه
وقال القرآن عن المسيح وجيهاً في الدنيا والآخرة,,,,, أخلق من الطين طيراً واشفي العميان وأقيم الموتى ...... ((((((((( وأعرف ما تدخرون في بيوتكم ))))))))))... علم الغيب
إلآ الاستاذ عبدالله خلف لا يقيم وزناً لآيات القرأن الخاصة بالمسيح وأمه مريم
فكيف ستكون منصفاً يا سيدي ،إذا دُعيت لإصلاح الكنيسة؟
وإذا كنت لم ترضى وتخالف قرآنك ... فكيف ستكون مصلحاً ومجدداً لأفكار غيرك ؟؟؟
ألا تعلم او لم يخبرك أحداً أن اوروبا بعد عصر النهضة فصلت الكنيسة عن الدولة والسياسة
وهم ( الآن ) من يموٌنوك بالكومبيوتر والسيارة والطيارة والدواء وهم من يحكموك في مجلس الأمم المتحدة وحقوق الإنسان ، والدول العظمى والفيتو والمنظمات الإنسانية
وأن أموال السادة العرب من عائدات الغاز والبترول مودعة في امريكا وأوروبا ، وان خطواطهم وانفاسهم معدودة عليهم؟
تعاون مع غيرك لفصل الدين عن الدولة وبعض الحمقات وانتظر مكانة العرب في العالم اقتصادياً واجتماعياَ وثقافياً
وتحياتي للجميع


7 - عقدة عبدالله خلف
سلام عادل ( 2014 / 8 / 17 - 02:41 )
لا افهم هذا ألكم من الحقد في قلبك يا سيد عبدالله، وبصراحة ومحبة أقول لك أني أشفق عليك. انت إنسان تحتاج الى جلسة مع الذات، وتحتاج ان تسال الله ان ينير قلبك لتعرف عظمة محبة الرب يسوع لشخصك يا رجل


8 - وهم نضيع به العمر
buukko ( 2014 / 10 / 21 - 19:00 )
لنلسؤال هو ما ذنب ضحايا الفساد الكنسى او الدينى بوجه عام اليس من المفترض ان الروح القدس يرشد رجال الدين الى الحق و الباطل
ما ذنب طفل اعتدى عليه
ما ذنب من حرم من الحياه الفكريه و لم يشاهد الميديا و لم يقرا
انا شخصيا حرمت من شبابى و انطويت لانى كنت فى مجتمع مفتوح حرام السينما لا للعاطفه فى الشباب لا للاغانى لا للادب و السياسه و الفلسفه (مع انى كنت عاشق ) للقراءه وحتى لا تتعرض لفكر قد يكون مختلف مع فكر الكنيسه و التسلط الكهنوتى الفكرى و العملى الذى يلغى العقل و الشخصيه و الذهن
عندما تحيا فى حجرتك و عملك و كنيستك و لا تستطيع ان تفعل شيئا اخر طاعة لرجال الله الذين هم يعرفون اكثر ثم تمر السنون لتجد العمر بدا يمضى و انت كالانسان الالى مجرد لعبه يتحكم فيها رجل الله و تجد ان حياتك ضاعت و حتى عملك فانت تكرهه من البدايه لان رجل الله امرك بطاعة الاهل فاضعت حياتك فى مهنه لا تحبها

ما ذنب من خسروا بناتهم او ابنائهم من نصح لرجال الدين و من ومن
اين الروح القدس اذا كانت افعال و سلوكيات الكنيسه و الدين نسبيه و فيها خطا و صواب
الاجابه ان الروح القدس وهم فى كتب الدين فقط

اخر الافلام

.. ألعاب باريس 2024: اليونان تسلم الشعلة الأولمبية للمنظمين الف


.. جهود مصرية للتوصل لاتفاق بشأن الهدنة في غزة | #غرفة_الأخبار




.. نتنياهو غاضب.. ثورة ضد إسرائيل تجتاح الجامعات الاميركية | #ا


.. إسرائيل تجهّز قواتها لاجتياح لبنان.. هل حصلت على ضوء أخضر أم




.. مسيرات روسيا تحرق الدبابات الأميركية في أوكرانيا.. وبوتين يس