الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-دماء- لا تقبل التبرير

عبدالله الدمياطى

2014 / 8 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


في الدم لا تجوز التفرقة "الدم كله حرام" هكذا نردد كلما وقعت اشتباكات، مجرد شعارات فارغة تظهرنا على صفحات التواصل الاجتماعي بأننا إنسانيون، أي عبثية هذه التي نتقن تمثيلها ولو أن "الدم المصري كله حرام كما تقولون فلماذا صفقنا لبعض الدماء وبكينا للبعض الاخر، لم يكن الظلم جديداً لنبكي حالنا الآن فقد راينا كثيرا من الدماء والمذابح كان القتلى في كل مذبحة منهم بالمئات، سواء مذبحة محمد محمود ومجلس الوزراء وماسبيرو وبورسعيد والعباسية بخلاف المذابح الصغيرة الأخرى المتناثرة التي قتل فيها العشرات، كان الألم واحداً وكان الدم واحداً رغم تبرير البعض وتصفيق البعض الاخر، لكن مجزرة رابعه مجزرة غير انسانية كانت اعداماً جماعيا، في هذه المرة كان الالم اكبر، في هذه المرة كان الجرح اعمق، في هذه المرة كان التصفيق عالياً، في هذه المرة كان التبرير حاضرا، ولا اعلم كيف يأتوا بالمبررات وهم يرون بشر من لحم ودم تفجر دمهم وأزهقت أرواحهم أمام نظر العالم كله بالصوت والصورة، فمجزرة رابعه واضحه وليست معقدة، فكل قضية يكون الدم طرفا فيها لابد أن تكون بسيطة وواضحة، هناك دم يصرخ، وهناك من يتخذ موقفاً معادياً له، ولا أعتقد أن المبررات التي يسوقها البعض لتبرير أي مذبحة سوف يتذكرها التاريخ فالمذابح ليس لها تبرير، قتل الالاف في عدة ساعات ليس له تبرير قتل النساء والأطفال ليس له تبرير، نحن لسنا أمام منطق هم فعلوا ونحن فعلنا ، نحن أمام مذبحة دموية لم يشهد التاريخ المصري مثيلا لها من قبل، من الممكن أن يستمر المبررون في تبريراتهم والمنكرون في إنكارهم والسفاحون في مناصبهم ولكن كل ذلك لن يغير من الحقيقة شيئا فالدماء التي سالت ستشهد عليهم ولن تشفع لهم انتماءاتهم القومية ولا الأيديولوجية، فالدم يمتلك لغة موحدة لا تعترف بالاختلافات القومية أو الدينية أو الأيديولوجية لغة الدم لغة إنسانية على قدر فهمك لها تنال النصيب الذي تستحقه من الإنسانية وعلى قدر تجاهلك لها تنال نصيبك من العار والذل والوحشية.
كتب التاريخ لن تغفر إنها فضاحة، ولا مهرب من إرث الدم ولا يمكن تبريره ولا يمكن مفاوضته لأن منطقه يتعالى على حسابات الربح والخسارة ولا يعترف بمنطق موازين القوى فالأقوى ليس مبرراً له أن يستبيح حرمه النفس الإنسانية وينتهك حرمة الدم، القوة والضعف هنا لا علاقة لهما بالقضية، نحن نتحدث هنا عن سفك الدم وليس امامك اختيارات كثيرة بل هو خيار واحد إما أن تكون مع سفك الدماء وإما أن تكون ضدها، فالصمت هنا كان ولا يزال جريمة ربما تفوق جريمة المشاركة في سفكه، فالتاريخ لن يرحم الصامتين على الدماء، والحياد غير مقبول، والإمساك بالعصا من المنتصف لن يفيد، فلغة الدم لا تقبل المساومة، إنها اللغة الوحيدة التي تمتلك الحق كل الحق في أن تدين من ليس معها بالمطلق.
لقد مر عام وستمر أعوام وستبقى رابعة في التاريخ في فصل المذابح، ستنضم إلى دير ياسين ومذابح الأتراك في أرمينيا ومذبحة صبرا وشاتيلا ومذبحة سربرنيتسا ومذبحة حماة.
عام مر وما تزال أفئدة مليئة بالحزن تكتب رسالة للسماء، أعين بكت دماً ودمعاً، آلام تأبى النسيان وتنخر الذاكرة حتى انتهاء الحياة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما أهمية معبر رفح لسكان قطاع غزة؟ I الأخبار


.. الالاف من الفلسطينيين يفرون من رفح مع تقدم الجيش الإسرائيلي




.. الشعلة الأولمبية تصل إلى مرسيليا • فرانس 24 / FRANCE 24


.. لماذا علقت واشنطن شحنة ذخائر إلى إسرائيل؟ • فرانس 24




.. الحوثيون يتوعدون بالهجوم على بقية المحافظات الخاضعة لسيطرة ا