الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دفاعا عن الاضراب العام

الشاوي سعيد

2014 / 8 / 16
الحركة العمالية والنقابية


دفاعا عن الإضراب العام
ترتفع أصوات بعض المناضلات والمناضلين الديمقراطيين مطالبة بالإضراب العام، لكنها لم تلق أي استجابة من قادة المركزيات النقابية خاصة ك.د.ش، ا.م.ش وف.د.ش التي يجمعها تنسيق ثلاثي ومذكرة مشتركة وجهت للحكومة في 11 فبراير 2014 .
الإضراب العام بكل تأكيد هو سلاح نضالي عمالي قوي اثبت فعاليته عبر تاريخ الصراع الاجتماعي بين الباطرونة والطبقة العاملة،لكنه كذلك ليس سحريا ولا يملك أي قوة في ذاته إذا جردناه من الشروط التي يتم فيها وطبيعة القوى التي تدعو إليه.
لإنجاح الإضراب العام يجب توفر شروط سياسية ونضالية وتنظيمية مناسبة،بدونها يتحول إلى مجرد فرقعة غير ذات أهمية وبدون تأثير ويسقط في الميوعة والابتذال.احد أهم أهداف الإضراب العام هي تغيير موازين القوى لصالح العمال وعموم الكادحين تمكن من تحقيق مطالبهم الاجتماعية والديمقراطية وحتى السياسية.ونذكر الاضرابات العامة التي خاضتها الطبقة العاملة المغربية يوم 20 يونيه 1981 الذي دعت له بدون تنسيق ك.د.ش وا.م.ش ،والإضراب العام ليوم 14 دجنبر 1990 الذي دعت له ك.د.ش وا.ع.ش.م في اطار التنسيق الذي كان يجمع بينهما.كانت السبب في تفجير انتفاضات شعبية تعرضت لقمع مخزني شرس لكنها حققت مكاسب لم يستفد الأجراء إلا من جزء يسير منها والباقي دهب إلى القيادة البورجوازية بسبب غياب حزب الطبقة العاملة،وهذا يقودنا إلى نقاش آخر ليس مجاله الآن،وهو علاقة الإضراب العام بحزب الطبقة العاملة والقيادة العمالية للنقابات.
سنحاول في هذه العجالة بحث الشروط الذاتية والموضوعية التي يتم فيها الدعوة اليوم بالمغرب إلى الإضراب العام،وهل الأجدى هو مواصلة الضغط على القيادات النقابية لترضخ لهذا المطلب وتقبل بالدعوة إليه خاصة في مواقع الإنتاج،أم البحث في إمكانيات أخرى باطراف أخرى لرفع مستوى الضغط على الحكومة والباطرونة وتغيير المزاج العام الوطني ليكون أكثر إدراكا لمعنى الإضراب العام وأكثر استعدادا له وتوفير الأرضية الملائمة لممارسته.
I-التنسيق النقابي الثلاثي:
شكل التنسيق الثلاثي بين المركزيات النقابية الثلاث (ك.د.ش،ا.م.ش،ف.د.ش) مفاجئة لجل المتتبعين للواقع النقابي المغربي لأنه لم يأت نتيجة لتطور واضح بين أطرافه، خاصة انه مند تأسيس ك.د.ش في نونبر 1978 وحتى دجنبر 2010 تاريخ انعقاد المؤتمر العاشر للاتحاد المغربي للشغل ،والعداء بين هاتين المركزيتين النقابيتين ثابت وحاد لدرجة أن المدافعين عن الوحدة النقابية خلال هذا المؤتمر -هم العمود الفقري للتوجه الديمقراطي اليوم-عجزوا عن استصدار مقرر في الموضوع بسبب رفض القيادة الحالية للا.م.ش لذلك.لكن مهما كان الحال فقد كان الترحيب قويا بهذا التنسيق خاصة من طرف أنصار الطبقة العاملة المغربية الذين يدركون جيدا آفات التقسيم على واقع ومستقبل النضال النقابي والديمقراطي بصفة عامة.رغم ضعف حضوض استمراريته ونجاحه نظرا لاختلاف التركيبة الطبقية والمصلحية لأطرافه وتحكم الفساد والمخزن في أهم مفاصل حياتها.كما أن قيادات المركزيات النقابية الثلاث لا تؤمن بالوحدة النقابية إلا لفظيا،وهي منغلقة على نفسها وعلى مصالحها وتفتقد لأي أفق في ارتباطها بالطبقة العاملة وحتى لنفسها بعد تراجع الارتباط الحزبي النقابي إلى مستوياته الدنيا،بالتالي فالممارسة النقابية بالنسبة لها لا تتعدى حوارات مركزية أحيانا وخطابات متجاوزة وفاقدة للمعنى.والأكثر غلوا في هذه الطبيعة التي عرضنا بعض مظاهرها هم المتحكمون في الاتحاد المغربي للشغل الذين يمكن اعتبارهم طبقيا ومصالحيا جزء من الباطرونة ليس لهم اي تاريخ نضالي ولا يملكون اي تصور سياسي يتقاطع مع الطبقة العاملة او يخدم مصلحتها،تربوا في دهاليز المؤامرات والدسائس بين بعضهم البعض ومع الطبقة العاملة في الاجواء التي كان يتحكم فيها المحجوب بن الصديق المتسمة بالتهميش والإقصاء والاستبداد والفساد مما افقدهم شخصيتهم وسهل إحكام المخزن لقبضته عليهم بعد وفاة المحجوب بن الصديق.
توج هذا التنسيق بمذكرة مطلبية مشتركة وجهت الى الحكومة المغربية يوم 11 فبراير 2014 قوبلت بالتجاهل من طرف رئيس الحكومة،كانت سببا في الدعوة الى تنظيم مسيرة وطنية يوم 6 ابريل 2014 بالدار البيضاء استقطبت دعم ومساندة جميع القوى الديمقراطية ،السياسية ، الحقوقية والمدنية. أهم الدروس المستخلصة من هذه المسيرة غياب الحزم عند القيادات النقابية الثلاث الذي تمثل بداية في اعتقال بعض نشطاء حركة 20 فبراير من الشباب من داخل المسيرة و تم تجاهلهم بطريقة استهجنها الجميع،وكدا في طريقة الإعداد للمسيرة (غياب اي تنسيق قاعدي،ضعف الحماس،فباستثناء بعض التصريحات لم يكن هناك برنامج تعبوي يضع قوة النقابات رهن المعركة لإنجاحها) أو في استثمار آثارها على الوضع السياسي المغربي،حيث بدا ان افقها لا يتعدى جر الحكومة للحوار مهما كان شكله، وتجاهل الدعوة إلى تطويرها باستحضار الإضراب العام كإمكانية أو حتى كضرورة نظرا لعنف الهجوم على حقوق ومكتسبات الشعب المغربي.
كما أن التنسيق الثلاثي جاء في شروط ذاتية تتسم باضطراب الأوضاع داخل هذه المركزيات.فالا.م.ش يعرف أزمة داخلية تتعمق باستمرار مند قرارات 5 مارس 2012 الشهيرة التي عوض مواجهتها بما يحافظ على وحدة المركزية وقوتها نجد القيادة الفاسدة تعمل جاهدة على احداث تحولات على مستوى مكونات المركزية في الجامعات والفروع لخلق قاعدة بشرية تضمن استمراريتها.اما ك.د.ش فهي الأخرى خرجت من مؤتمرها الخامس في نونبر 2013 اكثر تصدعا وتعمقت تناقضاتها الداخلية وتعزز موقع الخط الفاسد،وتبقى الحركة التصحيحية التي انطلقت في 17 ماي 2014 مؤشرا على ذلك،أما الف.د.ش فإنها لم تتمكن من مغادرة حتى منصة التأسيس الذي تم في ابريل 2003 نظرا لارتباطها الوثيق بالاتحاد الاشتراكي الذي بدوره يعيش تحولات عميقة انعكست بالجملة على هذه المركزية التي لم يسمح لها الوقت بالتوفر على مناعة تضمن استمراريتها حتى في الحدود الدنيا،وخير مثال هو عدم قدرتها على التخلص من أثار الصراع الذي عرفه مؤتمرها الأخير المنعقد في نونبر 2010 والأحداث الاخيرة تؤكد ذلك. لن ندخل في تفاصيل هذه الأوضاع الداخلية المأزومة والمعروفة في جزء كبير منها،وسنكتفي بالقول أن الأوضاع الداخلية للمركزيات الثلاث مريضة جدا ولا يبدو على قياداتها اي استعداد جدي لتصحيحها وهي تثق اكثر بالصفقات والكواليس مع المخزن للحفاظ على الاستقرار الاجتماعي المشبوه ولا تؤمن بالكفاحية وتنظيم الطبقة العاملة وخدمتها.في ظل هكذا شروط ذاتية وفي هذه المرحلة القاسية من تاريخ الصراع الاجتماعي بالمغرب وفي ظل الهجوم الشرس والعنيف من طرف المخزن على جميع حقوق ومكتسبات الأجراء،نجد هذه القيادات النقابية تدعي الاستعداد للدفاع عن مصالح العمال وحماية حقوقهم.كما يجب الانتباه الى الحذر الشديد الذي تبديه هذه القيادات في اشراك قواعدها النقابية خاصة ان بعضها يستعمل خطابا مزدوجا فهو يعتبر هذا التنسيق استراتيجيا وفي واجهة اخرى يدعو فروعه الى عدم التعامل مع باقي مكونات التنسيق(تجربة فاتح ماي نموذجا،التنسيق في بعض المعارك المحلية في قطاعات يشتركون بالتواجد فيها...)
II -الحوار الاجتماعي:
الحوار الاجتماعي في ظل الشروط الحالية يجب أن يكون هو الأخر واجهة للصراع الذي تخوضه قوى الإنتاج على الأرض وفق تصور نضالي واضح ومتماسك يحافظ على التفاف القوى الديمقراطية حوله ليرقى بالوعي الحالي إلى مستوى أعلى يسمح بخوض نضالات أكثر نوعية وأكثر تأثير، لكن إدارة الحوار الاجتماعي الذي انطلق قبل فاتح ماي من طرف القيادات النقابية لم يختلف عن سابقيه حيث حولته إلى فرصة للبحث عن توافقات انتهازية تحفظ مصالحها وتؤجل انتظارات العمال وتمطر مسامعهم بالتهديدات والوعد والوعيد للحكومة. وقد عكس هذا التخبط التقييمات المتضاربة لأطراف التنسيق الثلاثي ،فما يكتب من مواقف يعبر عن عدم رضى تام بلاغ 30 ابريل 2014 و 10 ماي 2014 ،اما التصريحات في بعض المنابر فهي تشير الى نقط ضوء ايجابية( خطاب الامين العام للاتحاد المغربي للشغل في برلين يوم 22 ماي 2014 الذي عبر عن انتزاعهم للمطالب والحقوق الاولى).
اضافة الى ان قرارات المجالس الوطنية للمركزيات الثلاث يوم 21 يونيه 2014 اكدت هذا التخبط وعمقته حيث كانت تراجعية مقارنة مع ماكان منتظرا منها في ظل هزالة نتائج الحوار والاستهتار الحكومي وإصرارها على تمرير جميع مخططاتها (صندوق المقاصة،التقاعد،اصلاح الوظيفة العمومية،مراجعة مدونة الشغل...) .
ادن في ظل هكذا اوضاع وفي ظل غياب قيادة نقابية حازمة تعمل وفق خطة نضالية واضحة تنقل تدريجيا الضغط على الحكومة المخزنية من مستوى الى اخر ارقى،يمكن القول ان المركزيات النقابية الثلاث فاشلة الى حدود ألان في تهيئ شروط خوض اضراب عام وطني ناجح يغير موازين القوى لصالح الطبقة العاملة المغربية ويفجر دينامية نضالية تصاعدية والتفاف جماهيري حول برنامج نضالي يؤدي الى فرض تنازلات جوهرية على الحكومة المغربية الوجه الاخر للمخزن السياسي والاقتصادي.لذا فالرهان على اضراب العام تدعو اليه هذه القيادات النقابية يمكن ان يكون صيحة في وادي تعمق فقط أزمتها وتدفعها إلى تنازلات أكثر تعيد للأذهان تجربة الإضرابات العامة الفاشلة التي دعت لها الك.د.ش يومي 25/06/2002 و28/06/2002 التي كانت بدون صدى.
III-بدائل ممكنة:
ما هي البدائل الممكنة حتى لا يطول الانتظار ويفسد كل شيء؟ هناك حاليا مكونات اخرى في المشهد النقابي والسياسي المغربي تمتاز بكفاحية عالية وتخوض صراعا ميدانيا مريرا منفصلة مع الاسف رغم تقاطع الاهداف وتدرك خطورة استمرار هكذا اوضاع اجتماعية سياسية على مستقبل المغرب وبروح كفاحية سلمية تحاول اخراج المغرب من النفق المظلم الذي يدفعه المخزن إليه.تجسده بتفاوت في وضوحها وفي تراكمها الحركات التصحيحية التي تبلورت او تتبلور او ستتبلور مستقبلا كلما توفرت لها ارضية ذلك داخل المركزيات النقابية أو في قطاعات أو اشكال اخرى تبدعها قوى الانتاج من خارج العمل النقابي –تنسيقيات الغلاء نموذجا- ،حركات اجتماعية مكافحة،معطلون،حركات نسائية،حركات السكن غير اللائق شخصيات مستقلة(محامون،صحافيون،موظفون...) نشطاء حركة 20 فبراير،تعبيرات اجتماعية كامنة شبابية في الغالب تفاجئنا بمواقفها ووعيها السياسي كلما اتيحت لها الفرصة ،بالإضافة بطبيعة الحال الى فصائل اليسار الديمقراطي...، جزء مهم من هذه المكونات كان حاضرا في مسيرة 6 فبراير 2014 للتوجه الديمقراطي للاتحاد المغربي للشغل مما يؤشر بإمكانية تطوير قرار نضالي يشرك كل هذه الأطراف إذا توفرت المبادرة المطلوبة التي يمكنها أن تكون الوعاء الحيوي للارتقاء إلى مستويات نضالية وتنظيمية مهمة ،والخطوات الصغيرة كانت دائما وستظل ضرورية لقطع المسافات الطويلة.
وسنعطي للنقاش فرصته لإنضاج هذه الأفكار التي أومن بإمكانيتها ليقيني أن جمع مكونات الصف الديمقراطي الميدانية تدرك تمام الإدراك أن المخزن هو الرابح في سياسة الأرض المحروقة التي يؤسس لها ،بتشجيع التطرف وتهيئ الأرضية المادية لامتداده وتوسعه عبر قتل التعليم المتنور وتعميم الفقر والبؤس ونشر الفكر الخرافي ومحاربة الحريات الفردية والجماعية،و الضحية الكبرى لهذا النفق المظلم الذي دخله المغرب هم الكادحون وقواه الحية المناضلة إذا هي لم تسرع خطاها.
الشاوي سعيد
17 يوليوز 2014








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب جامعة كاليفورنيا يواصلون اعتصامهم للمطالبة بوقف حرب غزة


.. استمرار اعتصام الطلبة في جامعة نورث ويسترن با?يلينوي




.. شاهد: فرق الإطفاء تستمر في إخماد حريق اندلع بمأوى للمشردين ف


.. كلمة أخيرة - كيف استفادت الحكومة من تجربة التأمين الصحي الشا




.. كلمة أخيرة - بعض الناس عايزين يقاطعوا اللحوم والبيض زي الأسم