الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كلام كثير

عبد الرحيم التوراني
صحفي وكاتب

(Abderrahim Tourani)

2014 / 8 / 16
الادب والفن


كان التلفزيون ينقل صورر القصف الإسرائيلي على غزة. المذيعة بملامحها القاسية تحاور ضيفا في الأستوديو ، وعبر الأقمار الاصطناعية ضيفين آخرين من واشنطن ولندن.

سألتني وهي تتأفف مستغربة من مشاهد الدم البشري.
- أين يحدث هذا القتل والتدمير؟
أجبتها وعيناي على الشاشة:
- في غزة.
عادت تسأل من جديد:
وأين تقع غزة، هل في المغرب؟
ابتسمت نصف ابتسامة، أجبتها:
- في فلسطين.
لم أكن أنتظر منها أي تعليق..
قالت وهي تسوي منديل رأسها:
- اليهود .. الكفرة.. أعداؤنا وأعداء نبينا.

الضيف الذي في الاستوديو كان هادئا، كأنه يعلق على مباراة ودية في كرة القدم. المذيعة كانت متوترة بعض الشيء، ضيفا لندن وواشنطن تخيلتهما أنا كلاعبي شطرنج يتبارزان.

قال الذي في الاستوديو:
- رغم الدمار وعدد الشهداء المقاومة انتصرت.
قلت له أنا في سري من الدار البيضاء:
- انتصرت على من؟
إذا كانت إسرائيل لم تنهزم.

قالت المذيعة:
في عالمنا اليوم مفاهيم عديدة تغيرت، منها مفهوم الهزيمة ومفهوم الانتصار.
رفع ضيف واشنطن رأسه علامة الموافقة، كذلك فعل ضيف لندن بعد تردد.

بدلت القناة، صادفت مذيعا وسيما يتحدث عن أخبار القتل والاختطاف والتعذيب.
رفعت رأسها، سألتني:
- اللهم انصر أهلنا الفلسطينيين.
من دون أن ألتفت إليها، قلت:
- هذه المشاهد ليست من فلسطين، هذا القتل والدمار في سوريا.
ركزت نظرها قليلا على الشاشة. ثم تكلمت:
- ومع من يتحاربون.. مع اليهود أيضا؟
أجبت:
- لا. ليس مع اليهود.
لم أكن أنتظر منها أن تسألني مع من، ولم تسألني..

انتقل المذيع إلى أخبار التقتيل والتفجيرات في العراق.
من دون أن تسألني قلت لها:
- هذه الفظائع والجرائم في العراق..
نظرت إلي، ثم عادت إلى صور التلفزيون..
سألتني:
- العراق.. يعني بغداد. في بغداد ضريح مولاي عبد القادر الجيلالي.. أليس كذلك؟
لم أعر أي اهتمام لكلامها. تابعت أخبار القناة .
تابعت هي كلامها، تحدث نفسها..
تقول كالهامسة:
- - مولاي عبد القادر الجيلالي ولد خيرة. هو من المغرب ودفنوه في بغداد..
قمت وأطفأت التلفزيون.
سألتني:
- هل انتهت الحرب؟
لم أجب.
ظلت مركزة بصرها علي. ثم قالت:
- هل كل الدنيا تجري فيها اليوم الحروب؟
أجبت وأنا في طريقي إلى المطبخ:
- نعم...
ردت:
- خذ لك بعض الفاكهة ودع الباقي للآخرين.
سألتها:
-من هم الباقون؟
لا أحد يعيش في هذه الدار غيرنا. أنا وهي.
عدت أسألها بصوت مرتفع من داخل المطبخ.
- هل تريدين شيئا من الثلاجة..؟
ردت علي:
- لماذا أطفأت التلفزيون؟
عدت من المطبخ وبيدي طبق صغير به عنب وبرقوق.
أجبت وفمي مملوء:
- لا شيء في التلفزيون غير أخبار القتل والقصف والتدمير.
نظرت إلي مستغربة:
- والفيلم العربي "ظهور الإسلام" الذي بدأ الآن.
مسحت فمي وسألتها:
-أي فيلم؟ القناة التي كنت أتابع الأحداث بها هي قناة إخبارية لا تعرض الأفلام السينمائية.
رسمت على وجهها المتغضن علامات الاستنكار:
- لا تكذبني، لقد شاهدت بداية الفيلم بعيني.
تذكرت أنا أنها تقصد صور مقاتلي داعش..
اتصلت أختي الكبرى في الهاتف، سألتني هل ناولت والدتنا الأدوية.
والدتي تعاني من السكري والقرحة وضغط الدم والشيخوخة والزهايمر. الطبيب نصحني بالكلام معها أكثر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كندة علوش ملهاش في الأكشن وبتمنتج معايا أفلامى .. عمرو يوسف


.. كيف برأ الباحث إسلام بحيري فراس السواح و يوسف زيدان من التط




.. -للحديث عن الغناء الكلاسيكي-.. صباح العربية يلتقي بالفنان ال


.. الفنان السعودي مشعل تمر يوصف شعوره في أسبوع الأزياء بباريس




.. الفنان السعودي مشعل تمر يتحدث عن حصوله على مليار مشاهدة على